قوات حفتر تقصف ميليشيات {الوفاق} في سرت لليوم الثاني

TT
20

قوات حفتر تقصف ميليشيات {الوفاق} في سرت لليوم الثاني

قصفت قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، لليوم الثاني على التوالي، مواقع في مدينة سرت الساحلية، تابعة للميليشيات الموالية لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج، الذي أقر في المقابل علانية وللمرة الأولى بعدم وجود جيش في بلاده. واعترف السراج الذي يعتبر نفسه بمثابة القائد الأعلى للجيش، بعدم وجود جيش في ليبيا وأعرب عن أسفه لما وصفه بالحقيقة المؤلمة «وهي أنه لا يوجد جيش في ليبيا»، لكنه أضاف في تصريحات لوسائل إعلام أميركية «نحاول إعادة بناء الجيش، ونؤمن بأن حليفاً مثل الولايات المتحدة يمكن أن يساعدنا في بناء مؤسسة الجيش، للمساعدة في حفظ الاستقرار في ليبيا».
وبعدما اتهم حفتر مجدداً بتدمير العملية السياسية على خلفية هجومه على طرابلس في الرابع من أبريل (نيسان) الماضي، أضاف: «قواتنا تقوم بعمل جيد، وانتصارنا مسألة وقت لا أكثر، ولا يستطيع حفتر حتى أن يحلم بدخول طرابلس».
من جهة أخرى، وطبقا لما أعلنه بيان للمركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة التابع للجيش الوطني فقد «استهدفت ضربات قوية وأهدافا محققة على جبهة سرت داخل وخارج مدينة سرت، وتمركزات الميليشيات ومقراتها وألحقت بها خسائر كبيرة في الأسلحة والأفراد على مدى اليومين الماضيين»، لافتا إلى أن «بقايا هذه الميليشيات أصبحت الآن في حالة من الإرباك والهلع»، على حد تعبيره.
بدورها، أقرت قوة حماية وتأمين سرت التابعة لحكومة السراج بوقوع ثلاث غارات جوية، ونقلت وسائل إعلام محلية عن النعاس عبد الله آمر قوة حماية المدينة، أن بوابة الـ17 شرق سرت تعرضت لأربع غارات دون وقوع خسائر بشرية، مشيرا إلى أن هذا يعد هذا الاستهداف الثاني على التوالي بعد سلسلة غارات شنها الطيران المسير على مواقع لقوة حماية سرت ومنشأة مدنية أخرى أسفرت عن مقتل شخصين وإصابة خمسة أشخاص.
من جانبه، رفض مختار المعداني رئيس بلدية سرت، أمس هذه الغارات على خلفية تهديدات وجهها أحد قادة الميليشيات التابعة لحكومة السراج، لأعضاء المجلس البلدي بالمدينة بشأن تقديم استقالتهم من مناصبهم في حال عدم الإعلان عن رفضهم لغارات الجيش.
وطلب المعداني في تصريحات مصورة بثتها الصفحة الرسمية لبلدية سرت على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، من فتحي باش أغا وزير الداخلية بحكومة السراج فتح تحقيق بشأن هذه الاتهامات، كما طلب من حكماء ومجلس مدينة مصراتة في غرب البلاد التدخل لوقفها. وأكد أن الأوضاع مستقرة وآمنة في سرت، مشيرا إلى أنه يرفض الضربات الجوية التي تعرضت لها مواقع مدنية، وقال: نحن ضد خروج أي قوة من سرت أو اجتياح المدينة. وطالب اللواء محمد الحداد قائد المنطقة العسكرية التابعة لحكومة السراج بتفعيل المؤسسة العسكرية والشرطة، لافتا إلى وجود نحو 3 آلاف عسكري في المدينة التي تسيطر عليها «قوة حماية وتأمين» تابعة لحكومة الوفاق، ونجحت بدعم أميركي في تحرير المدينة المعقل الرئيسي لـ«تنظيم داعش» عام 2016.
إلى ذلك، نفت القوات البحرية التابعة لحكومة السراج، معلومات تداولتها وسائل إعلام عن غرق أكثر من خمسين من المهاجرين غير الشرعيين قبالة الساحل الليبي، واعتبرت أنه أمر عار عن الصحة. وأوضحت في بيان لها أن عناصر حرس السواحل التي قامت على مدى اليومين الماضيين بعملية بحث استغرقت نحو 24 ساعة وشارك فيها زورقان وقارب مطاطي من القطاع الأوسط، لاكتشاف أن القارب بين حركة وتوقف. وأضافت: «وعليه فإننا نستغرب من الخبر غير الصادق بخصوص غرق المهاجرين غير الشرعيين، ونحن كبحرية وحرس السواحل ندرك أن هذا اصطياد في الماء العكر، ومحاولة للتشكيك في جهودنا الوطنية والإنسانية».
وفى وقت سابق أعلنت السلطات البحرية الليبية إنقاذ قارب مطاطي على متنه 71مهاجرا كلهم رجال، عثرت عليه إحدى دوريات البحث فجر أمس على بعد 45 ميلا شمال غربي الخمس. وقالت إن المهاجرين الذين ينتمون إلى دول السودان ومصر وفلسطين وسوريا وباكستان، تم تقديم المساعدة الإنسانية والطبية لهم والتواصل مع من يهمهم الأمر بغرض تسليمهم لأحد مراكز الإيواء بالمنطقة ولكن دون جدوى.



