مبدعون مصريون يعربون عن سعادتهم بافتتاح متحف محفوظ أخيراً... ولكن!

يستعيد أزمنة «الثلاثية» و«أولاد حارتنا»

سلوى بكر  -  مصطفى عبد الله  -  نعيم صبري
سلوى بكر - مصطفى عبد الله - نعيم صبري
TT

مبدعون مصريون يعربون عن سعادتهم بافتتاح متحف محفوظ أخيراً... ولكن!

سلوى بكر  -  مصطفى عبد الله  -  نعيم صبري
سلوى بكر - مصطفى عبد الله - نعيم صبري

أعرب مبدعون مصريون عن سعادتهم بافتتاح متحف نجيب محفوظ بعد سنوات طويلة منذ رحيله عام 2006، وقد نشبت حالة من الجدل في الأوساط الثقافية بين الكتاب والمسؤولين حول تخصيص متحف له، ولم تخلُ الفرحة بالمتحف من بعض الانتقادات الموجهة إلى وزارة الثقافة والقائمين على تجهيز المتحف، حول اختفاء بعض مقتنيات صاحب نوبل، وغياب أرشيفه، والاستسهال في الإعداد للمتحف.
«الشرق الأوسط» زارت المتحف وسألت ابنة نجيب محفوظ، ومديره عن هذه الانتقادات، كما استطلعت آراء بعض الكتاب، حول كيفية استثمار المتحف بوصفه مزارا ثقافيا وسياحيا.
- أرشيف نجيب محفوظ
الروائي يوسف القعيد، مدير المتحف، يرد على الانتقادات حول غياب أرشيف صاحب «ثرثرة فوق النيل» قائلا: «افتتاح المتحف هو خطوة أولى في سلسلة خطوات تخليد الأديب العالمي نجيب محفوظ. وبالطبع فإن المتحف سوف يضم في مرحلة لاحقة جميع أرشيفه، وبالفعل قد حصلنا على كمية ضخمة من أرشيفه، وسوف نستمر في مخاطبة كل المؤسسات المهتمة بأعمال نجيب محفوظ، مثل أرشيف الأفلام المصرية، ودار الكتب والوثائق، والمركز القومي للسينما، للحصول على كل صورة له، وكل جريدة كتب فيها، وكل فيلم ومسلسل، لضمها إلى المتحف».
إن التخطيط للمتحف وخروجه بهذه الصورة، تم من خلال الاستعانة بمحاضر لجان الجلسات التي كانت قد انعقدت منذ بدء التفكير في إنشاء المتحف منذ عام 2006، في عهد وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني.
ويتابع القعيد: «المتحف يخاطب كل الفئات العمرية المهتمة بالأدب عموماً، وبأدب نجيب محفوظ خاصة، سواء في مصر أو الوطن العربي، أو العالم كله، حيث نعمل الآن على وضع برنامج ثقافي متكامل، يتضمن لقاءات ثقافية، وندوات أدبية، وعروضا سينمائية، ومعارض فنية، بحيث يصبح المتحف مؤسسة ثقافية متكاملة لكل المهتمين بأدب الأديب العالمي، وبالثقافة سواء من المتخصصين، أو القراء، أو المتابعين».
- تحديات التصميم
وحول ما تردد عن اختفاء السجادة التي أهداها الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي لصاحب نوبل، يفسر المعماري كريم الشابوري، مصمم العرض المتحفي، الأمر قائلا: «قيمة السجادة غير مرتبطة بشخص نجيب محفوظ أو أدبه، ومع ذلك جاء قرار عدم عرضها في الغرفة المخصصة لعرض مكتبه الخشبي، لأسباب فنية، متعلقة أولا بصغر مساحة الغرفة عن حجم السجادة، وثانياً للرغبة في الحفاظ عليها من التلف، فلم يكن من الممكن وضعها على الأرض، مما يعرضها لاحتمالية تلفها نتيجة زيارة الجمهور... إنها تحتاج إلى أسلوب عرض متحفي مختلف».
ويجري حاليا التنسيق مع وزارة الآثار من أجل ضم الطابق الثالث للمتحف، ومن المنتظر أن يكون هناك إمكانية لزيادة القاعات المتحفية، وحينذاك يمكن عرض السجادة بأسلوب يحافظ عليها، ويليق بها.
