ضجة تعقب تصريح النائب عودة حول المشاركة في حكومة إسرائيلية

هجوم من اليمين الإسرائيلي والعربي... وترحيب من اليسار وباراك

دردشة جانبية في الكنيست بين النائب العربي أيمن عودة ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في ديسمبر 2018 (أب)
دردشة جانبية في الكنيست بين النائب العربي أيمن عودة ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في ديسمبر 2018 (أب)
TT

ضجة تعقب تصريح النائب عودة حول المشاركة في حكومة إسرائيلية

دردشة جانبية في الكنيست بين النائب العربي أيمن عودة ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في ديسمبر 2018 (أب)
دردشة جانبية في الكنيست بين النائب العربي أيمن عودة ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في ديسمبر 2018 (أب)

أثار النائب أيمن عودة، رئيس «القائمة المشتركة»، عاصفة شديدة في الحلبة السياسية الإسرائيلية عندما أعلن في لقاء مع الصحافي ناحوم برنياع في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس (الخميس)، أنه مستعد للانضمام إلى ائتلاف حكومي يضم أحزاب اليسار والوسط في إسرائيل.
وهاجمت أحزاب اليمين عودة، قائلة، إن «إرهابياً فلسطينياً سيصبح وزيراً في حكومة إسرائيل إذا تم انتخاب رئيس حزب (كحول لافان) بيني غانتس، رئيساً لها»، وهاجمته قوى اليمين الراديكالية في الوسط العربي في إسرائيل واعتبرته «متأسرلاً» (نسبةً إلى إسرائيل)، بيد أن أحزاب اليسار الإسرائيلي رحبت به.
كان عودة قد تكلم في مقابلة طويلة ستُنشر اليوم (الجمعة)، في الصحيفة، فقال إنه لا يستبعد احتمال أن توصي قائمته رئيس الدولة رؤوفين ريفلين، بإسناد مهمة تشكيل الحكومة القادمة إلى رئيس حزب «كحول لافان» بيني غانتس، وتنضم إلى ائتلاف بقيادته. لكنه وضع شروطاً عسيرة لذلك، بينها أن يتوجه إليه غانتس بنفسه طالباً هذه التوصية وأن يتعهد في المقابل بأن تعمل حكومته على تحقيق المساواة للمواطنين العرب (فلسطينيي 48) وإلغاء قانون القومية اليهودية العنصري، واستئناف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، وتمتنع عن شن حروب على العرب عموماً والفلسطينيين خصوصاً، وغير ذلك. وقد اعتبرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، هذه التصريحات «انعطافاً تاريخياً في الموقف التقليدي للأحزاب العربية، التي كانت قد دعمت سابقاً حكومات للوسط واليسار، وانضمت أحياناً إلى كتل ممانعة لها ولكن دائماً من مقاعد المعارضة».
وقد رحب قادة أحزاب اليسار الإسرائيلي بهذا التصريح واعتبروه خطوة متقدمة للتعاون على إسقاط حكم اليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو. وقال إيهود باراك، رئيس الوزراء ووزير الدفاع السابق، الذي أقام تحالف «المعسكر الديمقراطي» مع حزب «ميرتس»، إن «تصريح أيمن عودة يعبّر عن رياح جديدة في السياسة العربية تتسم بالحكمة والذكاء». وقال إن «اليسار في المجتمع اليهودي أيضاً نضج بأفكاره السياسية وبات يؤمن بأن المواطنين العرب هم جزء لا يتجزأ من إسرائيل ولا يجوز اتّباع أي سياسة تمييز ضدهم ويجب منحهم حقوقهم بالمساواة من دون أي تحفظ». وقال إنه عيّن نائب وزير عربي في حكومته سنة 1999، ويعتقد أن من حق العرب أن يُمثَّلوا بوزير كامل أو وزيرين، «فأنا أعرف الكثير من المواهب والقدرات لدى الشباب العرب التي يجب فتح الباب لها للمشاركة في قيادة إسرائيل». وأضاف: «هنالك طبيب عربي مبدع يعمل في مستشفى الخضيرة، أنقذ والدتي من الموت».
وقال نيستان هوروفتش، رئيس حزب «ميرتس»، إن تصريح عودة مهم للغاية وأهم ما فيه أنه يفضح القوى التي ترفض المساواة وترفض المصالحة، أكان ذلك في اليمين اليهودي أو في التيار القومي العربي.
