ثقافة العبث التاريخي

القياس الخاطئ للفتوحات الإسلامية مرة أخرى

TT

ثقافة العبث التاريخي

دفعني الفضول بعد مشاهدة مقطع فيديو قصير عبر وسائل التواصل الاجتماعي لحوار مع مثقف سعودي تضمن جزئية حول الفتوحات الإسلامية يبدو أنه استفز فيها كثيرين، فشاهدت البرنامج بأكمله، فأعجبت فعلاً بكثير من آرائه، واستمتعت كثيراً بالحوار ورغبته الحقيقية في الوصول إلى نقطة انطلاقة لثقافتنا العربية وديننا الإسلامي على حد سواء، وأهمية مجاراة العصر الذي نعيش فيه، وغيرها من الثوابت التي يجب أن نؤمن بها كعرب، ولكن استوقفني نعته الفتوحات الإسلامية صراحة بأنها «غزوات»، ولا بأس في ذلك، فهذا رأيه. وأكد أنه كان من الأجدر بأجدادنا أن تتحرك صوب أفريقيا، بدلاً من الأندلس، لأن هذه الفتوحات كانت عربية وليست إسلامية، ولأنها «كانت نكسة على الإسلام»، إذ إن الإسلام «رسالة وبلاغ، وليس فتوحات»، وأننا خرجنا منها بلا أي أثر يُذكر، وأنها قد تكون فخراً للعرب، ولكن ليس للإسلام. ولمح إلى أن الفتوحات أدت فيما بعد للحملات الصليبية والهجوم المغولي. ويبدو أن الأمر أثار جدلاً واسعاً، فرأيت محاولة لفض الاشتباك الفكري الذي ولده من خلال ما يلي:
أولاً: تقديري أن مثقفنا العزيز وقع بغير قصد في معضلة تاريخية - فلسفية حول الفتوحات الإسلامية، وكيفية توصيف الدولة التي أقيمت بعد وفاة المصطفي عليه الصلاة والسلام؛ هل هي عربية أم إسلامية؟ فتيار يرى أنها دينية الطابع والهدف، وآخرون يرون أنها قومية المنشأ مرتبطة بالعروبة، وقد اقترحت حل هذه المعضلة بتوصيفها دولة «عربية - إسلامية»، أو العكس، لأننا لا نستطيع أن نفصل عنصريها كما نستطيع اليوم أمام أي دولة بازغة حتى قرون قريبة جداً مضت، فهي دولة أممية الهيكل عربية الطابع، لا تندرج تحتها مفاهيم القطرية القومية التي نعرفها اليوم، فهي الدولة التي قامت من الجزيرة العربية بثقافة وهوية عربيتين تغشاها الروح الجديدة التي بعثها المولى بالحق، وهي الإسلام، أي ثنائية الجينات المؤسسية، وإن كانت إدارتها عبر مؤسسية الخلافة سياسية الطابع، مبنية على الظروف القائمة، حتى وإن كان لدين الله ركنه البارز والمؤسسي فيها.
ثانياً: وارتباطاً بما تقدم، فإن التوسع أياً كانت تسميته إنما كان يحكمه التوجه السياسي والاقتصادي للدولة في الأساس، سواءً كان شرقاً نحو العراق وكسرى، أو شمالاً وغرباً نحو مصر والشام، على حساب الدولة البيزنطية (الروم). فالدولة تتوسع نحو ما تراه مكسباً لها، فأفريقيا لم تكن منطقة تماسٍ جغرافي، كما أنها ليست مركز جذب سياسي - اقتصادي. أما الشام والعراق ومصر، فكانت في وجدان شبه الجزيرة العربية، والتوسع الأندلسي ما هو إلا امتداد لهذه المسببات، فلو كانت منطقة قاحلة بغير ذي زرع أو مرعى، ما كانت لتكون على المرمي السياسي أو العسكري للدولة الفتية، وهذا أمر طبيعي.
