الوكالة الدولية للطاقة الذرية تنتظر «رداً سريعاً» من طهران على أسئلتها

مفتشون دوليون يؤكدون تركيب إيران لأجهزة طرد مركزي متطورة

القائم بأعمال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية كورنيل فيروتا  خلال مؤتمر صحافي بمقر الوكالة في فيينا أمس (أ.ف.ب)
القائم بأعمال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية كورنيل فيروتا خلال مؤتمر صحافي بمقر الوكالة في فيينا أمس (أ.ف.ب)
TT

الوكالة الدولية للطاقة الذرية تنتظر «رداً سريعاً» من طهران على أسئلتها

القائم بأعمال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية كورنيل فيروتا  خلال مؤتمر صحافي بمقر الوكالة في فيينا أمس (أ.ف.ب)
القائم بأعمال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية كورنيل فيروتا خلال مؤتمر صحافي بمقر الوكالة في فيينا أمس (أ.ف.ب)

غداة مباحثات أجراها في طهران، دعا القائم بأعمال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية كورنيل فيروتا، إيران إلى «الرد فوراً» على أسئلة الوكالة المتعلقة ببرنامجها النووي، فيما قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في بيان رسمي إن إيران بدأت تركيب مزيد من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة وتمضي نحو تخصيب اليورانيوم بها برغم أن هذا محظور بموجب الاتفاق النووي الذي أبرمته مع القوى العالمية.
وقال فيروتا في خطاب ألقاه أمس في افتتاح الاجتماع الدوري لمجلس حكام الوكالة التي تتخذ من فيينا أن أكد خلال اجتماعاته مع المسؤولين الإيرانيين على «ضرورة أن ترد إيران فوراً على أسئلة الوكالة المتعلقة بإكمال إعلاناتها عن ضوابط السلامة».
ونقل موقع الوكالة الدولية عن فيروتا قوله: «ستواصل الوكالة جهودها وستظل تشارك بنشاط. الوقت هو جوهر المسألة» ولدى سؤاله عما يمكن أن تعنيه أجهزة الطرد المركزي الجديدة لتعزيز قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم، أجاب، بأن «الإنتاج ليس بالأمر الهين»، بل إنه «ليس للوكالة أن تحكم على ما ستحققه هذه الإجراءات». وقال فيروتا للصحافيين في فيينا: «لقد أوضحنا أن دور الوكالة هو إبلاغ الحقائق لأعضاء (الاتفاق النووي) وكذلك مجلس حكام الوكالة.
أخبر فيروتا، الذي عاد من طهران ليلة الأحد، مجلس إدارة الوكالة في فيينا أن المفتشين على الأرض يواصلون «التحقق من ومراقبة التزامات إيران المتعلقة بالسلاح النووي بموجب خطة العمل المشتركة». وقال إن الاجتماعات سارت على ما يرام، «لقد غطى اللقاء القضايا الكاملة التي تعاوننا فيها، وقد سررت باللهجة وبالمدخلات التي تلقيناها خلال تلك المحادثات». وأضاف أنه أكد للسلطات الإيرانية «أهمية تعاون إيران التام وفي الوقت المناسب».
عكس ذلك خطأ في تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأخير عن إيران والذي أشار في أغسطس (آب) إلى أن طهران لم تكن مستعدة للإجابة على الأسئلة كما كانت تأمل الوكالة.
وقال فيروتا: «شددت أيضاً على ضرورة أن ترد إيران على الفور على أسئلة الوكالة المتعلقة باكتمال الضمانات التي تقدمها» بحسب وكالة أسوشييتدبرس. وقبل فيروتا بساعات أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن طهران تقوم بتركيب أجهزة طرد مركزي متطورة من شأنها أن تزيد مخزونها من اليورانيوم المخصب، في ثالث خطوة من مسار الانسحاب التدريجي من الاتفاق النووي عبر خفض التزامات الاتفاق النووي والذي بدأته طهران في مايو (أيار) رداً على تشديد العقوبات الأميركية وعدم تلبية مطالبها الاقتصادية من الدول الأوروبية.
وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني الأسبوع الماضي إن الأنشطة النووية الإيرانية ستتجاوز حدود الاتفاق بخصوص البحث والتطوير وهو مصطلح يطبق على استخدام إيران لأجهزة الطرد المركزي المتقدمة.
ويأتي تأكيد الوكالة غداة انتقاد إيران للدول الأوروبية مؤكدة أنه لم يكن أمامها من خيار سوى تقليص التزاماتها في الاتفاق النووي بسبب «الوعود التي لم يفوا بها».
وقال ناطق باسم الوكالة في بيان أمس إن إيران قامت «بتركيب أو هي على وشك تركيب» 22 جهازاً للطرد المركزي من نوع «آي - آر 4» في موقع التخصيب نطنز، وجهازاً من نوع «آي آر - 5» و30 جهازاً آخرين من نوع «آي آر - 6» وثلاثة نماذج من «آي آر - 6» بحسب عمليات «التحقق» التي قامت بها الوكالة في المكان.
ونقلت «رويترز» عن المتحدث باسم الوكالة أن «مفتشي الوكالة التابعة للأمم المتحدة تحققوا من أن إيران ركبت أو تعكف على تركيب أعداد أقل من أجهزة الطرد للمركزي المتطورة المتنوعة».
وقالت الوكالة التابعة للأمم المتحدة في بيان: «تم إعداد جميع أجهزة الطرد المركزي المركبة للتجربة باستخدام سادس فلوريد اليورانيوم» برغم أنه لم يتم تجربة أي منها بتلك المادة في السابع والثامن من سبتمبر (أيلول). وكانت إيران قد أعلنت السبت أنها بدأت ضخ الغاز في أجهزة الطرد المركزي من نوع آي آر 6.
ولفتت وكالة الصحافة الفرنسية أن بيان الوكالة تضمن إشارة إلى رسالة تسلمتها من إيران بتاريخ الثامن من سبتمبر وأبلغت فيها الوكالة بإعادة تركيب الأنابيب في خطي أبحاث وتطوير لاستيعاب سلسلة من 164 جهاز طرد مركزي من نوع (آي - آر 2م) وسلسلة من 164 جهاز طرد مركزي من نوع (آي - آر - 4م).
ووافقت إيران بموجب الاتفاق النووي على تخصيب اليورانيوم باستخدام ما يزيد قليلاً على خمسة آلاف من أجهزة الطرد المركزي الأقل تطوراً من الجيل الأول (آي آر - 1). كما يمكن لطهران بموجب الاتفاق استخدام عدد قليل من أجهزة الطرد المركزي الأكثر تطوراً للأغراض البحثية فحسب لكن دون تخزين اليورانيوم المخصب.
وتعهدت إيران الأسبوع الماضي أنها رغم خفض التزاماتها بموجب الاتفاق، فإنها ستواصل السماح بدخول مفتشي الوكالة الذين يراقبون برنامجها النووي.
وشدد فيروتا خلال مباحثات مع المسؤولين الإيرانيين على أن التواصل مع طهران «يتطلب تعاوناً كاملاً وفي الوقت الملائم» فيما يخص عملية التحقق ومراقبة الأنشطة الإيرانية.
وانتهكت إيران مستويات تخصيب اليورانيوم المحددة في الاتفاق وكذلك المخزون الكلي لليورانيوم المخصب. وتعرض الاتفاق لضغوط كبيرة منذ انسحاب الولايات المتحدة منه في مايو 2018 وإعادة فرضها العقوبات على طهران.
وفي وقت سابق من الاثنين، دعت الصين - التي وقعت على الاتفاق إضافة إلى فرنسا وألمانيا وبريطانيا وروسيا - الولايات المتحدة إلى «التخلي عن مقاربتها الخاطئة مثل فرض عقوبات أحادية وممارسة الضغوط القصوى على إيران».
