مسؤولون إسرائيليون كبار ينتقدون ترمب ويعتبرون قراره «تشجيعاً للنشاط التركي والإيراني في سوريا»

رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو استغل علاقته بالرئيس الأميركي ترمب للترويج لنفسه في الانتخابات الأخيرة (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو استغل علاقته بالرئيس الأميركي ترمب للترويج لنفسه في الانتخابات الأخيرة (أ.ب)
TT

مسؤولون إسرائيليون كبار ينتقدون ترمب ويعتبرون قراره «تشجيعاً للنشاط التركي والإيراني في سوريا»

رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو استغل علاقته بالرئيس الأميركي ترمب للترويج لنفسه في الانتخابات الأخيرة (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو استغل علاقته بالرئيس الأميركي ترمب للترويج لنفسه في الانتخابات الأخيرة (أ.ب)

عبّر مسؤولون إسرائيليون كبار عن قلقهم الشديد من قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، سحب القوات الأميركية من شمالي سوريا وترك الحلفاء الأكراد لقمة سائغة في أيدي تركيا، وقالوا إن «المستوى السياسي والجهاز الأمني في تل أبيب فوجئا بهذا القرار»، ويريان فيه «تخلياً عن القوات الكردية التي حاربت بإخلاص ومهنية عالية وساهمت في دحر (داعش)»، كما اعتبراه «تشجيعاً للنشاط التركي والإيراني في سوريا».
وكشف أحد المسؤولين، وفقاً لتقرير بثته «القناة 13» في التلفزيون الإسرائيلي، الليلة قبل الماضية، عن أن «المجلس الوزاري المصغر في الحكومة الإسرائيلية (الكابنيت)، الذي التأم قبل بضع ساعات من قرار ترمب، كان قد ناقش جملة مواضيع تتعلق بإيران وسوريا والعراق، وبينها رغبة ترمب، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية 2020، تجنب أي مواجهة في الشرق الأوسط، بما في ذلك إيران. لكنه لم يتوقع قراراً كهذا. وعليه، فإنه يرى في التطورات الأخيرة إثباتاً على أن إسرائيل لن تستطيع الاعتماد أكثر على ترمب بشأن سوريا، باستثناء الدعم السياسي للهجمات الإسرائيلية».
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد لاذ بالصمت منذ إعلان ترمب، فهو لا يفوّت فرصة إلا ويتباهى بالحليف الأقرب له خلال السنوات الثلاث الأخيرة في البيت الأبيض، لكن هذا الحليف يدير ظهره لحلفائه اليوم ويبقيهم مكشوفين للضربات المعادية. وأضاف المسؤول: «الآن، تدفع إسرائيل الثمن، لكن من دون أن يكون لها حق النقد أو الاعتراض. ومع أن ترمب يبقي حلفاءه وحيدين، أمام التهديد المتصاعد في سوريا، فإن نتنياهو لا يجد الكلمات ليعبر عن الاحتجاج والألم».
ونقل موقع «كان» الإخباري، التابع لسلطة البث الرسمية (كان)، على لسان وزير كبير من أعضاء «الكابنيت»، قوله إن «ترمب يختار سياسة (الانعزالية)، والحزم في التراجع. فهو لم يكتفِ بعدم الرد على قيام إيران إسقاط الطائرة المسيرة الأميركية، ولم يحرك ساكناً إزاء قيام إيران بالهجوم على حليفته السعودية، بل ضرب عرض الحائط برأي الشعب الأميركي الذي يتخذ مواقف سلبية تجاه إيران». وقال إن «الانسحاب من سوريا هو شارة تحذير، وبخاصة بما يتصل بالنشاط الإيراني».
واعتبر المعلق السياسي في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، شمعون شيفر، قرار ترمب طعنة في الظهر ليس للأكراد وحسب، بل لإسرائيل أيضاً، التي يكثر رئيس حكومتها، نتنياهو، من امتداحه والقول إنه «الرئيس الأكثر وداً في البيت الأبيض». وأضاف «إن قرار الرئيس ترمب بالانسحاب، وإهدار مصير الحلفاء الأكراد ممن آمنوا بأن الولايات المتحدة ستقف إلى جانبهم بعد معركة من ثلاث سنوات قاتلوا خلالها (داعش)، يجب أن يشعل كل الأضواء الحمراء عندنا. فقد انكشف ترمب المرة تلو الأخرى بالطريقة التي تعالج فيها المسائل المتعلقة بالعلاقات الدولية كزعيم ليس ضليعاً في أي موضوع. فهو اعتباطي وليس لديه أي فكرة عما يمكن توقعه من زعيم قوة عظمى».
وأشار شيفر إلى أن ترمب «لم يبلغ نتنياهو بقراره الانسحاب من سوريا. هذا مفزع. ترمب الذي غرد بأنه (حان الوقت لأن نخرج من هذه الحروب السخيفة التي لا تنتهي والكثير منها هي حروب قبلية)، كتب أيضاً أن (الأكراد تلقوا كميات هائلة من المال الأميركي). هذا تصريح مهين ومثير للحفيظة، من الأفضل لنا أن نضعه في الحسبان. ذات يوم نحن أيضاً سنجد أنفسنا ننتمي على لسان ترمب للمقاتلين في حرب قبلية. لهذا كله؛ الاستنتاج يجب أن يكون لا لبس فيه: لقد أصبح ترمب من ناحية إسرائيل سنداً مهترئاً. لم يعد ممكناً الاعتماد عليه. يوجد تخوف حقيقي في أن تواصل إيران استفزازنا وتجبرنا على التصدي لنظام آيات الله دون المظلة الأميركية. إن الواقع الاستراتيجي الذي ينكشف أمام ناظرينا يستوجب حساباً للنفس من جانب نتنياهو الذي وضع كل أوراقه في سلة دونالد ترمب».
وأما المحرر في «هآرتس»، الدكتور تسفي برئيل، فقال إن «الحكمة ما بعد الحدث تقول إن الأكراد كان يجب عليهم أن يعرفوا أنه لا يمكن الاعتماد على دونالد ترمب. يكفي إحصاء الاتفاقيات التي خرقها الرئيس الأميركي في فترة ولايته، التي تشمل الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران وخرق اتفاقيات التجارة المختلفة و(صفقة القرن) التي تبين أنها مثل البالون، وتجميد المساعدات المقدمة للفلسطينيين وإخفاقه الكبير في عقد اتفاقيات جديدة أو حل نزاعات، من أجل أن نفهم بأن الأمر يتعلق بأسلوب هستيري ووحشي يستهدف تحطيم الأنظمة (القديمة)؛ فقط لأن ترمب لم يكن شريكاً فيها. إن التخلي عن الأكراد للعربدة التركية التي يتوقع حدوثها في شمال سوريا هو فقط حلقة أخرى في سلسلة الشرور. في نظر ترمب، الأكراد الذين سفك الكثير من دمائهم في الحرب ضد تنظيم (داعش) وأثبتوا أنفسهم باعتبارهم القوة المحلية الأكثر نجاعة في محاربة الجهاديين، هم ليسوا أكثر من ميليشيا انتهى دورها، والآن يمكنهم الذهاب إلى الجحيم».
واختتم برئيل قائلاً «خطوة ترمب التي تناقض موقف وزارة الدفاع الأميركية والـ(سي آي إيه) سيكون لها تأثير بعيد المدى يتجاوز سوريا وعلاقات الولايات المتحدة مع تركيا. إنه يرسخ الفرضية التي تقول بأنه لا يوجد لأميركا أصدقاء في الشرق الأوسط، وأن أي تحالف ما زال ساري المفعول مطروح طوال الوقت لإعادة الاختبار ومعرض لخطر الإلغاء من طرف واحد. إن تخلي أميركا عن سوريا يفيد إيران بشكل جيد، على الأقل من الناحية السياسية. فهو يعزز ادعاءها بأنه لا يجب الاعتماد على الولايات المتحدة؛ لأنها تتخلى عن حلفائها حتى في أوقات الأزمة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.