الجزائر: «حراك الجمعة 23» يرفض وساطة «فريق الشخصيات الـ6»

قالوا إنهم سيتجاهلون أي مسعى للتهدئة مع السلطة قبل رحيل حكومة رئيس الوزراء

TT

الجزائر: «حراك الجمعة 23» يرفض وساطة «فريق الشخصيات الـ6»

تعرض أمس «فريق الشخصيات الست»، الذي اختارته السلطة الانتقالية في الجزائر لإدارة الحوار كهدف للخروج من المأزق السياسي، لهجوم حاد من طرف المتظاهرين خلال «حراك الجمعة 23».
وأبدى نشطاء الحراك رفضاً شديداً للانخراط في أي مسعى للتهدئة يأتي من السلطة، قبل رحيل حكومة رئيس الوزراء نور الدين بدوي، ورفعوا شعار «لا حوار مع العصابة»، وهو الشعار الذي كان طاغياً على بقية الشعارات المرفوعة في مظاهرات أمس في أكبر مدن البلاد، خصوصاً العاصمة ووهران (غرب)، وقسنطينة (شرق)، وبجاية (منطقة القبائل)، وكان تعبيراً واضحاً عن رفض مسعى أعلن عنه الرئيس الانتقالي عبد القادر بن صالح أول من أمس، ويتمثل في تعيين 6 أشخاص لإدارة وساطة بينه وبين المتظاهرين.
ويتكون الفريق من كريم يونس رئيس «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية الأولى) خلال الولاية الأولى للرئيس السابق بوتفليقة (1999 - 2004)، وأستاذة القانون الدستوري بجامعة الجزائر فتيحة بن عبو، والخبير الاقتصادي إسماعيل لالماس، وعضو «مجلس الأمة» (الغرفة البرلمانية الثانية) السابق وأستاذ القانون الدستوري بالجامعة بوزيد لزهاري. بالإضافة إلى النقابي في قطاع التعليم عبد الوهاب بن جلول، والأستاذ بجامعة تلمسان (غرب) عز الدين بن عيسى.
ورفض المتظاهرون أن يكون هذا الفريق متحدثاً باسمهم لدى السلطة، على أساس أنهم ليسوا من اختيارهم، وعلى أساس أنهم يرفضون أصلاً أي تقارب مع السلطة، بذريعة أنها «غير شرعية». وقال عمر بوزياني، وهو موظف بمصرف حكومي كان ضمن المتظاهرين بالعاصمة أمس: «غالبية أعضاء الفريق غير معروفين، وأبرزهم بن جلول وبن عيسى. أما لزهاري فهو قيادي في حزب السلطة (جبهة التحرير الوطني)، وكان يدعم الرئيس بوتفليقة وعصابته. والسيد لالماص كان دائماً يقول إنه يرفض الحوار مع بن صالح وطالب برحيله، في حين أن كريم يونس لم نره في المظاهرات، وهو منسحب من الشأن العام منذ أن أقاله بوتفليقة من البرلمان عام 2004. أما السيدة بن عبو فكانت تقول في وسائل الإعلام إن السلطة الحالية غير دستورية، وبالتالي لا يجوز قانوناً الجلوس معها على طاولة المفاوضات».
ومن أقوى الشعارات الشعبية تداولاً أمس: «قولوا لهم لا تلهونا بالبالون (الكرة)»، و«قولوا لهم نجيبو الحرية يكون واش يكون»، ومعناه أن فوز منتخب البلاد بكأس أفريقيا لكرة القدم قبل أسبوع، أسعد الجزائريين، لكن لا يجب أن تعول عليه السلطات ليحيد المتظاهرون عن هدفهم، وهو افتكاك حريتهم مهما كان الثمن.
كما هاجم «الحراكيون» قائد الجيش الجنرال أحمد قايد صالح، الذي يعتبرونه «عراب» الحوار، الذي تخوض فيه السلطة المؤقتة. وكان رئيس الدولة بن صالح، الذي تولى المنصب بعد استقالة عبد العزيز بوتفليقة في 2 أبريل (نيسان) الماضي، قد دعا في 4 يوليو (تموز) الحالي، وهو الموعد الذي كان محدداً لانتخابات رئاسية تم إلغاؤها لعدم وجود مرشحين، إلى حوار «تقوده شخصيات وطنية مستقلة»، لا تُشارك فيه السلطة ولا الجيش، وذلك بهدف «أوحد»، وهو تنظيم انتخابات رئاسية جديدة في أقرب مهلة.
وطرح «فريق الشخصيات» على بن صالح خلال لقائهم به أول من أمس، مجموعة من الشروط؛ أهمها رفع حواجز الدرك والشرطة المنتشرة عند مداخل العاصمة كل يوم جمعة، لتمكين المتظاهرين من الالتحاق بالحراك، وإطلاق سراح مساجين سياسيين ومعتقلي الرأي، ومنهم من يسمون «رافعي راية الأمازيغ»، ووقف الضغوط على وسائل الإعلام باستعمال سلاح الإشهار الحكومي، بغرض ثنيها عن تغطية المظاهرات. واللافت أن القيود الأمنية ظلت أمس على حالها، ما أفرز قناعة لدى المتظاهرين بأن السلطة تريد، حسبهم، ربح مزيد من الوقت، والمراهنة على أفول الحراك الذي دخل شهره السادس.
ودافع كريم يونس، المتحدث باسم المجموعة، على المسعى، وأظهر تذمراً من المآخذ التي توجه لأعضائها. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لقد وافقنا على هذه المهمة عندما تلقينا ضمانات بأن مطالب الحراك ستلقى تجاوباً؛ وهي الإفراج عن كل معتقلي الحراك، واحترام الطابع السلمي للمظاهرات من طرف قوات الأمن، والتوقف عن ممارسة العنف ضد المشاركين في الحراك، ومنهم طلبة الجامعات (في مظاهرات الثلاثاء)، وتخفيف الإجراءات الأمنية خصوصاً بالعاصمة أثناء المظاهرات الأسبوعية، وتحرير وسائل الإعلام من القيود المفروضة عليها». وشدد يونس على مطلب حل حكومة بدوي، وتعويضها بـ«حكومة وفاق وطني متكونة من وزراء تكنوقراطيين غير متحزبين».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.