مطالب الاحتجاجات في لبنان تتباين بين التغيير الكلي والإصلاح

الحشود بلا قيادة... والبعض يشبهها بـ«14 آذار 2005»

جانب من احتجاجات أمس في وسط بيروت (رويترز)
جانب من احتجاجات أمس في وسط بيروت (رويترز)
TT

مطالب الاحتجاجات في لبنان تتباين بين التغيير الكلي والإصلاح

جانب من احتجاجات أمس في وسط بيروت (رويترز)
جانب من احتجاجات أمس في وسط بيروت (رويترز)

تنفرد مجموعة أصدقاء قدامى التقوا في ساحة الرياض الصلح، بمساحة أقل ضجيجاً، لمناقشة خيارات الحراك وآفاقه. بدا هؤلاء أكثر قلقاً من ردة فعل الحكومة على استمرار الاحتجاجات، طارحين مجموعة من الأسئلة الشائعة منذ ليل الخميس الماضي: «هل تستقيل الحكومة؟ ماذا بعد استقالتها؟ هل تتحقق أمنيات الشعب بإعادة الأموال المنهوبة؟ هل تتحسن ظروف البلاد الاقتصادية؟»، وفوق كل ذلك «كيف سنعبر الأزمة ونحقق التغيير؟».
والسؤال الأخير، هو الأكثر تردداً. فالضبابية التي تحيط بالمشهد الذي يلف وسط بيروت وسائر المناطق، تستدعي هذه الأسئلة، ذلك أن الجموع التي تتداعى إلى وسط بيروت، تثبت بما لا يحمل الشكّ أن الحراك شعبيّ، لا تحركه أحزاب ولا فئات ولا نقابات ولا قوى ضغط، وتظهر الشعارات المرفوعة والمجموعات المشاركة، أن الحراك لا قيادة له على مستويات عالية، ولا حتى على مستوى المجموعات الصغيرة، ما يعطيه طابع الغضب الشعبي حتى الآن.
وتحوّلت منطقة وسط بيروت إلى مساحة حرة للتعبير عن الهواجس والغضب، فتقول جويل (27 عاماً) إنها تخرجت قبل 5 سنوات من واحدة من أغلى الجامعات في لبنان، ولا تجد وظيفة. «دمرونا»، تقول بحسرة، مشيرة إلى أنها تعاني من الكآبة، وتفكر في الهجرة: «تراجع عمل والدي، ولا أجد فرصة للعمل... أين نذهب؟»
ومثلها، يعبّر أمين (29 عاماً) الذي قدم على 5 وظائف في مجلس الخدمة المدنية عله يجد فرصة وظيفة حكومية قبل اتخاذ القرار الحكومي بمنع التوظيف في القطاع العام، وذلك بعد أن أيقن قبل عشر سنوات بأن فرصة الالتحاق بالكلية الحربية كانت شبه معدومة (قبل أن يتخذ قائد الجيش الحالي جوزيف عون قبل عامين قراراً بمنع التوسط في امتحانات الكلية الحربية). ويقول: «أحمل إجازة في إدارة الأعمال، وأعمل عامل توصيل نراجيل (ديلفري) كي أتمكن من العيش»، لافتاً إلى أن الظرف المعيشي «يزداد قسوة، ولا أمل إلا بالتغيير».
ويتسم الحراك بالغضب والاستياء من الأداء السياسي لجهة محاكاة هواجس الناس ومطالبهم، والتطلع بشؤونهم الاقتصادية إثر تراكم الأزمات وتضخمها منذ أسابيع، لجهة ارتفاع الأسعار وفقدان العملة الصعبة من السوق، والإجراءات التي تتخذها المصارف بفرض قيود على السحوبات بالدولار. وازدادت مع قرارات تجميد التوظيف في القطاع العام، وإغلاق عشرات المؤسسات الخاصة بسبب الظروف الاقتصادية الضاغطة، بموازاة الحديث عن سلة ضرائبية جديدة قد تطال بطريقة غير مباشرة الطبقات الفقيرة والمتوسطة. واللافت أن الغضب لم يوجه إلى فئة دون أخرى، بل طال الجميع دون استثناء، وتوحّدت الرايات في الاحتجاجات حيث انحصرت بالعلم اللبناني وحده، فيما طالت الشتائم قسماً من السياسيين.
وتتفاوت آمال المتظاهرين في مستوياتها بين السقف العالي والواقعية. لدى صغار السن الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً، يمكن رصد توق عالٍ للتغيير بلا أدنى حسابات سياسية. ينتظر هؤلاء إعلان استقالة الحكومة، وسقوط العهد، ووصول مجموعة جديدة من السياسيين الاختصاصيين إلى الحكم «لينقذوا البلاد»، كما تقول نوال (21 عاماً)، متسائلة: «ما المانع من التغيير؟ نحن هناك أكثرية تستطيع أن تضغط وتفرض شروطها، ولن يكون أمام السلطة إلا الاستجابة».
هذا الاندفاع «الثوري» لدى اليافعين، تقابله واقعية لدى الفئات الأكبر سناً. يطالب هؤلاء بالتغيير في المقاربة الاقتصادية للبلاد. يدركون أن التغيير السياسي ككل، مستحيل وينطوي على مخاطر تدهور الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي في البلاد، كما أن تركيبة النظام تمنع ذلك، بالنظر إلى أن نظام الحكم في البلاد قائم على التشارك وفق معايير الديمقراطية التوافقية. لذلك، يرى هؤلاء أن الضغوط يجب أن تتركز على القوى السياسية لتغيير مقاربتهم تجاه الحكم. يقول علي (37 عاماً) وهم يحمل إجازة في الحقوق، إن التغيير «مستحيل ويندرج ضمن سياق الآمال الكبيرة غير القابلة للتحقق»، مضيفاً: «إذا أردت المُطاع فاطلب المستطاع... لذلك يجب أن تتوحد المطالب باتجاه إصلاح جدي وجذري، ومقاربة اقتصادية وسياسية جديدة تقوم على تحييد لبنان عن الملفات الإقليمية، وفي الوقت نفسه العمل حثيثاً على الإصلاح الاقتصادي ومنع الضرائب وإصدار قرارات تحفيزية للاقتصاد».
في الساحة هنا، يفرض التنوع حضوره على المحتجين السلميين. تنوع جندري وسياسي وطائفي، يتظللون جميعاً تحت راية العلم اللبناني وحده. ورغم الرهانات على تناقص العدد بعد فضّ الاعتصام ليل أول من أمس إثر أعمال شغب طالت الممتلكات العامة والخاصة، تزايد العدد بشكل مطرد، حتى ملأت الجموع ساحتي رياض الصلح والشهداء، وصولاً إلى منافذهما، حتى قال البعض إن هذه المظاهرة الكبيرة هي الأولى من حيث العدد والتوحد على المطالب بعد ثورة 14 آذار في العام 2005 بعد اغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، والتي طالبت بإخراج الجيش السوري من لبنان، وهي «تشبه ذلك الحضوري اللبناني الجامع».
وبموازاة تنوع الآمال والأمنيات، وتتنوع الأغنيات بين المجموعات التي يرقص البعض على أنغامها، تتوحد الهتافات ضد السلطة، وسط رهانات عامة على الاستمرار بالتظاهر خلال الأسبوع الحالي ومواجهة الإحباط. وما زال السؤال يتردد بين مجموعة الأصدقاء القدامى قرب تمثال رياض الصلح عن كيفية عبور الأزمة وتحقيق التغيير.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.