وعن التحديات التي واجهته أثناء تصميمه للعرض المتحفي بالمتحف، يقول: «التحدي الأول تمثل في طريقة التعامل مع المبنى الأثري (تكية محمد أبو الدهب)، الذي تطلب الحرص الشديد في تصميم المتحف، حتى لا يتعرض المبنى لأي ضرر، أما التحدي الثاني فيرجع إلى عالم نجيب محفوظ الكبير الذي يصعب احتواؤه في مساحة محددة، وإيجاد طريقة مثالية لتقديمه في صورة تليق به، وليس مجرد عرض متحفي لمقتنياته فحسب. أما التحدي الثالث فكان عامل الوقت، إذ أسندت إلي مهمة تصميم المتحف منذ أربعة شهور فقط، وكانت غير قابلة للتمديد، نظراً لرغبة الجميع في سرعة افتتاح المتحف، الأمر الذي شعرت معه بضغط شديد».
من جانبها، تتجاوز أم كلثوم ابنة الأديب العالمي، عن تلك الأشياء التي تصفها بالبسيطة مقابل فرحة افتتاح المتحف الذي تأخر سنوات طويلة، وتقول: «لم أكن أثق في خروج المتحف إلى النور بعد تأخره كل هذه السنوات، الأمر الذي أصابني بالإحباط خوفاً من فقدان المقتنيات والمتعلقات الشخصية لوالدي، لكن فرحة الافتتاح جاءت تعويضاً عن تأخره طويلاً»، وأشارت إلى أنها قد تهدي وزارة الثقافة بعضا من مقتنيات والدها الأخرى بعد ضم الطابق الثالث إليه.
- طموحات ثقافية متنوعة
وحول كيفية استثمار المتحف كمزار ثقافي وسياحي، يقول الناقد الأدبي دكتور حسين حمودة: «من أجل استكمال رسالة هذا المركز أتصور أنه يجب إعداد برامج ثقافية متنوعة، وأنشطة إبداعية أيضاً، تقيم جسراً بين القيم الثقافية والإبداعية التي انطلق منها محفوظ، من ناحية، والجمهور الذي يحتاج إلى هذه القيم من ناحية أخرى. كذلك من المهم وضع هذا المركز الثقافي على خريطة المزارات السياحية المصرية، بحيث يعرف به ويستطيع الوصول إليه عدد كبير من السائحين الذين يزورون مصر، ويريدون التعرف على حضاراتها وثقافتها».
وتؤكد الكاتبة والروائية سلوى بكر أن متحف نجيب محفوظ - رغم تأخر افتتاحه بسبب تفاصيل بيروقراطية - يمثل قيمة ثقافية وتاريخية وسياحية، وسوف يقصده السائحون من بلدان العالم المختلفة. وتشير إلى ضرورة أن يصبح مركزاً للإشعاع الثقافي، وتقول: «اقترحت على وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم، أن تُعد خطة ثقافية ليصبح من خلالها المتحف منارة ثقافية حقيقية في منطقة الأزهر، يجذب كل المهتمين بأدب صاحب نوبل، وعالمه الأدبي، وأن تقام ندوات وحلقات ثقافية تجتذب أبناء حي الأزهر، ليتمكنوا من الاقتراب من عالم نجيب محفوظ».
وتطالب سلوى بكر بأن يستضيف المتحف ملتقى سنوياً إقليمياً أو دولياً، لمناقشة رسائل الماجستير والدكتوراه التي تتناول أدب نجيب محفوظ، وتقول: «هناك مقترحات كثيرة ومتعددة في سبيل وضع رؤية ثقافية لتنشيط المتحف، لا بد أن توضع عبر لجنة مكونة من مجموعة من المثقفين، يتناقشون ويتداولون فيما بينهم ما يمكن القيام به من أجل الهدف الذي نسعى إليه».
