تركيا تطلق عملية «نبع السلام» ضد «الوحدات» الكردية شمال شرقي سوريا

أعلنت أنها ترمي إلى تأسيس «منطقة آمنة والقضاء على الإرهاب وإعادة اللاجئين»

دخان يتصاعد من رأس العين بعد قصف تركي أمس (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد من رأس العين بعد قصف تركي أمس (أ.ف.ب)
TT

تركيا تطلق عملية «نبع السلام» ضد «الوحدات» الكردية شمال شرقي سوريا

دخان يتصاعد من رأس العين بعد قصف تركي أمس (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد من رأس العين بعد قصف تركي أمس (أ.ف.ب)

أطلقت تركيا أمس (الأربعاء) عملية عسكرية في شمال سوريا تحت اسم «نبع السلام» تستهدف مناطق سيطرة تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) الذي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها تركيا «تنظيما إرهابيا» في شرق الفرات.
وقالت وزارة الدفاع التركية، في بيان، إن العملية العسكرية «نبع الفرات» انطلقت في تمام الساعة 16:00 بتوقيت تركيا (تغ +3) وإنه تم إبلاغ الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن بالعملية العسكرية.
وانطلق الطيران الحربي التركي من قاعدة إنجرليك في أضنة (جنوب) وديار بكر (جنوب شرق)، وشن غارات مكثفة على رأس العين في ريف الحسكة وتل أبيض في ريف الرقة وعين عيسى. كما قصفت المدفعية التركية أهدافا في تل أبيض.
وسقطت قذيفتا هاون من الجانب السوري على بلدة جيلان بينار في شانلي أورفا لكن لم تسفرا عن وقوع قتلى أو جرحى في صفوف المواطنين الأتراك، بينما تسببتا في بعض الأضرار المادية في أحد المنازل.
وأكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن إطلاق الجيش عملية «نبع السلام» في شمال سوريا جاء لتطهيرها من «تنظيم داعش» الإرهابي ووحدات حماية الشعب الكردية (امتداد حزب العمال الكردستاني في سوريا)، وإنشاء منطقة آمنة لعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم. وجاء في تغريدة على حساب إردوغان بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أن «هدفنا هو القضاء على (الممر الإرهابي) المُراد إنشاؤه قرب حدودنا الجنوبية، وإحلال السلام في تلك المناطق».
وأضاف إردوغان «سنقضي على التهديد الإرهابي الموجه ضد بلدنا من خلال عملية نبع السلام... تركيا ستضمن عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم بفضل المنطقة الآمنة التي ستنشئها عبر هذه العملية». وتابع «سنحافظ على وحدة الأراضي السورية، ونخلّص سكان المنطقة من براثن الإرهاب من خلال عملية نبع السلام... أتمنى التوفيق لجنودنا الأبطال المشاركين في العملية وللعناصر المحلية الداعمة لقواتنا».
وأرسل الجيش الوطني السوري المؤلف من مقاتلي المعارضة، قوة عسكرية إلى ولاية شانلي أورفا جنوب تركيا أول من أمس لدعم العملية العسكرية، حيث توجهت قافلة حافلات تقل مقاتلي الجيش الوطني، وشاحنات محملة بالذخيرة، من ولاية كليس التركية، إلى ولاية غازي عنتاب المجاورة، في طريقها إلى شانلي أورفا.
وصادق البرلمان التركي، أول من أمس، على تمديد التفويض الممنوح لرئيس الجمهورية بشأن العمليات العسكرية خارج الحدود في العراق وسوريا لمدة عام.
وقدّمت الرئاسة التركية، الاثنين، مذكرة إلى البرلمان، لتمديد صلاحية تنفيذ عمليات عسكرية خارج الحدود في سوريا والعراق، على خلفية استمرار الصراعات الحاصلة في المناطق المجاورة للحدود الجنوبية لتركيا، والتي تهدد الأمن القومي للبلاد.
وشددت المذكرة على أن «تنظيمات إرهابية مثل (داعش) و(وحدات حماية الشعب الكردية وحزب العمال الكردستاني) في سوريا والعراق، تواصل تهديد الأمن القومي التركي، وتستمر في فعالياتها الإرهابية ضد تركيا، وأن تركيا تواصل جهودها لإنشاء منطقة آمنة على حدودها شرق الفرات، في ضوء المقتضيات المشروعة لأمنها القومي».
