تشكيليون مصريون يواجهون «الإرهاب» بلوحات فنية أمام «معهد الأورام»

عبروا عن تعاطفهم مع ضحايا «الانفجار» بمعرض مفتوح

الفنانون أمام معهد الأورام يعبرون بأعمالهم عن رفضهم للإرهاب والعنف
الفنانون أمام معهد الأورام يعبرون بأعمالهم عن رفضهم للإرهاب والعنف
TT

تشكيليون مصريون يواجهون «الإرهاب» بلوحات فنية أمام «معهد الأورام»

الفنانون أمام معهد الأورام يعبرون بأعمالهم عن رفضهم للإرهاب والعنف
الفنانون أمام معهد الأورام يعبرون بأعمالهم عن رفضهم للإرهاب والعنف

على غرار جدارية «غرنيكا» الشهيرة، التي أبدعها الفنان العالمي بابلو بيكاسو في ثلاثينيات القرن الماضي مجسداً مأساة الحرب والمعاناة التي تسببها للأفراد، إضافة لاعتبارها رمزاً مضاداً للحرب وتجسيداً للسلام؛ لجأ تشكيليون مصريون إلى فرشاتهم وإبداعاتهم لكي يعبروا عن رفضهم للإرهاب والعنف بكافة صوره، وذلك على خلفية الانفجار الإرهابي أمام المعهد القومي للأورام في القاهرة، الذي وقع مساء الأحد الماضي مخلفاً 22 قتيلاً و46 جريحاً.
ففي موقع حادث الانفجار، الذي شهد انفجار السيارة المفخخة المتسببة بالحادث، وفي تفاعل سريع مع الحادث المأساوي الذي صدم الأوساط المصرية؛ بادر الفنانون بتنظيم معرض أمام جمهور الشارع بعيداً عن القاعات المغلقة، رافعين أعمالهم التشكيلية لعدة ساعات تحت عنوان «الفن يحارب الإرهاب»، معبرين به عن تحديهم للتطرف والإرهاب، وكشف الوجه الحقيقي للجماعات الإرهابية، ونقل تعاطفهم مع أهالي الضحايا والمصابين، لا سيما أن الحادث وقع في مكان مزدحم بالأبرياء من أطفال ونساء ومرضى، وقبيل أيام من عيد الأضحى المبارك.
مبادرة تنظيم المعرض، أطلقها الفنان التشكيلي حسني أبو بكر، عضو نقابة الفنانين التشكيليين، على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، التي حث فيها زملاءه الفنانين على التنديد بالحادث بشكل خاص، ومحاربة الإرهاب بشكل عام، بطريقة عملية وليس فقط بالكلمات، انطلاقا من الأرضية المشتركة التي تجمعهم، عبر الفن التشكيلي باختلاف تخصصاته، وهو ما وجد صدى عند عدد كبير من الفنانين.
يقول الفنان حسني أبو بكر، صاحب المبادرة لـ«الشرق الأوسط»: «دعوتي للفنانين التشكيليين بإقامة معرض فني عند موقع الحادث الإرهابي أمام معهد الأورام جاءت فكرته بهدف أن يقول الفنان المصري كلمته واضحة إنه لا مكان للإرهاب على أرض مصر، فهو معرض فني يدعم الوطن والمصريين في محنتهم».
ويستشهد أبو بكر بمقولة بابلو بيكاسو إن «الفن لم يخلق لتزيين الغرف؛ إنه آلة يستخدمها الإنسان من أجل الحرب والدفاع ضد الأعداء»، موضحاً أن الدافع لتلك المبادرة هو أن الفن التشكيلي يعد إحدى أذرع القوة الناعمة لمصر، من خلال قدرته على توضيح الحقائق للرأي العام، وإبراز الصورة الصحيحة عن المجتمع، والتنفيس عن هموم المواطن الذي يرفض الإرهاب والتطرف جملة وتفصيلاً.
وثمّن التشكيلي المصري تلبية واستجابة زملائه لهذه المبادرة، لافتاً إلى أن بعضهم شاركوا بأعمال فنية، بينما جاء آخرون رافعين علم مصر، أو حاملين ورودا وشموعا، فقد حاول الجميع توصيل رسالة لكل مصر وللعالم أجمع أنهم يقفون بالفن ضد الإرهاب.
وحاولت أعمال المعرض في جانب منها تجسيد مشاهد من الانفجار تم تداولها وانتشارها عبر وسائل الإعلام المختلفة، أو التعبير عن بعض المواقف الإنسانية التي شهدها الحادث خاصة عملية إخلاء مبنى معهد الأورام من الأطفال المرضى ونقلهم لأماكن أخرى، كما عكست اللوحات في جانب آخر بعض الملامح المصرية والمعالم الأثرية والتراثية، والطبيعة النيلية، والحياة اليومية في مصر، بهدف ترسيخ مفهوم السلام والأمان الذي تشهده أرضها.
من بين المشاركين بالمعرض الفنان عادل بنيامين، الذي يقول: «الفن رسالة وليس مجرد تسلية، لذا تجمعنا لنلتقي الجمهور بشكل مباشر، ولنؤكد للجميع أن الفن سلاح فتاك ضد الإرهاب، وأن الفن بوابة الفكر والعقل وغذاء الأرواح»، لافتا إلى أن الفنان الحقيقي هو ضمير الأمة، وهو من يحمل مشاعل التنوير، ويحارب بريشته وألوانه وأفكاره وأحلامه.
«الفنون التشكيلية إحدى الأدوات التي يمكنها المساهمة في بناء المجتمع»... من هذه الرؤية التي تُعلي من قيمة الفن؛ حملت الفنانة التشكيلية المصرية دينا طريف على عاتقها أن توجه إبداعها لخدمة مجتمعها، معلنة أن «الإرهاب لا دين له»، قائلة: «إذا كان الإرهاب الغاشم يتخير أعيادنا وأفراحنا مسلمين ومسيحيين ويستهدف الخراب والدمار لسقوط الوطن، فإننا جئنا اليوم لنواجه القتل والدم والإرهاب بالفن والخير والجمال، ونعلنها بكل قوة أن مصر ستظل شامخة عالية».



