الولايات المتحدة وتأزم اليمين المتطرف

مع تصاعد الاعتقالات المرتبطة بالإرهاب المحلي

مظاهرات أميركية ضد تصاعد مد اليمين المتطرف و«الإسلاموفوبيا» في نيويورك مارس الماضي
مظاهرات أميركية ضد تصاعد مد اليمين المتطرف و«الإسلاموفوبيا» في نيويورك مارس الماضي
TT

الولايات المتحدة وتأزم اليمين المتطرف

مظاهرات أميركية ضد تصاعد مد اليمين المتطرف و«الإسلاموفوبيا» في نيويورك مارس الماضي
مظاهرات أميركية ضد تصاعد مد اليمين المتطرف و«الإسلاموفوبيا» في نيويورك مارس الماضي

لا تزال الولايات المتحدة ترزح تحت وطأة اليمين المتطرف، لا سيما مع تغير توجه عدد كبير في الدول الغربية لدعم التوجهات اليمينية، وخشية الرجل الأبيض من الانقراض، وزيادة عدد المهاجرين الذين يشكلون لدى البعض تهديداً وجودياً، نتيجة منافستهم لهم على الفرص الوظيفية، بالأخص مع ارتفاع نسبة البطالة، إضافة إلى تهديد القيم الغربية، من خلال دخول ثقافات مختلفة مثل الإسلام، وعدم تقبلهم لذلك. والمعني هنا ليس التوجه السياسي اليميني بشكل عام، وإنما اليمين المتطرف المفضي إلى خطاب كراهية وعداء شديد ضد الآخر، مما يؤدي إلى حدوث هجمات إرهابية ذات صلة باليمين المتطرف.
من الممكن وصف ما تعرضت له عضو الكونغرس الأميركي المسلمة إلهان عمر، من المزيد من التهديدات بالقتل، في أعقاب تغريده للرئيس الأميركي دونالد ترمب، بالتأثير المباشر للقادة السياسيين على الرأي العام وتأجيجه. فقد هاجم ترمب إلهان، وأظهرها وهي تتحدث لمجموعة من المسلمين عن هجمات الحادي عشر من سبتمبر، ووصفها بأنها «خارجة عن السيطرة»، وقام بربط الأحداث الإرهابية بشخصها، من خلال دمج مقاطع لخطاباتها مع مقاطع للهجمات الإرهابية. كما اتهمت عدد من التغريدات الترمبية نائبات في الكونغرس من أصول عربية وأفريقية بأنهن يدعمن «القاعدة» وأحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول).

التغريدات الترمبية
ورغم أن ذلك يسهم بشكلٍ غير مباشر في دعم أجندة القوميين البيض، فإن الرئيس الأميركي زعم في أكثر من موقف أن القوميين البيض لا يشكلون تهديداً فعلياً لأمن بلاده، حيث لا يزال هناك تصور على الصعيد الدولي بأن «الجهاديين»، والتنظيمات المتطرفة المرتبطة بأهداف دينية سياسية، هي ما يمثل التهديد الأكبر للغرب، بالأخص وأن الهجمات المرتبطة باليمين المتطرف تظهر في نطاق صغير عشوائي، مثل ما قام به سيزار سايوك من إرسال 13 طرداً مفخخاً لعدد من الشخصيات المنتمية للحزب الديمقراطي، مثل هيلاري كلينتون وباراك أوباما، وعدد من الإعلاميين المنتقدين للرئيس الأميركي، وذلك في أكتوبر (تشرين الأول) 2018.