ثالثاً: إن التوسع الخارجي هو السمة التالية والسنة المتوقعة لإقامة الدولة في ذلك العصر، وحتى قرن مضى، فمن الخطيئة أن نقيس التوسع آنذاك بمعاييرنا اليوم، بعد أن دونتها الدول في مبادئ القانون الدولي، وهذه كانت سنة الدولة الرومانية واليونانية والفارسية من قبلها، فالتوسع ناموس الدول كلما استطاعت إليه سبيلاً، فالتماس بين هذا التوجه والتعريف بالإسلام لم يختلفا، علماً بأن الدين الحنيف سمح لمواطني هذه الدول بالإبقاء على دينهم، شريطة دفع الجزية، وهو ما ينفى - على الأقل نظرياً - أن هدف الفتوحات كان أسلمة الناس بحد السيف.
رابعاً: أختلف مع مفكرنا العزيز في أن مصر والشام والعراق هي المنطقة الأحق للدولة بالتوسع فقط، فالشام كانت بيزنطية الطابع والهوى منذ أن استولت عليها الدولة الرومانية، ثم آلت لبيزنطة بالإرث السياسي، حتى وإن وجدت فيها بعض القبائل العربية أو حمت أطرافها، مثل «الغساسنة» وغيرهم، فهي لم تكن عربية الطابع. أما مصر فكانت دولة تابعة لبيزنطة، تركيبتها الثقافية والفكرية والإثنية مختلفة تماماً عن الجزيرة العربية، بما لا يجعل هناك سبباً لهذه المقولة، ولكنها نقطة جيو-استراتيجية واقتصادية لا خلاف على حتمية ضمها لهذه الدولة الفتية.
خامساً: أختلف، شكلاً وموضوعاً، مع تلميح المفكر القدير إلى أن الفتوحات هي التي جلبت الغزو المغولي والصليبي على العالم الإسلامي، بما شكل نكسة مستقبلية لنا، فالحملات الصليبية لها ارتباط واضح صريح بآلية الفساد الكنسي السائد آنذاك، ورغبة الكنيسة في تشتيت أزمتها الداخلية بحرب خارجية تستطيع أن تجمع تحت لواءها الأمراء في حرب مقدسة، بما يسمح لها باستعادة دورها المُفتت، وهو ما توافق مع أطماع القيادات السياسية في الدول الغربية. أما الدولة المغولية، فلم تترك الأخضر واليابس في سبيل توسعها شرقاً وغرباً وشمالاً، فكان غزوهم سيأتي شئنا أم أبينا، وهو أمر محسوم تاريخياً.
وحقيقة الأمر أن هذا الجدال الموروث الممتد يحتاج لحسم يسمح لنا بالحفاظ على جناحي هوية الدولة تاريخياً، فالعنصران سواء الإسلام أو القومية العربية لا تعارض بينهما، وهما ليسا في تناقض. أما إدارة الدولة، فكانت سياسية الطابع، والحركة تحكمها محددات السياسة الواقعية، والضرورات والفرص الاقتصادية. ويكفينا هنا أن نؤكد أن تحريك مركز أو عاصمة الدولة من المدينة إلى العراق ثم الشام ثم بغداد هو انعكاس لحقائق سياسية لا دخل للدين فيها، فرفقاً بنا من التشتيت الفكري والروحي، ورفقاً بالإسلام، ورفقاً بالتاريخ وتأويله.



