5 تحديات أمام تعزيز مكانة اللغة العربية

5 تحديات أمام تعزيز مكانة اللغة العربية
TT

5 تحديات أمام تعزيز مكانة اللغة العربية

5 تحديات أمام تعزيز مكانة اللغة العربية

تتنوع آراء الباحثين والمهتمين حول أسباب تراجع مكانة اللغة العربية في بيتها واتساع رقعة استخدام اللغات الأجنبية بين أبناء الجيل الجديد على وجه التحديد. هناك من يقول إنها أزمة مرحلة، وهناك من يعتقد أنها أزمة لغة لا تستطيع مواكبة المستجدات العالمية، وهناك من يجزم أنها لا هذا ولا ذاك بل هي أزمة جيل انسلخ عن ثقافته لصالح ثقافات أخرى.
مبادرة «لغتي» التي أطلقها الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، بهدف تعليم اللغة العربية للأطفال والشباب بوسائل حديثة وجذابة، تطرح وعلى لسان مديرتها بدرية آل علي تصوراً آخر وأكثر عملية لمشكلة اللغة العربية، وتشير إلى أن هناك جملة من التحديات التي يمكن تخطيها، تقف حاجزاً بين اللغة بكل تجلياتها من ناحية والجيل الجديد من ناحية أخرى.
وتقول آل علي إن «الحديث عن أهمية سيادة اللغة العربية في بلدها وبين أهلها، لا يعني مقاطعة اللغات الأخرى وعدم تعلمها، فهذا أمر غير ممكن وليس منطقياً في زمن العولمة وانفتاح الثقافات ونشأة جيل مدفوع بحب المعرفة والاستكشاف. نحن لا نريد للغات الأجنبية أن تلغي لغتنا العربية أو تشوهها، بل نريد أن تكون لنا بصمتنا الفريدة للتأثير في الثقافات الأخرى وليس التأثر بها، والبصمة الفريدة تعني اللغة والثقافة والهوية بطبيعة الحال».
وبحسب آل علي، هناك تحديات كثيرة في مواجهة مهمّة استعادة مكانة اللغة العربية والحفاظ عليها، وهي مهمّة لا تقع على عاتق جهة دون أخرى، بل إن التنسيق إلى جانب الشراكة يشكلان شرطاً لإنجاحها.
وفي مقدمة هذه التحديات تبرز العائلة بوصفها المعلم الأول للفرد وصانع لغته ووجدانه وثقافته. من دون قصد وبحسن نية، يلجأ الآباء والأمهات إلى مخاطبة أبنائهم باللغة الأجنبية، معتقدين بذلك أنهم يجهزون الأبناء للمستقبل الذي لا يفتح ذراعيه إلا لمن يتقن اللغة الأجنبية.
التحدي الأول: بين الاستعداد للوظيفة والاستعداد للحياة
هنا تبرز إشكالية كبيرة، وهي أن تفضيل اللغة الأجنبية من قبل الأهل يأتي في إطار الإعداد للوظيفة، بينما يأتي الاهتمام باللغة - الأم بالمقابل في سياق الإعداد للحياة وفهم ثقافة المجتمع وبناء علاقات ناجحة في سياقه، بل يعتبر شرطاً للنمو الوجداني والعقلي السليم بحيث تكون الثقافة المحلية نافذة لفهم الثقافات الأخرى وأداة لتحليلها والاستفادة منها. وتقول آل علي: «تعليم الأطفال اللغة الأجنبية يجب ألا يجعلهم متلقين سلبيين للثقافات الأخرى، في المقابل من المهم تعليمهم الحفاظ على الثقافة واللغة العربية التي تحفز لديهم الحس النقدي بحيث يصبحون قادرين على التمييز بين ما ينفعهم وما يضرهم من الثقافات الأخرى».
وتضيف: «الكثير من الوظائف اليوم بأمسّ الحاجة للغة العربية السليمة وهي تشكل نسبة كبيرة من القطاعات الاقتصادية النامية مثل الإعلام والنشر والترجمة والسياسة والعمل في منظمات المجتمع المدني، حتى الشركات العالمية الكبرى تبحث عمن يتقن اللغة العربية لتسهيل مهمتها في مخاطبة جمهورها مثل غوغل ومايكروسوفت وعلي بابا على سبيل المثال للحصر».
التحدي الثاني: المنهاج الدراسي بين الاستهلاك والإنتاج
إذا كانت العائلة مهد وجدان اللغة، فالمدرسة والجامعة تشكلان مهداً لقواعدها واحتراف تذوق جماليتها. وعلى الرغم من هذه الوظيفة الجوهرية للمؤسسة الأكاديمية، فإن مساحة المناهج باللغة العربية في تراجع دائم ليحل محلها أخرى بلغات أجنبية، وتوضح بدرية آل علي أهمية استعادة مكانة اللغة العربية بين المناهج التعليمية بالقول: «الأكاديميون من مدرسين وعاملين في قطاع المعارف يدركون أكثر منا أهمية اللغة الأم لبناء جيل منتج ومبتكر يترك بصمته العلمية والإنتاجية على ساحة الفعل العالمي».
التحدي الثالث: معايير اجتماعية خاطئة
ترافقت العولمة مع انتشار بعض المعايير الخاطئة في بعض المجتمعات، من نوع أن الحديث باللغة الأجنبية دلالة على التحضر والرقي، وتعلق مديرة مبادرة لغتي على هذه الظاهرة بالقول إن «هذه المعايير بعيدة كل البعد عن الحقيقة وتفتقر لأدنى الشروط العلمية». وتشير إلى أن الحديث باللغة الأجنبية ليس دلالة على الرقي والتحضر كون هاتين الصفتين هما تجسيد للأخلاق والسلوك والمواقف الإنسانية ولا علاقة لهما بطريقة النطق أو اللغة أو إتقان لكنة أجنبية ما.
التحدي الرابع: البعد عن الكتاب... بعد عن اللغة
يشكل ضعف الإقبال على قراءة الكتب باللغة العربية على وجه التحديد مشكلة، ليس على مستوى اللغة فقط بل على المستويات كافة، وفي مقدمتها المعرفة وتشكيل الوجدان والذائقة الفنية والحس النقدي. ترافق هذه الظاهرة زيادة في الإقبال على الكتب باللغات الأجنبية وخاصة الإنجليزية بين أوساط الشباب من خريجي الجامعات الأجنبية. ومن الملاحظ أيضاً أن الكتب الأجنبية الخفيفة والبعيدة عن التحليل أو الخالية من الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية باتت هي السائدة تحت تأثير ثقافة تصفها بدرية آل علي بأنها ثقافة القراءة للمتعة وليس للاستفادة، أو القراءة من أجل الفائدة اللحظية والفردية والسريعة في آن واحد.



