مناظرات تلفزيونية لمرشحي الرئاسة التونسية

TT

مناظرات تلفزيونية لمرشحي الرئاسة التونسية

في مبادرة ديمقراطية جديدة في العالم العربي، وقبل أسبوع من الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية، بدأت تونس أمس تنظيم 3 أمسيات مناظرات كبرى بين المرشحين الـ26 المتنافسين على منصب رئيس الجمهورية. ووصف منظمو هذه المناظرات الحدث بـ«الأبرز خلال الحملة الانتخابية» واعتبروه «نقطة تحول» في الحياة السياسية في تونس التي انطلق منها حراك الربيع العربي في عام 2011. مشيرين إلى أن جهات تعمل منذ أسابيع على تعبئة وسائل الإعلام السمعية والبصرية، العامة والخاصة، فضلاً عن منظمة غير حكومية متخصصة في إدارة الحوار السياسي.
وقُسم المرشحون للتناظر على 3 أمسيات، 9 مرشحين في كل أمسية، بدءاً من أمس وانتهاءً بغدٍ الاثنين، وتستغرق كل مناظرة مدة ساعتين ونصف الساعة، تحت عنوان «الطريق إلى قرطاج... تونس تختار»، ويبث البرنامج على 11 قناة تلفزيونية، بما في ذلك قناتان عامتان بالإضافة إلى 20 محطة إذاعية. وبلهجة مازحة، يقول بلعباس بن كريدة، مؤسس مبادرة «مناظرة»، الشريك غير الحكومي للعملية عن هذه المناظرات: «لا مجال للإفلات منها».
وشارك في مناظرة أمس، عدد من أبرز المرشحين من أصحاب «الوزن الثقيل» ومن بينهم المرشح الإسلامي عبد الفتاح مورو وأول رئيس تونسي ما بعد الثورة منصف المرزوقي ورئيس الوزراء السابق مهدي جمعة والناشطة المعارضة للإسلاميين عبير موسي، بالإضافة إلى مقعد فارغ لرجل الأعمال المثير للجدل نبيل القروي، المرشح الذي أودع السجن بتهم غسل الأموال.
وتنظم المناظرات في مقر قناة «الوطنية» التونسية العامة، ويجلس خلالها المرشحون على شكل دائرة نصفية على مقاعد اختيرت على أساس القرعة، وفي الوسط صحافيان يديران الحوار. ويطرح الصحافيان الأسئلة التي أعدها صحافيون واختيرت بالقرعة مساء الجمعة، كما اختير المرشحون الذين طُلب منهم الرد عليها، ويحصل كل متحدث على 90 ثانية للإجابة ويمكن السماح له بالحديث مرة ثانية أو مقاطعته. وفي نهاية البرنامج يحصل كل مرشح على 99 ثانية لتوضيح الخطوط العريضة لبرنامجه، بحيث يصبح إجمالي الوقت المتاح لكل مرشح 15 دقيقة للحديث خلال المناظرة.
وقال الأسعد خضر رئيس نقابة قنوات التلفزيون الخاصة: «سنكون صارمين للغاية في تحديد الوقت. هذه هي قاعدة اللعبة. أنتم أمام الشعب ولديكم جميعا الوقت نفسه لإقناعه»، متوقعاً «مناقشات غنية جداً وحامية جداً».
علاوة على الجوانب التنظيمية والفنية، يصر جميع المنظمين على الطبيعة غير المسبوقة لهذه العملية. ويقول خضر: «في العالم العربي في أغلب الأحيان عندما نتحدث عن المنافسة، نعرف من سيفوز في النهاية بنسبة 99.99 في المائة من الأصوات. أما اليوم فنحن لا نعرف من سيفوز». في الواقع، يصعب التكهن بنتائج الانتخابات الرئاسية التونسية مع هذا العدد الكبير من المرشحين والبرامج والقضايا التي يصعب حصرها في بعض الأحيان.
ويقول كثير من التونسيين إنهم ينتظرون نهاية المناظرات لتحديد موقفهم. ويقول الإعلامي زياد كريشان: «التونسيون لم يحسموا رأيهم بعد. والأرجح أن يكون للمناظرات الثلاث دور في التأثير على قرارهم بشأن بعض الأمور، وقد يغير بضعة آلاف توجه البلاد بصورة جذرية». وتقول منية ذويب عضو اللجنة المنظمة: «هذا غير مسبوق، وبصفتي صحافية تونسية، أنا فخورة بهذا ومتلهفة للأمر». ويضيف بلعباس بن كريدة: «لم تجد ثقافة النقاش بعد مكاناً لها في العالم العربي». ومع تأكيده على أن العرض سيعاد بثه على قنوات عراقية وجزائرية وليبية، يأمل في «أن تكون الخطوة الأولى بمثابة مصدر إلهام للآخرين».
وفي عام 2012 بعد 15 شهرا من الإطاحة بالرئيس المصري حسني مبارك من قبل حركة احتجاج استلهمت الثورة التونسية، نظمت مناظرة تلفزيونية، وصفت حينها بأنها «تاريخية» بين مرشحين اثنين من بين 13 مرشحاً للرئاسة.
على صعيد متصل، كشفت قيادات من حزب «قلب تونس» الذي أسسه نبيل القروي مدير قناة «نسمة» الفضائية الخاصة والمرشح للانتخابات الرئاسية، أن القروي يواصل متابعة حملته الانتخابية من وراء قضبان سجن المرناقية، وهو على اطلاع كامل بتفاصيلها من خلال البرنامج الانتخابي الذي سطر معظم أولياته قبل إيداعه السجن يوم 23 من الشهر الماضي على خلفية اتهامات بالتهرب الضريبي وتبييض الأموال. ورفضت محكمة الاستئناف في الثالث من الشهر الحالي طلباً بإطلاق سراح القروي، مما اضطره إلى مواصلة حملته الانتخابية من داخل السجن. ورغم ذلك ما زالت استطلاعات الرأي تعطي القروي المراتب الأولى في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية على الرغم من وجوده داخل السجن، بل يشير بعضها إلى استحواذه على أكثر من 30 في المائة من أصوات الناخبين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».