«البحر الأحمر»...3 أفلام تبحر في التاريخ غير البعيد

أمير المصري وبيرس بروسنان في «عملاق» (مهرجان البحر الأحمر)
أمير المصري وبيرس بروسنان في «عملاق» (مهرجان البحر الأحمر)
TT

«البحر الأحمر»...3 أفلام تبحر في التاريخ غير البعيد

أمير المصري وبيرس بروسنان في «عملاق» (مهرجان البحر الأحمر)
أمير المصري وبيرس بروسنان في «عملاق» (مهرجان البحر الأحمر)

نال الفيلمان العربيان «نجوم الأمل والألم» لسيريل عريس، و«اللي باقي منك» لشيرين دعيبس، استحساناً جيداً من جمهور غفير في اليوم الأول من مهرجان البحر الأحمر (الجمعة)، وكلاهما في المسابقة الرسمية.

يُؤلّف «اللي باقي منك» و«فلسطين 36» ثلاثية من الأفلام الجديدة التي وجّهت اهتمامها، وفي الوقت المناسب، إلى الموضوع الفلسطيني، وتمتد أحداثه إلى ثلاثة أجيال متعاقبة، من عام 1948 حتى سنة 2022.

«نجوم الأمل والألم» مؤلَّف أيضاً من 3 محطات زمنية، ونجد فيه حكاية عاطفية - رومانسية في الأساس، مع خلفيات عن الحرب الأهلية وما بعدها ومصائر البيروتيين خلالها.

فيلم الافتتاح، «عملاق»، يتولّى الإعلان عن أنّه قصّة حياة الملاكم اليمنيّ الأصل نسيم، لكن التركيز في الواقع ينصبّ على شخصية المدرّب براندن (بيرس بروسنان)، ويختار أن يمارس قدراً من عنصرية التفكير حول مَن يستحقّ التركيز عليه أكثر: الملاكم العربيّ الأصل أم المدرّب الأبيض.


جورج كلوني: «أسافر دوماً بالقطار»

النجم الأميركي جورج كلوني (رويترز)
النجم الأميركي جورج كلوني (رويترز)
TT

جورج كلوني: «أسافر دوماً بالقطار»

النجم الأميركي جورج كلوني (رويترز)
النجم الأميركي جورج كلوني (رويترز)

عزز الممثل الأميركي جورج كلوني من صورته فيما يتعلق بالبيئة عن طريق السفر بالقطار، سواء كان ذلك أسفل القنال الإنجليزي إلى لندن أو بين باريس وقصره جنوب فرنسا.

وقال النجم السينمائي (64 عاماً) لنسخة نهاية الأسبوع من صحيفة «فرانكفورتر ألجماينه تسايتونغ» الألمانية: «غالباً ما أستقل القطار بين لندن وباريس، وأسافر بالقطار قطعاً بين إكس-أون- بروفانس وباريس كل أسبوعين».

وأوضح كلوني، الذي أبدى من قبل انحيازه لحماية البيئة: «أسافر دائماً بالقطار».

ويعيش كلوني، الحاصل على جائزتي أوسكار والعديد من الجوائز الأخرى، مع زوجته المحامية الحقوقية أمل كلوني، وابناهما التوأمان إيلا وألكسندر في مزرعة في بروفانس.

وصدر فيلمه «جاي كيلي» على منصة «نتفليكس» الجمعة. ومن بين أشهر أفلامه «أوشنز إليفن» و«سيريانا».


رقصة هندية تلهم الروبوتات تعلّم حركات اليد المعقدة

عرضٌ تجريبيٌّ في المختبر (جامعة ماريلاند)
عرضٌ تجريبيٌّ في المختبر (جامعة ماريلاند)
TT

رقصة هندية تلهم الروبوتات تعلّم حركات اليد المعقدة

عرضٌ تجريبيٌّ في المختبر (جامعة ماريلاند)
عرضٌ تجريبيٌّ في المختبر (جامعة ماريلاند)

استخلص باحثون في جامعة ماريلاند الأميركية بمقاطعة بالتيمور (UMBC) العناصر الأساسية لإيماءات اليد الدقيقة التي يستخدمها الراقصون في رقصة «بهاراتاناتيام» الهندية الكلاسيكية، ووجدوا «أبجدية» للحركة أغنى وأكثر ثراء مقارنةً بمسكات اليد الطبيعية.

ووفق دراستهم المنشورة في مجلة «ساينتفيك ريبورتس» (Scientific Reports)، يمكن لهذا العمل أن يُحسّن كيفية تعليم الروبوتات حركات اليد المعقدة، وأن يُوفر للبشر أدوات أفضل للعلاج الطبيعي.

ركّز رامانا فينجاموري، الأستاذ في جامعة ماريلاند بمقاطعة بالتيمور والباحث الرئيسي في هذا العمل، مختبره على فهم كيفية تحكم الدماغ في حركات اليد المعقدة.

