الجيش الليبي يتوعد بـ«إلحاق هزيمة» بأنقرة والدوحة

إسقاط «درون» تركية جديدة في معارك طرابلس

مقاتلون موالون لحكومة الوفاق خلال المعارك التي عرفتها منطقة السبيعة جنوب طرابلس (أ.ف.ب)
مقاتلون موالون لحكومة الوفاق خلال المعارك التي عرفتها منطقة السبيعة جنوب طرابلس (أ.ف.ب)
TT

الجيش الليبي يتوعد بـ«إلحاق هزيمة» بأنقرة والدوحة

مقاتلون موالون لحكومة الوفاق خلال المعارك التي عرفتها منطقة السبيعة جنوب طرابلس (أ.ف.ب)
مقاتلون موالون لحكومة الوفاق خلال المعارك التي عرفتها منطقة السبيعة جنوب طرابلس (أ.ف.ب)

توعد «الجيش الوطني» الليبي، مجدداً، كلاً من قطر وتركيا بإلحاق الهزيمة بهما، وكرر اتهاماته للبلدين بالتورط في دعم الإرهاب في ليبيا، وذلك بعد ساعات فقط من تأكيد الجيش أنه أسقط «طائرة درون» تركية كانت تعمل لصالح الميليشيات المسلحة، الموالية لحكومة الوفاق، التي يرأسها فائز السراج جنوب العاصمة طرابلس.
وأعلن المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة، التابع للجيش الوطني، مساء أول من أمس، أن مقاتلاته الجوية أسقطت طائرة تركية مسيّرة، كانت تستهدف تمركزات الوحدات البريّة لقوات الجيش بوادي الربيع جنوب العاصمة طرابلس، مشيراً إلى أن هذه الطائرة كانت قد انطلقت من قاعدة معيتيقة، التي تمثل الجانب العسكري في المطار الدولي الذي تعرض للقصف مؤخرا، وبات خارج العمل.
واتهم البيان تركيا وقطر بالإصرار على «المضي قدما في دعم ميليشيات الإخوان، من متطرفين مؤدلجين ومهربي البشر والوقود»، معتبرا أن هذا التصرف يعد «بمثابة استهتار بقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن».
بدورها، قالت شعبة الإعلام الحربي، التابعة لـ«الجيش الوطني»، إنه لن «يكون لتركيا وقطر مكان في ليبيا»، وتعهدت بالرد «ما دام أن أيادي حكامهم تعبث في أمن بلادنا واستقرارها».
في المقابل، طالبت وزارة الداخلية بحكومة السراج مجلس الأمن الدولي بالعمل على استصدار قرارات، تحظر قصف المنشآت المدنية، وحثت الوزارة في بيان لها أمس المجتمع الدولي والأمم المتحدة على إدانة من يستهدف المنشآت المدنية، وإدراجه على قائمة العقوبات الدولية، ردعاً له ولغيره، وضماناً لسلامة وحماية المدنيين. لافتة إلى أن أعمالا إرهابية متكررة تستهدف المنشآت المدنية، وخاصة المنافذ الجوية منذ بداية ما وصفته بـ«العدوان على طرابلس»، وأوضحت أن «هذه الهجمات تكررت أكثر من 11 مرة على مطار معيتيقة».
ولا يزال مطار معيتيقة، المطار المدني الوحيد الذي كان يعمل في طرابلس في الفترات الأخيرة، متوقفا عن العمل لليوم الثالث على التوالي، بينما تم توجيه كل الرحلات إلى مطار مصراتة في غرب البلاد.
وكان فتحي باش أغا، وزير الداخلية بحكومة السراج، قد ترأس اجتماعا بحضور رئيس جهاز المخابرات الليبية ورئيس مصلحة الطيران، وعدد من شركات الطيران، بالإضافة إلى وزير المواصلات مساء أول من أمس، خُصص لمناقشة الوضع بمطار معيتيقة.
وقال أغا إن الاستهداف المتكرر على المطار أدى إلى توقف حركة الملاحة به، مشيرا إلى أن «هذه الهجمات لم تطل المرافق في المهبط فقط، بل أدت إلى إصابات في الطائرات وقاعة الركاب وإصابة عدد من المواطنين».
بدورها، أدانت سفارة إيطاليا لدى ليبيا بأشد العبارات الهجوم الأخير على مطار معيتيقة، الذي تسبب في أضرار جسيمة للبنية التحتية للمطار، ويشكل تهديداً خطيراً على أمن وسلامة السفر الجوي، وشددت على أن هذه الهجمات يجب أن تتوقف على الفور، وأن المطارات التي يستخدمها المدنيون ليست أهدافاً عسكرية، وفقاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقوانين الإنسانية.
وكانت مصلحة الطيران المدني الموالية لحكومة السراج، قد أعلنت أول من أمس تعليق الملاحة الجوية في مطار معيتيقة الدولي «لأسباب أمنية»، حتى إشعار آخر، فيما اتهمت حكومة السراج قوات الجيش الوطني بالمسؤولية عن هذا القصف. لكن «الجيش الوطني» اتهم في المقابل ميليشيات مسلحة موالية للحكومة بالتورط في استهداف المطار، بهدف محاولة تهريب سجناء متطرفين في سجن يقع بالقرب من قاعدة معيتيقة الجوية.
إلى ذلك، أعلن المجلس الأعلى للدولة أنه بصدد تقديم مبادرة للخروج من الأزمة التي تمر بها البلاد، لكنه قال إنه لن يتم الإفصاح عنها قبل أسبوعين عقب انتهاء الأعضاء من دراستها.
وقال المجلس في بيان مقتضب، عقب جلسة عقدها مساء أول من أمس بطرابلس، إنه بعد المناقشة المستفيضة من الأعضاء، وإبداء آرائهم في المقترح المقدم، تم تعليق الجلسة على نفس البند، على أن تنضج المبادرة بتداولها بشكل أوسع بين لجان المجلس وأعضائه مع الفعاليات السياسية، ومؤسسات الدولة الأخرى في غضون أسبوعين كحد أقصى.
من جهة أخرى، قالت مصادر محلية في مدينة البيضاء (شرق ليبيا) إن تدخلاً مباشرا من المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، أدى إلى إطلاق سراح مسؤول كبير في الحكومة الموازية الموالية للجيش وغير المعترف بها دوليا، بعد اعتقاله.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن بعض أقارب عبد السلام الحاسي، رئيس هيئة الرقابة الإدارية، أنه أفرج عنه بعد مرور يوم واحد على احتجازه من قبل جهة مجهولة، وذلك على خلفية تقرير أصدرته الهيئة يشير إلى ارتكاب السلطات في شرق البلاد مخالفات مالية وإدارية جسيمة.
وكان موظفو الهيئة التي يوجد مقرها في البيضاء قد هددوا بتعليق العمل، إلى حين إطلاق سراح الحاسي، الذي يعتبر موالياً للحكومة المؤقتة التي يترأسها عبد الله الثني، وتدير شؤون المنطقة الشرقية منذ سنوات.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.