الجزائر: مطالبات بالإفراج عن سجناء «الحراك» قبل الانتخابات

ترتيبات لرفع الحصانة عن برلمانيين يشتبه بتورطهما في قضايا فساد

TT

الجزائر: مطالبات بالإفراج عن سجناء «الحراك» قبل الانتخابات

دعا ناشطون سياسيون وحقوقيون في الجزائر، إلى الإفراج عن القيادية اليسارية لويزة حنون التي حكم عليها القضاء العسكري في 25 من الشهر الماضي، بالسجن 15 عاماً بتهمتي «السعي لقلب نظام الحكم» و«التآمر على رئيس تشكيلة عسكرية». ويوجد في سجن واحد بالعاصمة، أكثر من 120 شخصاً بسبب المشاركة في مظاهرات «الحراك الشعبي» المستمر منذ 8 أشهر.
وعقدت «اللجنة الوطنية للمطالبة بالإفراج عن لويزة حنون»، أمس بالعاصمة، لقاء ترأسته زهرة ظريف (83 سنة) المناضلة المعروفة خلال حرب استقلال الجزائر (1955 - 1962) وشارك فيه قياديون بـ«حزب العمال» الذي تقوده حنون (62 سنة) وناشطون بالحراك. وعدَ هؤلاء حنون التي كانت مرشحة لانتخابات الرئاسة عام 2014 «سجينة سياسية دفعت ثمن مواقفها من القضايا الهامة، غالياً».
وتكثفت في الآونة الأخيرة المطالبة بالإفراج عن «سجناء الحراك»، قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وبحسب الناشطين، تم حبس حنون «لأنها وقفت ضد سياسات الحكومة خصخصة الشركات، وضد إلغاء نظام التقاعد النسبي، وفضحت أعمال النهب العام من طرف الأوليغارشيا»، في إشارة إلى رجال أعمال يوجدون في السجن بتهم فساد كانت حنون خصماً لهم، بينما كانوا مقرَبين من السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس وكبير مستشاريه سابقا، الذي حكم عليه بالعقوبة نفسها في القضية ذاتها، ومعه أيضاً مديرا المخابرات سابقا الفريق محمد مدين واللواء بشير طرطاق. ويعتقد في الأوساط السياسية، أن سبب اعتقال الأربعة وسجنهم، مساعٍ أجروها في مارس (آذار) الماضي، في عز المظاهرات ضد النظام، لتنحية رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، صاحب السلطة الفعلية في البلاد حاليا.
وطالب ناشطون، خلال الاجتماع، بالإفراج عن الفاعلين في الحراك الذين أودعهم القضاء الحبس الاحتياطي، بناء على تهم كثيرة منها، «إضعاف معنويات الجيش» (مواقف حادة ضد الجنرال صالح) و«المس بالنظام العام» و«المسَ بالوحدة الوطنية». ومن أبرز المعتقلين، رجل الثورة الثمانيني لخضر بورقعة، والناشط الإعلامي فضيل بومالة والمناضل صاحب التوجه الإسلامي سمير بلعربي.
وأعلنت «لجنة الإفراج عن معتقلي الحراك» أمس، عن إدانة طبيب ببرج بوعريريج (250 كلم شرق العاصمة)، بـ7 سنوات سجناً، بسبب نشره صورة له، بحسابه بـ«فيسبوك»، يظهر فيها داخل غرفة العلاج بمستشفى حكومي، رافعا راية الأمازيغ. ودخل الطبيب خالد شويطر (33 سنة) السجن، منذ أسبوع، حسب «اللجنة» التي أكدت أن النيابة اتهمته بـ«المس بالوحدة الوطنية»، وهي تهمة مرتبطة أيضا، كما قالت «اللجنة» بصور فيديو بثَها الطبيب عدَتها السلطات «مسيئة لرموز الدولة».
وسجنت السلطات العشرات من الأشخاص، فيما أضحى يعرف بـ«قضية رفع راية الأمازيغ في المظاهرات». وجرى اعتقالهم في الصيف الماضي خلال الاحتجاج الأسبوعي بالعاصمة ومدن البلاد الكبيرة.
من جهة أخرى، أعلن صالح قوجيل رئيس «مجلس الأمة» (الغرفة البرلمانية الثانية) بالنيابة، أمس، عن عقد اجتماع يوم 28 من الشهر الجاري، للفصل في طلب وزارة العدل، رفع الحصانة البرلمانية عن عضوي «المجلس»، علي طالبي وأحمد أوراغي. ولم يذكر قوجيل السبب، لكن الشائع أن البرلمانيين متابعان في قضية فساد، متعلقة بفترة حكم الرئيس بوتفليقة (1999 - 2019).
وجرى، منذ بداية المظاهرات ضد ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، رفع الحصانة عن نائبين بـ«المجلس الشعبي الوطني» (غرفة البرلمان الأولى)، هما رجل الأعمال بهاء الدين طليبة وأمين عام «جبهة التحرير الوطني» (أغلبية) محمد جميعي، وكلاهما في السجن بتهم فساد. كما تم سجن 4 أعضاء من «مجلس الأمة» بنفس التهم، بعد رفع الحصانة عنهم، ثلاثة منهم كانوا وزراء في حكم بوتفليقة، هم عمر غول وجمال ولد عباس والسعيد بركات.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.