تسليم أربيل 90 معتقلاً يجدد جدل «إخفاء العرب» في كركوك

TT

تسليم أربيل 90 معتقلاً يجدد جدل «إخفاء العرب» في كركوك

سلّمت سلطات إقليم كردستان العراق، أمس، إلى السلطات الاتحادية والأجهزة الأمنية في محافظة كركوك، 90 معتقلاً يعتقد أن معظمهم من العرب وتشير تسريبات إلى اتهامهم بالعمل مع تنظيم «داعش» وجماعات إرهابية أخرى.
ويأتي إجراء الإقليم في ظل اتهامات متواصلة من عرب كركوك له بـ«سجن وتغييب» آلاف المواطنين العرب، كما يأتي بعد عشرة أيام من إعلان وزارة الداخلية في كردستان نفيها «الادعاءات السياسية» بوجود آلاف المعتقلين العرب من سكان كركوك وغيرهم في سجون الإقليم. وأبدت استعدادها لفتح سجون الإقليم أمام المنظمات الإنسانية والحقوقية الدولية والمحلية للتحقق من ذلك.
وأكد عضو مفوضية حقوق الإنسان العراقية علي البياتي، خبر تسلم الجهات الأمنية في كركوك المعتقلين التسعين من سلطات الإقليم للتدقيق الأمني وإحالة ملفهم إلى القضاء في حال وجود قضايا تدينهم.
وقال البياتي لـ«الشرق الأوسط» إن «مكتب المفوضية في كركوك استقبل شكاوى من الأهالي عن 835 حالة فقدان، ضمنها 100 حالة من المكون التركماني و4 حالات من الكرد والباقي من العرب، قبل أكتوبر (تشرين الأول) 2017، في إشارة إلى التاريخ الذي فرضت فيه القوات الاتحادية سيطرتها على كركوك بعد هيمنة القوى الكردية عليها منذ عام 2003.
واستغرب المتحدث باسم المجلس العربي في كركوك حاتم الطائي من «عدم وجود أسماء المطلق سراحهم ضمن قوائم المفقودين العرب الموجودة لدى المجلس وعددهم يناهز 1200 معتقل في الإقليم». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا يؤكد وجود أعداد كبيرة من المعتقلين العرب في سجون الإقليم غير موجودين في لوائح المفقودين التي لدينا، كما أنه يكشف عن عدم صدق وزارة داخلية الإقليم حين نفت وجود أي معتقل عربي لديها».
ورداً على ما يقوله ساسة ومسؤولون أكراد عن أن المعتقلين متهمون بقضايا إرهاب وموجودون في سجن سوسة التابع للحكومة الاتحادية رغم وقوعه في كردستان، يقول الطائي: «نعم. سجن سوسة تابع للحكومة الاتحادية، لكن الظاهر أنها غير مسيطرة على أي مفصل أمني في الإقليم، ثم إنه ليس من مسؤوليتنا اتهام أو تبرئة الناس، إنما نريد أن نعرف مصيرهم استناداً إلى شكاوى ذويهم الذين من حقهم معرفة مصير أبنائهم حتى لو كانوا متهمين». وأكد أن «العرب في كركوك أرسلوا قوائم بأسماء المفقودين إلى الإقليم لكنه لم يقدّم أي إجابة عليها».
في المقابل، نفى عضو مجلس محافظة كركوك عن حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» أحمد عسكري وجود معتقلين ومغيبين في سجون الإقليم. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «ليست لدي معلومات متكاملة عن وجبة التسعين التي سلمت للسلطات الاتحادية، لكنني أعرف أن جميع الموقوفين في الإقليم متهمون وفق المادة 4 إرهاب بالعمل مع (داعش)».
وأكد وجود أكراد متهمين بالإرهاب أيضاً في سجون الإقليم، مشيراً إلى أن «سجن سوسة الموجود في محافظة السليمانية فيه معظم المعتقلين على خلفية تهم إرهاب من العرب والتركمان والأكراد، وكان مسؤول (داعش) الأول في قضاء الحويجة بكركوك من أصول كردية ومن أهالي حلبجة. هناك معتقلون أكراد بتهم إرهاب حتى من داخل بعض الأحياء الكردية في كركوك».
وعن أسباب تسليم حكومة الإقليم بعض المعتقلين لديها، رجح عسكري أن تكون الخطوة «تلافياً للانتقادات والاتهامات التي تطلقها الجهات العربية». وكشف أن «المعتقلين في كردستان ليسوا من محافظة كركوك حصراً، إنما من محافظات وتوجهات مختلفة، بعضهم ألقي القبض عليه في إقليم كردستان على خلفية مذكرات قبض صادرة من بغداد، وبعضهم تسلل مع موجات النازحين التي وصلت للإقليم بعد 2014».



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.