من سيارة «ليرة» إلى «تاكسي طائرة»... هشام الحسامي شعارُه «صُنع في لبنان»

المهندس هشام الحسامي وأول طائرة تاكسي صُنعت في لبنان (حسابه الشخصي)
المهندس هشام الحسامي وأول طائرة تاكسي صُنعت في لبنان (حسابه الشخصي)
TT

من سيارة «ليرة» إلى «تاكسي طائرة»... هشام الحسامي شعارُه «صُنع في لبنان»

المهندس هشام الحسامي وأول طائرة تاكسي صُنعت في لبنان (حسابه الشخصي)
المهندس هشام الحسامي وأول طائرة تاكسي صُنعت في لبنان (حسابه الشخصي)

تكبُر أحلام الشاب اللبناني المهندس هشام الحسامي يوماً بعد يوم، فلا يتعب من اللحاق بها واقتناص الفرص ليُحقّقها. منذ نحو العام، أطلق إنجازه الأول في عالم التكنولوجيا، فقدّم سيارة «ليرة» الكهربائية العاملة بالطاقة الشمسية، لتكون المنتج النموذج لتأكيد قدرة اللبناني على الابتكار.

اليوم، يُطوّر قدراته مرّة أخرى، ويُقدّم أول تاكسي طائرة، «سكاي ليرة»، من صنع محلّي؛ تأتي ضمن سلسلة «ليرة» ومزوَّدة بـ8 محرّكات. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «إنها أول طائرة من نوعها في العالم العربي مصنوعة محلّياً. فمعظم طائرات التاكسي في الإمارات العربية وغيرها، تُستَورد من الصين. رغبتُ من خلالها التأكيد على إبداعات اللبناني رغم الأزمات المتلاحقة، وآخرها الحرب».

يتمتّع هذا الابتكار بجميع شروط الأمان والسلامة العامة (هشام الحسامي)

أجرى الحسامي دراسات وبحوثاً ليطّلع بشكل وافٍ على كيفية ابتكار الطائرة التاكسي: «بحثتُ بدقّة وكوّنتُ فكرة كاملة عن هذا النوع من المركبات. خزّنتُ المعلومات لأطبّقها على ابتكاري المحلّي. واستطعتُ أن أقدّمها بأفضل جودة تُضاهي بمواصفاتها أي تاكسي طائرة في العالم».

