في تطورات متسارعة، نجحت القوات الموالية لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» الساعي إلى فصل جنوب اليمن عن شماله في استعادة السيطرة الميدانية على العاصمة المؤقتة عدن ومحافظة أبين المجاورة، فيما تراجعت القوات الحكومية بعد يوم من وصولها إلى عدن باتجاه مناطق محافظة شبوة.
جاء ذلك في وقت اتهمت الحكومة اليمنية دولة الإمارات بدعم «الانتقالي الجنوبي» والتدخل جوياً لاستهداف قواتها في عدن وأبين، ما رجّح كفة المعركة لمصلحة «الانفصاليين».
وسبق أن رفض بيان سعودي - إماراتي مشترك الاتهامات الموجهة إلى دولة الإمارات، وأكد على استمرارها ضمن التحالف الداعم لشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي في مواجهة الانقلاب الحوثي، كما جدد الدعوة للإسراع في الانخراط بين الحكومة و«الانتقالي» لإنهاء النزاع وتوحيد الموقف ضد الجماعة الانقلابية الحوثية.
وأصدرت الرئاسة اليمنية بياناً عن الغارات الإماراتية قال إنها تسببت في سقوط ضحايا، في حين قالت الإمارات مبررة الغارات إنها كانت «دفاعاً عن التحالف من ميليشيات رصدتها وراقبتها».
وأشار البيان اليمني إلى أن «ميليشيات متمردة هاجمت كل مؤسسات الدولة ومعسكراتها في عدن بدعم وتخطيط من الإمارات، ثم توسعت باتجاه محافظة لحج وأبين حتى وصلت إلى شبوة»، مضيفاً: «فوجئنا بـ(طيران الإمارات) ينفذ عدة غارات عسكرية ضد المواطنين وأفراد جيشنا، وسط أحياء مأهولة بالسكان في أماكن متفرقة بعدن».
البيان الإماراتي أرجع سبب الغارات إلى وجود «معلومات ميدانية مؤكدة تشير إلى استهداف عناصر التحالف، الأمر الذي تطلب ردّاً مباشراً لتجنيب القوات أي تهديد عسكري، وقد تم تنفيذ الضربات بشكل محدد».
وأضاف البيان أن «مجاميع مسلحة هاجمت قوات التحالف في مطار عدن، مما نتج عنها إصابة عنصرين من قوات التحالف، وعليه، تم استخدام حق الدفاع عن النفس لحماية القوات وضمان أمنها، إذ تمت متابعة هذه المجاميع المسلحة واستهدافها».
وأفادت مصادر أمنية وشهود بأن قوات الجيش اليمني شوهدت أمس وهي تنسحب من محافظة أبين، بعد أن تراجعت طلائعها من مدينة عدن التي كانت الحكومة الشرعية أكدت استعادتها، قبل أن تتمكن قوات «الانتقالي» من السيطرة عليها من جديد.
وبثّت مصادر تابعة لـ«الانتقالي الجنوبي» صوراً لقياداته خلال إجرائهم جولات تفقدية في شوارع عدن ومطارها ومدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين.
وأكدت المصادر أن وحدات الجيش الموالية للقوات الحكومية تراجعت إثر الضربات التي تعرضت لها، وسط أنباء عن سقوط عشرات القتلى والجرحى في صفوفها، ووسط تضارب الأنباء حول مصير كثير من القيادات الموالية للشرعية في عدن وأبين.
وأفادت المصادر بأن قوات «الانتقالي» ممثلة بألوية الأحزمة الأمنية وقوات التدخل السريع بسطت سيطرتها على مدن زنجبار وجعار في أبين، بعد انسحاب القوات الأمنية والحكومية منها، فيما تعرض كثير من المقرات لأعمال نهب من قبل مجهولين، بما في ذلك مقر إدارة الأمن في مدينة زنجبار.
