المغرب يحبط محاولة 400 مهاجر اقتحام سبتة

يتحدرون من دول أفريقيا جنوب الصحراء

رجال أمن إسبان أمام السياج الحدودي الذي تسلقه مهاجرون غير شرعيين حول مدينة سبتة (أ.ب)
رجال أمن إسبان أمام السياج الحدودي الذي تسلقه مهاجرون غير شرعيين حول مدينة سبتة (أ.ب)
TT

المغرب يحبط محاولة 400 مهاجر اقتحام سبتة

رجال أمن إسبان أمام السياج الحدودي الذي تسلقه مهاجرون غير شرعيين حول مدينة سبتة (أ.ب)
رجال أمن إسبان أمام السياج الحدودي الذي تسلقه مهاجرون غير شرعيين حول مدينة سبتة (أ.ب)

كشفت السلطات المغربية أنها أحبطت، أمس (الجمعة)، محاولة اقتحام جماعي لنحو 400 مهاجر سري متحدرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء لمدينة سبتة المحتلة عبر مركز بليونش، الواقع شمال المغرب.
وأفادت السلطات المحلية لعمالة (محافظة) المضيق - الفنيدق بأن هذه العملية أدت إلى إصابة تسعة مهاجرين سريين بجروح طفيفة نُقلوا على أثرها إلى المستشفى بمدينة الفنيدق لتلقي الإسعافات اللازمة. وتمكنت القوات العمومية من توقيف قرابة 90 من مقتحمي سياج الأسلاك الشائكة حول سبتة تمت إحالتهم على المصالح الأمنية المختصة، فيما تستمر عملية البحث لتوقيف بقية المقتحمين.
في المقابل، أعلن متحدث باسم السلطات المحلية لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن مجموعة مؤلفة من 155 مهاجراً أفريقياً تمكنت من الدخول أمس إلى جيب سبتة عبر تجاوز سياج الأسلاك الشائكة. وأوضح المتحدث أنهم «يتحدرون جميعاً من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وغالبيتهم من غينيا كوناكري»، وتجاوزوا السياج الحدودي فجر الجمعة مستفيدين من الضباب، بحسب المتحدث نفسه الذي أضاف أن «بعضهم تسلق السياج وبعضهم الآخر كسر إحدى بواباته». وتابع المتحدث أن 12 عنصراً من الحراس المدنيين «أصيبوا بجروح طفيفة» نتيجة الرشق بالحجارة بشكل خاص، في حين عولج نحو 16 مهاجراً نتيجة إصابتهم بجروح.
وهذه المرة الأولى منذ سنة التي يتمكن فيها مهاجرون ضمن مجموعة من اجتياز السياج العالي المجهّز بأسلاك شائكة والفاصل بين سبتة والأراضي المغرب، بحسب السلطات المحلية.
في السياق ذاته، قال مصدر عسكري إن البحرية الملكية قدمت المساعدة، خلال ليلة الأربعاء - الخميس بعرض البحر المتوسط، لـ156 مرشحاً للهجرة السرية، أغلبهم يتحدرون من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، من بينهم 15 امرأة وثلاثة أطفال، واجهوا صعوبات على متن قوارب تقليدية.
وأوضح المصدر ذاته أن الأشخاص الذين جرى إنقاذهم، والذين كان بعضهم في حالة صحية متدهورة، تلقوا الإسعافات الأولية على متن وحدات خفر السواحل التابعة للبحرية الملكية، قبل أن يُعادوا سالمين إلى مختلف موانئ شمال المملكة.
وكان مصطفى الخلفي، الناطق باسم الحكومة، قد كشف أول من أمس أن السلطات المغربية تمكنت أخيراً من تفكيك 100 شبكة تنشط في مجال الهجرة السرية، وأجهضت 57 ألف محاولة للهجرة غير الشرعية نحو إسبانيا خلال العام الحالي.
وأعلن المغرب رسمياً رفضه بشكل مطلق تشييد مراكز إيواء لاستقبال المهاجرين، كما تطالب أوروبا، واعتبر أن الاقتراح سيُسهِم في تعقيد المشكلة بدل حلها. وتطالب الرباط بمساعدات مالية إضافية من الاتحاد الأوروبي لمواجهة تدفقات الهجرة غير الشرعية.
يُذكر أنه خلال عام 2018 تضاعفت أعداد المهاجرين الراغبين في الوصول إلى «الفردوس الأوروبي»، مقارنة بعام 2017. وعرفت عودة ظاهرة «قوارب الموت»، بعدما كانت قد تراجعت مقابل محاولات التسلسل أو اقتحام السياجات الحدودية لسبتة ومليلية التي كانت تعد الأكثر أماناً مقارنة بالطريقة الأولى (عبر القوارب).
ويتخذ المهاجرون السريون الغابات الموجودة قرب المدن الساحلية والقريبة من سبتة ومليلية ملجأ لهم، في انتظار فرصة العبور إلى المدينتين اللتين تحتلهما إسبانيا شمال المغرب، ويعيشون هناك لأشهر في ظروف تصفها جمعيات حقوقية بأنها «مأساوية». ويجري باستمرار إخلاء تلك الغابات وترحيل المهاجرين من مدن الشمال إلى الجنوب، وهي العملية التي ينتقدها حقوقيون، إلا أن السلطات المغربية ترى أن ترحيل المهاجرين يهدف إلى حمايتهم من شبكات الاتجار بالبشر.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».