كما لفتت المذكرة إلى «قطع شوط مهم في الجهود التي تبذلها تركيا مع الدول المعنية الأخرى، للوصول إلى سلام وحل دائم في سوريا، على أرضية اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ مع مسار آستانة». وأشارت في هذا الإطار إلى تحمل تركيا «مسؤوليات لإنهاء الأنشطة الإرهابية في منطقة خفض التصعيد بإدلب شمال غربي سوريا، وإرساء الطمأنينة والسلام والأمن فيها».
وقبل انطلاق العملية العسكرية التركية «نبع السلام» أجرى إردوغان أمس اتصالا هاتفيا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أطلعه خلاله على معلومات بشأن العملية العسكرية في شمال سوريا. كما أجرى اتصالات مع رؤساء أحزاب المعارضة التركية أطلعهم خلالها على معلومات حول العملية العسكرية وسيرها.
واستدعت الخارجية التركية السفير الأميركي في أنقرة وممثلي الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن بأنقرة لإطلاعهم على معلومات بشأن العملية العسكرية.
وطالب رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر تركيا بوقف عمليتها العسكرية في شمال شرقي سوريا على الفور، كما أعلنت باريس ولندن أنهما ستدعوان مجلس الأمن إلى جلسة طارئة لمناقشة العملية العسكرية التركية.
وأكد وزير الخارجية التركي أن عملية «نبع السلام» في شرق الفرات تجري في إطار القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن الدولي بشأن مكافحة الإرهاب.
وقال على «تويتر»: «عمليتنا العسكرية تجري وفقاً للقانون الدولي، والمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، وقرارات مجلس الأمن بشأن مكافحة الإرهاب... وستقوم بتطهير المنطقة من (الإرهاب) وسيتم ضمان أمن الحدود ووحدة الأراضي السورية. العملية العسكرية ستوفر العودة الآمنة للسوريين إلى ديارهم وبلادهم».
وبحث المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، في اتصال هاتفي مع مستشار الأمن القومي الأميركي روبرت أوبراين، الخطوات الواجب اتخاذها حيال تأسيس منطقة آمنة في الشمال السوري.
وقالت الرئاسة التركية في بيان، أمس، إن كالين وأوبراين بحثا أيضا أجندة زيارة إردوغان إلى واشنطن في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وذكر البيان أن كالين أكد خلال الاتصال أن الهدف من المنطقة الآمنة هو تطهير المناطق القريبة من الحدود التركية من «العناصر الإرهابية»، وذلك في إطار وحدة الأراضي السورية. ولفت إلى أن تأسيس المنطقة الآمنة يهدف أيضا إلى توفير الظروف الملائمة لعودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم.
وشدد متحدث الرئاسة التركية على أن بلاده ستواصل مكافحة «تنظيم داعش» الإرهابي.
من جانبه، قال رئيس دائرة الاتصال بالرئاسة التركية، فخر الدين ألطون، إن بلاده ليس لديها هدف في شمال شرقي سوريا سوى القضاء على التهديد الذي يحدق بمواطنيها منذ أمد طويل، وإنقاذ السكان المحليين من أيدي من سماهم «العصابات المسلحة».
وأضاف ألطون، في مقال نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، تحت عنوان «على العالم دعم الخطة التي أعدتها تركيا من أجل شمال شرقي سوريا» أن الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، وافق خلال اتصاله الهاتفي مع إردوغان، ليل الأحد، على نقل قيادة العمليات ضد «تنظيم داعش» الإرهابي إلى تركيا.
ولفت إلى ما قاله الرئيس الأميركي الراحل جورج واشنطن: «يجب أن تبتعد الولايات المتحدة عن تحالفات دائمة»، قائلا: «دافع المسؤولون الأميركيون عن تحالفهم لسنوات طويلة مع وحدات حماية الشعب الكردية ضد (تنظيم داعش) بوصفه تحالفا تكتيكيا، وقرار ترمب الأخير يدعم هذا الرأي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».