الحكومة اليمنية إلى إعادة تقييم 64 منظمة إغاثة دولية... والنتائج خلال أسبوعين

TT

الحكومة اليمنية إلى إعادة تقييم 64 منظمة إغاثة دولية... والنتائج خلال أسبوعين

أفاد مسؤول يمني رفيع بأن عمليات فساد كبيرة تقوم بها منظمات أممية في الداخل اليمني، منها تمويل منظمات حوثية باعتبارها منظمات محلية يمنية، إلى جانب محاولة توزيع مساعدات تالفة وفاسدة على المواطنين.
يأتي تصريح المسؤول اليمني تعليقاً على خلفية تقرير «أسوشييتد برس» الذي كشف عن وجود تحقيقات داخلية تجريها الأمم المتحدة مع عدد من موظفيها في الوكالات التابعة لها في اليمن تتعلق بضلوعهم في ارتكاب فساد مالي، وبمساعدة الميليشيات الحوثية، كما تتعلق باستغلال وظائفهم من أجل الكسب الشخصي.
وتعهد المسؤول في حديث لـ«الشرق الأوسط» بإعادة تقييم عمل أكثر من 64 منظمة دولية غير حكومية تعمل في اليمن خلال أسبوعين، وعدم التجديد للمنظمات المخالفة أو المتورطة في عمليات الفساد.
وأوضح الدكتور نزار باصهيب، نائب وزير التخطيط اليمني والتعاون الدولي، أن منظمات الأمم المتحدة تواصل رفضها منذ عام ونصف العام تسليم الحكومة الشرعية تقاريرها المالية التفصيلية لعملياتها في اليمن.
وأضاف عبر الهاتف من عدن «لقد مللنا تجاهل المنظمات الأممية لرسائلنا وخطاباتنا بأهمية تسليم التقارير لأعمالها في اليمن مع أن القانون يلزمهم بذلك».
وبحسب نائب الوزير، فإن «منظمات دولية غير حكومية تعمل لصالح منظمات الأمم المتحدة تصل الكلفة التشغيلية لمشاريعها 60 في المائة من حجم تمويل المشروع»، يقول النائب: «بعد صراعات معها استطعنا تخفيض هذه الكلفة إلى 30 في المائة».
ولمح الدكتور نزار إلى أن الحكومة اليمنية قد تضطر إلى مخاطبة مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية والهلال الأحمر الإماراتي بصفتهما كبار الممولين لمنظمات الأمم المتحدة في اليمن لتخفيض وربما إيقاف التمويل عن تلك المتورطة في الفساد.
وقال: «بداية، نتمنى من مركز الملك سلمان والهلال الأحمر الإماراتي تزويدنا بأرقام الدعم الذي تتلقاه هذه المنظمات، هذا الأمر سيمكننا من مراقبتها ومحاسبتها، لجنة الإغاثة العليا تشرف فقط على توزيع المساعدات، بعيداً عن المعاملات الرسمية».
وأكد نائب الوزير بأن الأمم المتحدة لم تشرك الحكومة اليمنية في أي من تحقيقاتها بشأن قضايا فساد لمنظماتها في اليمن، وقال: «لا نعلم شيئاً عن الأمر، لكن معلوماتنا الخاصة عن فساد هذه المنظمات موثقة، وقد كشفنا حالات عدة، منها أن الحوثي كان يشكل منظمات محلية لتسلم الإغاثة من الأمم المتحدة على أساس أنها منظمات محلية، إلى جانب أننا أعدنا مساعدات برنامج الغذاء العالمي للمرة الثالثة؛ لأنها فاسدة وتالفة ومخالفة للمعايير، وأبلغونا أنهم يعيدون تصديرها وتباع للماشية».
الدكتور باصهيب تحدث باستغراب عن قيام برنامج الغذاء العالمي بتوقيع ثلاث اتفاقيات مع الميليشيات الحوثية خلال الفترة الماضية، في حين لم يوقع اتفاقية واحدة مع الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، وأضاف: «أبلغنا البرنامج قبل عام بأنهم يمولون الحوثيين، وكانوا ينكرون ذلك».
المسؤول اليمني كشف عن نزول فرق تقييم ميدانية في مختلف المحافظات لتقييم آلية عمل المنظمات الدولية، ومن ثم اتخاذ الإجراءات ضد المخالفين، وقال: «لن نعيد ترخيص أي منظمة تخالف القوانين والمعايير اليمنية، تلك التي قامت بمشاريع فاشلة أو بعمل غير جيد، التقييم سيكون للمنظمات الدولية غير الحكومية وعددها تقريباً 64 منظمة عاملة في اليمن، وسنبدأ الحديث بشكل جدي مع الأمم المتحدة».
وتوقع نائب وزير التخطيط اليمني بأن تنهي فرق التقييم أعمالها خلال أسبوعين بعد إجازة عيد الأضحى المبارك، مشيراً إلى أن الحكومة اليمنية لا تريد إغلاق المنظمات الأممية، وإنما تصحيح أعمالها ووصول المساعدات المقدمة من الدول المانحة للمستحقين بكل شفافية ووضوح، على حد تعبيره.
وكان مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية طالب الأمم المتحدة ومنظماتها الإنسانية، بالبدء الفوري في التحقيق الشفاف مع منظماتها العاملة في اليمن، والإفصاح عن أي شبهة فساد أو تجاوزات أو تواطؤ مع أي جهة.
كما دعا المركز إلى مراجعة آليات الرقابة والتقييم والإبلاغ، بما يضمن الحيادية والشفافية والإفصاح، وإشراك الجهات المانحة بتقارير مفصلة عن كل الإجراءات المالية والمحاسبية للجهات المنفذة للبرامج والمشروعات الإنسانية الممولة من السعودية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.