اليمين المتطرف
ما يعزز من صعود تيار اليمين المتطرف استمرار وتيرة وتوجهات الرئيس الأميركي الحالي، مثل مساعيه لمنع تدفق المهاجرين إلى الولايات المتحدة، إذ يتسم المنتمون لليمين المتطرف بعدائهم الشديد نحو الأجانب، وعدم تقبل الأقليات والجماعات الإثنية المختلفة، والمعني هنا هو اليمين المتطرف، وليس التوجه السياسي اليميني بشكل عام، بل حين ينحو لاستخدام العنف من أجل الحفاظ على التقاليد أو القيم في مجتمع معين من اجتياح قيم وثقافات مختلفة. ويعلو صوت هذا التوتر في القارة الأوروبية على وجه الخصوص مع أزمتها مع الأعداد الكبيرة من المهاجرين، حيث يرى كثير من المنتمين لليمين المتطرف أن هناك اجتياحاً من قبل المهاجرين نحو القارة الأوروبية، مما يهدد من وجودهم، بالأخص مع وجود ثقافات مغايرة أو مختلفة، مثل الثقافة الإسلامية التي يجدها البعض مخالفة للأوروبية، وقد تصاعدت «الإسلاموفوبيا» على وجه الخصوص في أعقاب الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، وتأصلت المخاوف تجاهه في أعقاب تهديدات الجماعات المتطرفة مثل تنظيمي «القاعدة» و«داعش» فيما بعد، منذ ظهوره في عام 2014، ومن ثم في مرحلة ما بعد انهيار وجوده في كل من العراق وسوريا، واتخاذه استراتيجيات بديلة، أبرزها سياسة «الذئاب المنفردة» التي تستهدف عدداً من الدول الغربية بهجمات إرهابية عشوائية، بهدف تأصيل الذعر وإثبات استمراريتهم، مما عزّز من ذلك القلق والتخوف من المسلمين والمهاجرين في كثير من الدول الغربية.
من جهة أخرى، يأتي ارتفاع نسبة البطالة ليزيد اللوم على المهاجرين نتيجة مشاطرتهم التنافس على الوظائف المحدودة في دولهم، مثل ربط رئيسة حزب الجبهة الوطنية اليميني ماري لوبان في فرنسا بين زيادة نسبة المهاجرين ونسبة البطالة في فرنسا.

تصاعد خطاب الكراهية
أشار مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، كريستوفر راي، أخيراً أمام لجنة في الكونغرس إلى أن الاعتقالات المرتبطة بالإرهاب المحلي في تصاعد، لا سيما تلك المرتبطة بالفوقيين البيض، وأن عدد هذه الاعتقالات وصل إلى مائة خلال هذا العام، وهو ما يزيد على عدد الاعتقالات لعام 2018 بأكمله. من جهة أخرى، وفي دراسة قام بها المركز الاستراتيجي والدراسات الدولية «سي إس آي إس» الأميركي، تطرقت الدراسة إلى أن الهجمات الإرهابية المرتبطة باليمين المتطرف تصاعدت في الفترة بين 2016 و2017 في الولايات المتحدة. كما أشار التقرير إلى أن الهجمات المرتبطة باليمين المتطرف تفوق تلك المرتكبة من التنظيمات الإسلامية المتطرفة، وذلك منذ عام 2014. ولا يتوقف المحللون السياسيون عند ربط ظاهرة اليمين المتطرف بالرئيس ترمب فحسب، وإنما يعودون بأدراجها إلى ما قبل فترته، إبان صعود أوباما للحكم في الولايات المتحدة. ففي دراسة قام بها معهد دراسات السياسات الخارجية الهولندي، أشار كلينت واتس إلى أن اليمين المتطرف تزايد في أعقاب فوز باراك أوباما، كأول رئيس من أصول أفريقية للولايات المتحدة، حيث تصاعدت نظرية المؤامرة والتشكيك في جنسيته والدين الذي ينتمي إليه، مما زاد من ظهور الجماعات اليمينية المتطرفة. ورغم أن هذه الأحداث ليست بالجديدة، فإن السلطات الأميركية استمرت في مواجهتها الإرهاب بالتحديد من خلال توجيه الضربات للجماعات «الجهادية»، مثل «القاعدة» و«داعش» فيما بعد، فيما لم تتم معالجة تصاعد الإرهاب المرتبط باليمين المتطرف.

مسلك «الذئاب المنفردة»
رغم أن التطرف اليميني يظهر بحد ذاته مغايراً للتطرف الديني، فإن الهجمات المتطرفة المرتبطة باليمين المتطرف تتشابه مع توجهات تنظيم داعش أخيراً، من دعم الذئاب المنفردة أو ظهور أفراد متأثرين بالفكر المتطرف وحملاته الإعلامية، ومن ثم ارتكاب عمليات إرهابية عشوائية أشبه بجرائم منفردة، مثل إطلاق النار على مصلين أو مناطق تجمع جماعات إثنية معينة، مثل حادثة بيتسبرغ في أكتوبر 2018، حين هجم سائق شاحنة أميركي، روبرت باورز، على الكنيس اليهودي، مما أسفر عن مقتل 11 شخصاً. وذكر فيه أن اليهود هم «أبناء الشيطان»، وتبع ذلك حادثة إطلاق نار قرب معبد بمناسبة عيد الفصح في أبريل (نيسان) 2019، في مدينة سان دييغو الأميركية، وهو يصيح «الموت لكل اليهود».