وشوهدت القوات الحكومية وهي تنسحب باتجاه مدينة شقرة الساحلية في أبين، وهي في طريقها كما يعتقد الشهود إلى المناطق التابعة لمحافظة شبوة المجاورة، التي تمكنت في وقت سابق من تأمينها وطرد قوات «الانتقالي» منها.
وكان رئيس «الانتقالي الجنوبي» عيدروس الزبيدي اعترف في خطاب لأتباعه بالهزيمة في شبوة، لكنه توعد باستمرار القتال ضد القوات الحكومية، على الرغم من اعترافه بشرعية الرئيس هادي.
وكانت القوات الحكومية سيطرت على مطار عدن، الأربعاء، وعلى المداخل الشرقية للمدينة التي زعم وزراء في الحكومة أنه تمت السيطرة عليها، قبل أن تنقلب الكفة مجدداً، الخميس، لمصلحة «الانتقالي» وقواته.
وكشف بيان رسمي للواء 115 الموالي للشرعية، ومقره في مديرية لودر، أن عدداً من عناصره قتلوا بضربات جوية في منطقتي العلم ودوفس، شرقي مدينة عدن، بمن فيهم أركان اللواء محمد الطلي.
في غضون ذلك، عبّر مجلس الأمن الدولي في بيان، أمس، عن قلقه جراء الأحداث في عدن، داعياً جميع الأطراف إلى «التحلي بضبط النفس والحفاظ على وحدة أراضي البلاد»، إضافة إلى تأكيده على «ضرورة تفعيل محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الإنسانية».
وكانت الولايات المتحدة جدّدت في تصريحات لوزير دفاعها، أنها تدعم قراراً تفاوضياً بين حكومة الجمهورية اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، بموجب الدعوة السعودية وجهود المملكة للتوسط في النزاع.
في الأثناء، اتهمت الحكومة اليمنية في بيان رسمي دولة الإمارات العربية بأنها قصفت جوياً قوات الحكومة في العاصمة المؤقتة عدن وضواحيها ومدينة زنجبار بمحافظة أبين، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى، وفق ما جاء في البيان.
وقالت الحكومة اليمنية، في البيان الصادر عن وزارة الخارجية، إنها «تحمّل دولة الإمارات العربية المتحدة كامل المسؤولية عن هذا الاستهداف»، الذي وصفته بأنه «خارج عن القانون والأعراف الدولية».
وجدّدت الوزارة طلبها بأن توقف الإمارات العربية المتحدة جميع أنواع الدعم المالي والعسكري لكل التشكيلات العسكرية الخارجة عن الدولة وسلطة القانون، كما ناشدت المملكة العربية السعودية وقيادتها الحكيمة كقائدة لتحالف دعم الشرعية الوقوف إلى جانب الحكومة الشرعية وإيقاف ما وصفته بـ«التصعيد العسكري غير القانوني وغير المبرر».
وقال البيان: «الحكومة اليمنية تحتفظ بحقها القانوني المكفول بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة باتخاذ الإجراءات اللازمة كافة لإيقاف هذا الاستهداف والتصعيد الخطير».
وطالب البيان الحكومي «المجتمع الدولي، ولا سيما مجلس الأمن، بإدانة الاستهداف والاضطلاع بمسؤولية حفظ الأمن والسلام ووحدة وسلامة الأراضي اليمنية، وفقاً لجميع القرارات الدولية ذات الصلة».
وأعاد نائب وزير الخارجية اليمني محمد الحضرمي تغريد فقرات البيان على «تويتر»، في وقت أصدرت وزارة الدفاع اليمنية وهيئة الأركان بياناً مماثلاً تتهم فيه الجانب الإماراتي باستهداف قواتها في عدن وأبين وتغليب كفة «الانتقالي».