وقال المربي وليد طه، عضو المكتب السياسي للحركة الإسلامية والمرشح لعضوية الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، إنه يؤمن بكل كلمة قالها أيمن عودة، فهذه هي مصلحة المواطنين العرب، «فمن خلال الائتلاف يمكن لنا أن نحقق مكاسب كبيرة للعرب على طريق المساواة، ويمكننا أن نسهم كثيراً في المعركة لتحرير شعبنا الفلسطيني من الاحتلال الإسرائيلي وبطشه وحروبه العدوانية والسعي لتحقيق السلام».
ولكن غالبية الردود اتخذت الطابع السلبي على جانبي الخريطة الحزبية الإسرائيلية. ففي حزب الجنرالات «كحول لافان»، أبدوا تحفظات على التحالف مع القائمة المشتركة، حتى لا يغضب منهم الجمهور اليميني. فقال يائير لبيد، المرشح الثاني، إن «أيمن عودة لا يمكنه القول لناحوم برنياع: سنجلس معهم في الحكومة. ومن ثم يضم إلى قائمته حزب التجمع. فقادة هذا الحزب لا يتفوهون إلا بخطاب كراهية لإسرائيل ولا يعترفون بدولة يهودية. وهذه ازدواجية في الكلام وليست مقبولة لدى أيّ أحد عندنا». كذلك قال المرشح الرابع في «كحول لافان» غابي أشكنازي، لإذاعة الجيش الإسرائيلي: «لا نستطيع الجلوس مع أحزاب (عربية) لا تعترف بإسرائيل دولة يهودية».
ورفض أفيغدور ليبرمان أي تعاون مع أيمن عودة، «فهذا إرهابي مكانه في المجلس التشريعي الفلسطيني في رام الله». وقال: «ما يختبئ وراء الإعلان الغريب لأيمن عودة هي محاولة إعطاء شرعية لتعاون خطير بين الليكود والقائمة المشتركة، فيما الغاية هي تشكيل حكومة مع الحريديين بدعم الأحزاب العربية».
وفي الليكود الحاكم، أصدروا بياناً مقتضباً قالوا فيه إن «الأمور أصبحت الآن أوضح: بيني غانتس سيشكّل حكومة يسار مع أيمن عودة والأحزاب العربية. ومن يريد حكومة يمين عليه التصويت لليكود فقط». وقال وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي غلعاد إردان، وهو أيضاً من الليكود، إن «أيمن عوده مؤيد للإرهاب». وكتب على حسابه في «تويتر»: «واضح الآن أن مَن سيصوّت لـ(كحول لافان)، سيحصل على ما يبدو على حكومة يسار مع مؤيد للإرهاب».
وأثارت أقوال أيمن عودة معارضة واسعة أيضاً في الأحزاب التي تشكل القائمة المشتركة، التي يقودها. فقال النائب د. إمطانس شحادة، من التجمع الوطني إن «أقوال عودة بائسة»، وأضاف: «دَعُونا لا ننسَ أن غانتس ولبيد لا يريدان التوجه إلى القائمة المشتركة أبداً». وأكد النائب السابق جمال زحالقة، أن أقوال أيمن عودة تتعارض مع موقف «المشتركة» و«التجمع»، مشدداً على أن «هذه مناورة خطيرة في العلاقات العامة وتمنح شرعية لحزب الجنرالات الذين ارتكبوا جرائم حرب ويتباهون بها».
وحتى من حزب أيمن عودة «الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة»، صدرت مواقف معارضة، فقالت النائبة عايدة توما – سليمان، إن «أقوال أيمن عودة تعبّر عن رأيه الشخصي» وإنه «يوجد نقاش حول رأيه هذا». وأضافت: «أنا متشككة بهذا الخصوص، ولا أرى، لأسفي الشديد، في الخريطة السياسية اليوم، حتى أولئك الذين يحاولون وصف أنفسهم باليسار، وهم بعيدون عن اليسار، لا أرى أن لديهم الشجاعة للقيام بخطوات كهذه». وتابعت توما - سليمان: «لا أرى غانتس، الذي تحدث عن قصف غزة قبل يومين، يفكر بالسلام، لكني أعتقد أن الكرة لدى غانتس ويائير لبيد وكل من يطمح لرئاسة الحكومة».
وقد رد أيمن عودة على هذه المواقف قائلاً إن قائمته تشترط انضمامها إلى ائتلاف للوسط واليسار بتعهد الائتلاف بتحسين ظروف المجتمع العربي في مجالات التخطيط والبناء والرفاهة ومحاربة العنف، إلى جانب إلغاء قانون القومية واستئناف المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين وإنهاء الاحتلال والاستيطان. وقال زميله النائب أحمد الطيبي، رئيس «الحركة العربية للتغيير» في القائمة المشتركة، إن «طرح أيمن عودة مشروط بإنهاء الاحتلال، ولا أرى أن أحداً في الأحزاب الإسرائيلية يتحدث عن ذلك اليوم».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».