من جهته، يبدي الكاتب الصحافي مصطفى عبد الله، دهشته من تصريح الروائي يوسف القعيد الذي يقول فيه إنه يود أن يصبح متحف نجيب محفوظ متحفاً للسرد المصري، وليس لنجيب محفوظ فقط. ويقول: «فوجئت بهذا التصريح لأننا نعلم جميعاً أن نجيب محفوظ لا يقل قيمة عن هيمنغواي، وويليام فوكنر، وديستوفيسكي، الذين يقصد الباحثون متاحفهم خصيصاً... كيف لنا أن نغير من طبيعة المتحف الذي خصصناه لنجيب محفوظ؟».
ويوجه مصطفى عبد الله عدداً من الملاحظات حول المتحف، قائلا: «أتساءل لماذا لا يضم المتحف سوى نسبة ضئيلة من المتعلقات والمخطوطات والصور والمراسلات التي تخص صاحب نوبل، بخاصة أنه ما زال هناك كثير من تراث محفوظ موجودا داخل بيوت كثيرين ممن تعاملوا معه في حياته على مدى نصف قرن أو يزيد... المتحف يحتاج لصياغة جديدة لاستيعاب ما لم يضمه حتى الآن من تراث محفوظ، ليس عن طريق إضافة حجرات جديدة فقط، بقدر ما يحتاج إلى إعادة صياغة للمساحات والفراغات الموجودة بالفعل في قاعات المتحف».
ويضيف عبد الله: «أعجب كيف نحتفل بافتتاح متحف لنجيب محفوظ، ونوقف نشر (دورية نجيب محفوظ) التي أصدر الدكتور حسين حمودة منها تسعة أعداد عن المجلس الأعلى للثقافة، كذلك عدم احتوائه على سلسلة حوارات معه نُشرت تحت عنوان (خبيئة في الإسكندرية). وأندهش من أن المتحف لا يشير من قريب أو بعيد إلى فترة مهمة في حياة صاحب ميرامار، وهي الفترة التي كان يقضيها في مدينة الإسكندرية صيفاً، ويلتقي فيها عبر لقاءات أسبوعية كثيرا من الأدباء والكُتاب أمثال (محمد الجمل، وعبد الله الوكيل، ونعيم تكلة، ومحمد زكي العشماوي، وفوزي عيسى، وغيرهم)، رغم أن هناك كثيرا من الصور التي تسجل هذه اللقاءات الأسبوعية، فضلا عن غيرها من الصور التي تسجل لقاءات سابقة عليها، مثل لقاءاته مع توفيق الحكيم وثروت أباظة».
واختتم مصطفى عبد الله حديثه، بالتأكيد على أهمية افتتاح متحف نجيب محفوظ، باعتباره إنجازا ثقافيا، قائلا: «أرجو ألا يفهم من كلامي أنني أنتقد هذا الإنجاز الذي رغم تأخره لسنوات فإنني ما إن زرته أسعدني كثيراً، بل وفاجأني، وأرى أنه مزار عالمي، ومقصد سياحي، يمكن أن يسهم في الترويج للسياحة الثقافية في مصر».
من جانبه، تمنى الروائي نعيم صبري أن «يكون المتحف، إلى جانب مهمة توثيق حياة محفوظ، مصدراً للإشعاع الثقافي، وأن يضم ضمن خطته الثقافية إصدار مجلات دورية منتظمة، وأبحاثا مستمرة عن أدب نجيب محفوظ، صاحب الإنتاج الضخم والعميق الذي لم ينضب، ولن تنتهي الأبحاث فيه». وذكر نعيم صبري، أنه يمتلك أرشيفا كبير من الصور الفوتوغرافية التي توثق لحياة نجيب محفوظ قائلا: «أحتفظ بأرشيف كبير من الصور التي تجمعني به كذكريات في أماكن مختلفة، أو تجمعه مع أشخاص آخرين، والتي تمثل جزءا مهما في التوثيق لحياة محفوظ، ويمكنني إهداء نسخ منها إلى إدارة المتحف إذا طلبوا مني ذلك».
يشار في هذا السياق إلى أن وزارة الثقافة أعلنت عن توفير خمس منح لكتابة السيناريو والرواية والقصة القصيرة في المتحف، والتخفيض على الكتب بنسبة 50 في المائة من إصدارات وزارة الثقافة، و25 في المائة على إصدارات دور النشر الأخرى. وأعلنت عن مواعيد دخول المتحف، وقررت دخوله مجاناً لمدة شهر ابتداء من يوم افتتاحه.