خدمة التوصيل تزدهر في صنعاء رغم تردي المعيشة

بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)
بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)
TT
20

خدمة التوصيل تزدهر في صنعاء رغم تردي المعيشة

بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)
بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)

برغم فشل غالبية مشاريع خدمة التوصيل في العاصمة اليمنية صنعاء بسبب غلاء المعيشة، فإن الطلب عليها لم يتوقف، ويستمر مئات الشباب في تقديمها خصوصاً في شهر رمضان، وتشهد الشوارع المزدحمة قبيل مغرب كل يوم سباقاً مع الوقت يخوضه الشباب العاملون في هذه الخدمة، معرضين حياتهم للخطر.

وغالباً ما تتسبب الدراجات النارية بالكثير من الحوادث المرورية في شوارع صنعاء، ويرفع العاملون في خدمة التوصيل منسوب هذه الحوادث نتيجة رغبتهم في توصيل أكبر عدد من الطلبات لزيادة مداخيلهم، والاستجابة لإلحاح زبائنهم المطالبين بسرعة وصول الوجبات من المطاعم ومستلزمات الوجبات المنزلية من الأسواق.

ويذكر عمار سعيد، وهو عامل توصيل على دراجة هوائية، أن عمله في هذه المهنة يتطلب هدوء أعصاب وتركيزاً شديداً وقدرة على الصبر والتحمل.

ويبين سعيد لـ«الشرق الأوسط» أن غالبية زبائنه يطلبون وصول الطعام بأقصى سرعة، ويستعجلونه خلال تنقلاته بإلحاح شديد وتذمر، ما قد يفقده التركيز أثناء قيادة دراجته، وكثيراً ما يكون مضطراً لتوصيل أكثر من طلب في الوقت نفسه في اتجاهات مختلفة.

عمال في شركة توصيل في صنعاء خلال حفل تكريم لهم (فيسبوك)
عمال في شركة توصيل في صنعاء خلال حفل تكريم لهم (فيسبوك)

وكانت خدمة التوصيل في العاصمة صنعاء ومدن أخرى قد شهدت ازدهاراً كبيراً منذ 5 أعوام بسبب حائجة كورونا (كوفيد 19) وما تسببت به من عزوف عن الاختلاط والخروج من المنازل، وهو ما دفع بعدد من المستثمرين إلى إنشاء شركات توصيل تستخدم تطبيقات على الهواتف المحمولة.

ويكشف مقيمون في العاصمة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أنه، وبرغم إيقاف العديد من شركات التوصيل نشاطها وتسريح العاملين فيها خلال الأعوام الماضية، فإن الخدمة ذاتها لم تتوقف، بل تشهد تزايداً نسبياً من خلال طلب العائلات والأفراد لها من شبان يتعاملون معهم باستمرار، إلى جانب توظيف المطاعم الكبيرة لعمال توصيل.

ثراء غير متوقع

يستغرب الكثير من المتابعين للوضع في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرة الجماعة الحوثية من ظهور وانتشار خدمة التوصيل، في حين يعاني غالبية السكان من أوضاع معيشية صعبة ومعقدة، ولا يملكون القدرة على شراء الطعام من المطاعم، ناهيك عن دفع المزيد من الأموال مقابل خدمة توصيله.

المطاعم والكافتيريات الشعبية تنتشر في غالبية شوارع وأحياء العاصمة صنعاء (خرائط جوجل)
المطاعم والكافتيريات الشعبية تنتشر في غالبية شوارع وأحياء العاصمة صنعاء (خرائط جوجل)

وبحسب هؤلاء، فإن العاصمة صنعاء تشهد اتساع رقعة البطالة وإغلاق العديد من الشركات التجارية وهروب أصحاب الأموال والاستثمارات، ولم يتبقَّ فيها إلا من لا يستطيع المغادرة لعدم مقدرته على ذلك، أو من لا يخشى على نفسه وممتلكاته من ممارسات الجماعة الحوثية.

