السلطة تطلب تدخلاً لإنقاذ أسير تعرض للتعذيب في إسرائيل

الشاباك يقول إنه كان {بمثابة قنبلة موقوتة} وخضع لتحقيق «ضروري»

محتجون يرفعون العلم الفلسطيني في منطقة البحر الميت أمس رداً على خطط الضم (وفا)
محتجون يرفعون العلم الفلسطيني في منطقة البحر الميت أمس رداً على خطط الضم (وفا)
TT

السلطة تطلب تدخلاً لإنقاذ أسير تعرض للتعذيب في إسرائيل

محتجون يرفعون العلم الفلسطيني في منطقة البحر الميت أمس رداً على خطط الضم (وفا)
محتجون يرفعون العلم الفلسطيني في منطقة البحر الميت أمس رداً على خطط الضم (وفا)

طالبت السلطة الفلسطينية المجتمع الدولي بالتدخل من أجل إنقاذ حياة أسير فلسطيني تعرض للتعذيب الشديد أثناء التحقيق معه ما أدخله في حالة صحية حرجة للغاية.
وناشدت وزيرة الصحة الفلسطينية د. مي الكيلة، المنظمات الدولية والحقوقية اللجنة الدولية للصليب الأحمر والمجتمع الدولي للتدخل لحماية الأسرى من القتل داخل السجون من خلال التعذيب والإهمال الطبي. مضيفة: «المعلومات التي ترد من داخل السجون خطيرة للغاية وتفيد بتعرض الأسير سامر عربيد للتعذيب الشديد، ما أدى لدخوله في حالة صحية حرجة».
وأكدت الوزيرة أن المعلومات التي حصلت عليها من مؤسسة الضمير حول الوضع الصحي للأسير عربيد، تفيد بتحويله يوم الجمعة من مركز تحقيق المسكوبية إلى مستشفى هداسا - جبل الزيتون بوضع حرج، حيث تبين إصابته بفشل كلوي، إضافة إلى إصابات وكدمات في أنحاء متفرقة من جسده، وكسور في أضلاع صدره، نتيجة التعذيب الشديد الذي تعرض له. وتابعت الكيلة: «على المجتمع الدولي التدخل العاجل والفوري لإنقاذ الأسير من القتل الممنهج الذي تمارسه سلطات الاحتلال، إضافة إلى حماية بقية الأسرى، خصوصاً المرضى منهم، محملة سلطات الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن حياة الأسير عربيد».
وكان الشاباك (الأمن العام الإسرائيلي) اعتقل عربيد وأخضعه لتحقيق استثنائي بتهمة قيادته خلية قتلت مستوطنة إسرائيلية قرب رام الله الشهر الماضي. وقالت نورا مسلماني، زوجة الأسير، إن زوجها يشهد وضعاً صحياً بالغ الخطورة، وهناك خطر حقيقي على حياته». وأضافت في تصريحات نشرتها الوكالة الرسمية أن «الاحتلال منعها من زيارته للاطمئنان عليه، وأنها تتواصل فقط مع المحامي الذي طالب بتدخل فوري وعاجل لمتابعة وضعه الصحي». وأشارت إلى أن جنود الاحتلال اعتدوا عليه بالضرب ووجهوا له الشتائم خلال اعتقاله وعبثوا بمحتويات المنزل خراباً ودماراً، محملة حكومة الاحتلال المسؤولية كاملة عن حياته.
واعتقلت إسرائيل عربيد قبل أيام قليلة إلى جانب 3 شكلوا خلية تابعة للجبهة الشعبية. وقال الشاباك الإسرائيلي إنه اعتقل بفضل التنسيق والتعاون بين عدد من أفرع الأمن من بينها الشرطة والجيش، أعضاء خلية فلسطينية نفّذت عملية «دوليف» قبل نحو شهر، وفيها قُتلت المستوطنة الإسرائيلية رينا شنريف، في الـ16 من العمر، وجُرح والدها وشقيقها في العملية ذاتها.
وتنسب أجهزة الأمن الإسرائيلية لأفراد الخلية زراعة عبوة ناسفة، في الثالث والعشرين من أغسطس (آب) المنصرم، في «عين بوبين» التي تقع بجانب مستوطنة «دوليف»، بالقرب من رام الله في الضفة الغربية.
وقال بيان «الشاباك»، إن التحقيق مع أفراد الخلية المُعتقلين، «لا يزال مستمراً». وذكر البيان أن جميع أعضاء الخلية هم من سكان منطقة رام الله، وينتمون لـ«الجبهة الشعبية»، وقد خططوا لتنفيذ عمليات أخرى منها خطف وإطلاق نار. وأضاف البيان، أن قائد الخلية هو سامر عربيد من رام الله، وعمره (44 عاماً)، وهو الذي أعد العبوة الناسفة، وفجّرها عن بعد حين أيقن أن أفراد عائلة شنريف وصلت إلى جوار العين.
أما العضو الثاني في الخلية، وفقا لـ«الشاباك»، فهو يزن حسين حسني مجماس (25 عاماً) من قرية كوبر، وكان شريكا كاملا في التخطيط للعملية وفي تنفيذها. والعضو الثالث في الخلية هو نظام سامي يوسف (21 عاما) من سكان بيرزيت. وبيرزيت وكوبر قرب رام الله تقعان بالقرب من مسرح العملية والرابع هو قاسم شلبي.
ووفقا للمعلومات المتوفرة من التحقيق، فإن جميع أفراد الخلية، سبق أن قضوا فترات متفاوتة في المعتقلات الأمنية في إسرائيل، بعد إدانتهم بـ«جرائم أمنية».
وأشار جهاز «الشاباك» إلى أن أفراد الخلية «سلموا للمحققين أثناء التحقيق معهم، عبوة ناسفة أخرى كانت بحوزتهم، وفجّرها أفراد الأمن الإسرائيلي». لكن بعد التحقيق القاسي مع عربيد نقل إلى المشفى. وأقر الشاباك بأنه أخضع عربيد «لتحقيق ضروري»، وفيه «يمكن اللجوء إلى ممارسة القوة البدنية تفادياً لوقوع مزيد من الضرر على الأمد المباشر وهي الحالات التي تسمى بحالة «قنبلة موقوتة».
وقال الشاباك إنه أثناء التحقيق مع عربيد أبلغهم بأنه يشعر بوعكة صحية فتقرر نقله إلى المستشفى. وقال مصدر أمني إسرائيلي، أمس، إن إلقاء القبض على سامر عربيد، قائد الخلية التي نفذت عملية دوليف الشهر الماضي، حال دون المزيد من الهجمات الخطيرة.
وكانت إسرائيل اعتقلت عربيد بعد تنفيذ العملية لكنها أطلقت سراحه بسبب عدم وجود أدلة. ويتضح من السياق أن عربيد نجح أول مرة في تضليل الشاباك الإسرائيلي. وقالت صحيفة «هآرتس» العبرية، إن الشاباك حصل على تصريح قانوني خاص، لاستخدام أساليب تحقيق استثنائية مع الأسير عربيد، وأضافت أنه تعرض للضرب المبرح، والتعذيب الشديد.
وحمّلت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن صحة وحياة عربيد.
وقالت الهيئة، إن الوضع الصحي للأسير عربيد صعب للغاية، بعدما تعرض للتنكيل والتعذيب حتى دخل في غيبوبة. وتحاول الهيئة انتزاع قرار قضائي يخولها الاطلاع على وضع الأسير عربيد.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.