واشنطن وأنقرة تطلقان التحضيرات لتأسيس «مركز عمليات المنطقة الآمنة»

TT

واشنطن وأنقرة تطلقان التحضيرات لتأسيس «مركز عمليات المنطقة الآمنة»

بدأت تركيا والولايات المتحدة التحضيرات الأولية لإقامة مركز العمليات المشتركة لتنسيق إنشاء وإدارة المنطقة الآمنة في شمال سوريا بعد وصول وفد عسكري أميركي إلى شانلي أورفا جنوب البلاد للبدء في هذه الأعمال.
وقالت وزارة الدفاع التركية إن وفداً من 6 عسكريين أميركيين وصلوا إلى ولاية شانلي أورفا مساء أول من أمس، من أجل التحضيرات الأولية في إطار أنشطة مركز العمليات المشتركة المتعلق بالمنطقة الآمنة في سوريا. وأكدت الوزارة، في بيان، بدء العمل من أجل إنشاء مركز العمليات بشأن المنطقة الآمنة المخططة إقامتها بالتنسيق مع الولايات المتحدة شمال سوريا، ومن المقرر أن يبدأ المركز أعماله خلال الأيام المقبلة. وتوصلت أنقرة وواشنطن، يوم الأربعاء الماضي، إلى اتفاق يقضي بإنشاء مركز عمليات مشتركة في تركيا خلال أقرب وقت لتنسيق إنشاء وإدارة المنطقة الآمنة شمال سوريا، وذلك في ختام مباحثات لوفدين عسكريين؛ تركي وأميركي، استمرت 3 أيام في أنقرة، وسط تصعيد في التهديدات التركية بشن عملية عسكرية للسيطرة على منطقة شرق الفرات وإنهاء وجود «وحدات حماية الشعب» الكردية، الحليفة لواشنطن، فيها.
وقالت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) إنه تم التوصل إلى اتفاق لتنفيذ التدابير التي ستتخذ في المرحلة الأولى من أجل إزالة المخاوف التركية، في أقرب وقت. وذكرت وزارة الدفاع التركية أنه تم الاتفاق مع الجانب الأميركي على جعل المنطقة الآمنة «ممر سلام»، واتخاذ كل التدابير الإضافية لضمان عودة السوريين إلى بلادهم. في السياق ذاته، قالت صحيفة «خبر تورك» التركية، أمس، إن أنقرة بقيت خلال المفاوضات مع واشنطن مصرّة على منطقة آمنة بعمق 32 كيلومتراً وبطول 460 كيلومتراً على الحدود مع سوريا، لكنها تخلت عن إصرارها على التنفيذ الفوري، وتعليق هذا المطلب إلى مرحلة لاحقة. وأضافت الصحيفة أن الجانب الأميركي كان مرناً بعرضه، الذي تضمن أن تكون المنطقة بعمق يتراوح بين 3 و7 كيلومترات وبطول 140 كيلومتراً، وكان هناك حرص من الجانبين على تحقيق تفاهم، ولهذا السبب تقرّر إنشاء مركز عمليات مشتركة شبيه بمركز عمليات حول مدينة منبج الواقعة في غرب الفرات أقيم في غازي عنتاب جنوب تركيا عقب الاتفاق التركي - الأميركي على خريطة الطريق حول منبج في 4 يونيو (حزيران) 2018.
وأوضحت أن مركز العمليات سيتولى تحديد الأماكن التي ستوفر فيها أميركا انسحاباً لأسلحة «الوحدات» الكردية الثقيلة، والمكان الذي ستتمركز فيه عناصرها في نقاط بعيدة لا تمكنها من تهديد الأراضي التركية.
وبموجب الخطة، ستنفذ انسحابات في المناطق العربية لمسافة تتراوح بين 20 و25 كيلومتراً، ولمسافة بين 10 و15 كيلومتراً في المناطق التي يوجد فيها اختلاط عربي - كردي، ومسافة أقل في المناطق الكردية. ولا يشمل، في المرحلة الأولى، المناطق السكنية؛ بل سيكون خارجها، لكن ستكون مهمة توفير الحماية خارج هذه المدن للدوريات التركية - الأميركية المشتركة، وبعدها سيتم الانتقال لتنظيف المنطقة من العناصر التي تصنفها تركيا «إرهابية». وقالت الصحيفة إن تركيا قبلت بالمقترحات الأميركية حول القامشلي وعين العرب (كوباني)، بشروط، دون توضيح للمقترحات أو الشروط. في السياق ذاته، تحدث عدد من وسائل الإعلام التركية عن وصول 90 عسكرياً أميركيا إلى تركيا للمشاركة في أنشطة مركز العمليات المشتركة. من جانبها، قالت صحيفة «أوراسيا ديلي» إن تركيا تخلت عن غزو عسكري جديد لسوريا، واصفة ذلك بأنه النتيجة الرئيسية للاتفاق الأميركي - التركي حول إنشاء منطقة آمنة في شمال شرقي سوريا. ولفتت إلى أن أنقرة قامت، في البداية، بتقييم الوضع، مدركة أن من شأن اجتياح ثالث لعمق الأراضي السورية، بعد عمليتي «درع الفرات» و«غصن الزيتون»، أن يفسد بصورة نهائية علاقاتها مع واشنطن.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.