إلا أن الباحث الاقتصادي اليمني عادل شمسان يشير إلى أن الإقبال على طلب خدمة التوصيل يأتي بسبب نشوء فئة واسعة تمكنت من الإثراء مستفيدة من الانقلاب والحرب، وهي الفئة التي تسيطر مظاهر ثرائها على المشهد في صنعاء من خلال ظهور أنواع جديدة من السيارات الفارهة والقصور الكبيرة وزيادة النشاط العمراني، مقابل اتساع دائرة الفقر والفاقة.

ويوضح شمسان لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الفئة الجديدة نشأت من خلال أعمال النهب المنظم، أو العشوائي، لموارد المؤسسات العامة وأعمال الجباية والإتاوات المفروضة على غالبية السكان، وابتزاز الشركات التجارية ورجال الأعمال والمستثمرين، وتكوين طبقة من المستثمرين الطفيليين الذين سعوا للإثراء من خلال الأموال المنهوبة أو بالشراكة الإجبارية مع أصحاب رؤوس الأموال.

شركة توصيل في صنعاء استخدمت الخيول قبل ثلاث سنوات للفت الانتباه (إكس)
شركة توصيل في صنعاء استخدمت الخيول قبل ثلاث سنوات للفت الانتباه (إكس)

ويرى مراقبون للشأن اليمني في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية أن هناك فئة أخرى تمكنت من الإثراء من خلال العمل أو النشاط في تقديم المساعدات الإغاثية، سواء مع المنظمات الدولية والأممية أو المحلية، وهو النشاط الذي يشهد فساداً واسعاً بحسب العديد من التقارير.

أطعمة جديدة

يعدّ انتشار خدمة التوصيل في صنعاء أمراً لافتاً، كون الأوضاع المعيشية فيها لا تؤهل لذلك، إلى جانب أن المطاعم الشعبية منتشرة في كل الشوارع والأحياء وبالقرب من جميع المساكن تقريباً، في حين يفضل غالبية السكان إعداد الطعام في المنازل.

تقول لبنى عقلان، وهي طبيبة أسنان، إنها وحتى سنوات قليلة مضت، لم تكن تطلب هذه الخدمة كما هي عليها الآن، وكانت تكتفي بالاتصال الهاتفي إلى الكافتيريا الموجودة في نفس البناية التي تقع فيها عيادتها لطلب الطعام، فيقوم أحد العاملين بإيصاله خلال دقائق معدودة.

انتشار مشاريع الطبخ في المنازل ساعد في انتشار خدمة التوصيل (الأمم المتحدة)
انتشار مشاريع الطبخ في المنازل ساعد في انتشار خدمة التوصيل (الأمم المتحدة)

لكن الأعوام الأخيرة شهدت، بحسب حديث عقلان لـ«الشرق الأوسط»، افتتاح مطاعم تقدم وجبات جديدة ومميزة، وهو ما يغري بطلب إيصالها بسبب ازدحام أوقات العمل وعدم القدرة على التنقل إليها والعودة بسرعة.

أما عصام شرف، وهو اسم مستعار لمعلم فيزياء في إحدى كبريات مدارس العاصمة صنعاء، فيلفت إلى أن طلبات توصيل الطعام تعدّ رفاهية لا يحصل عليها سوى من يملكون القدرة على ذلك، وقد حظي بها بسبب عملها في تقديم الدروس الخصوصية.

الإثراء بسبب الحرب والانقلاب والفساد أدى إلى انتشار واسع لمطاعم فارهة في صنعاء (خرائط جوجل)
الإثراء بسبب الحرب والانقلاب والفساد أدى إلى انتشار واسع لمطاعم فارهة في صنعاء (خرائط جوجل)

ووفق حديثه لـ«الشرق الأوسط»، فإن الطلاب الذين يقدم لهم الدروس الخصوصية، وغالبيتهم من عائلات ثرية، يطلبون الطعام لهم وله خلال جلسات الدراسة، فيحصل على وجبات لم يكن يفكر حتى بها بسبب أسعارها المرتفعة، وأحياناً يأخذ ما تبقى منها لعائلته في المنزل.

وتساعد مشاريع إعداد الطعام بالمنازل في استمرار خدمة التوصيل، حيث يعتمد أصحاب هذه المشاريع، وأغلبهم من النساء، على شبان يعملون على دراجات نارية أو هوائية في توصيل الطعام إلى الزبائن.