وألقت الصين باللوم على الولايات المتحدة في هذا الوضع، وصرحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا شونينغ للصحافيين في بكين: «في الوقت ذاته يجب أن تلتزم جميع الأطراف الموقعة على الاتفاق بشكل تام بالتطبيق الكامل والفعال» للاتفاق النووي. وأضافت: «نأمل من أن تتمكن الأطراف المعنية من التوصل إلى تسوية وخفض التوتر بشأن المسألة النووية الإيرانية».
لكن الممثل الدائم لروسيا لدى المنظمات الدولية في فيينا، ميخائيل أوليانوف، قلل من التطور في هذا الشأن قائلاً - بعد أن كشفت إيران عن خطوتها بشأن أجهزة الطرد المركزي - فإن هذه الخطوة «يجب ألا يكون مبالغاً فيها». وفي تغريدة له، قال: «نعم، إنه انحراف آخر عن خطة العمل الشاملة المشتركة، لكن الأنشطة الجديدة ستظل قابلة للتحقق من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية ويمكن الرجوع عنها». أضاف: «لا يوجد تهديد بالانتشار بل مجرد إشارة قوية إلى أنه يجب استعادة التوازن داخل الاتفاق النووي».
في المقابل، قال مندوب وسفير إيران الدائم لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية كاظم غريب آبادي إن الوكالة ليست تابعة للولايات المتحدة لتحدد جدول أنشطة وزيارات مسؤوليها.
وجاء هذا في تغريدة لغريب آبادي، رداً على تغريدة سابقة لمستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون كتب فيها أن زيارة كورنيل فيروتا، القائم بأعمال مدير الوكالة الدولية لإيران أول من أمس، جاءت بعدما أطلعت الوكالة مجلس حكامها على أن إيران «ربما تخفي مواد أو أنشطة نووية». وأضاف: «ننتظر مع الدول الأعضاء في مجلس حكام الوكالة تقريراً كاملاً في أسرع وقت ممكن».
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن غريب آبادي قوله إن زيارة القائم بأعمال مدير عام الوكالة لطهران، تأتي في إطار التعاون المستمر بين الجانبين. ورفض وجود أنشطة سرية نووية لدى إيران، ولفت إلى أنه خلال الزيارة «تم التباحث بشأن أوجه التعاون فيما يخص التحقق من تطبيق الاتفاق النووي والبروتوكول الإضافي واتفاقية الضمانات الشاملة». واعتبر أن أي محاولات لحرف التعاون البناء والنشط بين إيران والوكالة، وممارسة الضغوطات العبثية عليها «تعد عملاً تخريبياً وستواجه بإجراءات مناسبة من قبل إيران».
إلى ذلك، اعتبرت ألمانيا خطط إيران لتسارع أنشطة الطرد المركزي الإيرانية «خطوة في الاتجاه الخاطئ» وناشد وزير الخارجية الألماني هايكو ماس كافة الأطراف الوعي بالمسؤولية خلال التعامل مع الأزمة. وقال ماس في تصريحات لصحف مجموعة «فونكه» الألمانية الإعلامية الصادرة أمس: «يتعين على الجميع الآن التصرف من منطلق الوعي بالمسؤولية، وإلا سيكون هناك خطر أن تضيع منا فرصة التوصل إلى حل سلمي للنزاع».
واعتبر ماس تقليص إيران لالتزاماتها في اتفاق فيينا إشارة خاطئة تماماً، مطالباً طهران بالالتزام الكامل بالاتفاق النووي، موضحاً في الوقت نفسه أنه بالإمكان التوصل إلى حل، وقال: «لكن هذا الحل لن نتمكن - نحن الأوروبيين - من القيام به على نحو منفرد، بينما يزيد آخرون من المجازفة».
ونقلت أسوشييتدبرس عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية راينر بريول قوله إن برلين تدعم جهود الرئيس الفرنسي لاستئناف المحادثات وتخفيف حدة الموقف. وقال: «هناك محادثات سرية بين الشركاء حول التفاصيل المحددة»، وأضاف: «يتم نشر العديد من التقارير الإخبارية بأننا لن نعلق على المزيد». وأضاف: «ندعو إيران للوفاء بالتزاماتها بموجب خطة العمل المشتركة والعودة إليها».



