مادورو يسحب وفد الحكومة من محادثات مع المعارضة في أوسلو

بعد يوم من فرض واشنطن حزمة عقوبات اقتصادية جديدة على فنزويلا باركها غوايدو

غوايدو رحب بتجميد الولايات المتحدة أصول حكومة مادورو (أ.ب)
غوايدو رحب بتجميد الولايات المتحدة أصول حكومة مادورو (أ.ب)
TT

مادورو يسحب وفد الحكومة من محادثات مع المعارضة في أوسلو

غوايدو رحب بتجميد الولايات المتحدة أصول حكومة مادورو (أ.ب)
غوايدو رحب بتجميد الولايات المتحدة أصول حكومة مادورو (أ.ب)

بدأت مفاعيل حزمة العقوبات الاقتصادية الأخيرة التي فرضتها الولايات المتحدة على النظام الفنزويلي تظهر في المواقف التصعيدية التي صدرت عن نيكولاس مادورو وأركان نظامه. فبعد ساعات من صدور الأمر التنفيذي بالعقوبات، والتحذيرات التي وجّهها مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون إلى الدول التي تقيم علاقات تجارية مع كاراكاس، وبخاصة الصين وروسيا، أعلن الرئيس الفنزويلي سحب وفده من المفاوضات التي تجري في باربادوس مع ممثلين عن المعارضة برعاية نرويجية، والتي كان من المفترض أن تبدأ جولة جديدة أمس الخميس بحضور مراقبين من الاتحاد الأوروبي.
وقال بيان رسمي: «رغم وجود وفد المعارضة (...) في بربادوس من أجل جلسة المحادثات المقررة لهذا الأسبوع، فإن الرئيس نيكولاس مادورو قرر عدم إرسال الوفد الفنزويلي بسبب العدوان الخطير والوحشي المرتكب بشكل متكرر من جانب إدارة ترمب ضد فنزويلا». وأعلن وزير الإعلام الفنزويلي، خورخي رودريغيز أن الرئيس نيكولاس مادورو سحب وفدا حكوميا من محادثات مقبلة مع ممثلي المعارضة، بعد عقوبات أميركية مكثفة تم الكشف عنها أوائل الأسبوع الجاري. وقال رودريغيز في بيان نُشر على «تويتر» إنه كان من المفترض أن يشارك الوفد الحكومي في جولة جديدة من المحادثات التي تتوسط فيها النرويج يومي الخميس والجمعة في بربادوس.
وأورد البيت الأبيض في بيان الثلاثاء «ينبغي وضع حدّ لديكتاتورية نيكولاس مادورو، لضمان مستقبل مستقر وديمقراطي ومزدهر لفنزويلا». وأضاف: «كلّ الخيارات مطروحة. إنّ الولايات المتحدة ستستخدم كلّ الوسائل المتاحة لوضع حدّ لهيمنة مادورو على فنزويلا، ودعم حصول الشعب الفنزويلي على المساعدة الإنسانية وضمان حصول انتقال ديمقراطي في فنزويلا».
وقالت وزارة الخارجية الصينية إن الأمر الذي أصدره الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتجميد أصول الحكومة الفنزويلية يشكل «تدخلا سافرا» وانتهاكا لأعراف العلاقات الدولية. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية هوا تشون ينغ في بيان مساء الأربعاء إن الصين ستواصل التعاون مع فنزويلا، وحثت الولايات المتحدة على احترام القانون الدولي والتوقف عن إثارة الشقاق. واتهمت كراكاس الثلاثاء واشنطن بممارسة «إرهاب اقتصادي» والسعي إلى قطع حوار الحكومة الفنزويلية مع المعارضة، وذلك غداة تجميد كامل لأصول حكومة مادورو في الولايات المتحدة.
وجاء في تصريحات مادورو «هذا هو ردّ شعب فنزويلا معرباً عن غضبه البوليفاري الذي سنواجه به الولايات المتحدة وحكومتها الإمبريالية اعتباراً من اليوم. الشعب يطالب بالعدالة في وجه هذا الاعتداء الإمبريالي السافر».
وكان مادورو يدلي بهذه التصريحات في برنامج تلفزيوني يديره رئيس الجمعية التأسيسية الموالية للنظام، والتي استحدثها لتعطيل البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة. وجاء في بيان الحكومة «إن فنزويلا ستعيد النظر في آلية المفاوضات حرصاً على فعاليتها وانسجامها مع مصالح الشعب الفنزويلي»، مما يشير إلى أن كاراكاس لم تصرف النظر نهائياً عن الوساطة النرويجية، لكن تعليقها ينذر بمرحلة تصعيدية جديدة في الأزمة السياسية يقودها الجناح المتشدد في النظام والرافض للحوار مع المعارضة، والذي يتزعمه رئيس اللجنة التأسيسية ديوسدادو كابيّو الذي علّق على العقوبات الأميركية بقوله: «سنجعل من فنزويلا ألف فيتنام أخرى، وأكرّر ما سبق وقلنا إن مشكلتهم لن تكون في الدخول إلى فنزويلا بل في الخروج منها».