اليمين البديل
مثل هذه الهجمات الإرهابية تأتي امتداداً لظهور حركات متطرفة، أحد أشهرها يدعى «اليمين البديل» الذي بدأت شعبيته بالاطراد في الولايات المتحدة، حيث تؤمن الحركة بتفوق العرق الأبيض، وتنحاز للبشرة البيضاء، وترفض المختلفين عنهم، سواء عرقياً أم دينياً، مثل اليهود والمسلمين أو السود أو ذوي الأصول اللاتينية، على شاكلة جماعات أخرى ظهرت في الولايات المتحدة من قبل، مثل النازيين الجدد والقوميين البيض وجماعة الكو كلوكس كلان التي ظهرت قديماً منذ عام 1865. وقد بدأت أنشطتها في معاداة السود، ثم وسعت نطاق هجومها ليشمل الأعراق والأديان المغايرة للبيض المسيحيين، ويظهر تأثر جماعة «الآلت رايت» بالحركات القديمة، مثل استخدامهم لشعلات نار في أثناء التجمعات، على شاكلة ما كانت تقوم به جماعة الكو كلوكس كلان. أحد أهم الشخصيات المؤسسة لليمين البديل الأميركي ريتشارد سبنسر الذي أطلق هذا الاسم في عام 2008 ليصف بذلك الأشخاص الذين لا يؤمنون بالمساواة أو التعدد الثقافي أو الهجرة المفتوحة للآخرين، يقول: «العرق هو أساس هويتنا». وهو أحد داعمي الحراك في شارلوتسفيل في عام 2017، الذي دفع بالحركة اليمينية إلى الواجهة. وقد كان يطلق عليها حركة الحقوق المدنية للبيض، كما أنه طالب بمعيشة البيض بعيداً عن اليهود أو العرب أو السود، الأمر الذي يؤكد تنامي ظاهرة الإكزينوفوبيا أو رهاب الأجانب الذي يتسم بالكراهية وعدم الثقة بمن يختلف، سواء في العرق أو اللون أو الدين أو الجنس، ليس فقط في الولايات المتحدة، وإنما في كثير من الدول الغربية.

الاستبدال الكبير
إحدى أهم النظريات التي استلهم منها كثير من المتطرفين اليمينين نظرية الاستبدال الكبير التي ابتدعها الكاتب الفرنسي رونو كامو، أحد المؤثرين في هذا الفكر المتطرف، واقتبس من مقولات رونو كامو كثير من مرتكبي الهجمات الإرهابية، ومن ضمنهم مرتكب مجزرة مسجدي نيوزيلندا الأسترالي برينتون تارانت، إذ استشهد في البيان الذي نشره في أعقاب هجماته بمقولات تعنى بنظرية الاستبدال الكبير. وقد تمت إدانة رونو من خلال القضاء الفرنسي في عام 2014 بتهمة التحريض على الكراهية ضد المسلمين، حيث إن هذه النظرية تزعم أن ما يحدث هو استبدال الفرنسيين الأصليين بالمهاجرين، ووصفه للمهاجرين بأنهم «محاربون غزاة، هدفهم الوحيد هو تدمير الشعب الفرنسي وحضارته، واستبدالهما بالإسلام».
ويشير كذلك في نظريته إلى الأوروبيين المسيحيين بشكل عام، ونظريته شبيهة بالنظرية النازية التي تدعو للتخلص من الأعراق غير الآرية، مثل ما حدث من قتلهم لليهود. إلا أن ما يحدث أخيراً بلا شك ينم عن تصاعد خطاب الكراهية والتوتر بين الثقافات المختلفة، بعيداً عن ذلك الحلم السابق بوجود «المواطنة المعولمة»، حيث يمكن للمرء التعامل مع أي شخص مهما اختلفت ثقافته وموطنه، وذلك من خلال التنوع الثقافي، والقدرة على معالجة الفروقات دون حدوث صراعات.