وكشف البيان عن أن القصف أسفر عن سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى من أبناء القوات المسلحة والمدنيين، وقال إن وزارة الدفاع وهيئة الأركان اليمنية تؤيد طلب الحكومة الشرعية بوقف دولة الإمارات الدعم المالي والعسكري لكل التشكيلات العسكرية الخارجة عن الدولة وسلطة القانون.
في سياق آخر، ذكرت المصادر الرسمية اليمنية أن وزير الدفاع محمد علي المقدشي ترأس في مأرب أمس «اجتماعاً عسكرياً للاطلاع على مستجدات الأحداث وسير العمليات العسكرية التي تخوضها وحدات الجيش الوطني في مختلف الجبهات والميادين».
وأوردت المصادر أن المقدشي استمع إلى تقارير حول سير العمليات العسكرية التي تخوضها وحدات الجيش ضد الميليشيات الحوثية المتمردة المدعومة من إيران، والميليشيا المسلحة المتمردة التابعة لما يسمى بالمجلس الانتقالي.
ونسبت المصادر إليه أنه «أكد أن توجيهات القيادة العليا ممثلة برئيس الجمهورية تقضي بالتعامل بحزم مع أي ممارسات تخريبية ومحاولات تقويض الأمن والاستقرار وحرف مسار معركة استعادة الدولة».
ووفق المصادر الرسمية، شدّد المقدشي على «رفع الجاهزية والاستعداد والتزام الحيطة والحذر لدى جميع الوحدات العسكرية في مختلف المناطق والمحاور لتنفيذ المهام الموكلة ومواجهة المخاطر والتحديات».
وقال: «إن مؤسسة الوطن الدفاعية ملتزمة بالقيام بواجباتها ومسؤولياتها الدستورية والوطنية في حماية مؤسسات الدولة والدفاع عن الشرعية الدستورية والتصدي لأي مشروعات فوضوية تستهدف المساس بأمن واستقرار الوطن وسيادته ووحدته والحفاظ على نسيجه الاجتماعي».
وفي الوقت الذي تخوض فيه القوات الحكومية معارك على مختلف الجبهات ضد الانقلاب الحوثي، تمكنت من وقف زحف «الانتقالي» في محافظة شبوة المجاورة لمأرب جنوباً.
ولم يستبعد مراقبون عسكريون أن تدفع الشرعية اليمنية بمزيد من القوات لمواجهة ما تصفه بـ«انقلاب المجلس الانتقالي» في عدن وأبين ولحج.
ويقول قادة «الانتقالي»، الداعين إلى فصل جنوب اليمن عن شماله، إنهم يعترفون بشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، لكنهم يرفضون حكومته التي يتهمونها بـ«الفساد» وبسيطرة حزب «الإصلاح» على قرارها.
وكانت قوات «الانتقالي» سيطرت هذا الشهر على مواقع الحكومة ومعسكراتها في العاصمة المؤقتة عدن، خلال مواجهات دامت 4 أيام، قبل أن تتدخل السعودية لتهدئة الأوضاع والدعوة إلى حوار في جدة بين الحكومة و«الانتقالي».
وعلى وقع الأحداث الميدانية المتصاعدة في عدن وأبين، أعلنت أمس قوات ألوية العمالقة أنها سترسل مبدئياً كتيبتين إلى عدن وأبين من قواتها المرابطة في الساحل الغربي لتثبيت الأمن والوقوف على مسافة واحدة من كل الأطراف.
وقال المتحدث باسم عمليات تحرير الساحل الغربي، العقيد وضاح الدبيش، في بيان وزّعه على وسائل الإعلام، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن «ألوية العمالقة الجنوبية لن تسمح بأن تكون عدن أو أبين مسرحاً للاقتتال وتصفية الحسابات وإراقة الدماء وإزهاق الأرواح وتدمير المصالح العامة والخاصة».
