وصول 3 آلاف حاج من الداخل السوري.. ولقاء «البيت العتيق» يضمد آلامهم

بعد رحلة امتدت 30 ساعة لبلوغ وجهتهم

وصول 3 آلاف حاج من الداخل السوري.. ولقاء «البيت العتيق» يضمد آلامهم
TT

وصول 3 آلاف حاج من الداخل السوري.. ولقاء «البيت العتيق» يضمد آلامهم

وصول 3 آلاف حاج من الداخل السوري.. ولقاء «البيت العتيق» يضمد آلامهم

وصل إلى المشاعر المقدسة أمس قرابة 3200 حاج سوري، كسروا كل القيود والصعاب لتحقيق حلم الوقوف بعد غد بمشعر عرفة، ناسين أو متناسين كل الجراح والآلام، متوجهين لله في السراء والضراء، باحثين عن تضميد وطن.. لا يحملون شيئا سوى الدعاء، ولا غير الدعاء ملاذهم بعد رحلة وتعب.
وفي الوقت الذي واجه فيه الحجاج الآتون من سوريا جملة من المخاطر لأداء مناسك الحج، امتدت رحلتهم زهاء 30 ساعة لبلوغ الأراضي المقدسة، وقد شهدت سلوك طرق طويلة ووعرة تجنبا للمرور بالأماكن التي توجد بها الجماعات المسلحة، وصولا للمطارات التركية، وانتهت في جنبات أطهر بقاع الأرض؛ مكة المكرمة. معاناة الحجيج السوريين لبلوغ الحرم المكي رحلة طويلة حفتها صعوبات الوصول عبر الحافلات إلى الحدود التركية، الذي استغرق ساعات طويلة لبلوغ وجهتهم، فرحلة من مدينة البوكمال شرق سوريا إلى الحدود التي لا تتجاوز 4 ساعات، قطعها الحجيج السوريون في 12 ساعة وفق خرائط اللجان الشعبية لتجنيب الحجيج مواقع النزاعات. وقال خالد كوكي، مدير مكتب الحجاج السوريين في السعودية، إنه في لحظة وصول الحجاج للأراضي السعودية ودخول مكة المكرمة، انتابتهم حالة من الفرح ممزوجة بالبكاء، مشيرا إلى وصول العدد الكامل للحجاج السوريين البالغ 12850 حاج سوري إلى الأراضي المقدسة في السعودية دون أن يصيب أحدهم أي ضرر، موضحا أن ربع العدد من الحجاج قدموا من الأراضي السورية والبقية من الدول المجاورة، والجزء الأكبر من الموجودين في السعودية. وقال كوكي في حديثا خص به «الشرق الأوسط» إن إدارته لم تتوقع أن يصل عدد الحجاج في هذا العام إلى قرابة 12 ألف حاج في ظل الأوضاع الجارية التي تعيشها سوريا، إضافة للأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة التي يمر بها المواطنون السوريون الذين أصروا على المغادرة لأداء الفريضة، و«هذه الأوضاع كان من المتوقع أن تخفض عدد السورين إلى النصف لعدم مقدرتهم بشكل أو بآخر على أداء هذه الفريضة».
وأردف مدير مكتب الحجاج السوريين، أن الحجاج قدموا إلى السعودية من الدول التي منحتهم وزارة الحج العقود فيها، وعبر 9 مطارات، 6 منها في تركيا، واثنان في كل من مصر ولبنان، وواحد الأردن، واصفا حال الحجاج لحظة وصولهم للبيت الحرام بالفرحة الكبرى، وأنهم شرعوا على الفور في التلبية والتكبير والدعاء، للخروج من الحالة التي تعيشها بلادهم، وداعين بأن ينعم السوريون بالأمن والسلام بعد 4 سنوات عاشوا فيها أسوأ اللحظات. ووصف كوكي الصعوبات التي واجهها الحجاج القادمون من داخل المدن السورية، بالبالغة بسبب المعاناة التي تكبدها الحجاج عند مغادرتهم منازلهم نحو الحدود، وقال: «حرص الحجاج على سلك طرق أطول لبلوغ وجهتهم للابتعاد عن مناطق توجد بها الجماعات الإرهابية، وساعد الحجاج الخرائط التي وضعتها اللجان الشعبية للحافلات التي أقلت الحجاج إلى الحدود ومنها إلى المطارات الـ6 التركية التي نقلت الحجاج إلى جدة».
وبين كوكي أن جميع الحجاج الآتين من داخل المدن السورية لم ينلهم أذى، حالهم حال الآتين من الدول المجاورة، «إلا أن طول الطريق هو أكبر معاناة عانى منها الحجاج في قدومهم، التي امتدت 30 ساعة لبلوغهم الأراضي المقدسة»، وقال: «خشي الحجاج من المرور بالمناطق التي توجد بها الجماعات الإرهابية، ولذلك تنقلوا بالحافلات من قرية إلى أخرى، بدلا من التوجه مباشرة إلى الحدود ابتعادا عن المناطق الساخنة التي بها اشتباكات».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.