فرنسا تطالب بالإفراج عن باحثين معتقلين في طهران وتدين اختطاف صحافي إيراني

تقرير يزعم أن امرأة استدرجت زم إلى العراق بحجة التقاء السيستاني... ومكتبه ينفي

TT

فرنسا تطالب بالإفراج عن باحثين معتقلين في طهران وتدين اختطاف صحافي إيراني

ما اللعبة التي تلعبها طهران مع باريس بأن يقوم جهاز من أجهزتها بالتحضير لعملية إرهابية بمناسبة اجتماع سنوي للمعارضة الإيرانية في ضاحية فيلبانت في يونيو (حزيران) من العام الماضي؟ وما الغاية من قبض «الحرس الثوري» الإيراني، بعد عام تماماً، على باحثة أنثروبولوجية تحمل الجنسيتين الإيرانية والفرنسية في منزل والديها بطهران وترميها في سجن «إيفين» سيئ الذكر الواقع شمال العاصمة بتهمة التجسس؟ ولماذا عمد «الحرس الثوري» إلى القبض على رفيق دربها رولان مارشال؛ الباحث والأكاديمي الفرنسي في «معهد العلوم السياسية» في باريس عند وصوله إلى مطار طهران بداية شهر يونيو الماضي؟ ولماذا أبقت اعتقاله سراً ولم يكشف النقاب عن ذلك إلا أمس في مقال لصحيفة «لو فيغارو»، التي أكدت أن تهمة التجسس ألصقت به وأنه نزيل السجن نفسه؟ وأخيراً؛ هل من علاقة بين هذه المسائل الثلاث وإعلان مخابرات «الحرس الثوري» نفسه قيامه بعملية استخبارية «معقدة» نجحت بنتيجتها في استدراج الصحافي المعارض للنظام روح الله زم من باريس، حيث كان يقيم منذ 10 سنوات إلى العراق (وبحسب الصحيفة نفسها) إلى مدينة النجف، وإلقاء القبض عليه هناك ونقله إلى طهران مع توجيه الاتهام للمخابرات الفرنسية بأنها كانت «مشغلته»؟
هذه التساؤلات لم تجد حتى اليوم إجابات عنها. والمفارقة أن إيران تستهدف فرنسا التي يسعى رئيسها منذ شهر مايو (أيار) من العام الماضي لحماية الاتفاق النووي بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الخروج منه وفرضه عقوبات اقتصادية ومالية هي الأقوى على إيران. والجميع يتذكر الجهود الدبلوماسية الجبارة التي قام بها إيمانويل ماكرون في مؤتمر «مجموعة السبع» في بياريتز، أواخر أغسطس (آب) الماضي، ثم في أروقة الأمم المتحدة في نيويورك لإخراج الملف النووي من الطريق المسدودة والجمع بين الرئيسين الأميركي والإيراني للسير بالأفكار الفرنسية. ثم تتعين الإشارة إلى أن باريس وطهران على تواصل دائم على مختلف المستويات.
ورغم ذلك، فإن الباحثة مزدوجة الجنسية واسمها فريبا عادلخواه؛ المختصة في الشؤون الدينية دائمة التردد على طهران، ورولان مارشال المختص في أفريقيا الشرقية، ما زالا في السجن. وفيما لا تعترف إيران بازدواج الجنسية وبالتالي فإنها تحرم الباحثة فريبا عادلخواه من «الحماية القنصلية» المنصوص عليها في الاتفاقات الدولية، فإن رفيق دربها يتمتع بها، مما يعني أن موظفين من القنصلية الفرنسية في طهران قادرون على زيارته في السجن.
في الأسابيع الماضية، طالبت باريس بالإفراج عن فريبا عادلخواه. كذلك طالب معهد العلوم السياسية وزملاؤها في فرنسا وخارجها بإطلاق سراحها، ولم تتجاوب طهران مع الطلب الفرنسي حتى اليوم، الأمر الذي يدفع للاعتقاد بأنها تطالب بـ«مقابل».
وترفض المصادر الفرنسية الرد على هذا التساؤل. لكن الغريب في المسألة أن القبض على مارشال بقي سراً طيلة أكثر من 4 أشهر، ولم يبرز إلى العلن إلا أمس. ويعود ذلك إلى رغبة الخارجية الفرنسية في إبقائه بعيداً عن الإعلام لتسهيل «المفاوضات» مع طهران، علماً بأن عائلة مارشال وزملاءه كانوا على علم بالقبض عليه عند وصوله إلى مطار طهران قادماً من دبي.