صمّم ابتكاره ونفَّذه بمفرده: «موّلتها بنفسي، وهي تسير بسرعة 130 كيلومتراً في الساعة، كما تستطيع قَطْع مسافة 40 كيلومتراً من دون توقُّف».

يهدف ابتكاره إلى خلق مجال صناعي جديد في لبنان (هشام الحسامي)

لا يخاطر هشام الحسامي في إنجازه هذا، ويعدُّه آمناً مائة في المائة، مع مراعاته شروط السلامة العامة.

ويوضح: «حتى لو أُصيب أحد محرّكاتها بعطل طارئ، فإنها قادرة على إكمال طريقها مع المحرّكات الـ7 الأخرى. كما أنّ ميزتها تكمُن في قدرتها على الطيران بـ4 من هذه المحرّكات».

ولكن مَن هو المؤهَّل لقيادتها؟ يردّ: «قيادتها بسيطة وسهلة، ويستطيع أيٌّ كان القيام بهذه المَهمَّة. الأمر لا يقتصر على قبطان طائرة متخصّص، ويمكن لهذا الشخص أن يتعلّم كيفية قيادتها بدقائق».

يحاول هشام الحسامي اليوم تعزيز ابتكاره هذا بآخر يستطيع الطيران على نظام تحديد المواقع العالمي «جي بي إس»: «سيكون أكثر تطوّراً من نوع (الأوتونومايس)، فيسهُل بذلك طيرانها نحو الموقع المرغوب في التوجُّه إليه مباشرة».

صورة لطائرة تاكسي أكثر تطوّراً ينوي تصميمها (هشام الحسامي)

صمّم المهندس اللبناني الطائرة التاكسي كي تتّسع لشخص واحد. ويوضح: «إنها نموذج أولي سيطرأ عليه التطوُّر لاحقاً. إمكاناتي المادية لم تسمح بالمزيد».

من المُنتَظر أن يعقد الحسامي اجتماعاً قريباً مع وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال بلبنان، جورج بوشيكيان، للتشاور في إمكان الترويج لهذا الابتكار، وعمّا إذا كانت ثمة فرصة لتسييره ضمن ترتيبات معيّنة تُشرف عليها الدولة؛ علماً بأنّ الطائرة التاكسي ستُطلَق مع بداية عام 2025.

أطلق هشام الحسامي عليها تسمية «سكاي ليرة»، أسوةً بسيارة «ليرة»، وأرفقها بصورة العلم اللبناني للإشارة إلى منشئها الأصلي: «إنها صناعة لبنانية بامتياز، فكان من البديهي أن أرفقها بالعَلَم».

وهل يتوقّع إقبال اللبنانيين على استخدامها؟ يجيب: «الوضع استثنائي، ومشروعات من هذا النوع تتطلّب دراسات وتخصيصَ خطّ طيران لتُحلِّق من خلاله؛ وهو أمر يبدو تطبيقه صعباً حالياً في لبنان. نصبو إلى لفت النظر لصناعتها وبيعها لدول أخرى. بذلك نستطيع الاستثمار في المشروع، وبالتالي رَفْع مداخيلنا وأرباحنا بكوننا دولة لبنانية»، مؤكداً: «من خلال هذا الابتكار، يمكن للبنان أن ينافس نوعَها عينه الرائج في العالم. فكلفة صناعتها تتراوح بين 250 و300 ألف دولار عالمياً، أما في لبنان، وبسبب محلّية صناعتها وتجميع قطعها، فكلفتها أقل. نستطيع بيعها بأسعار لا تزيد على 150 ألف دولار».

المواد الأولية لصناعة «الطائرة التاكسي» مؤمَّنة في لبنان. وحدها القطع الإلكترونية اللازمة تُستَورد من الخارج: «بذلك يكون بمقدورنا تصدير التكنولوجيا الخاصة بنا».