هل أثّر غوارديولا على كرة القدم الإنجليزية؟

فرق بدأت تستخدم خططاً تكتيكية مبتكرة مستمدة من أسلوب المدير الفني الإسباني

بعض الفرق الإنجليزية تنفذ خطة لعب مانشستر سيتي (رويترز)  -  كريس وايلدر مدرب شيفيلد يونايتد ينفذ تقريباً تكتيك غوارديولا
بعض الفرق الإنجليزية تنفذ خطة لعب مانشستر سيتي (رويترز) - كريس وايلدر مدرب شيفيلد يونايتد ينفذ تقريباً تكتيك غوارديولا
TT

هل أثّر غوارديولا على كرة القدم الإنجليزية؟

بعض الفرق الإنجليزية تنفذ خطة لعب مانشستر سيتي (رويترز)  -  كريس وايلدر مدرب شيفيلد يونايتد ينفذ تقريباً تكتيك غوارديولا
بعض الفرق الإنجليزية تنفذ خطة لعب مانشستر سيتي (رويترز) - كريس وايلدر مدرب شيفيلد يونايتد ينفذ تقريباً تكتيك غوارديولا

في إحدى المواجهات بدوري الدرجة الثانية الإنجليزي، سجل فريق روتشديل هدفاً رائعاً في مرمى منافسه ساوثيند، بعد تمرير الكرة 16 مرة بشكل سريع. وكما هو الحال في هذه الأيام، لم تعد مقاطع الفيديو التي يتم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي تقتصر على الأهداف الجميلة التي يتم تسجيلها، لكنها تمتد الآن لتشمل مهارات اللاعبين في التمرير، وهو الأمر الذي أدى إلى حالة من الجدل حول الطريقة التي يعتمد عليها المدير الفني لمانشستر سيتي جوسيب غوارديولا، والتي تعتمد في المقام الأول على الاستحواذ المتواصل على الكرة.
ولتحليل هذه الأمور بإيجاز قدر الإمكان، قام شخص ما بنشر تغريدة على موقع «تويتر» قال فيها: «من يقول إن غوارديولا ليس له تأثير على كرة القدم الإنجليزية؟» وقام البعض بانتقاد المدير الفني الإسباني وقالوا إنه لم يتمكن من الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا منذ عام 2011، وفي ضوء هذا النقاش المحتدم أشار البعض إلى أن غوارديولا لم يعمل إلا مع الأندية الغنية المكدسة بالنجوم والتي يحصل فيها على خدمات أي لاعب يريده، وبالتالي تكون الأمور سهلة بالنسبة له. لكن بريان باري ميرفي، المدير الفني لنادي روتشديل، الذي يلعب في دوري الدرجة الثانية بإنجلترا، يطبق الطريقة التي يعتمد عليها غوارديولا رغم الإمكانيات المحدودة.
لقد كان غوارديولا في طليعة المديرين الفنيين الذين أحدثوا هذه الثورة في عالم كرة القدم، حيث يجعل المدير الفني الإسباني لاعبي فريقه المكون من 11 لاعبا يقتربون من بعضهم البعض داخل الملعب وكأنهم يلعبون كرة الصالات المكونة من خمسة لاعبين، وأصبحت اللعبة تعتمد في المقام الأول على التمرير السريع والاستحواذ على الكرة، وعلى المهارات الفنية وخلق المساحات، بعد أن كانت تعتمد في السابق على القوة البدنية والالتحامات الهوائية.
إن الطريقة التي تلعب بها هذه الأندية تعكس ما يمكن القيام به، كما تعكس تغيير المفاهيم في عالم كرة القدم. وقد أدى هذا، إلى جانب عدم التوازن في الموارد المالية بين الأندية، إلى أن نرى بعض المباريات التي يستحوذ فيها ناد على الكرة بنسبة كبيرة للغاية وبطريقة لم نكن نراها من قبل. لكن غوارديولا يمكنه القيام بذلك لأن الظروف ملائمة تماما له.
ويمكن القول إن كرة القدم قد تغيرت في عام 2008، وقبل ذلك بأربعة عشرة عاما، شهدت مراحل خروج المغلوب في دوري أبطال أوروبا معدلا تهديفيا يصل إلى ثلاثة أهداف في المباراة الواحدة مرتين؛ لكن في الـ11 عاما التالية منذ عام 2008، لم يكن معدل الأهداف في مراحل خروج المغلوب لدوري أبطال أوروبا أقل من ثلاثة أهداف في المباراة سوى مرة واحدة فقط. ويجب الإشارة إلى أن عام 2008 كان هو العام الذي دخل فيه غوارديولا عالم التدريب، ومن المؤكد أنه مسؤول عن زيادة معدل الأهداف بهذا الشكل، لكنه ليس مسؤولا مسؤولية كاملة.
ومنذ كأس العالم 1990 وما بعده، تم تعديل قوانين كرة القدم، بحيث تصبح اللعبة أكثر مرونة، ومنعت القوانين الجديدة حراس المرمى من الإمساك بالكرة التي يمررها لهم زملاؤهم، وتم فرض عقوبات صارمة بشأن عرقلة اللاعبين من الخلف، كما تم تعديل القوانين الخاصة بالتسلل. وبحلول عام 2008، كانت كل هذه العوامل موجودة بالفعل وكانت اللعبة جاهزة تماما لأي رؤى سلبية تقود الثورة في عالم كرة القدم.
