الجزائر: صالح يهاجم المعارضة لرفضها الانخراط في {حوار السلطة}

TT

الجزائر: صالح يهاجم المعارضة لرفضها الانخراط في {حوار السلطة}

هاجم قائد الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح، المعارضين الذين وصفهم بـ«الأصوات الناعقة والنوايا الخبيثة» وبأنهم «باعوا ضمائرهم لخدمة مصالح العصابة ومصالح أسيادهم»، وذلك بسبب رفضهم مسعى «الوساطة والحوار»، الذي تقوده «هيئة» محسوبة على السلطة، وقال صالح: «الشروع في التحضير لها خلال الأسابيع القليلة القادمة لأن الوقت ليس في صالحنا».
وذكر قائد الجيش أمس في أثناء وجوده بمنشأة عسكرية في وهران (غرب)، أن قادة المعارضة، دون ذكرهم، «يحاولون فرض شروط تعجيزية وإملاءات مرفوضة جملةً وتفصيلاً، على غرار الترويج لفكرة التفاوض بدل الحوار والتعيين بدل الانتخاب وممارسة الألاعيب المفضوحة، عبر التركيز على قضايا هامشية لا فائدة تُرجى منها».
واتهم الجنرال صالح المعارضين بـ«بث أفكار مسمومة ترهن الرئيس القادم، وتفرض عليه تطبيق أجندات معدّة مسبقاً، وهو إجراء غير مقبول لكونه يتناقض تماماً مع أحكام الدستور الواضحة في هذا المجال، ويحدّ من صلاحيات الرئيس المنتخب، رغم أنه بعد انتخابه سيكون قد حاز شرعية الصندوق وحظي بثقة الشعب، الذي اختاره على أساس برنامج محدد، كل هذه الألاعيب تهدف إلى التشويش على مسار الحوار وتوجيهه إلى ما يخدم المصالح الخاصة للعصابة». و«العصابة» كلمة استحدثها قائد الجيش في خطابات سبقت استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في 2 أبريل (نيسان) الماضي، وقد أطلقها على محيط الرئيس والمقربين منه، وبخاصة شقيقه السعيد ومدير المخابرات سابقاً الفريق محمد مدين المدعو «توفيق»، اللذين سجنهما.
وترفض المعارضة الأجندة التي حددها الجيش للخروج من أزمة الحكم، وبخاصة ما تعلق بتنظيم انتخابات حالياً، وتطالب بإصلاحات سياسية عميقة لتفادي انتخاب رئيس جديد بنفس الآليات التي سمحت لبوتفليقة بالاستمرار في الحكم لمدة 20 سنة. كما تطالب بإقالة حكومة رئيس الوزراء نور الدين بدوي، بحجة أنها «غير شرعية لأن بوتفليقة هو مَن عيّنها قبل رحيله عن السلطة».
وتقترح المعارضة «مرحلة انتقالية» تدوم ما بين عام وعامين، يتم خلالها تعديل الدستور ومراجعة عدة قوانين، قبل التوجه إلى انتخابات جديدة. غير أن قائد الجيش يرفض ذلك بشدة، وقال في خطاب، أمس، نشرته وزارة الدفاع على موقعها الإلكتروني: «تجنبنا كل المراحل الانتقالية وخيمة العواقب التي يروّج لها بعض الأطراف التي لا غاية لها سوى تحقيق مصالحها الضيقة ومصالح أسيادها، هذه الأطراف التي بدأت تنكشف على حقيقتها، ولدينا معلومات مؤكدة حول تورطها، سنكشف عنها في الوقت المناسب».
ونادراً ما يتحدث الجنرال صالح في شؤون السياسة، من دون أن يهاجم خصوم السلطة ويهددهم، ويتهمهم بـ«العمالة لجهات أجنبية». كما ذكر في عدة مناسبات أنه «سيكشف» عن هذه «الجهات» لكن لم يفعل أبداً.
ويرى قايد صالح أن الانتخابات، التي يريدها في أقرب وقت، «ستكون فرصة حقيقية لتجسيد الإرادة الشعبية وترجمتها على أرض الواقع، من خلال انتخاب رئيس يحظى بالشرعية اللازمة وبثقة الشعب، المصر على هذا المطلب الملحّ وعلى موقفه الثابت بخصوص تحضير وإجراء الانتخابات الرئاسية، في أقرب الآجال». وأضاف: «إن المنطق يفرض الشروع في التحضير لها خلال الأسابيع القليلة القادمة، وكل ما نقوله مبنيٌّ على معلومات مؤكدة ومعطيات موثوقة، تؤكد كلها أن هذا هو الخيار الأسلم والأنجع للخروج من الأزمة الحالية، وعليه، أجدد الدعوة مرة أخرى إلى ضرورة التعجيل بتنصيب الهيئة الوطنية المستقلة لتحضير وتنظيم ومراقبة الانتخابات الرئاسية، التي تعد ضماناً أساسياً لتجاوز الوضع الراهن».
وأشاد قائد الجيش بـ«الجهود الوطنية المخلصة التي تبذلها الهيئة الوطنية للوساطة والحوار»، وبـ«النتائج المشجعة المحقَّقة في وقت قصير، كما نجزي جزيل الشكر لكل الذين لـبّوا نداء الوطن، انطلاقاً من إخلاصهم الصادق وإيمانهم الثابت بأن الجزائر التي سُقيت أرضها الطاهرة بدماء الملايين من الشهداء ستعرف كيف تخرج بحول الله تعالى وقوته، من أزمتها وكيف تنتصر كما عهدناها دوماً»، في إشارة إلى لقاءات عقدها كريم يونس رئيس «هيئة الوساطة»، مع أحزاب انخرطت في مسعى الحوار.
وفي أول رد فعل من المعارضة على هذا الخطاب الناري، صرّح محسن بلعباس رئيس حزب «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، بأن قائد أركان الجيش «عاد إلى التدخل في السياسة واستعمال لغة التهديد، فهو يتهم المدافعين عن السيادة الشعبية بالعمل لمصلحة قوى أجنبية، تماماً كما كان يفعل توفيق وطرطاق (مدير مخابرات سابق مسجون) ونزار (وزير دفاع سابق محل مذكرة اعتقال أصدرتها المحكمة العسكرية بأمر من صالح) وبوتفليقة وأويحيى (رئيس وزراء سابق مسجون)».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».