العراق لاتخاذ موقف رسمي أمام المحافل الدولية ضد ضربات الـ«درون»

اجتماع بين الرئاسات الثلاث وقيادة {الحشد} تجنب الإشارة إلى إسرائيل

جانب من اجتماع عقدته أمس الرئاسات العراقية الثلاث مع قيادات الحشد الشعبي لبحث ضربات الطائرات المسيرة الأخيرة (رويترز)
جانب من اجتماع عقدته أمس الرئاسات العراقية الثلاث مع قيادات الحشد الشعبي لبحث ضربات الطائرات المسيرة الأخيرة (رويترز)
TT

العراق لاتخاذ موقف رسمي أمام المحافل الدولية ضد ضربات الـ«درون»

جانب من اجتماع عقدته أمس الرئاسات العراقية الثلاث مع قيادات الحشد الشعبي لبحث ضربات الطائرات المسيرة الأخيرة (رويترز)
جانب من اجتماع عقدته أمس الرئاسات العراقية الثلاث مع قيادات الحشد الشعبي لبحث ضربات الطائرات المسيرة الأخيرة (رويترز)

أكد اجتماع مشترك للرئاسات العراقية الثلاث مع قيادات الحشد الشعبي أن الاعتداءات التي تعرض لها الحشد مؤخراً، واتهم الأخير إسرائيل بها، هي في جانب منها محاولات لجرِّ الحشد ومنظومة الدفاع الوطني إلى الانشغال عن الدور المهم المتواصل من أجل القضاء على فلول «داعش». وقال بيان لرئاسة الجمهورية بعد اجتماع عقده الرئيس برهم صالح مع كل من رئيسي الوزراء عادل عبد المهدي والبرلمان محمد الحلبوسي وقيادات الحشد، في غياب كل من نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس وزعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي دون معرفة الأسباب، إن المجتمعين أكدوا أن «هذه الاعتداءات هي عمل عدائي سافر يستهدف العراق القوي المقتدر، وسيتخذ العراق، من خلال الحكومة وعبر جميع القنوات الفاعلة والمنظمات الدولية والإقليمية كل الإجراءات التي من شأنها ردع المعتدين والدفاع عن العراق وأمنه وسيادته على أراضيه». وأضاف البيان أنه جرى التأكيد على «أهمية التركيز على الهدف الأساسي المتمثل بمحاربة الإرهاب وتطهير الأرض العراقية من فلوله وعدم الانشغال بكل ما من شأنه صرف الانتباه عن هذه المعركة مع التأكيد أن سيادة العراق وسلامة أبنائه خط أحمر وأن الدولة تتكفل بحمايتهم والدفاع عنهم أمام أي استهداف».
إلى ذلك علمت «الشرق الأوسط» من مصدر رفيع المستوى أن «العراق بدأ يتجه لاتخاذ موقف رسمي معلن ضد إسرائيل عبر التحرك بمذكرات احتجاج للمجتمع الدولي على أثر تكرار الضربات التي استهدفت في الآونة الأخيرة مواقع عسكرية تعود إلى الحشد الشعبي في مناطق مختلفة من البلاد». وأضاف المصدر الذي طلب عدم الإشارة إلى اسمه أو مركزه أنه «ليس هناك انقسام رسمي بالقدر الذي يجري تصويره حول ما يجري بقدر ما هناك عمل لجمع الأدلة الدامغة التي تؤكد ضلوع إسرائيل في سلسلة الاستهدافات التي طالت مواقع الحشد، وآخرها ما حصل في القائم، حين تم استهداف أحد الألوية التابعة للحشد، ومن ثم استهداف سيارة كانت تقل قيادياً بالحشد، ما أدى إلى مقتله». وبيّن المصدر الرفيع المستوى أن «القيادات السياسية العراقية وكذلك الرئاسات الثلاث سوف تبلور في غضون الساعات المقبلة موقفاً وطنياً موحداً يؤكد هيبة الدولة ومنع تشظي المواقف تحت أي ذريعة مع تأكيد مرجعية كل المؤسسات العسكرية سواء كانت جيشاً أم حشداً شعبياً إلى القائد العام للقوات المسلحة الذي وحده يملك القرار الأخير الذي يضمن مبدأ سيادة الدولة»، مشيراً إلى أن «الحكومة العراقية يمكن أن تسلم مذكرات احتجاج ضد إسرائيل إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي وإلى الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي لإدانة إسرائيل ووقف أي عدوان لها على الأرض العراقية تحت أي ذريعة من الذرائع أو الحجج».
