تونس: مرشحون للانتخابات الرئاسية يطعنون في ملفات بدعوى «شبهات فساد»

TT

تونس: مرشحون للانتخابات الرئاسية يطعنون في ملفات بدعوى «شبهات فساد»

أعلن عماد الغابري، المتحدث باسم المحكمة الإدارية، أن 13 مرشحا للانتخابات الرئاسية في تونس تقدموا بطعون ضد قرارات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، بعد أن رفضت ملفات ترشحهم.
وقال الغابري إن أغلب الطعون المقدمة للمحكمة كانت حول التزكيات، التي تحوم حولها شبهات تزوير واستغلال معطيات شخصية لناخبين تونسيين، دون علمهم. مؤكدا أن قرارات المحكمة الإدارية ستصدر الجمعة المقبل ليتم ضبط القائمة الأولية للمرشحين للانتخابات الرئاسية، في انتظار الإعلان عنها بصفة نهائية في 31 من الشهر الجاري.
يذكر أن هيئة الانتخابات كانت قد أعلنت عن قائمة أولية تتكون من 26 مرشحا لرئاسيات تونس، استوفت ملفاتهم الشروط القانونية، من بين 97 ملفا للترشح.
في سياق متصل، نظمت أمس قيادات مستقيلة من الحزب الدستوري الحر، الذي ترأسه عبير موسى، إحدى المرشحات لرئاسة تونس، مؤتمرا صحافيا بالعاصمة التونسية قصد تسليط الضوء على أسباب الاستقالة الجماعية، احتجاجا على ما سموه «سياسة الإقصاء الممنهج».
وخلال هذا المؤتمر قالت سامية العوني، وهي أيضا قيادية في الحزب الدستوري الحر، إن رئيسة الحزب اتهمتهم بالإقصاء، وعملت طوال الفترة الماضية على تهميشهم بعد أن وطدت ركائز الحزب بفضل مجهودات بذلوها لمدة ثلاث سنوات متتالية. كاشفة عن وجود «تهديدات وصلت الشخصيات المستقيلة»، لكنهم «لن يصمتوا» على هذا الإقصاء على حد تعبيرها.
وأضافت العوني أن شعار «الحزب حزبنا وعبير لا تمثلنا» يلخص ما وصلت إليه العلاقة من شد وجذب بين القيادات المتمسكة بالتفرد في اتخاذ القرار، ومن يبحثون على إشراك الكفاءات، التي عملت لسنوات دون كلل من أجل إنجاح الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، على حد تعبيرها.
يذكر أن الاستقالات التي قدمتها قيادات وممثلون عن هياكل الحزب، بدأت منذ الإعلان عن القائمات الانتخابية، التي ينتظر أن تشارك في الانتخابات البرلمانية المقررة في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. كما اتهم المستقيلون رئيسة الحزب بإسناد معظم رئاسة القائمات الانتخابية إلى أعضاء الديوان السياسي، على حساب القيادات الميدانية في الجهات «لمجرد التموقع داخل المشهد السياسي والبحث عن الحصانة البرلمانية». في حين أكدت رئيسة الحزب أن المستقيلين هم 5 قيادات من منطقة صفاقس (وسط شرقي) بالخصوص، موضحة أنهم تمسكوا بضرورة ترؤس القائمات الانتخابات، في حين أن المنطقة مقسمة إلى دائرتين انتخابيتين فقط، وهو ما لا يمكّن من ترؤس الجميع للقائمات الانتخابية.
على صعيد آخر، أكد عادل البرينصي، عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، مصادقة مجلس الهيئة على نتائج الانتخابات البلدية الجزئية، التي عرفتها ثلاث بلديات تونسية نهاية الأسبوع الماضي.
وأبرزت هذه النتائج الانتخابية صعود القائمات المستقلة، التي سيطرت على النصيب الأكبر من المقاعد البلدية، حيث حصل المستقلون في بلدية تيبار (شمال غربي تونس) على 12 مقعدا من إجمالي 18 مقعدا، فيما فازت حركة النهضة بثلاثة مقاعد. أما حزب النداء فلم يحصل سوى على مقعد وحيد.
وفي بلدية «السرس» بمحافظة الكاف حصلت القائمات الانتخابية المستقلة على 12 مقعدا بلديا من مجموع 18 مقعدا، فيما تقاسمت كل من حركة النهضة وحركة تحيا تونس بقية المقاعد. كما أظهرت نتائج الانتخابات البلدية الجزئية في بلدية العيون (القصرين) أن المستقلين فازوا بـ11 مقعدا من إجمالي 18 مقعدا، وفاجأت حركة تحيا تونس، التي يتزعمها يوسف الشاهد، بقية الأحزاب المشاركة بفوزها بأربعة مقاعد، في ظل غياب كلي لحركة النهضة في هذه الانتخابات. ويرى مراقبون للشأن المحلي أن نتائج الانتخابات البلدية الجزئية قد تكشف عن بعض ملامح المشهد السياسي المقبل، ذلك أن القائمات المستقلة قد تنافس بقوة الأحزاب السياسية المعروفة، خاصة في الانتخابات البرلمانية المقررة في السادس من أكتوبر المقبل، في حين أن أمل المرشحين المستقلين في الوصول إلى رئاسة تونس يبقى ضئيلا، نتيجة الثقل السياسي والانتخابي الذي يتمتع به مرشحو الأحزاب السياسية.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.