مجلس العموم يعيد كرة «بريكست» إلى خانة عدم اليقين ويصوّت على تأجيله

جونسون يرفض الالتزام ويتمسك بموقفه للخروج في نهاية الشهر

البرلمان عند إعلان التصويت على التأجيل (رويترز)
البرلمان عند إعلان التصويت على التأجيل (رويترز)
TT

مجلس العموم يعيد كرة «بريكست» إلى خانة عدم اليقين ويصوّت على تأجيله

البرلمان عند إعلان التصويت على التأجيل (رويترز)
البرلمان عند إعلان التصويت على التأجيل (رويترز)

أمس، حذر رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، من عدم تمرير اتفاق «بريكست» الذي توصلت إليه لندن وبروكسل، بعد أيام من المحادثات الماراثونية. وقال يونكر إن الأمر سيكون «معقداً جداً» لو فشل برلمان ويستمنستر في تمرير اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في نهاية الشهر الحالي. الجميع كان ينتظر بفارغ الصبر التصويت عليه، كما كان مقرراً يوم أمس (السبت). وبدأت القوى المعنية والمحللون التكهنات حول عدد الأصوات التي قد يحصل عليه الاتفاق من أجل تمريره. وأجمعت القوى والمحللون أن الأرقام ستكون متقاربة جداً. واتّجهت الأنظار إلى مجلس العموم، حيث التأم المجلس في جلسة تاريخية، هي الأولى التي تُعقد يوم سبت منذ حرب فوكلاند قبل 37 عاماً، للتصويت على الاتفاق الذي تمّ انتزاعه في اللحظة الأخيرة بعد مفاوضات شاقة بين لندن وبروكسل. لكن بدلاً من التصويت على الاتفاق أقرّ النواب تعديلاً يتيح لهم مزيداً من الوقت لمناقشة النصّ والتصويت عليه، من دون المخاطرة بحصول «(بريكست) من دون اتفاق».
في اللحظات الأخيرة، تقدم أحد الوزراء السابقين من حزب المحافظين الحاكم، الذي يتزعمه رئيس الوزراء بوريس جونسون، بتعديل تشريعي للتصويت عليه قبل التصويت الرئيسي حول الاتفاق. وقبل رئيس البرلمان بالاقتراح، مما سبب حالة من الفوضى في مجلس العموم. واقترح التعديل تأجيل التصويت على اتفاق «بريكست» لحين تصديق البرلمان على تشريع ضروري لتنفيذه. ويلزم تشريع آخر، أقره بالفعل معارضو جونسون من قبل، رئيس الوزراء، بطلب تأجيل موعد الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، حتى 31 يناير (كانون الثاني)، إذا لم يتمكن من الحصول على تأييد لاتفاقه، لكن يظل بمقدور بريطانيا أن تنسحب بحلول الموعد النهائي المقرر حالياً في 31 أكتوبر (تشرين الأول) إذا تمكن البرلمان من تمرير كل التشريعات المطلوبة بحلول ذلك التاريخ.
ويرى جونسون أن الأمر قابل للتنفيذ بحلول 31 أكتوبر، بينما يرى آخرون أنه سيتطلب تأجيلاً «فنياً» قصيراً في موعد انسحاب البلاد من التكتل لتمرير ذلك التشريع.
وقال رئيس الوزراء البريطاني إنه لن يتفاوض على تأجيل آخر لانسحاب بلاده من الاتحاد الأوروبي، بعدما تم التصويت على التأجيل. وصوت البرلمان البريطاني بتأييد 322 عضواً مقابل رفض 306 أعضاء لصالح تعديل قدمه أوليفر ليتوين الوزير السابق الذي ينتمي لحزب المحافظين.
ووفقاً لتشريع تم إقراره في وقت سابق، تلزم نتيجة هذا التصويت جونسون بإرسال طلب للاتحاد الأوروبي لتأجيل موعد الخروج المقرر من التكتل، المحدد في 31 أكتوبر (تشرين الأول)، أي في نهاية هذا الشهر.
