اتفاق في أديس أبابا على حكومة انتقالية بالسودان

مظاهرة في الخرطوم للمطالبة بتسريع تشكيل الحكومة الانتقالية (تجمع المهنيين)
مظاهرة في الخرطوم للمطالبة بتسريع تشكيل الحكومة الانتقالية (تجمع المهنيين)
TT

اتفاق في أديس أبابا على حكومة انتقالية بالسودان

مظاهرة في الخرطوم للمطالبة بتسريع تشكيل الحكومة الانتقالية (تجمع المهنيين)
مظاهرة في الخرطوم للمطالبة بتسريع تشكيل الحكومة الانتقالية (تجمع المهنيين)

تكشفت تفاصيل جديدة حول المحاولة الانقلابية الفاشلة التي أحبطتها القوات المسلحة السودانية أول من أمس، وتداولت وسائل التواصل الاجتماعي بكثافة فيديو يظهر فيه رئيس هيئة الأركان المشتركة هاشم عبد المطلب؛ المتهم الأول بالتخطيط والتدبير للمحاولة، وهو «يتلو بيان الانقلاب الأول»، في وقت توصلت فيه الحركات المسلحة و«قوى إعلان الحرية والتغيير» إلى اتفاق يقضي بتعجيل تشكيل الحكومة الانتقالية وتكوين مجلس قيادي للفترة الانتقالية، والعودة للتفاوض المباشر مع المجلس العسكري يوم الأحد. وأعلنت القوات المسلحة إحباط محاولة انقلابية واعتقال رئيس هيئة الأركان، وعدد من الضباط برتب رفيعة في القوات المسلحة وجهاز الأمن والمخابرات، ورموز من النظام السابق، ويجرى التحقيق معهم لمحاكمتهم.
وجاء في بيان عبد المطلب أن القوات المسلحة قررت تسلم السلطة وإنهاء المشهد السياسي الذي صنعه المجلس العسكري الانتقالي، وإعادة الثقة بين الشعب وقواته المسلحة، معلناً تولي القوات المسلحة مقاليد السلطة في البلاد وحل المجلس العسكري الانتقالي الحالي.
وأضاف الفريق أول عبد المطلب في البيان الذي بث التلفزيون الرسمي مقتطفات منه، أنهم سيشرعون في تكوين مجلس عسكري سيصدر إعلان عنه في البيان رقم «2»، على أن يستمر الولاة المكلفون في مواقعهم لإدارة البلاد وكذلك وكلاء الوزارات ومديرو الادارات، وأن يتم حل حزب «المؤتمر الوطني» ومصادرة جميع ممتلكاته لصالح الدولة، إلى جانب تكوين مجلس تشريعي من حكماء الوطن وشباب الثورة يمثل كل قطاعات الشعب السوداني ما عدا عناصر النظام البائد. كما دعا البيان إلى إعادة هيكلة جهاز الأمن والمخابرات ليعمل وفقاً للقانون، ومحاسبة كل المفسدين الذين أجرموا في حق الشعب والوطن في محاكم عاجلة، وإرساء دعائم الدولة المدنية والحكم الرشيد، فضلاً عن تحقيق السلام الدائم في كل الولايات التي تشهد نزاعات.
في غضون ذلك، طالت الاعتقالات أسامة توفيق؛ القيادي بحركة «الإصلاح الآن» بزعامة الدكتور غازي صلاح الدين المنشق عن «المؤتمر الوطني»، ورئيس اتحاد الصحافيين السودانيين الصادق الرزيقي المحسوب على النظام السابق قبل إطلاق سراحه أمس. وقالت «حركة الإصلاح» في بيان صادر عن مكتب الرئيس، إن بعض الجهات اعتقلت «توفيق» واقتادته إلى جهة غير معلومة، وطالبت بإطلاق سراحه فوراً.
إلى ذلك، اتفقت قوى الحرية والتغيير والحركات المسلحة المنضوية في تحالف «الجبهة الثورية»، بعد مشاورات استغرقت نحو أسبوعين في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، على أهمية الإسراع في تشكيل السلطة المدنية الانتقالية، وأن تكون أولى مهامها تحقيق السلام الشامل في البلاد. كما اتفق الطرفان على تكوين هيكل قيادي لقوى إعلان الحرية والتغيير يقود الفترة الانتقالية، وستتم إجازته بإجراءات محددة تم الاتفاق عليها، بجانب التوافق على رؤية موحدة للاتفاق السياسي والإعلان الدستوري تستجيب لمطالب الشعب السوداني في السلام العادل والتحول الديمقراطي.
وكشف الطرفان في بيان مشترك عن أن الاتفاق ناقش «قضايا الحرب والسلام، وتمهيد الطريق من أجل الوصول إلى اتفاق سلام شامل مع جميع حركات الكفاح المسلح بصورة عاجلة فور البدء في عملية الانتقال إلى الحكم المدني». وأشار البيان إلى أن استحقاقات السلام وإقامة النظام المدني الديمقراطي لا صلة لها بالمحاصصات؛ «بل هي قضايا واجبة الحل لإعادة هيكلة الدولة واستيعاب مجموعات الشعب السوداني المختلفة في العملية السياسية؛ وفي مقدمها النساء والشباب»، ودعوا دول الجوار الإقليمي والمجتمع الدولي إلى دعم تطلعات الشعب السوداني.
وأكد البيان أن «قوى الحرية والتغيير» خرجت «أكثر وحدة وتمسكاً بقضايا الشعب والتزاماً بكل بنود (إعلان الحرية والتغيير)».
وأعلنت مصادر في الخرطوم أن «قوى إعلان الحرية والتغيير» ستعود للتفاوض مع المجلس العسكري الانتقالي على وثيقة «الإعلان الدستوري» بعد غد الأحد. وحذر رئيس حزب الأمة القومي، الصادق المهدي، من «الثورة المضادة، وكتائب النظام البائد تمتلك المال والسلاح، وقد حذرنا وتوقعنا ما حدث من محاولة انقلابية». ودعا المهدي إلى إيجاد معالجات تشمل الحركات المسلحة غير الموقعة على «إعلان الحرية والتغيير»، مطالباً في الوقت نفسه القوات المسلحة بالحفاظ على الأمن على أن يحفظ المدنيين مشارع الحق.
واقترح المهدي في حال تعذر التوافق بين مكونات الثورة (فصائل قوى إعلان الحرية والتغيير) الاحتكام إلى الشعب عبر الاستفتاء؛ «حتى لا يحمل أحد ضدنا فيتو» على حد تعبيره.