«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
TT

«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)

ارتبط مسمى «حزب الله» بنوعين؛ أعلام صفراء في لبنان، وحسن نصر الله أمين عام حزب الله، لبنان، لكن النوع العقائدي الأكبر خطورة يسير في دماء العراق، حزب هو بذات الاسم، عقائديون أكبر أثراً في سفك الدماء، حيث يرعون الأمر أكبر من مجرد حزب أصفر له الضاحية الجنوبية في لبنان؛ مسكن ومقر ومشيعون.
بين دجلة والفرات، حزب يسمى كتائب «حزب الله العراق»، له أكثر من 13 عاماً وهو في تشكيله الحالي، ليس بالهين عوضاً عن ميليشيات «الحشد الشعبي» التي أخذت كل الوهج الإعلامي كونها مرتبطة بنظام إيران، لكن «حزب الله العراق» وكتائبه تمر في أزقة السواد وبأخطر من دور ميداني تمارسه «الحشد الشعبي»، لأن العقائدية ونشرها أشد خطورة من ميدان يتقهقر فيه الأضعف، نظراً للضربات الآمنة التي يقودها الحلفاء أولو القوة من غرب الأرض لوقف تمدد النزيف، دائماً ما يكون مصنع الوباء يمر بحزب الله العراق.

قبل أشهر، كان الحزب تعرض لواحدة من أعنف الغارات على مواقعه، بعد هجوم صاروخي استهدف قاعدة التاجي في العراق، وقتل فيها جنديين أميركيين وبريطانياً، وجاء الرد خلال ساعات قليلة بفعل غارات أميركية - بريطانية مشتركة، ضد منشآت لميليشيات حزب الله العراقي في محافظتي بابل وواسط ومنطقة سورية محاذية للحدود العراقية.
نظرة سريعة على حزب الله العراق، من التاريخ، كان عماد مغنية (قتل في 2008 بغارة إسرائيلية في دمشق) الإرهابي اللبناني التابع لإيران، وحزب الله لبنان، كان أحد صنّاع هيكل هذا الحزب في العراق، حيث بدأ في العمل وفقاً لتوجيهات وأوامر نظام الملالي في تكوين حزب يشبه حزب الله اللبناني، وهو ما يبدو أن الأوامر جاءته في تجويد هذا الحزب ليكون بذراعين: عسكرية وعقائدية، ويبدو أن مغنية تجاوز أخطاء عديدة في تشكيل ووهج حزبه اللبناني، فصنع بهدوء هيكلة مختلفة للحزب، جعلت كل المساجد والحسينيات وقوداً يضخ فيها البذور التي يرغبها أولو العمائم.
ظهر الحزب بحضوره الأول بقوام تجاوز 4 آلاف شخص، منتمين بعضويات عدة داخله، وتنامى العدد حتى قبل تصنيف الولايات المتحدة له كـ«تنظيم إرهابي»، لكنه جعل دوره التسويقي للحشد والتنظيم أكبر من مجرد عسكرة، بل فكرة أكثر ارتباطاً في نشر آيديولوجيا عبر مواقع عدة، ومنها تفريخ عناصر في قطاعات مهمة داخل العراق؛ منها وزارة التعليم ووضع لبنات التعاون مع أحزاب دينية؛ منها «الحزب الإسلامي» الذي يتغذى بمنهج الإخوان المسلمين.
ربما ما يدور أن الحزب هو جزء في تكوين «الحشد الشعبي» لكن ذلك يمر بتقاطعات، حيث يشير عبد القادر ماهين، المتخصص في شؤون التنظيمات الإرهابية، إلى أن الحزب يظهر كونها جزءاً من تكوين الحشد، لكنه جزء يصنع الكعكة الميليشياوية ويشارك في تسميمها ويعمل على توزيعها في المناطق المجاورة.
يشير ماهين في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إلى أنه لا أمين عاماً للحزب أسوة بحزب الله اللبناني، حيث يظهر فيه حسن نصر الله، مبرراً ذلك أن الفرق بين تكوين الحزبين هو الحاجة والدور، حيث يتمركز في جنوب العراق بعتاد عسكري، له هدف في وضع حضور طاغٍ يحاول تفخيخ الحدود، لأن الهدف يرتبط مع إمبراطورية إيران الكبرى الممتدة، ولا يظهر له الأثر السياسي كممثلين له كما هو الحزب اللبناني ليكون أثره في تشكيل الحكومات والبرلمانات.

