مصر تشدد على معايير الأمن والسلامة في مشروع المحطة النووية

رئيس «روس أتوم» الروسية أكد للسيسي حرصه على تنفيذ مفاعل الضبعة «على الوجه الأكمل»

السيسي خلال لقائه وفد الشركة الروسية المنفذة للمحطة النووية (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال لقائه وفد الشركة الروسية المنفذة للمحطة النووية (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تشدد على معايير الأمن والسلامة في مشروع المحطة النووية

السيسي خلال لقائه وفد الشركة الروسية المنفذة للمحطة النووية (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال لقائه وفد الشركة الروسية المنفذة للمحطة النووية (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تطلع بلاده لمواصلة التعاون مع روسيا، لإنشاء مفاعل «الضبعة» النووي السلمي، «وفقاً لأعلى المعايير العالمية، سواء على الصعيد الفني، أو على صعيد السلامة والأمن النوويين»، معتبراً المشروع «رمزاً جديداً للصداقة التاريخية بين البلدين».
وتشرع مصر، بالتعاون مع روسيا، في بناء محطة نووية ضخمة لتوليد الكهرباء، في منطقة «الضبعة» على الساحل الشمالي للبلاد، بقدرة إجمالية تصل إلى 4800 ميغاواط. ومن المتوقع أن يجري التشغيل التجريبي للمفاعل عام 2026.
واستقبل الرئيس السيسي، أمس في القاهرة، أليكسي ليخاتشوف، مدير عام شركة «روس أتوم» الروسية، بحضور الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، والدكتور أمجد الوكيل، رئيس هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء، وعدد من مسؤولي الشركة الروسية.
وقال السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، إن اللقاء يأتي في إطار متابعة الجهود الجارية لإنشاء المحطة النووية لتوليد الكهرباء بالضبعة مع الجانب الروسي، حيث أكد الرئيس «تطلع مصر لمواصلة التعاون بين الجانبين لإنشاء المحطة وفقاً لأعلى المعايير العالمية، سواء على الصعيد الفني، أو على صعيد السلامة والأمن النوويين، ليصبح المشروع رمزاً جديداً للصداقة التاريخية بين مصر وروسيا».
ونقل المتحدث عن رئيس الشركة الروسية، تقديره للتعاون الجاري مع مصر في مجال إنشاء المحطة النووية، مثمناً قوة وتميز العلاقات التاريخية التي تجمع بين مصر وروسيا، ومؤكداً حرص الشركة على تسخير أفضل إمكاناتها وبذل أقصى ما لديها من جهد لتنفيذ المشروع على الوجه الأكمل، وإنهاء جميع الجوانب المتعلقة بالتحضير لإنجاز المشروع.
ووقّعت مصر وروسيا عام 2015 اتفاقية لإقامة محطة نووية في منطقة «الضبعة»، يتم إنشاؤها على 8 مراحل، الأولى تستهدف إنشاء محطة تضم 4 مفاعلات نووية لتوليد الكهرباء، بقدرة إجمالية 4800 ميغاواط. ويتم تمويل المشروع من خلال قرض روسي يقدر بـ25 مليار دولار على مدى 13 دفعة سنوية متتالية.
من جهة أخرى، استقبل الرئيس السيسي، في القاهرة أمس، محمود علي يوسف، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي لجمهورية جيبوتي، بحضور سامح شكري وزير الخارجية، إلى جانب سفير جيبوتي في القاهرة.
وقال المتحدث الرئاسي المصري، إن الرئيس السيسي أكد حرص مصر على مواصلة تعزيز العلاقات بين البلدين بما يرتقي إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، في ظل رؤية مصر لجيبوتي شريكاً رئيسياً بالمنطقة، بالنظر إلى دورها في تحقيق الأهداف المتعلقة بالتنمية الاقتصادية والأمن والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر. وذكر السفير راضي، أن الرئيس تسلم رسالة من نظيره الجيبوتي أعرب فيها عن تقديره الكبير لمصر، مشيراً إلى وجود آفاق واسعة لتطوير العلاقات وتعزيز أطر التعاون المشترك بين مصر وجيبوتي على شتى الصعد.
كما تضمنت الرسالة تأكيد ثقته في نجاح مصر في تعزيز أطر العمل الأفريقي المشترك خلال فترة رئاستها للاتحاد الأفريقي على النحو الذي يسهم في تحقيق التنمية المستدامة المرجوة لدول وشعوب القارة، ولا سيما من خلال تحقيق الاندماج والتكامل القاري، بالإضافة إلى دفع الجهود الحثيثة لصون السلم والأمن في أفريقيا.
وأضاف المتحدث الرسمي، أن اللقاء تطرق إلى التباحث حول سبل تعزيز أوجه العلاقات الثنائية القائمة بين البلدين، في المجالات الاقتصادية والتجارية والأمنية؛ حيث تم الإعراب في هذا الصدد عن التطلع لعقد اجتماعات الدورة الخامسة للجنة المشتركة بين مصر وجيبوتي في أقرب وقت، إضافة إلى الإشادة بالدور المتواصل للوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين من خلال توفير المساعدات الطبية والدورات التدريبية لبناء قدرات الكوادر الجيبوتية في مختلف المجالات.
كما تناول اللقاء تطورات عدد من الملفات المتعلقة بالاتحاد الأفريقي والقضايا الإقليمية، وبخاصة المستجدات التي تشهدها منطقة القرن الأفريقي وتأثيراتها على حالة السلم والاستقرار في المنطقة، بالإضافة إلى مناقشة التنسيق المشترك بين البلدين في المحافل الدولية والإقليمية، إلى جانب ملف أمن البحر الأحمر والدور القيادي للدول المشاطئة في هذا الخصوص.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».