وبأغلبية وافق النواب على التعديل الذي قدّمه النائب أوليفر ليتوين، والذي ينصّ على أنّه في حال لم تتمّ المصادقة رسمياً على الاتفاق، فإنّ هذا الأمر يفعّل بشكل تلقائي قانوناً سبق أن أقرّه البرلمان، يلزم رئيس الوزراء بأن يطلب من الاتحاد الأوروبي تأجيل موعد «بريكست» ثلاثة أشهر.
لكن جونسون تعهّد مراراً بعدم القيام بذلك، وتمسّك بموقفه مجدداً، أمس (السبت)، بعد التصويت. وقال أمام البرلمان بعد التصويت: «لن أتفاوض على التأجيل مع الاتحاد الأوروبي، ولا القانون يلزمني بذلك»، معرباً عن أسفه لأن يكون التصويت التاريخي الذي كان متوقعاً على الاتفاق، أمس (السبت)، قد «أفرغ من مضمونه». وناشد جونسون الدول الـ27 الأعضاء في الاتّحاد عدم «الانجذاب» إلى التأجيل، علماً بأنّ أي إرجاء لـ«بريكست» لا يمكن أن يحصل من دون موافقة الاتّحاد.
وسارعت المفوضية الأوروبية إلى مطالبة الحكومة البريطانية بتوضيح «الخطوات المقبلة» الواجب اتخاذها بعد تصويت مجلس العموم.
وقالت المتحدثة باسم المفوضية مينا أندريفا إن بروكسل «أخذت علماً بالتصويت في مجلس العموم اليوم على تعديل يقضي بإرجاء التصويت على الاتفاق»، مضيفة: «على الحكومة البريطانية أن تبلغنا بالخطوات المقبلة في أسرع وقت».
بدورها اعتبرت الرئاسة الفرنسية أن «إرجاء إضافياً» لـ«بريكست»... «ليس في مصلحة أحد»، مشيرة إلى أنّه «تم التفاوض على اتفاق، يعود بناء عليه إلى البرلمان البريطاني أن يقول ما إذا كان يوافق عليه أو يرفضه. يجب إجراء تصويت واضح».
وتابع جونسون قائلاً: «سأقول لأصدقائنا وزملائنا في الاتحاد الأوروبي ما قلته بالضبط للجميع على مدى الثمانية والثمانين يوماً الماضية، منذ تسلمت رئاسة الوزراء، ألا وهو أن أي تأجيل جديد سيضر بهذا البلد، وسيضر بالاتحاد الأوروبي، وسيضر بالديمقراطية».
ولن تطرح الحكومة الآن اتفاق الخروج للتصويت، أمس (السبت)، كما كان مقرراً.
وقال جيكوب ريس - موج إن البرلمان سيناقش اتفاق جونسون المتعلق بـ«البريكست»، وسيجري تصويتاً عليه، غداً (الاثنين).
ويؤيد زعيم حزب العمال المعارض جيريمي كوربين إجراء استفتاء ثانٍ على الخروج من التكتل. وقال للبرلمان: «تصويت اليوم المؤيد للتوصل لاتفاق لن ينهي مشكلة (بريكست). لن يحسم الأمر، ويجب أن يكون للناس القول الفصل». وقال زعيم المعارضة العمالية جيريمي كوربن في معرض ترحيبه بإقرار مجلس العموم لهذا التأجيل إنّ النواب صوّتوا «بوضوح لتجنّب خروج قاسٍ من دون اتفاق من الاتحاد الأوروبي». وأضاف: «على رئيس الوزراء أن يحترم القانون».
وتحتاج الحكومة التي لا تتمتع بأغلبية في مجلس العموم، إلى 320 صوتاً لإقرار الاتفاق الذي يُفترض أن يسمح بتسوية شروط الانفصال بعد 46 عاماً من الحياة المشتركة، ما يسمح بخروج هادئ مع فترة انتقالية تستمر حتى نهاية 2020 على الأقل.
وفي الوقت الذي كان فيه مجلس العموم يناقش الاتفاق، أمس (السبت)، كان الآلاف يتظاهرون في وسط لندن للمطالبة بإجراء استفتاء ثانٍ على «بريكست»، مؤكّدين أنّ هذا هو الحلّ الوحيد للخروج من الأزمة.

