مصر تلاحق إردوغان بتحركات أممية وإعلامية

جددت المطالبة بمحاسبته على «دعم الإرهاب»... وفضائية محلية تستضيف غولن

TT

مصر تلاحق إردوغان بتحركات أممية وإعلامية

من خلال أربعة تحركات مباشرة وضمنية، كثفت مصر خلال الأيام القليلة الماضية من ملاحقاتها الدبلوماسية والإعلامية لنظام الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وفي حين جددت القاهرة مطالبتها للمنظمات الدولية بضرورة «محاسبته» على ما اتهمته به من «دعم الإرهاب وإيواء المتطرفين»، أطل معارضه الأبرز والأكبر فتح الله غولن ضيفاً على قناة محلية مصرية معدداً الاتهامات لغريمه التقليدي.
وخلال لقاء وزير الخارجية المصري سامح شكري، أول من أمس، مع جير بيدرسون مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، على هامش أعمال الدورة الـ74 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، شدد على «حتمية عدم التهاون في محاسبة الدول الإقليمية الراعية والداعمة للجماعات الإرهابية في سوريا».
وجاءت مطالبة شكري، بعد يوم واحد من بيان حاد ومباشر، وجهت من خلاله القاهرة، اتهامات عدة للرئيس التركي رجب طيب إردوغان، داعية المجتمع الدولي إلى «محاسبته» على ما وصفته الخارجية المصرية بـ«جميع جرائمه، وخصوصاً دعم الإرهاب، وإمداده بالسلاح، وإيواء المتطرفين، بالمخالفة لقرارات مجلس الأمن، وجرائمه ضد شعبه، وتعمد استهداف الأكراد، ما يدخل في مصاف الجرائم ضد الإنسانية التي لا تسقط بمرور الوقت».
وكان البيان المصري، في أعقاب إثارة إردوغان، في كلمته أمام اجتماعات الأمم المتحدة، الشكوك حول وفاة الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي الذي رحل في يونيو (حزيران) الماضي أثناء مثوله للمحاكمة، وردت السلطات المصرية مراراً، وعبر جهات مختلفة بعدم وجود شبهات بشأن الواقعة.
وزادت مصر في ردها، بتحريكه كخطاب رسمي إلى كل من رئيس الجمعية العامة وسكرتير عام الأمم المتحدة، ضد إردوغان، مع إشارة إلى التنديد بسياساته الخارجية، التي قالت القاهرة صراحة إنها تتضمن «رعاية للإرهاب في سوريا، ودعماً للميليشيات المُسلحة المتطرفة في ليبيا»، فضلاً عن «جرائمه ضد شعبه، وبحق الأكراد».
وخفضت القاهرة وأنقرة علاقاتهما الدبلوماسية منذ عام 2013 بسبب موقف الرئيس التركي المناهض لـ«ثورة 30 يونيو» التي أطاحت بحكم مرسي، بعد احتجاجات شعبية واسعة ضد استمراره في الحكم، وإطلاق إردوغان عدداً من التصريحات التي اعتبرتها مصر «عدائية»، وقررت على أثرها استدعاء سفيرها إلى القاهرة، وطرد سفير أنقرة.
ورأى مدير المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير عزت سعد، أنه «رغم أن الرد المصري على الدعاية السلبية والمتواصلة من الدوحة وأنقرة ليس متغيراً في السياسة الخارجية للقاهرة؛ فإن تكثيف الرد، وآلياته المتنوعة، والدعوات لمحاسبة إردوغان يمكن اعتبارها ظواهر لافتة، خصوصاً أنها تتواكب مع مناسبة مهمة يتابعها العالم وهي الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة».
وأشار سعد إلى أن «سياسة الرئيس التركي تتسم بقدر كبير من الجموح والجنوح حيال دول الجوار، الأمر الذي يستوجب استخدام طرق متنوعة لإظهار صلابة ومتانة الموقف المصري، ومحاولة الحشد الدولي له عبر المحافل الإقليمية والأممية».
ملاحقة مصرية أخرى لإردوغان، جاءت عبر الإعلام، حيث استضافت فضائية «TEN» المحلية المصرية المعارض البارز فتح الله غولن، الذي فتح النار على الرئيس التركي متهماً إياه بـ«استغلال الشعارات الدينية من أجل شرعنة الفساد في البلاد».
وقال مقدم برنامج «بالورقة والقلم» نشأت الديهي، الذي استضاف غولن، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن «فريق العمل بذل محاولات منذ فترة لاستضافة المعارض التركي الكبير، لكن موافقته جاءت بعد ظهور إردوغان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وشنه هجوماً على مصر عبر محافل مختلفة في نيويورك».
وتستضيف تركيا قنوات فضائية مناوئة للحكم في مصر، فيما تحتضن عدداً من قيادات جماعة الإخوان المطلوبين للقاهرة.
ولم تكن تحركات القاهرة والظهور الإعلامي لغولن، بمعزل عن إشارة أعلنها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي أكد فيها «ضرورة محاسبة داعمي الإرهاب بالمال أو السلاح، أو بتوفير الملاذات الآمنة، أو المنابر الإعلامية، أو التورط في تسهيل انتقال وسفر الإرهابيين».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».