سلامة يدعو لهدنة دائمة في العاصمة الليبية... و«الجيش الوطني» يُحذّر مصراتة

مجلس النواب يرحب بموقف القاهرة... وحكومة السراج تعتبره «تدخلاً فجّاً»

رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا غسان سلامة (أ.ف.ب)
رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا غسان سلامة (أ.ف.ب)
TT

سلامة يدعو لهدنة دائمة في العاصمة الليبية... و«الجيش الوطني» يُحذّر مصراتة

رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا غسان سلامة (أ.ف.ب)
رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا غسان سلامة (أ.ف.ب)

أعرب غسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، عن رغبة البعثة في استخدام مساعيها الحميدة على الفور لتحويل ما تم إنجازه في فترة التهدئة إلى وقف دائم لإطلاق النار في العاصمة طرابلس، بين قوات الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، والميليشيات الموالية لحكومة السراج. وفي غضون ذلك، صعّدت أمس حكومة الوفاق الوطني الليبية، برئاسة فائز السراج، من حدة حملتها الإعلامية ضد مصر.
ورحبت البعثة الأممية في بيان لها أمس بالإعلانات الصادرة عن المجتمع الدولي بدعم الهدنة، وتجديد اقتراح سلامة بعقد اجتماع للبلدان المعنية، مشيرة إلى أنه «يتعين على المجتمع الدولي العمل من أجل توفير ضمانات لوقف دائم لإطلاق النار، والدعوة للامتثال لحظر التسليح، والالتزام بالعودة بحسن نية إلى عملية سياسية شاملة، برعاية الأمم المتحدة لإنهاء النزاع في ليبيا».
كما أكدت البعثة استعدادها المتواصل للمساعدة في تسهيل تبادل الأسرى بين قوات الطرفين، بالإضافة إلى تسمية جهة تنسيق واقتراح آلية لعمليات التبادل، بالتعاون مع الطرفين والقيادات المجتمعية المحلية المعنية. وقالت إنه «لم يتم أيضا احترام الهدنة في مرزق بجنوب البلاد، حيث استمرت أعمال العنف المجتمعي بين مجتمعات التبو والأهالي، ما أسفر عن مقتل 7 أشخاص وإصابة 54 آخرين بجروح». وطبقا للبعثة فقد أدت أعمال العنف المستمرة إلى نزوح نحو 5000 شخص لوادي الطيبة ونحو 200 شخص إلى منطقة القطرون.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد أعلن عزمه إجراء «تحقيق داخلي» لكشف ملابسات هجوم مدينة بنغازي، الذي أسفر عن سقوط قتلى وجرحى من موظفي المنظمة الأممية. وقال في بيان أصدره المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك: «لسنا على علم بأي ادعاءات بالمسؤولية عن السيارة المفخخة». مضيفا: «سنحاول التأكد من الحقائق وراء الحادث، بما في ذلك عن طريق إجراء تحقيق داخلي».
ميدانيا، أعلن الجيش الوطني لليوم الثاني على التوالي شن غارات جوية على ميلشيات السراج في طرابلس، ومدينة سرت الساحلية. وقال المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة، التابع للجيش الوطني، إن غارات جوية استهدفت الميليشيات في محاور طرابلس، ومنطقة غرفة عمليات تحرير سرت. كما أعلن سيطرة قوات الجيش على مناطق ومواقع جديدة بالمنطقة الغربية، التي تشمل طرابلس، لكنه قال إنه «سيفصح عنها في وقت لاحق».
وحذر الجيش مدينة مصراتة (غرب) من مغبة الاستمرار في القتال إلى جانب حكومة السراج، واعتبر في بيان لمركزه الإعلامي أن «المدينة تنزلق للهاوية بسرعة الصوت، وقريبا سرعة الضوء». لافتا إلى «تعالي أصوات الرافضين لتجنيد أطفالهم في معركة طرابلس من أهالي مصراتة، وعمليات اعتقال عدد منهم بعد وصول أعداد القتلى لأرقام كبيرة، وانتشار المآتم في أغلب شوارع المدينة»، كما أشار إلى أن «الاحتقان الذي يتزايد قد يتجاوز التعبير إلى أفعال ترقى إلى مظاهرات، وسط مخاوف من أن تحدث مجزرة لأبنائهم».
في المقابل، نقلت وسائل إعلام محلية، موالية لحكومة السراج، عن مصدر مطلع أن الهلال الأحمر تسلم 12 جثمانا لأشخاص، كانوا أسرى لدى الجيش في مدينة ترهونة (جنوب شرقي طرابلس).
ونشرت عملية بركان الغضب، التي تشنها ميلشيات السراج، صورا فوتوغرافية، قالت إنها من داخل مستشفى الزاوية التعليمي، تُظهر وصول الجثامين، التي سلمتها من وصفتها بـ«عصابة الكانيات»، في إشارة إلى اللواء التاسع ترهونة، التابع لقوات الجيش الوطني أول من أمس. وقالت إنه تم التعرف على جثمان خامس، بينما ما زالت جهود فرق الهلال الأحمر مستمرة للتعرف على هويات باقي الجثامين السبعة.
من جهة أخرى، رحب مجلس النواب الليبي أمس، على لسان الناطق الرسمي باسمه عبد الله بليحق، ببيان وزارة الخارجية المصرية، الداعي لإنهاء الأزمة والحل في ليبيا، وأكد أن «وضع حد للتدخلات الخارجية، ودعم الميليشيات المسلحة والمتطرفين ونزع السلاح خارج سلطات الدولة، وحل الميليشيات والقضاء على الإرهاب والتطرف، هي السبيل لإنهاء حالة الفوضى، وعودة الأمن والاستقرار، وتوحيد مؤسسات الدولة وعودتها للعمل بشكلها الطبيعي».
في المقابل، واصلت حكومة السراج حملتها الإعلامية ضد مصر، حيث اعتبر المجلس الأعلى للدولة، الموالي للحكومة، أن بيان الخارجية المصرية أول من أمس يعد «تدخلا فجا في الشأن الليبي».
بدورها، اعتبرت وزارة الخارجية بحكومة السراج، بيان الخارجية المصرية خلطا للأوراق، وتجاهلا للأجسام الشرعية المنبثقة عن اتفاق الصخيرات، المبرم نهاية عام 2015 بالمغرب، والذي اعتمده مجلس الأمن والمنظومة الدولية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».