وبينما تهتم الأندية الكبرى بمحاولة اللحاق بركب غوارديولا واللعب بنفس الطريقة، التي تعتمد على الاستحواذ على الكرة والضغط المتواصل على الفريق المنافس، فإن البيئة التي شجعت غوارديولا على اللعب بهذه الطريقة لا تزال قائمة وتؤدي إلى الابتكار على جميع المستويات. لكن ربما يكون الأمر الأكثر إثارة للدهشة في هذا الصدد هو الطريقة التي يلعب بها شيفيلد يونايتد، والتي تعتمد على تقدم قلبي الدفاع للأمام في الوقت الذي يغطي فيه لاعبون آخرون خلفهما.
في البداية، يجب الإشارة إلى أن فكرة تقدم المدافعين للأمام ليست جديدة، وقد شاهدناها من قبل بأشكال وطرق تكتيكية مختلفة، بدءا من طريقة اللعب التي كانت تعتمد على تقدم المدافعين في الثلاثينات من القرن الماضي مرورا بطريقة الليبرو التي كان يعتمد عليها فرانز بيكنباور ووصولا إلى الطريقة التي كان يعتمد عليها المدير الفني الهولندي لويس فان غال في التسعينات من القرن الماضي، بحيث كان أحد قلبي الدفاع يقوم بدور صانع الألعاب، لأن هذا هو المركز الوحيد في الملعب الذي يمكن اللاعب من خلاله أن يحصل على الوقت الكافي لرؤية الملعب والتفكير بهدوء في التمرير للأمام.
وبالمثل، فإن الفكرة القائلة بأن قلبي الدفاع يجب أن يلعبا وكأنهما لاعبا خط وسط، من خلال اللعب على أطراف الملعب والسماح بإدخال عنصر السرعة بشكل مفاجئ نتيجة الاندفاع للأمام من عمق الملعب، أصبحت فكرة تقليدية في واقع الأمر. لكن دمج هاتين الطريقتين معا، بالشكل الذي يفعله وايلدر مع شيفيلد يونايتد، يعد أمرا مذهلا.
ويلعب شيفيلد يونايتد بطريقة 3 - 5 - 2 على أن يكون لاعب الارتكاز في الثلاثة مدافعين، وهو جون إيغان، نقطة ثابتة يتحرك من جانبه المدافعان الآخران - كريس باشام وجاك أوكونيل - وينطلقان للأمام بعيدا عن ظهيري الجنب أو الظهيرين الجناحين، جورج بالدوك وإندا ستيفنز، اللذين يمكنهما الدخول لعمق الملعب. ويوفر خط الوسط المكون من ثلاثة لاعبين - أوليفر نوروود وجون لوندسترام وجون فليك، أو الوافد الجديد لوك فريمان - التغطية الدفاعية عند تقدم المدافعين للأمام. ولا يكتفي لاعبو خط الوسط بتقديم التغطية الدفاعية، لكن يكون لديهم مهام هجومية واضحة، وخير دليل على ذلك أن نوروود وفليك قد صنعا فيما بينهما 18 هدفا الموسم الماضي.
يبدو أن هذه الفكرة قد انبثقت في البداية من ذهن آلان نيل مساعد مدرب شيفيلد يونايتد كريس وايلدر. وفي دوري الدرجة الثانية في موسم 2016 - 2017 كان شيفيلد يونايتد غالبا ما يتعثر أمام الفريق التي تلعب بشكل دفاعي بحت ويقف جميع لاعبيها خلف الكرة. ونظراً لأن مدافعي شيفيلد يونايتد في هذه الحالة لا يكون لديهم الكثير من الأشياء للقيام به لأن الفريق المنافس لا يهاجم ويكتفي بالدفاع، فقد فكر نيل في الطريقة التي يمكن من خلالها الاستفادة من مدافعي فريقه في تقديم الدعم الهجومي لزملائهم.
وسيكون هناك المزيد من التعديلات على طريقة اللعب، حيث كان محور الارتكاز أكثر حذرا مما كان عليه الموسم الماضي. لكن يجب الإشارة أيضا إلى أن الحل الذي لجأ إليه وايلدر ونيل لمواجهة التكتل الدفاعي للفرق المنافسة لم يكن ممكنا في الماضي. لقد أصبحت كرة القدم أسرع من أي وقت مضى، ولم تعد تعتمد على القوة البدنية فقط كما كان في السابق. إن البيئة التي شجعت غوارديولا على البحث عن طريقة تعتمد بالكامل على الاستحواذ على الكرة هي نفسها التي ألهمت وايلدر ونيل على البحث عن طرق جديدة وإعادة نشر اللاعبين داخل الملعب بالطريقة التي تحقق للفريق نتائج إيجابية في نهاية المطاف. وإذا عدنا إلى السؤال الذي طرحناه في بداية هذا المقال: هل غير غوارديولا كرة القدم؟ فإن الإجابة ستكون: نعم، لكن كرة القدم كانت جاهزة للتغيير عندما قام بذلك.