وأوضح الدبيش أنه «سيتم الدفع بكتيبتين من ألوية العمالقة من اللواء الأول عمالقة، بقيادة العميد رائد الحبهي، واللواء الثالث دعم وإسناد، بقيادة العميد نبيل المشوشي... وإذا تطلب الأمر فسيتم الدفع بقوات أكثر بحسب الحاجة» على حد قوله.
وبيّن أن هذه القوات «ستتولى مهمة مراقبة وتعزيز واستتباب الأمن العام في عدن وأبين بشكل مؤقت، والوقوف على مسافة واحدة بين الأطراف المتصارعة، وعدم التخاذل مع أي طرف يخل بالالتزام بوقف إطلاق النار».
وناشد الدبيش دول التحالف، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، من أجل «التدخل السريع والعاجل لرأب الصدع بين الأطراف المتصارعة، والوقف الفوري لإطلاق النار، ودعوتهم للامتثال والانخراط الفوري والصارم للجلوس على طاولة الحوار».
من جهته، كشف وزير الإعلام في الحكومة اليمنية معمر الإرياني عن أن القصف الجوي الذي اتهم طائرات إماراتية بتنفيذه على القوات الحكومية في العاصمة المؤقتة عدن وضواحيها ومدينة زنجبار بمحافظة أبين أسفر عن مقتل 40 من أفراد الجيش الوطني والمواطنين، وجرح 70 آخرين.
واعتبر الإرياني القصف «دعماً لميليشيا المجلس الانتقالي المتمردة»، ووصفه بأنه «تطور واستهداف خطير للشرعية الدستورية وجهود استعادة الدولة».
وأدان الوزير الإرياني، في سلسلة تغريدات على «تويتر» الهجوم، وقال: «إنه يتناقض وأهداف تحالف دعم الشرعية في اليمن، ويمثل اعتداء على دولة مستقلة ذات سيادة بموجب قانون الأمم المتحدة وانتهاكاً للمواثيق والأعراف الدولية».
وفي حين أكد أن الحكومة تحتفظ بحقّها «في اتخاذ الإجراءات السياسية والدبلوماسية والقانونية كافة»، اعتبر أن الهجوم الجوي «يظهر عدم تقبل دولة الإمارات لجهود الحكومة في استعادة مؤسساتها، وفشل المشروع التخريبي الذي قاده المجلس الانتقالي في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات الجنوبية، وسعيها الدؤوب لتقسيم اليمن عبر ميليشيات متمردة مناطقية لا تمثل أبناء المحافظات الجنوبية الشرفاء» على حدّ تعبيره.
وتابع بالقول: «هذا الهجوم غير المبرر زماناً ومكاناً، والذي جاء بعد عدد من الضربات الجوية على الجيش الوطني خلال فترات ماضية، كانت الإمارات تدعي أنها وقعت عن طريق الخطأ، يضع الحكومة أمام مسؤولية تاريخية، وأصبح مستقبل العلاقات بين البلدين والشعبين بمنحنى خطير، ويترك الأجيال القادمة أمام ذكرى مؤلمة».
وجدّد الوزير الإرياني ثقة الشرعية بالسعودية وقياداتها، وقال: «إن الحكومة اليمنية لم تر منهم إلا مكارم الأخلاق والتعامل الأخوي ونجدة الجار، كما لم تر منهم أي مشروعات خاصة ولا أطماعاً ولا أهدافاً في اليمن، سوى مساعدة الحكومة لاستعادة الدولة وإنهاء خطر الميليشيات الحوثية الإيرانية، ودورهم الإنساني والاقتصادي والتنموي تجاه الشعب اليمني». وفق تعبيره.
الحكومة اليمنية تتهم الإمارات بقصف قواتها... وأبوظبي تبرر الغارات بملاحقة {إرهابيين}
«الانتقالي» يعلن سيطرته على عدن وأبين... و«الشرعية» تتمركز في شبوة
الحكومة اليمنية تتهم الإمارات بقصف قواتها... وأبوظبي تبرر الغارات بملاحقة {إرهابيين}
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة