نتنياهو حظي بخمس دورات من الحكم ويتطلع إلى السادسة

أطول من حكم إسرائيل

TT

نتنياهو حظي بخمس دورات من الحكم ويتطلع إلى السادسة

تربع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقيادته اليمينية لأطول فترة على سدة الحكم في إسرائيل عبر لجوئه إلى فن مفاجأة خصومه بخطواته السياسية، وقبل أيام من الانتخابات التشريعية المرتقبة الثلاثاء، يسود الترقب لمعرفة التكتيك الذي سيعتمده للبقاء في السلطة. نتنياهو البالغ من العمر 69 عاماً، القوي البنية بشعره الفضي وصوته الأجش، في قلب النظام السياسي في إسرائيل كما لو كان دائماً هناك، ويتطلع لولاية سادسة.
ومع ذلك فهو الوحيد بين جميع رؤساء الوزراء في تاريخ إسرائيل، الذي ولد بعد قيام الدولة العبرية في مايو (أيار) 1948.
ولد نتنياهو في 21 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1949 في مدينة تل أبيب. ونشأ في بيئة تم تشكيلها من قبل فكر زئيف جابوتنسكي زعيم ما يسمى «حزب الصهيونية التصحيحية»، أحد أهم أحزاب اليمين الصهيوني في القرن الماضي المطالب بإنشاء دولة يهودية تمتد ما بين النهرين. وكان بن تسيون والد بنيامين المساعد الشخصي لجابوتنسكي. أمضى فترة من حياته في الولايات المتحدة حيث تخرج من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ونال شهادة بكالوريوس في الهندسة المعمارية وماجستير في إدارة الأعمال. خدم في وحدة النخبة في الجيش الإسرائيلي، وأصيب في إحدى المعارك. تأثر بشدة لمقتل شقيقه يوناتان خلال عملية تحرير رهائن إسرائيليين في عنتيبي في أوغندا. وقد وصف تلك العملية بأنها «تجربة وطنية مأساوية للغاية». ولديه ولدان من زوجته الحالية سارة وابنة من زواج سابق.
تحدى نتنياهو الاتهامات التي وجهها له في أبريل (نيسان) النائب العام أفيخاي مندلبليت الذي قال إنه قرر توجيه لائحة اتهام بحقه تتضمن تلقي الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، معلناً أنه سيخوض انتخابات الكنيست المقبلة لولاية سادسة. وينفي نتنياهو هذه الاتهامات ويلقي باللوم على خصومه السياسيين بقيامهم بحملة مغرضة من المعارضة للإطاحة به. وفاز نتنياهو في انتخابات أبريل الماضي، مع ائتلافه اليميني والديني بغالبية المقاعد، لكنه فشل في تشكيل حكومة واختار التوجه إلى إجراء انتخابات مبكرة ستجري في 17 سبتمبر (أيلول) الحالي.
وإذا فاز نتنياهو الثلاثاء المقبل، فهو ليس ملزماً قانونياً بالتنحي بعد اتهامه إلا إذا دين واستنفدت جميع الاستئنافات. ويتوقع كثيرون أن يطلب الحصانة من البرلمان إذا أعيد انتخابه. ويواجه نتنياهو تحدياً صعباً من تحالف سياسي وسطي برئاسة بني غانتس رئيس الأركان السابق الذي يحظى بالاحترام. ويحاول نتنياهو التشكيك بمصداقية غانتس بوصفه «يسارياً ضعيفاً» رغم خلفيته العسكرية. قليلون يشككون في قدرات نتنياهو السياسية ويعتبرونه «رجل أمن»، ويقول أنصاره إن أقوى دليل على ذلك هو عدم تمكن خصومه من تحدي قيادته وهزيمته.
وقال جدعون راهط من الجامعة العبرية بالقدس ومن معهد إسرائيل للديمقراطية: «إنه يقاتل من أجل حياته»، مشدداً على أنه «يحارب من أجل عدم مواجهة المحكمة، إنها حربه الشخصية». لقد قام بحملة بمزيج من الشعبوية المثيرة للانقسام ومحاولات لتصوير نفسه رجل دولة عالمياً من خلال التحدث عن علاقاته مع القادة الأجانب، بمن فيهم الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. كان حزب العمل بتسمياته المختلفة يهيمن على السياسة الإسرائيلية لنحو 3 عقود، إلى أن نجح حزب الليكود بقيادة مناحيم بيغن في عام 1977 ما ساعد على انطلاقة المسيرة السياسية لنتنياهو.
بدأت مسيرة نتنياهو بعمله في سفارة إسرائيل في واشنطن، ثم مندوباً لإسرائيل لدى الأمم المتحدة. أصبح أصغر رئيس وزراء عام 1996 عندما كان عمره 46 عاماً، ثم ما لبث أن هزم في انتخابات عام 1999. عاد نتنياهو إلى السلطة عام 2009 ولا يزال. ومنذ سنوات وعملية السلام متوقفة مع الفلسطينيين الذين تجاهل نتنياهو مطلبهم بوقف وتجميد الاستيطان. آخر خطواته في هذا الصدد كان تعهده الثلاثاء بإقرار السيادة الإسرائيلية على غور الأردن في الضفة الغربية المحتلة، وبالتالي ضم هذه المنطقة، في حال أعيد انتخابه في 17 سبتمبر (أيلول)، في حين اعتبر الفلسطينيون هذا الكلام «مدمراً لكل فرص السلام».
وسعى في كثير من الأحيان لتجنب الحديث عن الفلسطينيين بمعزل عن العمليات الأمنية. ولم تكن هناك مفاجآت في كيفية إطلاق حملته الانتخابية، إذ أشار إلى الضربات الإسرائيلية في سوريا والعراق ضد ما يقول إنها أهداف عسكرية إيرانية وعملية أخرى في لبنان، قال إنها ضد «حزب الله». ورغم نمو الاقتصاد في عهده وتشديده على الأمن، يقول كثيرون إن سياساته تعمق الانقسام ويتهمونه باتباع أساليب التخويف وتأليب الإسرائيليين ضد بعضهم بانتقاده من يخالفونه الرأي. يقول الجامعي نيل لوشيري في سيرة لرئيس الوزراء نشرها في الآونة الأخيرة، إن «أعمال رئيس الوزراء تتم بدافع اعتبارات براغماتية قبل كل شيء». وأوضح: «المشكلة التي واجهها العالم في التعامل مع نتنياهو هي أنه ليس عقائدياً، وإنما براغماتي جداً، ويمكن أن يغير رأيه»، بحسب مصلحته.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».