ممدوح سالم: «الهندول» يتعمق في تأثير الفقد على الأطفال

«الهندول» رصد مناطق متعددة من مدينة جدة التاريخية (مهرجان البحر الأحمر السينمائي)
«الهندول» رصد مناطق متعددة من مدينة جدة التاريخية (مهرجان البحر الأحمر السينمائي)
TT

ممدوح سالم: «الهندول» يتعمق في تأثير الفقد على الأطفال

«الهندول» رصد مناطق متعددة من مدينة جدة التاريخية (مهرجان البحر الأحمر السينمائي)
«الهندول» رصد مناطق متعددة من مدينة جدة التاريخية (مهرجان البحر الأحمر السينمائي)

قال المخرج السعودي، ممدوح سالم، إن فيلمه «الهندول» ارتبط بمشهد عاشه في وداع جده، وإن الفكرة ظلت تلح عليه حتى كتبها بعد 10 سنوات، مؤكداً أن العمل السينمائي الذي قدمه ليس عن الموت فقط، بل عن الحياة أيضاً، وأن التحدي الأكبر الذي واجهه الفيلم هو تصويره في مقبرة حقيقية.

وأضاف سالم في حوار مع «الشرق الأوسط» أن «كل الفرص متاحة لصناع الأفلام السعوديين لكي يرووا حكاياتهم»، لافتاً إلى نضاله ورفاقه من السينمائيين السعوديين لعرض الأفلام؛ مما أحدث حراكاً سينمائياً «كانت نتيجته هذا الازدهار الذي تحققه السينما السعودية خلال سنوات قليلة»، على حد تعبيره.

ويعرض ممدوح سالم في أحدث أفلامه الروائية القصيرة «الهندول» قصة تأثير الفقد على الأطفال، من خلال طفل صغير يموت والده فجأة ويجد صعوبة بالغة في تقبل فكرة الموت، وبينما تنشغل الأم باستقبال المعزين، يتسلل الصغير إلى مقبرة أبيه، ويرفض مغادرتها على الرغم من مطاردة الحارس له، ويقوده ذلك إلى لقاء عفوي مع العم «سالم» الذي يعمل نجاراً، وحين تضع الأم مولوداً جديداً، يساعده «سالم» لكي يتجاوز أحزانه، ليدرك الطفل مع الوقت أن الموت هو الوجه الآخر للحياة، وأن الحب والذكريات يُبقيان الأحبة قريبين إلى الأبد. الفيلم من بطولة يوسف شيخ، ووليد باعشن، وابتسام محمد، وعائشة الرفاعي، ومن إنتاج وإخراج ممدوح سالم، والسيناريو والحوار لفاروق الشعيبي.

شارك الفيلم في الدورة الخامسة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» ضمن برنامج «أفلام السعودية الجديدة» الذي سلط الضوء على 21 فيلماً قصيراً وطويلاً تحمل رؤى وأفكاراً جديدة لصناع أفلام سعوديين، من بينهم المخرجة هيفاء المنصور وأحدث أفلامها «المجهولة».

المخرج السعودي ممدوح سالم (صفحته على فيسبوك)

بدأ ممدوح سالم نشاطه الفني ممثلاً ومخرجاً ومنتجاً للعروض المسرحية والسينمائية، وقدم 8 أفلام ما بين وثائقية وروائية، إلى جانب عروضه المسرحية وأعماله الدرامية بالتلفزيون.

وتعود قصة الفيلم إلى ما قبل 10 سنوات، حين ذهب المخرج لوداع جده، ولفت نظره طفل في جنازة أخرى بدا عليه التأثر الشديد... يقول سالم: «جذبني الطفل بحالة الحزن التي تسكن روحه، فهو لم يختبر معنى الفقد والغياب، كيف يستوعب عقله الصغير كل ذلك؟ وظلت الفكرة في رأسي، وبنيتُ عليها الفيلم، وكتبتُ معالجة، وكتب فاروق الشعيبي السيناريو والحوار»، ويلفت سالم إلى أن «الهندول» يرمز إلى الحياة، «فالكلمة نفسها تعني سرير الطفل الرضيع»، مشيراً إلى أن فيلمه يقدم مقاربات بين الحياة والموت.

ويسوق المخرج مقاربات رمزية تعكس ذلك ما بين: النعش والهندول، والسرير والقبر، والليل والنهار، فالنجار الذي يصنع السرير هو أيضاً من يصنع نعش الموت. ويتابع: «لم يكن على بالي أن أقدم فيلماً قصيراً؛ لأنني أعكف على تحضيرات فيلمي الروائي الطويل الأول، لكن الفكرة كانت تُلح عليّ، وكل من قرأ السيناريو من أصدقاء أثق بهم تحمس له».

ولأول مرة تصوَّر مشاهد فيلمية داخل مقبرة حقيقية، وكان هذا تحدياً كبيراً، مثلما يقول سالم... «يُمنع في المملكة التصوير داخل مقبرة؛ لذا رفعنا طلباً إلى الجهات الرسمية وساعدتنا (هيئة الأفلام) في ذلك، وقد اعتمدت في التصوير على اللقطات الواسعة لُتظهر جانباً من معالم جدة التاريخية بأحيائها القديمة، وكذلك ظهرت ملامح المدينة في لقطات خروج الطفل من منزله».

