لا أملّ من بيروت وحاجز اللغة منعني من الاستمتاع في الجزائر

رحلة مع : الفنان محمود عبد المغني

في الساحل الشمالي
في الساحل الشمالي
TT

لا أملّ من بيروت وحاجز اللغة منعني من الاستمتاع في الجزائر

في الساحل الشمالي
في الساحل الشمالي

يتمتع الفنان المصري محمود عبد المغني ببساطة وتلقائية تنعكس على اختياراته في البلدان التي يفضل السفر إليها بقصد السياحة والترفيه عن النفس. لا يملّ مثلاً من زيارة بيروت، التي يقول إنه يشعر بقمة السعادة وهو يتجول فيها. كما يتمنى زيارة لندن لحضور مباراة حية لفريقه المفضل «ليفربول» ومشاهدة اللاعب الدولي محمد صلاح. وفي دردشته مع «الشرق الأوسط» كان هذا الحوار الممتع:
* لبنان من أحب البلدان إلى قلبي، أسافر إليها كثيراً ولا أملّ منها أبداً. إلى جانب عشقي لطبيعتها وإيقاع الحياة فيها، أستمتع بمطبخها، وبخاصة المقبلات والسلطات. فهي لذيذة وصحية على حد سواء. إلى جانب عشقي للتجول والتسوق فيها والتعاطي مع شعبها المضياف، هناك سبب آخر يجعلني أزورها كثيراً، وهو قصر المسافة بينها وبين مصر، والتي لا تستغرق سوى ساعة زمن واحدة. فأنا أعاني من فوبيا المرتفعات وركوب الطائرات.
* بالطبع، هناك بلدان أخرى أحببت زيارتها مثل اليونان وإيطاليا، لكن يظل أكثر مكانين شعرت فيهما بالراحة النفسية هما الحرمان الشريفان بمكة المكرمة والمدينة المنورة حين أديت فريضة الحج. ولا أخفيك أني أحرص دائماً على تكرارها؛ لأن ذلك الإحساس بالطمأنينة لا مثيل له في أي مكان من العالم.
* لم أستمتع بزيارتي للجزائر كما كنت أتمنى. وكان لحاجز اللغة دور كبير في ذلك؛ لأن الأغلبية، من السائقين إلى التجار، يتحدثون الفرنسية وأنا لست ضليعاً في هذه اللغة؛ لذلك شعرت بعدم الارتياح فيها، رغم جمال طبيعتها وأسواقها، خصوصاً مدينة وهران التي تتمتع بمناظر جبلية رائعة. لكن لا بد لي من الإشارة إلى أن دفء سكانها وحُسن ضيافتهم عوض عن الكثير. فقد كانوا يُسارعون إلى مساعدتي بمجرد أن يعلموا أني مصري.
* أتمنى السفر إلى إنجلترا، لا لشيء سوى لحضور مباراة في الدوري الإنجليزي لكرة القدم، وياحبذا لو كانت مباراة يكون فيها فريق ليفربول طرفاً لكي أشاهد النجم المصري محمد صلاح على الطبيعة. ثم إنه لم يسبق لي زيارة لندن من قبل، وأسمع عنها الكثير من الأشياء التي تجعلني متحمساً لزيارتها والتعرف على معالمها وثقافتها عن قُرب.
* أكثر ما أبحث عنه عند وصولي لأي بلد أقصده هو المطاعم الإيطالية، فأنا أعشق المطبخ الإيطالي، من الباستا إلى البيتزا، فهم بالفعل مبدعون في هذه الأطباق. وبالطبع أحب أيضاً التسوق فيها، علماً بأن التسوق من هواياتي في السفر؛ لأني أرى أن لكل بلد ثقافته وطريقته في التسوق.
* أنا شخص بسيط للغاية وحقيبة سفري تدل عليّ، فلا أحمل سوى ما يلزمني من ملابس؛ حتى لا تكون الحقائب كثيرة وحتى أشعر بخفة. لكني بصراحة أحب أن أقتني كثيراً من الجوارب عند السفر.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».