«الذرية الدولية»: إيران قبلت تعزيز إجراءات التفتيش في منشأة فوردو

مدير الوكالة الدولية رافائيل غروسي ونظيره الإيراني محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في طهران منتصف نوفمبر 2024 (د.ب.أ)
مدير الوكالة الدولية رافائيل غروسي ونظيره الإيراني محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في طهران منتصف نوفمبر 2024 (د.ب.أ)
TT

«الذرية الدولية»: إيران قبلت تعزيز إجراءات التفتيش في منشأة فوردو

مدير الوكالة الدولية رافائيل غروسي ونظيره الإيراني محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في طهران منتصف نوفمبر 2024 (د.ب.أ)
مدير الوكالة الدولية رافائيل غروسي ونظيره الإيراني محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في طهران منتصف نوفمبر 2024 (د.ب.أ)

وافقت إيران على تشديد الرقابة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية على منشأة فوردو الواقعة تحت الجبال، بعدما سرعت على نحو كبير تخصيب اليورانيوم بما يقترب من الدرجة المطلوبة لصناعة أسلحة.

وذكر تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية، في تقرير سري لدول الأعضاء، أن إيران «وافقت على طلب الوكالة بزيادة وتيرة وكثافة تدابير الرقابة في منشأة فوردو لتخصيب الوقود، وتسهيل تطبيق هذا النهج الرقابي».

والأسبوع الماضي، أفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن إيران ضاعفت وتيرة تخصيبها إلى نقاء يصل إلى 60 في المائة في منشأة فوردو، وهو مستوى قريب من 90 في المائة المطلوب لصنع الأسلحة النووية، ما اعتبرته القوى الغربية تصعيداً خطيراً في الخلاف مع إيران بشأن برنامجها النووي.

وأعلنت الوكالة أنها ستناقش الحاجة إلى إجراءات وقائية أكثر صرامة، مثل زيادة عمليات التفتيش في منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم، وهي واحدة من منشأتين تصلان إلى هذا المستوى العالي من التخصيب.

وجاء في التقرير السري الموجه إلى الدول الأعضاء: «وافقت إيران على طلب الوكالة زيادة وتيرة وشدة تنفيذ إجراءات الضمانات في منشأة فوردو، وتساهم في تنفيذ هذا النهج المعزز لضمانات السلامة».

ووفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، يمكن لفوردو الآن إنتاج أكثر من 34 كيلوغراماً شهرياً من اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60 في المائة، مقارنة بـ5 إلى 7 كيلوغرامات كانت تنتجها مجتمعة في فوردو ومنشأة أخرى في نطنز فوق الأرض.

ووفقاً لمعايير الوكالة، فإن نحو 42 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة تكفي نظرياً، إذا تم تخصيبها أكثر، لصنع قنبلة نووية. إيران تمتلك بالفعل أكثر من أربعة أضعاف هذه الكمية، بالإضافة إلى ما يكفي لصنع المزيد من الأسلحة عند مستويات تخصيب أقل.

وتؤكد القوى الغربية أنه لا يوجد مبرر مدني لتخصيب إيران إلى هذا المستوى، حيث لم تقم أي دولة أخرى بذلك دون إنتاج أسلحة نووية. فيما تنفي إيران هذه الادعاءات، مؤكدة أن برنامجها النووي ذو أهداف سلمية بحتة.