الفيلم من إنتاج ممدوح سالم أيضاً وبدعم جزئي من «هيئة الأفلام» بنسبة 40 في المائة من تكلفته عبر برنامج «ضوء». وأخرج سالم 8 أفلام قصيرة ووثائقية، من بينها «ليلة البدر» عام 2007، وهو وثائقي شارك في «مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية»، وعُرض في 12 مهرجاناً، ويتناول الحياة الاجتماعية في الحجاز، كما حاز تكريماً من «استوديو كازان».

ممدوح سالم وفريق عمل الفيلم في «مهرجان البحر الأحمر» (صفحة سالم على فيسبوك)

وفي فيلم «جدة ملتقى الثقافات والحضارات» تناول سالم أحداث السيول التي شهدتها مدينته جدة قبل سنوات، وحصل به على جائزة «أفضل فيلم وثائقي» في «مهرجان مسقط السينمائي»، كما أخرج فيلماً وثائقياً هو «صقر الجزيرة» عن توحيد السعودية، وله أيضاً فيلم «رواشين» الذي تطرق إلى الطراز المعماري في جدة التاريخية.

ورغم بداياته ممثلاً مسرحياً، وتقديمه عروضاً ممثلاً ومخرجاً ومنتجاً، فإن سالم انشغل في أعمال بعيدة عن التمثيل، مؤكداً أنه أراد أن يركز أكثر في الإنتاج والإخراج والتوزيع السينمائي عبر شركته التي أسسها قبل سنوات.

وبدأ ممدوح سالم نشاطه الفني عقب تخرجه في الجامعة عام 2000، وحصل على دبلومة في إنتاج وإخراج الأفلام، وشارك في ورشات سينمائية عدة، وكان قد شارك ممثلاً في نحو 24 عملاً بين الدراما والكوميديا، من بينها مسلسل «بابا فرحان» الذي صدر في 18 جزءاً.

وظهر سالم في الفيلم السعودي الوثائقي «ضد السينما» للمخرج علي سعيد، بصفته أحد صناع الأفلام الذين نفذوا مبادرات مهمة أحدثت حراكاً سينمائياً مبكراً، ويتحدث عن مبادرته قائلاً: «أطلقت عام 2006 أول مهرجان سينمائي سعودي بعنوان (مهرجان جدة للعروض المرئية) ثم صدر قرار بوقفه في 2009، كما أقمت أول عروض سينمائية عام 2008 بعرض الفيلم السعودي (مناحي) من إنتاج (روتانا) في مدن جدة والطائف والرياض، وكنا نعرض الأفلام في قاعات مسرحية، وأحدثت حراكاً في مسار السينما السعودية».

وما بين الأمس واليوم، يبدو الفارق كبيراً مثلما يقول: «الوضع اختلف تماماً مع (رؤية المملكة 2030)، فقد أصبح هناك دعم كبير للثقافة؛ مما أحدث نهضة ثقافية كبيرة، سواء على مستوى السينما، ومستوى العروض المسرحية، وأتاح لكثير من المواهب أن تنطلق»، ويلفت سالم إلى أن «فرصاً هائلة متاحة للشباب أكثر من أيامنا، وهناك تجارب واعدة لصناع أفلام لديهم فكر ناضج ورؤى مختلفة، وهذا التنوع يصُب في مصلحة الثقافة السعودية»، وفق تعبيره.


في 2025... نجوم السينما لا تتلألأ كما بالأمس

دواين جونسون تهاوى في «الآلة المدمرة» (A24)
دواين جونسون تهاوى في «الآلة المدمرة» (A24)
TT

في 2025... نجوم السينما لا تتلألأ كما بالأمس

دواين جونسون تهاوى في «الآلة المدمرة» (A24)
دواين جونسون تهاوى في «الآلة المدمرة» (A24)

عندما تبين أن فيلم «الآلة المدمّرة» (The Smashing Machine) فشل في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في استقطاب جمهور بطله دواين جونسون أو أي جمهور آخر، علق الممثل المعروف قائلاً: «النجاح ليس بالأرقام وحدها». هذا القول، بالنسبة لممثل يُقال إنه يتقاضى 50 مليون دولار عن كل فيلم، لا يقلل من أهميته المهنية؛ فهو درس مهم مفاده عدم الخروج عن القوالب التي تعوّد الجمهور على رؤيته فيها. لقد أحبّه الجمهور في نوع أو نوعين فقط، ومن الأفضل الحفاظ على هذه الصورة للبقاء على سدّة النجاح من دون ثقب أسود.

