استطلاع دولي يكشف التوجه نحو الانتقال من الفصول إلى «شبكات التعليم»

«وايز» تخص «الشرق الأوسط» برؤى الخبراء حول مدارس 2030

مؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم (وايز) لعام 2014  -  أحد الرسوم البيانية التي خرجت عن استطلاع الرأي الأخير والتي تظهر دور المعلم المتوقع في عام 2030
مؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم (وايز) لعام 2014 - أحد الرسوم البيانية التي خرجت عن استطلاع الرأي الأخير والتي تظهر دور المعلم المتوقع في عام 2030
TT

استطلاع دولي يكشف التوجه نحو الانتقال من الفصول إلى «شبكات التعليم»

مؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم (وايز) لعام 2014  -  أحد الرسوم البيانية التي خرجت عن استطلاع الرأي الأخير والتي تظهر دور المعلم المتوقع في عام 2030
مؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم (وايز) لعام 2014 - أحد الرسوم البيانية التي خرجت عن استطلاع الرأي الأخير والتي تظهر دور المعلم المتوقع في عام 2030

اختص مؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم (وايز)، المبادرة العالمية الرائدة في دعم الابتكار والتعاون في مجال التعليم، «الشرق الأوسط» للانفراد كأول وسيلة إعلام عربية بالكشف عن نتائج الاستطلاع الذي أجراه بين أوساط خبراء مجتمع «وايز» العالمي، من أجل الاطلاع على وجهات نظرهم حول ما ستبدو عليه المدارس في عام 2030.
وتناول الاستطلاع بعضا من القضايا المتعلقة بآفاق التعليم عبر طرحه لمجموعة من الأسئلة، من ضمنها «هل أصبح المعلمون وسيلة تعليم قديمة؟»، و«هل سيحل محتوى الإنترنت محل المدارس التقليدية؟»، و«هل ستكون هناك لغة عالمية واحدة للتعليم؟»، و«هل ينبغي على المدارس أن تركز على المهارات الشخصية أكثر من المعرفة الأكاديمية؟»، و«هل ستصبح الشهادات الممنوحة من قبل الشركات الخاصة معادلة للشهادات الأكاديمية الرسمية؟».
وتمت دعوة 5 شخصيات عالمية رائدة في مجال التعليم للتعليق على النتائج وتقديم تحليلاتهم، حيث شارك بالمناقشات والاستطلاع البروفسور والفيلسوف الأميركي نعوم تشومسكي، الأستاذ الفخري بجامعة «إم آي تي» الأميركية. والسيدة جوليا جيلارد رئيسة وزراء أستراليا السابقة، وكانت سابقا وزيرة للتعليم، والرئيسة الحالية لمبادرة الشراكة العالمية للتعليم. والبروفسور سوغاتا ميترا، أستاذ التقنية التدريسية في جامعة نيوكاسل البريطانية. والسيد جون مهافي، رئيس مجلس الإدارة السابق ومؤسس جمعية المستقبليون المهنية، والتي تهتم بأبحاث ودراسات المستقبل. والدكتور ياسر جرار، القائد الشاب في المنتدى الاقتصادي العالمي (سويسرا)، والأستاذ المساعد في كلية هولت الدولية للأعمال.
وقد كشفت النتائج الرئيسة عن توقعات بخضوع أنظمة التعليم إلى تغييرات كبيرة ستجعل من المدارس بيئات تفاعلية تسهم فيها الابتكارات التكنولوجية والمناهج الدراسية المتطورة في إحداث تحول جذري في دور المعلمين وإعادة تشكيل مشهد التعلم.
كما بدا واضحا في الدراسة أن هناك توافقا قويا في الآراء حول أهمية الابتكار كجزء لا يتجزأ من مستقبل التعليم. وأجمع غالبية الخبراء بنسبة 93 في المائة على أنهم يفضلون المدارس التي تطبق أساليب مبتكرة ترتكز على منهجيات تعليم حديثة ووسائل خلاقة.
ويتوقع خبراء مجتمع «وايز» أن تتطور المدارس إلى شبكات للتعلم، حيث ستعمل الموارد المتوفرة عبر الإنترنت والتقنيات بدعم التواصل والحوار وتبادل المعارف بين الأقران، مما سيسهل الانتقال إلى نموذج التعلم المشترك. وأظهر الاستطلاع أن قرابة نصف الخبراء، بنسبة 43 في المائة، يعتقدون أن توفير المحتوى سيجري في الغالب عن طريق منصات الإنترنت، في حين اعتبر 29 في المائة فقط أن تشكل المدارس التقليدية المصدر الأساسي للمعرفة. هذا وقد شدد الخبراء على أن الابتكار يأخذ أشكالا عديدة، ولا يقتصر فقط على التكنولوجيا. كما أن 75 في المائة منهم يعتقدون أن المهارات الشخصية والتفاعلية ستشكل الأصول الأكثر قيمة في عام 2030، بينما يرى 42 في المائة منهم أن المعرفة الأكاديمية ستبقى مصدرا معرفيا قيما للمتعلمين.
وفي سياق متصل، توقع 83 في المائة من الخبراء أن يصبح المحتوى أكثر تخصيصا ليعكس الاحتياجات الفردية للطلاب، فضلا عن توقعات أخرى بارزة في الاستطلاع بتطور دور المعلم ليصبح وسيطا مساعدا للتعلم بدلا من أن يكون محاضرا. كما اتفق الخبراء أيضا على أن الوجود المادي والتفاعل البشري سيبقى شكلا من أشكال التعليم التي لا يمكن الاستغناء عنها في المستقبل. ومن ناحية أخرى، شهد الاستطلاع تباينا واضحا في وجهات النظر حول قضية الشهادات والتقييم، حيث قال 39 في المائة إن الشهادات الأكاديمية ستبقى الركيزة الأكثر أهمية في عمليات التقييم، بخلاف ثلث المستطلعين (37 في المائة) الذين يرون أن الشهادات الاحترافية الخاصة التي تقيّم قدرات عديدة مثل الإدارة والتعاون والإبداع، ستلعب دورا أكثر أهمية.
ويذكر أن «استطلاع مدارس عام 2030» أجري على مدار فترة امتدت من 3 إلى 30 يونيو (حزيران) 2014، وشمل 645 من خبراء مجتمع «وايز» العالمي، الذي يضم أكثر من 15 ألف عضو. وتنشر «الشرق الأوسط» نتائج الاستطلاع قبل مؤتمر «وايز» 2014، الذي سيعقد في العاصمة القطرية الدوحة، من 4 إلى 6 نوفمبر (تشرين الثاني) 2014 بمشاركة 1500 عضو من مجتمع «وايز» لمناقشة موضوع «تعلّم - تخيل - ابتكر: من أجل الإبداع في التعليم».
كما يذكر أن مؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم (وايز) تأسس في عام 2009 من قبل مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع. ويمثل مؤتمر (وايز) مبادرة دولية متعددة القطاعات تتيح التفكير الخلاق والنقاش والعمل الهادف من أجل بناء مستقبل التعليم من خلال الابتكار. ومن خلال قمته السنوية ومجموعة مبادراته المستمرة، يعد مؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم (وايز) مرجعا عالميا لمنهجيات التعليم الحديثة. وسوف تقام فعاليات مؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم (وايز) لعام 2014 في الفترة من 4 إلى 6 نوفمبر (تشرين الثاني) في العاصمة القطرية الدوحة.
وقبل أيام، أعلن مؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم، عن 6 مشاريع فائزة بجوائزه السنوية لعام 2014. وتنتمي المشاريع التعليمية المبتكرة الـ6 لهذا العام إلى كل من أستراليا ومصر وفنلندا والهند والأردن وبيرو. ونجحت المشاريع الـ6 الفائزة هذا العام في التأهل من بين 15 مشروعا وصلت إلى مرحلة التصفيات النهائية، والفضل بذلك يعود لمقاربتها المبتكرة في مجال التعليم وأثرها الإيجابي على المجتمع، وقالت «وايز» إن المشاريع الفائزة لهذا العام تعالج عددا من التحديات المرتبطة بالاستفادة من فرص التعليم ومحو الأميّة والإبداع والتوظيف.



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.