إذن ما الدور الذي يلعبه الحزب؟

الحزب كما يرى ماهين، أنه ذو دور عسكري في الأصل، لكن الترتيبات ما بعد 2009 جعلته أكثر قدرة في تكوين فريق احتياط عسكري ليس أكثر وفق الحاجة، يدعم التوجهات والسياسات الإيرانية، لكن ما أخل بتلك القاعدة مشاركته المباشرة في دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وأصبح أكثر من 4 أو 5 آلاف جندي مشاركين في السيطرة على مدن سورية تحت إمرة إيران في سوريا التي تتشكل من 4 فصائل مسلحة.
الحزب ليس عسكرياً فقط؛ كان ولا يزال صاحب دور في الترويج العقائدي، وتصوير الحضور الإيراني بشكل إيجابي مزعوم، إضافة إلى عمله الاقتصادي، حيث يدخل عناصره الكبرى في مفاصل مهمة في الاقتصاد العراقي، من شركات اتصالات وشركات نفطية، وأخرى ذات علاقة بقطاع الطيران، وإدارة المطارات والمنافذ، وبعض الأشخاص أبرزهم هادي العامري الذي كان صاحب صولات وجولات حين حمل حقيبة وزارة النقل العراقية في وقت سابق، وكان أبرز مهددي الاستمرار الكويتي في بناء ميناء مبارك الكبير، حيث هددت كتائب الحزب الشركات من الاستمرار بالعمل، وحينها ظهر العامري بأن ذلك المشروع «يغلق القناة الملاحية لموانئ العراق».
مرحلة مختلفة ظهرت، حين عاودت الآلة العسكرية الحزبية لكتائب حزب الله العراق، بالعمل من خلف الصفوف، حيث كانت أبرز مهددي السفارات وأكثر ملغمي مسارات الحلول السياسية، بل ومن رمى بقادة العراق اليوم في تحدي أن يرضخوا أمام شعب بدأ في كراهية الحضور الإيراني، وكان الحزب أبرز علامات استهداف المتظاهرين في العراق في كل البلاد، بغية كسر حدة السيوف الشعبية لتصبح مجرد مقبض دون رأس حربة كي يحافظ الحزب على الوجود الإيراني، خصوصاً أنه أبرز متلقٍ للأموال من نظام إيران وأكثرها غناءً.
الدور الاقتصادي لكتائب حزب الله العراق أصبح أكثر وضوحاً، حيث كان أكبر المنتفعين في عام 2015، من «الفدية القطرية» التي وصلت إلى أكثر من مليار دولار، مقابل إطلاق سراح قطريين كانوا يقضون وقتهم في الصيد جنوب العراق، ورغم أن الأنباء قالت إن الخاطفين لعدد من أبناء الأسرة الحاكمة القطرية ومعاونيهم الذي بلغ 28 شخصاً، كانوا من تنظيم «داعش»، لكن التقارير المسربة لاحقاً في بدايات 2016 حيث جرى تخليصهم وعودتهم إلى قطر، كانوا يتبعون لكتائب حزب الله العراق، وهو ما ينافي الرواية الرسمية القطرية التي تقول إنها دفعت المبلغ للحكومة العراقية.
الدور المستقبلي لن ينفك عن منهجية تتقاطع مع حزب الله اللبناني، حيث لدى الحزب اليوم الرؤى ذاتها، خصوصاً في اعتماد سياسة «افتعال الأزمات»، كي لا ينكسر الحضور الإيراني ونفوذه في المؤسسات الدينية وبعض السياسية، التي يجد فيها بعضاً من رجاله الذين يقبعون في سياسة تخفيف الضغط على النظام السياسي ومحاصصته التي تستفيد منها ميليشيات إيران في العراق، وما بعد مقتل قاسم سليماني، غربلة يعيشها الحزب الذي يجرب يوماً بعد آخر أسلوب التقدم خطوة بخطوة، مستفيداً من تكتيك الفأر في نشر طاعون على أرض هي الأهم لإيران.