لكن، كيف نلوم ممثلاً وجد سيناريو مختلفاً عن المعتاد، وقام بأداء دور جديد قد يفتح له المجال ليصبح ممثلاً درامياً حقيقياً، يطمح لقراءة اسمه ضمن قوائم الترشيحات؟ دور يقدّمه بصفته ممثلاً، لا بصفته مجرد شكل بطولي يعتمد على القوة البدنية فقط؟

الفيلم الذي دمّر نفسه

محاولة جونسون فشلت... الفيلم عن حياة المصارع مارك كر لم يرقَ للتوقعات (A24)

محاولة جونسون باءت بالفشل لأن الفيلم، الذي يروي جزءاً من سيرة المصارع مارك كر، لم يكن على مستوى التوقعات. لم يكن الفيلم سيئاً إلى حدٍّ مرفوض، لكنه لم يكن جيداً بما يكفي. هذا أمر لا يمكن لوم جونسون عليه، بل هو نتيجة كتابة وإخراج بيني صفدي، وتبنته شركة الإنتاج (A24) على أساس أنه فيلم ناضج لجمهور يقدّر القيمة الفنية.

هذا يعني بكلمات، أن الجمهور المستهدف كان ممن تجاوزوا منتصف الثلاثينات، وقدروا أفلام الشخصيات الناضجة. لكن المرير أن هذه الفئة لم تتجه إلى الصالات إلا بنسبة 8 في المائة مقارنة بالجمهور الشاب الذي توقع فيلم مغامرات مليء بالإثارة الرياضية.

شركة الإنتاج راهنت على أن اسم دواين جونسون سيكون كافياً لتجاوز أي عثرات، فأطلقت الفيلم في نحو 3000 صالة في شمال أميركا (الولايات المتحدة، والمكسيك، وكندا) بدل اعتماد نظام عروض محدود لبناء الجمهور تدريجياً عبر تأثير الكلمة الشفهية «Word of Mouth» اختيار معاملة الفيلم كأي فيلم سابق من بطولة جونسون كان فشلاً جسيماً كلَّف الشركة 50 مليون دولار (بالإضافة لأجر الممثل). هذا إلى جانب أن الأسواق العالمية باتت، منذ سنوات، مصابة بآفات السوق المعهودة داخل الولايات المتحدة، فما ينجح فيها سينجح (غالباً) حول العالم، وما يفشل فيها سيفشل خارجها.

طغيان النوع

لكن جونسون ليس الوحيد بين الممثلين الذين ساروا على درب معيَّن ثم حاولوا تجربة الخروج منه صوب دور مختلف ليجدوا أن ترحاب المعجبين (ما بين 18 و36 سنة) لم تتماثل مع الأدوار التي اشتهروا بها.

هذا ليس وليد اليوم، ففي زمن سابق حاول رهط من الممثلين الذكور والإناث الخروج من القالب المعتاد صوب آخر ليكتشفوا أن ما كان في البال لم يتحقق. من بين هؤلاء سكارلت جوهانسن في «شبح في الصدفة» (Ghost in the Shell) سنة 2017، وروبرت داوني جونيور في «دوليتل» (2020)، وڤِن ديزل في «جدني مذنباً» (Find Me Guilty) في 2006، وسواهم.

جنيفر لورنس كما ظهرت في «مُت يا حبيبي» (إكسيلانت كاداڤر برودكشنز)

هؤلاء الممثلون قدموا أعمالاً جماهيرية ضخمة مثل «آيرون مان»، وسلسلة «ذا أفنجرز» (بالنسبة لجوهانسن وداوني)، و«سريع وغاضب» (Fast and Fury) بالنسبة لڤِن ديزل. ومع تدجين هوليوود للجمهور لمتابعة أفلام الأكشن ومسلسلات الكوميكس، أصبح النوعان طاغيين على مستقبل الممثل وقيمته الفنية، ما يُحدِّد نجاحه أو فشله. إذا حاول الممثل إظهار مهاراته التمثيلية الحقيقية، غالباً ما تواجهه نسبة فشل أعلى من النجاح.

نجوم حقيقيون

نتيجة ما سبق أصبح تأثير الممثل على شباك التذاكر أقل، مقابل صعود تأثير الفيلم نفسه. خذ مثلاً كريس هيمسوورث، أو روبرت داوني جونيور، أو سكارلت جوهانسن؛ أو أي نجم من نجوم سلسلة «The Avengers»، ستجد أن الإقبال لن يتأثر على أي جزءٍ جديد من السلسلة إلا بنسبة بسيطة قد لا تتجاوز 10 في المائة، ما دام الممثلون الباقون موجودين فيه.