ثمّة ما يدعو للدّهشة في تعاطي السلطات الإيرانية مع فرنسا، ورفضها إخلاء سبيل مواطنين لها تؤكد باريس أن لا علاقة لهما بالتجسس لا من قريب ولا من بعيد، وهي التهمة التي ألصقتها بهما الأجهزة الإيرانية. وتقدم مصادر فرنسية غير رسمية تفسيراً مفاده بأن الأطراف التي تتواصل معها فرنسا بشأن الملف النووي لا تملك تأثيراً على «الحرس الثوري»، ولا على الجسم القضائي. وأمس، أكدت وزارة الخارجية الفرنسية، عبر مؤتمرها الصحافي الإلكتروني، اعتقال مارشال في إيران، وأنها منذ معرفتها بهذه الواقعة «سعت جاهدة لإطلاق سراحه». وأضافت الخارجية أنه «توافرت لها الفرصة للتعبير عن إدانتها الشديدة ولمطالبة السلطات الإيرانية بتوضيحات» حول هذه المسألة. وبحسب باريس، فإن كل المساعي قد «بذلت من غير تأخير للحصول من السلطات الإيرانية على المعلومات الضرورية (بخصوص عاد أخاه ومارشال) وإخلاء سبيلهما سريعاً». وأشارت الخارجية إلى أنها طلبت من السلطات الإيرانية ممارسة حق الرعاية القنصلية؛ وبناء على ذلك فقد زار القنصل الفرنسي في طهران مارشال مرات عدة، وأن الأخير يستفيد من خدمات محامٍ. والملاحظ أن الخارجية لم تشر إلى الرعاية القنصلية بخصوص عادلكاخ. وخلصت باريس إلى التعبير عن رغبتها في أن يتميز أداء السلطات الإيرانية في هذا الملف بـ«الشفافية» وأن تعمل «من غير مماطلة للانتهاء من هذا الوضع الذي لا يمكن قبوله». وكانت باريس قد نبّهت رعاياها، عبر وزارة الخارجية، من الذهاب إلى إيران بسبب ممارسات التوقيف والحجز الاعتباطية التي تقوم بها الأجهزة الأمنية والمخابرات الإيرانية. وترجح «لو فيغارو» أن يكون «الحرس الثوري» ساعياً إلى «مبادلة» عاد أخاه ومارشال من جهة؛ ومهندس إيراني محتجز في فرنسا منذ شهر فبراير (شباط) الماضي في مطار مدينة نيس (جنوب فرنسا)، وتطالب واشنطن بتسليمها إياه بوصفه ضالعاً في البرنامج النووي الإيراني.
بموازاة تخليها عن الصمت بشأن اعتقال مارشال والمطالبة العلنية بإطلاق سراحه، فإن الخارجية الفرنسية أكدت أنها «لا تمتلك أي معلومات محددة بشأن اعتقال (روح الله زم) خارج الأراضي الفرنسية»، مضيفة أنها «تتابع هذا الموضوع بكل تيقظ». وبحسب تصريحات الخارجية، فإن زم يتمتع بصفة لاجئ وهو يمتلك إجازة إقامة في هذا الإطار، وإنه لا يحمل الجنسية الفرنسية. وباعتبار أنه «حر الحركة، وقادر على الدخول والخروج إلى ومن الأراضي الفرنسية، فإنه غادرها في 11 أكتوبر الحالي»، ما يعني أن عملية القبض عليه في النجف ثم نقله إلى طهران قد تمت فيما بين يومي 11 و15 موعد إعلان «الحرس الثوري» عن توقيفه. وأدانت باريس «بقوة» القبض على زم، وردّت بشكل غير مباشر على اتهامات طهران له، بتأكيدها التمسك بـ«دولة القانون وحق اللجوء وحرية التعبير»، في إشارة إلى العمل الصحافي الذي كان يمارسه روح الله زم من خلال قناته «آمد نيوز». وأفادت تقارير صحافية بأن زم كان يحضر لإطلاق قناة تلفزيونية.
لا يتوافر كثير من المعلومات عن كيفية استدراج روح الله زم من باريس إلى العراق وتوقيفه في النجف. إلا إن صحيفة «لو فيغارو» كشفت عن أن زم وقع في فخ امرأة لم تذكر هويتها، نجحت في إقناعه بالذهاب إلى العراق للقاء آية الله علي السيستاني. وفي النجف، تم القبض على زم قبل نقله إلى إيران وإظهاره معترفاً على قناة تلفزيونية. وبحسب الصحيفة نفسها، فإن «الحرس الثوري» استطاع وضع اليد على هاتفه الجوال وكومبيوتره، وإن هناك حالة من القلق في أوساط بعض المعارضين الإيرانيين الذين كان زم على تواصل معهم.
بيد أن مسؤولاً كبيراً في مكتب السيستاني نفى أمس معلومات الصحيفة الفرنسية، مؤكداً أنه «لم يكن للصحافي زم أي اتصال مباشر أو غير مباشر مع هذا المكتب، وليست لدينا معلومات عن زيارته أو وصوله إلى العراق»، مضيفاً أن اللقاء المزعوم بين السيستاني وزم «كاذب ولا أساس له من الصحة».



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.