إسرائيل توسّع ضرباتها إلى الداخل اللبناني وتستهدف فصيلاً فلسطينياً

كثّفت طلعاتها الجوية بعد تهديدات «حزب الله»... وغاب جنودها عن الخط الحدودي

مزارعات يعملن أمس بحقل في مرجعيون قرب الحدود اللبنانية مع إسرائيل... وفي الخلفية آلية لقوات الطوارئ الدولية (أ.ف.ب)
مزارعات يعملن أمس بحقل في مرجعيون قرب الحدود اللبنانية مع إسرائيل... وفي الخلفية آلية لقوات الطوارئ الدولية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل توسّع ضرباتها إلى الداخل اللبناني وتستهدف فصيلاً فلسطينياً

مزارعات يعملن أمس بحقل في مرجعيون قرب الحدود اللبنانية مع إسرائيل... وفي الخلفية آلية لقوات الطوارئ الدولية (أ.ف.ب)
مزارعات يعملن أمس بحقل في مرجعيون قرب الحدود اللبنانية مع إسرائيل... وفي الخلفية آلية لقوات الطوارئ الدولية (أ.ف.ب)

وسّعت إسرائيل أمس ضرباتها الجوية من الداخل السوري إلى الداخل اللبناني، مستهدفة مقراً للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة في منطقة قوسايا الحدودية مع سوريا في شرق لبنان، في ضربة وصفها خبراء بأنها «رمزية ومحدودة» بالطائرات المسيرة بعد ساعات على تهديد أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله بإسقاط الطائرات المسيّرة الإسرائيلية في الأجواء اللبنانية.
وفيما يترقب لبنان تسارع التطورات الأمنية خلال اليومين الماضيين والتي تمثلت في الخروقات الإسرائيلية وتهديدات «حزب الله»، وسط مساعٍ لبنانية للتهدئة عبر تفعيل القنوات الدبلوماسية، استهدفت إسرائيل بعد منتصف ليل الأحد - الاثنين موقعاً لفصيل فلسطيني موال لدمشق في شرق لبنان قرب الحدود السورية.
وأشارت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية إلى «ثلاث غارات معادية» (إسرائيلية) «استهدفت سلسلة جبال لبنان الشرقية المقابلة لجرود بلدة قوسايا، حيث مواقع عسكرية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة». وقالت إن أفراد عناصر الموقع «ردوا بوابل من الرصاص المضاد للطيران».
وقال المسؤول الإعلامي للجبهة الشعبية أنور رجا إن «ما جرى هو قصف إسرائيلي بطائرة مسيّرة، واقتصرت الأضرار على الماديات البسيطة، إذ كان قد تمّ إخلاء النقطة المستهدفة».
وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن الأضرار ألحقت بغرفة خارجية في أطراف الموقع العسكري، وهي غرفة فارغة من الحراس، كما تضررت خزانات المياه وكابل الكهرباء، لافتة إلى أن عدد المقاتلين التابعين للجبهة في الموقع «تقلص إلى حد كبير بعد تحرير الجرود اللبنانية من العناصر المتطرفة في صيف 2017، ولا يتعدى عدد عناصر الفصيل الفلسطيني فيه أكثر من 30 شخصاً».
و«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» فصيل فلسطيني موال لدمشق وقريب من «حزب الله»، يتزعمه أحمد جبريل الذي يتخذ دمشق مقراً له. ويعد هذا الفصيل الأول الذي استخدم الطائرات الشراعية في عمليات المقاومة ضد إسرائيل. ولطالما تعرضت مواقعه في لبنان، قبل تحرير جنوب لبنان في العام 2000 لضربات إسرائيلية استهدفت مواقعه في قوسايا الواقعة شرق مدينة زحلة في البقاع، والناعمة الواقعة في جنوب مدينة بيروت.
وقللت «الجبهة الشعبية» من تأثير الضربات الإسرائيلية، إذ نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن رجا قوله إن إسرائيل من خلال القصف تحاول أن «تقول إنها قادرة على ضرب محور المقاومة حيث تشاء»، مشيراً إلى «نوع من الاستفزاز بهذه الضربة، التي جاءت بعد ساعات من خطاب» الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله. واعتبر خبراء أن هذه الضربة «رمزية» وتتحدى فيها إسرائيل نصر الله الذي توعد مساء الأحد بالرد على الهجوم الإسرائيلي على لبنان «مهما كلف الثمن»، بعد سقوط طائرة استطلاع وتنفيذ ضربة أخرى على «هدف» في معقله في الضاحية الجنوبية لبيروت ليل السبت - الأحد. كما توعد نصر الله الجنود الإسرائيليين بالرد عليهم في لبنان بعد مقتل اثنين من عناصر الحزب في ضربة إسرائيلية في ريف دمشق يوم السبت.
وكثف سلاح الجو الإسرائيلي أمس من طلعاته الجوية في الأجواء اللبنانية، وسط غياب ملحوظ لدوريات القوات الإسرائيلية في المنطقة الحدودية المقابلة لجنوب لبنان.
فقد أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بتحليق طائرة استطلاع معادية فوق النبطية وقرى إقليم التفاح، على علو منخفض، بعد خرق طائرة استطلاع إسرائيلية من دون طيار في ساعة مبكرة من فجر أمس الأجواء اللبنانية فوق مزارع شبعا، ونفذت الكثير من الطلعات الاستكشافية فوق قرى وبلدات العرقوب وصولا إلى المنحدرات الغربية لجبل الوسطاني في جنوب شرقي لبنان.
كما حلقت طائرة استطلاع إسرائيلية فوق مدينة بعلبك وضواحيها في شرق لبنان بموازاة تحليق الطيران الحربي الإسرائيلي في أجواء قرى قضاء مرجعيون على علو متوسط.
وخلافاً للطلعات الجوية، شهدت الحدود الجنوبية من منطقة الوزاني وكفركلا وصولا إلى بلدة عديسة، هدوءاً حذراً وترقبا لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في القرى الحدودية، حيث غابت حركة دوريات الجيش الإسرائيلي الراجلة والمؤللة عن الحدود قبالة قرى منطقة مرجعيون، واختفت نهائيا، و«تمركز جنود العدو داخل مواقعهم المحصنة على طول الخط الأزرق»، بحسب ما أفادت «الوكالة الوطنية».
وفي مقابل ذلك قام الجيش اللبناني وقوات «اليونيفيل» بدورياتهما المشتركة كالعادة، وتمركز البعض الآخر منها قبالة بلدة عديسة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.