- مراحل «بريكست» منذ استفتاء 2016
> في 23 يونيو (حزيران) 2016 وافق 17.4 مليون بريطاني أي 51.9 في المائة من المشاركين في الاستفتاء على خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي. > رئيس الحكومة المحافظ والمؤيد للبقاء في الاتحاد الأوروبي ديفيد كاميرون يستقيل من رئاسة الحكومة.
> في 13 يوليو (تموز)، تولّت المحافظة تيريزا ماي المشككة بالاتحاد الأوروبي، رئاسة الحكومة، وأصبح بوريس جونسون وزيراً للخارجية.
> في 17 يناير 2017، أعلنت تيريزا ماي في خطاب خططها بشأن خروج قاسٍ من الاتحاد الأوروبي.
> في 29 مارس (آذار) 2017، قامت تيريزا ماي بتفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة، لتنطلق عملية الخروج بشكل رسمي، ويُفترض أن تنتهي في 29 مارس (آذار) 2019.
> انتخابات الثامن من يونيو (حزيران) 2018 شكلت نكسة لماي التي بات عليها التحالف مع الحزب الوحدوي الديمقراطي الصغير في آيرلندا الشمالية، لتتمكن من الحكم.
> في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، أعلنت الحكومة البريطانية أن المفاوضين البريطانيين والأوروبيين توصلوا أخيراً إلى مشروع اتفاق، وتمّت الموافقة عليه في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) خلال قمة أوروبية.
> في 15 يناير (كانون الثاني) 2019، رفض النواب بغالبية ساحقة اتفاق «بريكست» الذي حصل على 432 صوتاً معارضاً مقابل 202 صوت مؤيد.
> في اليوم التالي، نجت الحكومة بفارق ضئيل من مذكرة بحجب الثقة تقدمت بها المعارضة العمالية. وعقدت محادثات جديدة مع بروكسل التي رفضت إعادة التفاوض بشأن الاتفاق.
> في 12 مارس، رفض النواب مجدداً اتفاق «بريكست» الذي حصل على 391 صوتاً معارضاً مقابل 242 صوتاً مؤيداً. وفي اليوم التالي، صوتوا على خروج من الاتحاد من دون اتفاق.
> في 11 أبريل (نيسان) منح الاتحاد الأوروبي البريطانيين مهلة جديدة تنتهي في 31 أكتوبر (تشرين الأول).
> في 23 يوليو (تموز) اختار حزب المحافظين بوريس جونسون المؤيد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر مع أو من دون اتفاق، لخلافة تيريزا ماي في رئاسة الحكومة.
> في 28 أغسطس (آب) أعلن رئيس الوزراء الجديد تعليق أعمال البرلمان اعتباراً من الأسبوع الثاني في سبتمبر (أيلول) حتى 14 أكتوبر (تشرين الأول) أي حتى قبل أسبوعين من موعد «بريكست». وأثار ذلك معارضة مؤيدي الخروج مع اتفاق.
> في 3 سبتمبر (أيلول)، خسر جونسون الغالبية المطلقة بعد انشقاقات وطرد نواب من حزبه. وتخلى عنه أعضاء في حكومته بينهم شقيقه جو.
> في 9 سبتمبر (أيلول)، وافقت الملكة إليزابيث الثانية على قانون يرغم رئيس الوزراء على طلب إرجاء «بريكست» من الاتحاد الأوروبي في حال لم يحصل على موافقة على «بريكست» بحلول 19 أكتوبر (تشرين الأول).
> في 10 سبتمبر عُلقت أعمال البرلمان، وأكد جونسون أنه لن يطلب «إرجاء جديداً» وأنه سيسعى للتوصل إلى اتفاق بحلول القمة الأوروبية في 17 و18 أكتوبر في بروكسل.
> في 24 سبتمبر اعتبرت المحكمة العليا البريطانية بالإجماع أن تعليق أعمال البرلمان «غير قانوني وباطل وملغى»، واستؤنفت أعماله في اليوم التالي.
> في 2 أكتوبر اقترح بوريس جونسون «تسوية» رفضها الأوروبيون.
> في 10 أكتوبر وفي بيان مشترك أكد رئيس الوزراء البريطاني ونظيره الآيرلندي ليو فارادكار أنهما على طريق تسوية مسألة الحدود الآيرلندية الشائكة.
> في 16 أكتوبر، أكد رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك أن أسس التوصل إلى اتفاق باتت «جاهزة».
> في 17 أكتوبر وقبل افتتاح القمة، أعلن الاتحاد الأوروبي وبريطانيا التوصل إلى اتفاق جديد بشأن «بريكست»، لكنه يبقى رهناً بمصادقة البرلمانين الأوروبي والبريطاني. إثر ذلك دعت المعارضة العمالية النواب إلى رفض الاتفاق فيما قال الوحدويون في آيرلندا الشمالية إنهم يعارضونه.
> في 19 أكتوبر أقرّ مجلس العموم تعديلاً يلزم الحكومة بالتفاوض مع بروكسل على إرجاء الموعد المقرّر لخروج المملكة من الاتّحاد الأوروبي في 31 من الشهر الحالي، وهو ما سارع رئيس الوزراء بوريس جونسون إلى رفضه.



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.