تهديدات متبادلة بين إسرائيل و«حماس»... ولا نية للتصعيد

TT

تهديدات متبادلة بين إسرائيل و«حماس»... ولا نية للتصعيد

شهد قطاع غزة توتراً محدوداً بعد شن إسرائيل سلسلة هجمات صاروخية استهدفت عدة مواقع في القطاع رداً على إطلاق صاروخ من غزة أسقطته القبة الحديدة. وشن الطيران الحربي الإسرائيلي، فجر أمس، غارات على مواقع متفرقة من قطاع غزة.
وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي إن القوات شنت غارتين على بنيتيْن أرضيتيْن تابعتيْن لـ«حماس» في شمال ووسط قطاع غزة، رداً على إطلاق القذيفة الصاروخية من قطاع غزة باتجاه مستوطنات غلاف غزة في وقت سابق أمس.
وفي وقت متأخر الجمعة، سمع دوي صافرات الإنذار في المستوطنات المحاذية لقطاع غزة؛ في سديروت وعدة تجمعات مجاورة. وقالت القناة 13 العبرية إن «شخصين أصيبا بجروح طفيفة بينما كانا في طريقهما إلى الملجأ في مدينة سديروت وتم نقلهما إلى مستشفى برزيلاي».
ويأتي إطلاق الصاروخ، الجمعة، بعد انتهاء «مسيرة العودة» في قطاع غزة. وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أنه أصيب خلال هذه المظاهرات 63 فلسطينياً بجراح مختلفة، من بينهم 17 طفلاً و3 فتيات، ومنهم 32 إصابة بالرصاص الحي من قبل الجيش الإسرائيلي.
وشمل القصف الإسرائيلي في غزة أرضاً زراعية مجاورة لموقع تابع لكتائب القسام في حي التفاح شرق مدينة غزة بصاروخين وأرض زراعية في قرية وادي السلقا دون الإعلان عن وقوع إصابات. وقال الناطق باسم الجيش: «سنواصل العمل ضد محاولات إلحاق الأذى بالمدنيين الإسرائيليين». وحمل الجيش حركة «حماس» المسؤولية عن كل ما يتم «داخل وخارج قطاع غزة».
ويدرك الإسرائيليون أن «حماس» لا تقف خلف الصاروخ، لكنهم يريدون من الحركة منع إطلاق الصواريخ. وردت حركة حماس بالقول إن المقاومة لن تسمح بأن تكون غزة مسرحاً لتصدير الأزمات.
وقال فوزي برهوم الناطق باسم حركة «حماس» إن «قصف واستهداف الاحتلال الإسرائيلي لمواقع المقاومة في غزة رسالة تصعيد وعدوان تهدف إلى حرف الأنظار عما يجري من أعمال في الضفة الغربية أربكت حسابات الاحتلال وعمقت أزماته الداخلية». وحيا برهوم العمليات في الضفة الغربية، مؤكداً أن المقاومة لن تسمح بأن تكون غزة مسرحاً لتصدير هذه الأزمات، وجوابها سيبقى منسجماً تماماً مع امتداد الحالة النضالية والجهادية للشعب الفلسطيني في الضفة وغزة وفي كل مكان في فلسطين على حد سواء، ومع واجبها في الدفاع عن شعبنا وحماية مصالحه.
ويشير بيان الجيش الإسرائيلي وبيان «حماس»، إلى أن الطرفين معنيان باستمرار حالة الهدوء في القطاع. وكان الطرفان توصلا إلى اتفاق هدنة برعاية مصرية في مايو (أيار) الماضي.
وبحسب التقديرات الأمنيّة الإسرائيليّة، فإن هذه التهدئة «غير قابلة للكسر» رغم أنه لا يوجد تقدم كبير في المفاوضات. وتدرك «حماس» أن أي تقدم حقيقي لن يتم قبل تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة بعد الانتخابات التي ستجرى في سبتمبر (أيلول) المقبل.
وتعتقد الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة أن رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة، يحيى السنوار، معني في هذه المرحلة بالتوصل إلى تهدئة أوسع من أجل تحسين الأوضاع الاقتصاديّة في القطاع. لكن من غير المعروف إذا ما كانت هذه التفاهمات ستبقى على حالها مع تشكيل حكومة جديدة في إسرائيل، أم لا.
وتهاجم الأحزاب الإسرائيلية سياسة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع «حماس» وترى أنها ضعيفة. ويرفض المنافس الرئيسي لنتنياهو الجنرال بيني غانتس سياسة نتنياهو مع غزة كما يهاجمه رئيس حزب «يسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان الذي يتوقع أن يكون بيضة القبان في أي تشكيل حكومي. ويقول الرجلان إن نتنياهو يشتري الهدوء من «حماس».
وهاجم زعيم حزب العمل، عمير بيرتس، أمس، سياسة نتنياهو تجاه حركة «حماس» في قطاع غزة عقب إطلاق الصاروخ.
وقال بيرتس مستهزئاً بنتنياهو خلال مؤتمر ثقافي: «سكان الجنوب هم في صدارة أولويات نتنياهو، ولكن المنظمة الإرهابية التي تسيطر على غزة تتفهم ذلك، فقادة (حماس) يديرون نتنياهو، ومنصب نتنياهو أكثر أهمية له من أطفال المستوطنات المحاذية لغزة». وأضاف: «يريد الأطفال العيش في أمان، والمال القطري لن يضمن الهدوء والسلام».
وأشاد بيرتس بالجنود الإسرائيليين والقبة الحديدية الذين اعترضوا إطلاق الصواريخ. قائلاً: «عملهم جيد، لكن القبة لوحدها لا تستطيع تهدئة حالة التوتر وتغيير روتين الحياة لسكان الجنوب».
وتابع: «الأنظمة الدفاعية تهدف إلى إعطاء المستوى السياسي ميزة لاتخاذ قرارات، وليس للجلوس مكتوفي الأيدي بانتظار جولة جديدة، بيبي يعتقد أن سكان الجنوب يرون أنهم في صميم أولوياته، لكن صناديق الاقتراع ستثبت غير ذلك».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.