مقالات ذات صلة

بيتزي يعلن التشكيلة النهائية للكويت في «خليجي 26»

رياضة عربية خوان أنطونيو بيتزي (أ.ف.ب)

بيتزي يعلن التشكيلة النهائية للكويت في «خليجي 26»

استقر الأرجنتيني خوان أنطونيو بيتزي، مدرب الكويت، على استبعاد الرباعي: سعود الحوشان ومهدي دشتي ومنتصر عبد السلام وخالد الخرقاوي من القائمة المبدئية التي أعلنها.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
رياضة عالمية باولو فونسيكا (أ.ف.ب)

مدرب ميلان منتقداً لاعبيه: افتقدنا اتخاذ القرار المناسب

انتقد باولو فونسيكا، مدرب ميلان، سوء اتخاذ لاعبيه القرار المناسب عند اللمسة الأخيرة خلال تعادلهم دون أهداف في ميلانو مع جنوة، بدوري الدرجة الأولى الإيطالي.

«الشرق الأوسط» (ميلان)
رياضة عالمية سيموني إنزاغي (أ.ف.ب)

إنزاغي مدرب إنتر ميلان يستعد لمواجهة «المشاعر» أمام لاتسيو

يستعد سيموني إنزاغي مدرب إنتر ميلان لمباراة مشحونة بالعواطف عندما يواجه فريقه لاتسيو اليوم الاثنين.

«الشرق الأوسط» (ميلان)
رياضة عالمية إنزو ماريسكا (رويترز)

ماريسكا: تشيلسي يجب أن يتعلم كيفية التعامل مع المواقف العصيبة

قال إنزو ماريسكا، مدرب تشيلسي، إن فريقه يجب أن يدير المباريات بشكل أفضل، ويتعلم كيفية التعامل مع المواقف العصيبة، بعد طرد مارك كوكوريا في نهاية الفوز 2-1.

«الشرق الأوسط» (تشيلسي)
رياضة عالمية لويس إنريكي (رويترز)

إنريكي يُشيد بأداء سان جيرمان بعد الفوز على ليون

أشاد لويس إنريكي، مدرب باريس سان جيرمان، بسيطرة فريقه على المباراة وجودته، خلال الفوز على أولمبيك ليون، أمس الأحد.

«الشرق الأوسط» (باريس)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».