قوات النظام تدخل بلدة استراتيجية في إدلب

انسحاب الفصائل من خان شيخون... والأسد يتمسك باستعادة «كامل الأراضي»

إسعاف طفلتين أصيبا بقصف ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
إسعاف طفلتين أصيبا بقصف ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
TT

قوات النظام تدخل بلدة استراتيجية في إدلب

إسعاف طفلتين أصيبا بقصف ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
إسعاف طفلتين أصيبا بقصف ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)

انسحبت فصائل مقاتلة ليل الاثنين - الثلاثاء من مدينة خان شيخون الاستراتيجية في جنوب إدلب ومن ريف حماة الشمالي المجاور، لتصبح أكبر نقطة مراقبة تركية موجودة في المنطقة بموجب تفاهم بين أنقرة وموسكو تحت مرمى نيران قوات النظام.
وحذرت أنقرة الثلاثاء دمشق من «اللعب بالنار» غداة إعلانها تعرض رتل عسكري تابع لها لضربة جوية أثناء توجهه إلى نقطة المراقبة التركية جنوب خان شيخون، بينما اتهمت موسكو الفصائل بممارسة «الاستفزازات». وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الثلاثاء بانسحاب «هيئة تحرير الشام والفصائل المعارضة من مدينة خان شيخون ومن ريف حماة الشمالي، فيما تعمل قوات النظام على تمشيط المدينة». ونفت «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) الانسحاب من ريف حماة الشمالي. وأشار متحدث باسمها على حساب الهيئة على تطبيق تلغرام إلى «إعادة تمركز» قواته جنوب خان شيخون. وتسيطر الهيئة على غالبية محافظة إدلب والمناطق المحاذية لها، حيث تنتشر أيضاً فصائل معارضة أقل نفوذاً تخوض معارك ضد قوات النظام. وجاء انسحاب الفصائل بعد سيطرة قوات النظام بإسناد جوي روسي على أكثر من نصف المدينة، وتمكنها من قطع طريق حلب - دمشق الدولي أمام تعزيزات عسكرية أرسلتها أنقرة وكانت في طريقها إلى ريف حماة الشمالي، حيث توجد أكبر نقطة مراقبة تركية في بلدة مورك.
ويمر جزء من هذا الطريق في إدلب، وهو يربط مدينة حلب (شمال) بدمشق، ويقول محلّلون إنّ النظام يريد استكمال سيطرته عليه.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية: «باتت نقطة المراقبة التركية في مورك في حكم المحاصرة، ولم يبق أمام عناصرها إلا الانسحاب عبر طرق تحت سيطرة النظام ميدانياً أو نارياً». ورداً على التطورات الأخيرة، دعا وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الثلاثاء دمشق إلى «عدم اللعب بالنار». وقال خلال مؤتمر صحافي: «كما قلنا سابقاً، سنفعل كل ما يلزم لضمان أمن عسكريينا ونقاط المراقبة الخاصة بنا». وكانت أنقرة أعلنت الاثنين تعرض رتلها إثر وصوله إلى ريف إدلب الجنوبي لضربة جوية، تسببت بمقتل ثلاثة مدنيين، لكن المرصد قال إنهم من مقاتلي المعارضة.
ولم يتمكن الرتل، المؤلف من قرابة خمسين آلية من مصفّحات وناقلات جند وعربات لوجيستية بالإضافة إلى خمس دبابات على الأقل، من إكمال طريقه إلى مورك بعد تعرض مناطق قريبة منه للقصف وفق المرصد، ما دفعه إلى التوقف منذ بعد ظهر الاثنين على الطريق الدولي في قرية معر حطاط شمال خان شيخون. وتتعرض طرقات مؤدية إلى المنطقة الثلاثاء لقصف جوي، وفق مراسل الصحافة الفرنسية. وإدلب مشمولة باتفاق روسي تركي لخفض التصعيد واتفاق آخر تمّ توقيعه في سوتشي في سبتمبر (أيلول) نصّ على إنشاء منطقة منزوعة السلاح تفصل بين قوات النظام والفصائل على أن ينسحب مسلحون منها. وجنّب الاتفاق الأخير إدلب هجوماً لطالما لوّحت دمشق بشنّه، وإن كان لم يُستكمل تنفيذه. وغداة تنديد دمشق بالتعزيزات التركية، أكد الرئيس بشار الأسد الثلاثاء عزمه على استعادة كل الأراضي الخارجة عن سيطرته. واعتبر خلال استقباله وفداً روسياً أن «المعارك الأخيرة في إدلب كشفت لمن كان لديه شك عن دعم أنقرة الواضح وغير المحدود للإرهابيين».
وأوردت صحيفة «الوطن» المقربة من دمشق في عددها الثلاثاء أن الجيش السوري وجّه الاثنين «إشارات تحذير واضحة لأي محاولة إنعاش تركية جديدة للإرهابيين».
ويقول الباحث المتابع للشأن السوري سامويل راماني لوكالة الصحافة الفرنسية إن هدف دمشق من اتهام أنقرة «بالتدخل» العسكري هو أن «تُظهر تركيا وليس الجيش السوري، وكأنها المنتهكة الأبرز لاتفاق سوتشي». وتنشر أنقرة بموجب هذا الاتفاق كثيرا من نقاط المراقبة في إدلب. وتتهمها دمشق بالتلكؤ في تطبيقه.
ويقول الباحث في مجموعة الأزمات الدولية سام هيلر: «أثبتت دمشق وحليفها الروسي أن نقاط المراقبة التركية قد تعقّد التقدم العسكري على الأرض، في ظل رغبتهما بتجنب إيقاع ضحايا في صفوف الجنود الأتراك، إلا أنّ هذه النقاط لا تكفي لردعهما عن المضي قدماً». ومن غير الواضح وفق هيلر، ما إذا كانت دمشق بدعم روسي ستواصل تقدمها ميدانياً أم ستكتفي بثبيت مواقعها الجديدة.
وأرسى اتفاق سوتشي بعد توقيعه هدوءاً نسبياً، قبل أن تصعد قوات النظام قصفها في نهاية أبريل (نيسان) وانضمت إليها الطائرات الروسية لاحقاً. وفي الثامن من الشهر الحالي، بدأت تتقدم ميدانياً في ريف إدلب الجنوبي.
واستهدف القصف الثلاثاء مناطق عدة شمال خان شيخون بينها قرية بينين، حيث شاهد مراسل الصحافة الفرنسية عناصر من الدفاع المدني وهم ينتشلون رجلاً من تحت الأنقاض بعد نجاته بأعجوبة، وبدا بعد إنقاذه في حالة رعب قبل نقله إلى سيارة الإسعاف.
وتسبب التصعيد بمقتل أكثر من 860 مدنياً وفق المرصد، ونزوح أكثر من 400 ألف شخص، وفق الأمم المتحدة. وتشهد سوريا نزاعاً دامياً تسبب منذ اندلاعه في 2011 بمقتل أكثر من 370 ألف شخص وأحدث دماراً هائلاً في البنى التحتية وأدى إلى نزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.