انطلاق الدورة الـ19 لـ«البابطين الثقافية» بمضاعفة جوائز الفائزين

وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)
وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)
TT

انطلاق الدورة الـ19 لـ«البابطين الثقافية» بمضاعفة جوائز الفائزين

وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)
وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)

كرمّت «مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين الثقافية»، صباح اليوم (الأحد)، الفائزين بجوائز الدورة الـ19 للجائزة، مع انطلاق هذه الدورة التي حملت اسم مؤسس وراعي الجائزة الراحل عبد العزيز سعود البابطين، تخليداً لإرثه الشعري والثقافي.

وأُقيم الاحتفال الذي رعاه أمير الكويت، الشيخ مشعل الأحمد الصباح، في مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، بحضور (ممثل أمير البلاد) وزير الإعلام والثقافة وزير الدولة لشؤون الشباب عبد الرحمن المطيري، ومشاركة واسعة من الأدباء والمثقفين والسياسيين والدبلوماسيين وأصحاب الفكر من مختلف أنحاء العالم العربي، كما حضر الحفل أعضاء المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.

جانب من حضور دورة الشاعر عبد العزيز سعود البابطين (الشرق الأوسط)

وقال وزير الثقافة والإعلام الكويتي، عبد الرحمن المطيري، في كلمته، إن هذا الملتقى «الذي يحمل في طياته عبق الشعر وأريج الكلمة، ليس مجرد احتفالية عابرة، بل هو تأكيد على أن الثقافة هي الروح التي تحيي الأمم، والجسر الذي يعبر بنا نحو مستقبل زاخر بالتسامح والتعايش والمحبة».