ابتكر فينجاموري نهجاً جديداً لاستخلاص العناصر الأساسية من مجموعة واسعة من إيماءات اليد الدقيقة، المسماة «مودرا»، المستخدمة في الرقص الكلاسيكي الهندي لتعزيز عنصر سرد القصص في هذا الإطار الفني.

ويُطور الفريق البحثي حالياً تقنيات «لتعليم» الأيدي الروبوتية أبجديات الحركات وكيفية دمجها لإنشاء إيماءات يد جديدة، وهو ما يُمثل انحرافاً عن الأساليب التقليدية لتعليم الروبوتات تقليد إيماءات اليد، ويتجه نحو أسلوب جديد لكيفية عمل جسم الإنسان ودماغه معاً.

ويختبر الباحثون هذه التقنيات على يد روبوتية مستقلة وروبوت بشري، يعمل كل منهما بطريقة مختلفة ويتطلَّب نهجاً فريداً لترجمة التمثيلات الرياضية للتآزر إلى حركات جسدية.

يقول فينجاموري: «الأبجدية المُشتقة من مودرا أفضل بالتأكيد من أبجدية الفهم الطبيعي لأنها تُظهر قدراً أعلى من البراعة والمرونة».

وأضاف في بيان نُشر الخميس: «عندما بدأنا هذا النوع من الأبحاث قبل أكثر من 15 عاماً، تساءلنا: هل يُمكننا إيجاد أبجدية ذهبية يُمكن استخدامها لإعادة بناء أي شيء؟».

ووفق نتائج الدراسة يمكن استخدام هذا المفهوم لتفكيك تنوع مذهل من الحركات إلى عدد محدود من الوحدات الأساسية.

بحث الفريق عن العناصر الأساسية لحركات اليد وفهرستها (ساينتفيك ريبورتس)

وقبل أكثر من عقد من الزمان، بحث فينجاموري وشركاؤه عن العناصر الأساسية لحركات اليد وفهرستها، بالاعتماد على مفهوم يُسمى التآزر الحركي، إذ يُنسّق الدماغ حركات مفاصل متعددة باليد في آنٍ واحد لتبسيط الحركات المعقدة.

بدأ فينجاموري وطلابه بتحليل مجموعة بيانات تضم 30 مسكة يد طبيعية، تُستخدم لالتقاط أشياء تتراوح أحجامها بين زجاجات المياه الكبيرة وحبات الخرز الصغير.

اختبر الفريق بعد ذلك مدى قدرة التآزرات المستمدة من الإمساك الطبيعي على الجمع لإنشاء حركات يد غير مرتبطة مقارنةً بالتآزرات المستمدة من المودرا. وقد تفوقت التآزرات المستمدة من المودرا بشكل ملحوظ على تآزرات الإمساك الطبيعي باليد، وفق نتائج الدراسة.

يقول بارثان أوليكال، العضو المخضرم في مختبر فينجاموري الذي يسعى حالياً للحصول على درجة الدكتوراه في علوم الحاسوب: «عندما تعرَّفت على مفهوم التآزر، أصبح لدي فضول كبير لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا استخدامه لجعل اليد الروبوتية تستجيب وتعمل بطريقة اليد البشرية نفسها».

ويضيف: «لقد كان من دواعي سروري أن أُضيف عملي الخاص إلى جهود البحث، وأن أرى النتائج».

يستخدم الفريق كاميرا بسيطة ونظاماً برمجياً للتعرُّف على الحركات وتسجيلها وتحليلها، وهو ما يُسهم بشكل كبير في تطوير تقنيات فعالة من حيث التكلفة يمكن للناس استخدامها في منازلهم.

في نهاية المطاف، يتصوَّر فينجاموري ابتكار مكتبات من الأبجديات المُخصصة لمهام روبوتية مُحددة، يُمكن استخدامها حسب الاحتياجات، سواءَ كان ذلك إنجاز الأعمال المنزلية اليومية من بينها الطهي أو طيّ الملابس، أو أي شيء أكثر تعقيداً ودقة، مثل العزف على آلة موسيقية.