ورافق إعلان الحكومة الفنزويلية الانسحاب من مفاوضات باربادوس مجموعة من التهديدات، كانت أوّلها التعليمات التي وجهّها مادورو إلى رئيس الجمعية التأسيسية بتطبيق أحكام القانون على «خونة الوطن»، أعقبتها تصريحات لوزير الدفاع والرجل القوي في النظام فلاديميرو لوبيز قال فيها: «كفى الإفلات من العقاب! أولئك الذين باشروا لعبة المطالبة بفرض عقوبات على البلاد ومحاصرتها ماليّاً واقتصاديا لتجويعها وتعذيبها سعياً وراء مكاسب سياسية وضيعة، لا بد من معاقبتهم بموجب أحكام القانون. القوات المسلحة الوطنية تطالب بتحقيق العدالة». ومن المتوقع أن يكون الهدف الأول لهذا التصعيد السياسي الجديد زعماء المعارضة وفي طليعتهم الرئيس المكلّف خوان غوايدو الذي أعلن استعداده لمواصلة المفاوضات مع النظام، رغم تأييده للعقوبات الأميركية الأخيرة التي قال إنها «نتيجة التعنّت والإصرار في السطو على السلطة ضد إرادة الشعب وبفضل نهب ثرواته».
وأضاف غوايدو، الذي تعترف بشرعيّة رئاسته أكثر من خمسين دولة «منذ أيام وهم يرددون أنهم دعاة سلام ويؤيدون آلية أوسلو، لكنهم يتراجعون عند أول بادرة لتغيير المشهد السياسي في البلاد. نحن سنواصل العمل على كل الجبهات للخروج من الأزمة وإنقاذ الديمقراطية عبر الانتخابات الحرّة والنزيهة، والقضاء على الفساد والفقر وانتهاكات حقوق الإنسان». ورحب غوايدو الثلاثاء بتجميد الولايات المتحدة لأصول حكومة مادورو. وكتب على «تويتر» أن الخطوة الأميركية هدفها «حماية الفنزويليين»، متهما من جديد مادورو باغتصاب السلطة.
وكان جون بولتون قد حذّر في نهاية مؤتمر مجموعة ليما في البيرو من «أن وقت الحوار قد انتهى وأزفت ساعة العمل»، ودعا الأسرة الدولية إلى «عدم المجازفة بمصالحها التجارية مع الولايات المتحدة للاستفادة من نظام فاسد يلفظ أنفاسه الأخيرة»، وذلك في إشارة إلى العقوبات التي فرضتها واشنطن على الشركات الأجنبية التي تتعامل مع النظام الفنزويلي. ومن بروكسل صرّح ناطق بلسان المفوضية الأوروبية من «أن موقف الاتحاد الأوروبي واضح ومعروف، وهو رفض تطبيق الإجراءات الأحادية خارج الحدود الإقليمية»، مما ينذر بفتح جبهة جديدة من التوتر بين واشنطن وبروكسل.
وتقول مصادر في المفوضية الأوروبية إن العقوبات الأميركية تجعل من التعامل التجاري مع فنزويلا عملية محفوفة بمجازفات كبيرة، في ضوء المديونية العالية ونسبة التضخم القياسية التي خرجت كلياً عن السيطرة وشحّ في إمدادات السلع الأساسية مثل الأغذية والأدوية. لكن رغم ذلك، ما زالت هناك مؤسسات أوروبية كبرى، في قطاع النقل الجوي والنفط، تنشط في فنزويلا باستثمارات تزيد على 15 مليار دولار أميركي. وتخشى الأوساط الأوروبية أن تتعرض هذه الشركات الآن لتداعيات العقوبات الأميركية، على غرار ما حصل عندما أصدرت الولايات المتحدة قانون العقوبات على كوبا. وينصّ الأمر التنفيذي الذي وقّعه الرئيس الأميركي مطلع هذا الأسبوع على إمكان مصادرة الأصول الموجودة في الولايات المتحدة للشركات الأجنبية التي تتعامل مع النظام الفنزويلي. ويذكر أن الواردات الأوروبية من فنزويلا قد تراجعت من 2.6 مليار دولار في العام 2016 إلى 1.9 مليار في العام الماضي، فيما تراجعت الصادرات الأوروبية إلى فنزويلا من 3.7 مليار إلى 722 مليون دولار في نفس الفترة.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».