من جهتها، أعلنت وزارة الخارجية العراقية عزمها اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة «للتصدي لأي عمل يخرق سيادة العراق». وقال المتحدث باسم الخارجية أحمد الصَحّاف في بيان أمس، إن «وزارة الخارجية ستتخذ كل الإجراءات الدبلوماسية والقانونية اللازمة من خلال الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي ومن خلال التواصل مع الدول الشقيقة والصديقة للتصدي لأي عملٍ يخرق سيادة العراق وسلامة أراضيه». وكان وزير الخارجية محمد علي الحكيم أبلغ السفير البريطاني لدى العراق جون ويلكس، أنّ «حكومة العراق تضع كلّ الخيارات الدبلوماسيّة والقانونيّة في مُقدّمة أولويّاتها؛ لمنع أي تدخّل خارجي في شأنه الداخلي وبما يصون أمن وسيادة العراق وشعبه».
وفي هذا السياق، أكد الخبير الاستراتيجي الدكتور هشام الهاشمي لـ«الشرق الأوسط»، أن «العراق يمر في المرحلة الراهنة بمخاطر وتحديات كبيرة سياسية وأمنية معقدة، وأن الواقع الحكومي الذي يزداد سوءاً في الآونة الأخيرة هو من ناحية، نتاج تطورات الخلاف على تقاسم السلطة والثروات بين قيادة الأحزاب الحاكمة، وعلى اختلافها بالتبعية لأجندات قوى مختلفة في الساحة الدولية». ويضيف الهاشمي أن «مؤسسات الدولة العراقية ليس لها سوى سيطرة محدودة على سيادة قراراتها؛ ومن ناحية أخرى، الافتقار إلى إسناد سياسي مناسب لتأكيد سيادة قرارات الحكومة، على هذه التطورات». وأوضح الهاشمي أن «الحكومة العراقية تتألف من قوى سياسية تتعارض وجهات نظرها بكل معنى الكلمة؛ وقد تجنبت صياغة سياسة ثابتة بأهداف واضحة منذ عام 2005، حول قضايا وطنية مصيرية، واختارت بدلاً من ذلك تقاسم وتحاصص السلطات والثروات والقرارات، بحيث تخفف الضغط الداخلي والإقليمي والدولي الراهن عليها من خلال خطوات جزئية ضعيفة»، مبيناً أنه «نتيجة لكل ذلك فإنه حين تشكلت حكومة عادل عبد المهدي أواخر عام 2018 فقد واجهت صدمة قوية لكونها لا تملك أجوبة عن كثير من التحديات الأمنية والاقتصادية؛ منها العدوان الإسرائيلي على الأراضي العراقية، وعدم قدرة الحكومة على ضبط إيقاع تدخل كل من إيران وأميركا في قرارات الدولة التي تؤثر على وضعها السياسي والأمني والاقتصادي بشكل علني».
وبشأن الاختلافات الرئيسية في الرأي في مراكز القرار داخل حكومة عادل عبد المهدي، يقول الهاشمي إنها «تركز على درجة ضبط الفصائل المسلحة المعتدى عليها في الرد على التواطؤ الأميركي - الإسرائيلي، وعلى تفاهمات الحكومة حول تسوية سياسية من خلال ضغط أميركا على إسرائيل لإيقاف عدوانها على فصائل الحشد داخل العراق، وعلى المعسكرات والمخازن العسكرية المشتركة، في موقف أميركي أخير قد يساعد على رفع الحرج عن حكومة عادل عبد المهدي وعن المصالح والوجود الأميركي في العراق».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».