وأضاف: «إن لقاءنا اليوم ليس فقط تكريماً لمن أبدعوا الكلمة وشيَّدوا صروح الأدب، بل هو أيضاً دعوة لاستلهام الإرث الثقافي الكبير الذي تركه لنا الشاعر الراحل عبد العزيز سعود البابطين (رحمه الله)، والذي كان، وسيبقى، قامة ثقافية جمعت بين جمال الكلمة وسمو الرسالة... رسالة تُعبِّر عن القيم التي تجمع بين الحضارات. ومن هنا جاءت مبادراته الرائدة، التي عرَّف من خلالها الشرقَ بالشعر العربي، وقدَّم للغرب بُعدَه الإنساني، جاعلاً من الشعر جسراً يربط القلوب، ومفتاحاً للحوار بين الثقافات».

رئيس مجلس أمناء «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين يلقي كلمته في افتتاح الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)

في حين قال رئيس مجلس أمناء «مؤسسة البابطين الثقافية»، سعود البابطين، إن هذه الدورة تأتي احتفاءً «بالشعر، فن العرب الأول على مر العصور، وتكريماً للمبدعين والفائزين مِنَ الشعراءِ والنقاد، ووفاءً ومحبة لشاعر هذه الدورة (عبد العزيز البابطين) الذي أخلص في رعاية الشعر العربي وخدمة الثقافة العربية بصدق ودأب وتفانٍ طيلة عمره كله، بلا ملل ولا كلل».

وفي خطوة لافتة، قدَّم رئيس مجلس الأمناء، أمين عام المؤسسة السابق، الكاتب عبد العزيز السريع، الذي رافق مؤسس الجائزة منذ نشأتها، ليتحدث عن ذكرياته مع راعي الجائزة الراحل، والخطوات التي قطعها في تذليل العقبات أمام إنشاء المؤسسة التي ترعى التراث الشعري العربي، وتعمل فيما بعد على بناء جسور التواصل بين الثقافات والحضارات.

وأعلن البابطين، في ختام كلمته عن مضاعفة القيمة المالية للجوائز ابتداءً من هذه الدورة، وفي الدورات المقبلة لـ«جائزة عبد العزيز البابطين».

ونيابة عن الفائزين، تحدَّث الأديب والشاعر الكويتي الدكتور خليفة الوقيان، مشيداً بـ«جهود (مؤسسة البابطين الثقافية) في دعمها اللامحدود للفعل والنشاط الثقافي داخل وخارج الكويت».

وأضاف: «في هذا المحفل الثقافي البهيج، يمرُّ في الذاكرة شريط لقاءات تمَّت منذ 3 عقود، كان فيها الفقيد العزيز الصديق عبد العزيز البابطين يحمل دائماً هَمّ تراجع الاهتمام بالشعر، ويضع اللَّبِنات الأولى لإقامة مؤسسة تُعنى بكل ما من شأنه خدمة ذلك الفن العظيم، ثم ينتقل عمل المؤسسة إلى الأفق الدولي، من خلال ما يُعنى بقضية حوار الثقافات والحضارات».

وألقى الشاعر رجا القحطاني قصيدة عنوانها «إشعاع الكويت»، من أشعار الراحل عبد العزيز البابطين.

يُذكر أن فعاليات الدورة الـ19 مستمرة على مدى 3 أيام، بدءاً من مساء الأحد 15 ديسمبر (كانون الأول) إلى مساء الثلاثاء 17 ديسمبر الحالي. وتقدِّم الدورة على مسرح مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي 5 جلسات أدبية، تبدأ بجلسة بعنوان «عبد العزيز البابطين... رؤى وشهادات»، تليها 4 جلسات أدبية يعرض المختصون من خلالها 8 أبحاث عن الشاعر عبد العزيز سعود البابطين المحتَفَى به، و3 أمسيات شعرية ينشد فيها 27 شاعراً.

وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)

الفائزون:

* الفائز بالجائزة التكريمية للإبداع الشعري الشاعر الدكتور خليفة الوقيان، وقيمة الجائزة 100 ألف دولار.

* الفائزان بجائزة الإبداع في مجال نقد الشعر «مناصفة»، وقيمتها 80 ألف دولار: الدكتور أحمد بوبكر الجوة من تونس، والدكتور وهب أحمد رومية من سوريا.

* الفائزة بجائزة أفضل ديوان شعر، وقيمتها 40 ألف دولار: الشاعرة لطيفة حساني من الجزائر.

* الفائز بجائزة أفضل قصيدة، وقيمتها 20 ألف دولار: الشاعر عبد المنعم العقبي من مصر.

* الفائز بجائزة أفضل ديوان شعر للشعراء الشباب، وقيمتها 20 ألف دولار: الشاعر جعفر حجاوي من فلسطين.