بذلك بات الممثلون في هذه المسلسلات، مثل توم هولاند في «سبايدر مان»، ورايان رينولدز في «Deadpool»، ودواين جونسون في «جومانجي»، يعيشون في فخ أو حقل ألغام بلا خريطة.

هذا لم يكن الحال في سابق سنوات هوليوود، حين كان بإمكان الممثل اختيار أدواره بحرية دون عواقب كبيرة. نتحدّث عن همفري بوغارت، وريتا هايوورث، وهنري فوندا، ومارلون براندو وإليزابث تايلور، وصولاً إلى أنطوني هوبكنز، وكلينت إيستوود، وبيرت رينولدز، وعشرات آخرين انتقلوا من الكوميديا إلى الدراما ومن فيلم بوليسي إلى فيلم حربي، أو وسترن بالنجاح نفسه. هؤلاء كانوا نجوماً يتلألأون في كل مناسبة وإن فشل أحد أفلامهم فإن ذلك لا يشكل ضربة مؤثرة، بل مجرد حكّة بسيطة وعابرة.

سكارلت جوهانسن أخرجت وأنتجت «إليانور العظيمة» (سوني كلاسيكس)

هذا العام تعددت النماذج التي تشهد بأن النجومية لم تعد تتلألأ كما سبق لها أن فعلت قبل طغيان أفلام الكوميكس وباقي المسلسلات.

إلى جانب فشل جونسون في مهمّته التدميرية وجدنا جنيفر لورنس تواجه المعضلة نفسها عبر فيلمها الأخير «مت يا حبيبي» (Die My Love). زميلتها سكارلت جوهانسن أقدمت على إنتاج وإخراج فيلم عن الهولوكوست عنوانه «إليانور العظيمة» (Eleanor the Great) وحصدت فشلاً ذريعاً، كذلك الحال مع جوليا روبرتس في «بعد الصيد» (After the Hunt)، وجوني ديب في «مودي: ثلاثة أيام على جناح الجنون» (Three Days on the Wing of Madness) من بين أمثلة قليلة أخرى.

هذا ما خلفه الاعتماد على أفلام لا معنى لها تُنتج بمئات ملايين الدولارات لأن الجمهور السائد يرغب في الترفيه عن نفسه في كل يوم من أيام السنة. الممثلون يلتقطون هذه الأدوار لأنها عمل مضمون بأجر كبير، لكن إذا ما كانت آمالهم معلّقة بأدوار مختلفة وعميقة وتمنح جوائز، فإن الخروج عن الموديل السائد سيعني، في غالب الأحوال، ذلك النوع من الفشل الذي يبقى في البال طويلاً ويجعل الممثل خائفاً من فشل آخر قد يهبط بأجره المادي.


«SRMG» و«Snapchat» لشراكة استراتيجية لتعزيز الابتكار الإعلامي ونمو صناع المحتوى

ندى المبارك الرئيسة التنفيذية لـ«SRMG» للحلول الإعلامية وعبد الله الحمادي المدير العام لـ«Snapchat» بالسعودية في أثناء توقيع الاتفاقية (الشرق الأوسط)
ندى المبارك الرئيسة التنفيذية لـ«SRMG» للحلول الإعلامية وعبد الله الحمادي المدير العام لـ«Snapchat» بالسعودية في أثناء توقيع الاتفاقية (الشرق الأوسط)
TT

«SRMG» و«Snapchat» لشراكة استراتيجية لتعزيز الابتكار الإعلامي ونمو صناع المحتوى

ندى المبارك الرئيسة التنفيذية لـ«SRMG» للحلول الإعلامية وعبد الله الحمادي المدير العام لـ«Snapchat» بالسعودية في أثناء توقيع الاتفاقية (الشرق الأوسط)
ندى المبارك الرئيسة التنفيذية لـ«SRMG» للحلول الإعلامية وعبد الله الحمادي المدير العام لـ«Snapchat» بالسعودية في أثناء توقيع الاتفاقية (الشرق الأوسط)

أعلنت المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG) و«سناب شات» (Snapchat) شراكة استراتيجية تهدف إلى دفع عجلة الابتكار الإعلامي، وتطوير منظومة صُناع المحتوى، وتقديم حلول تجارية متكاملة على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وتجمع هذه الشراكة بين علامات «SRMG» الرائدة التجارية الإعلامية، وخبرتها العميقة في صناعة المحتوى، وقدراتها، وبين منصة «Snapchat»، التقنية ومنظومتها الواسعة من صناع المحتوى. وسيعمل الشريكان معاً على استكشاف نماذج جديدة للسرد القصصي، وتعزيز تفاعل الجمهور، وتطوير سبل التعاون الإعلاني، بما يعكس التطور المتسارع للمشهد الإعلامي الرقمي إقليمياً وعالمياً.

وترتكز الشراكة على خمس ركائز استراتيجية تشمل: الإعلام، والمحتوى، وصُناع المحتوى، والرياضة، والابتكار التجاري. كما تتضمّن تطوير صيغ تحريرية وقصصية جديدة مدعومة بأدوات منصة «Snapchat»، وإطلاق مبادرات تدريبية متخصصة بالتعاون مع أكاديمية «SRMG»، ووضع استراتيجيات محتوى مشتركة تهدف إلى دعم المواهب الصاعدة وبناء منظومات قابلة للتوسع لصُناع المحتوى.

كما تتمحور هذه الشراكة حول التزام مشترك ببناء نماذج إعلامية مستدامة تجارياً، ومتجذرة في المشهدَين الثقافي والرقمي للمنطقة. وتؤمن كل من «Snapchat» و«SRMG» بأن المحتوى والتجارب التي يصوغها الجمهور المحلي ليست أكثر جاذبية فحسب، بل هي أيضاً أعلى قيمة للعلامات التجارية. ومن خلال الدمج بين البيئات الإعلامية النوعية، وأساليب السرد القصصي التي تحتويها المنصة، والتخطيط التجاري المشترك، تهدف هذه الشراكة إلى فتح آفاق أوسع للفرص، وتقديم أعمال ذات كفاءة أعلى، وتوسيع النطاق، وتحقيق نتائج ملموسة للمعلنين في المملكة العربية السعودية والمنطقة ككل.

وقالت ندى المبارك، الرئيسة التنفيذية لـ«SRMG» للحلول الإعلامية: «تعكس هذه الشراكة استراتيجية (SRMG) طويلة المدى لبناء منظومة إعلامية مترابطة، تعتمد على البيانات، وتتمتع بمرونة اقتصادية عالية. وذلك من خلال المواءمة بين محتوانا ومواهبنا وقدراتنا التجارية مع الابتكار التقني لمنصة (Snapchat)، وابتكار مسارات أكثر فاعلية للمعلنين، مع دعم الجيل القادم من صُناع المحتوى في جميع أنحاء المنطقة».

من جانبه، قال عبد الله الحمادي، المدير العام لـ«Snapchat» في السعودية: «في ظل التسارع الذي يشهده قطاع الإعلام والتقنية في السعودية، فإن التزامنا يُعد طويل الأمد وعميق الارتباط بالمشهد المحلي. ومع وجود أكثر من 26 مليون شخص يستخدمون (Snapchat) شهرياً في المملكة، أصبحنا جزءاً من أسلوب الحياة اليومي لهذه السوق. ونظراً إلى ما تتمتع به (SRMG) من حجم وتأثير وريادة، فإنها تُعد الشريك الأنسب لتوسيع هذا الأثر المتنامي. معاً، نجمع قوتَين بارزتَين جنباً إلى جنب، تتمتع كل منهما بنقاط قوة مكملة للأخرى، لخلق أوجه تعاون جديدة تُمكّن صناع المحتوى، وترتقي بالعلامات التجارية، وتُسهم بشكل هادف في رؤية المملكة لهذا القطاع».

وتحظى «Snapchat» بمكانة قوية واستثنائية في السعودية، مدفوعةً بمعدلات تفاعل يومية عالية، ومنظومة متنامية من صُناع المحتوى المحليين، وارتباط ثقافي عميق مع مختلف فئات المجتمع في السعودية. وللمعلنين، تُعد «Snapchat» منصة أثبتت فاعليتها من حيث الأداء، حيث تحقق نتائج قوية عبر مراحل الإعلان المختلفة، وذلك من خلال صيغ مُصممة لتتوافق مع طرق التواصل والتفاعل الطبيعية للناس.

ومن المقرر أن تنطلق الشراكة عبر مراحل متعددة تبدأ في عام 2026، مع تفعيل المبادرات عبر العلامات التجارية الإعلامية التابعة لـ«SRMG»، وتقديم الحلول المشتركة بقيادة «SRMG» للحلول الإعلامية.