الحوثيون يعلنون هجوماً ضد إسرائيل ويزعمون إسقاط مسيرة أميركية

زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعلنون هجوماً ضد إسرائيل ويزعمون إسقاط مسيرة أميركية

زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)

بعد نحو 10 أيام من الهدوء وتراجع الهجمات الحوثية ضد السفن، تبنّت الجماعة المدعومة من إيران قصف قاعدة إسرائيلية في منطقة النقب، الجمعة، وزعمت إسقاط مسيرة أميركية من طراز «إم كيو 9»، بالتزامن مع إقرارها تلقي غارتين غربيتين استهدفتا موقعاً في جنوب محافظة الحديدة الساحلية.

وجاءت هذه التطورات بعد يومين فقط من فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية؛ حيث تتصاعد مخاوف الجماعة الحوثية من أن تكون إدارته أكثر صرامة فيما يتعلّق بالتصدي لتهديداتها للملاحة الدولية وتصعيدها الإقليمي.

صاروخ زعمت الجماعة الحوثية أنه «فرط صوتي» أطلقته باتجاه إسرائيل (إعلام حوثي)

وتهاجم الجماعة منذ أكثر من عام السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحرين الأحمر والعربي، كما تطلق الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، وأخيراً مساندة «حزب الله» اللبناني.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان، إن قوات جماعته نفّذت عملية عسكرية استهدفت قاعدة «نيفاتيم» الجوية الإسرائيلية في منطقة النقب بصاروخ باليستي فرط صوتي من نوع «فلسطين 2»، وإذ ادّعى المتحدث الحوثي أن الصاروخ أصاب هدفه، أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراضه دون الحديث عن أي أضرار.

وتوعّد المتحدث العسكري الحوثي بأن جماعته ستواصل ما تسميه «إسناد فلسطين ولبنان»، من خلال مهاجمة السفن وإطلاق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، زاعماً أن هذه العمليات لن تتوقف إلا بتوقف الحرب على قطاع غزة ولبنان.

حريق ضخم في ميناء الحديدة اليمني إثر ضربات إسرائيلية استهدفت خزانات الوقود (أرشيفية - أ.ف.ب)

وكان آخر هجوم تبنّته الجماعة الحوثية ضد إسرائيل في 28 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إذ أعلن الجيش الإسرائيلي، حينها، أن طائرة مسيّرة أُطلقت من اليمن عبرت أجواء مدينة عسقلان قبل أن تسقط في منطقة مفتوحة.

وخلال الأشهر الماضية تبنّت الجماعة إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو (تموز) الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة؛ وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكررت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

12 مسيّرة تجسسية

زعم المتحدث العسكري الحوثي، في البيان الذي ألقاه خلال حشد في صنعاء، أن الدفاعات الجوية التابعة للجماعة أسقطت، فجر الجمعة، «طائرة أميركية من نوع (إم كيو 9) في أثناء تنفيذها مهام عدائية في أجواء محافظة الجوف».

وحسب مزاعم الجماعة، تُعدّ هذه الطائرة المسيرة الـ12 التي تمكّنت من إسقاطها منذ بدأت تصعيدها البحري ضد السفن في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

المتحدث العسكري باسم الحوثيين يردّد «الصرخة الخمينية» خلال حشد في صنعاء (أ.ف.ب)

وتحدّثت وكالة «أسوشييتد برس» عما وصفه شهود، الجمعة، بأنه سقوط مسيّرة في أحدث إسقاط محتمل لمسيرّة تجسس أميركية. وأوردت أن الجيش الأميركي على علم بشأن مقاطع الفيديو المتداولة عبر الإنترنت التي تُظهر ما بدا أنها طائرة مشتعلة تسقط من السماء والحطام المحترق في منطقة، وصفها من هم وراء الكاميرا بأنها منطقة في محافظة الجوف اليمنية.

وحسب الوكالة، قال الجيش الأميركي إنه يحقّق في الحادث، رافضاً الإدلاء بمزيد من التفاصيل، وذكرت أنه «لم يتضح على الفور طراز الطائرة التي أُسقطت في الفيديو الليلي منخفض الجودة».

غارتان في الحديدة

في سياق الضربات الغربية التي تقودها واشنطن لإضعاف قدرة الجماعة الحوثية على مهاجمة السفن، اعترفت وسائل الجماعة بتلقي غارتين، الجمعة، على موقع في جنوب محافظة الحديدة.

وحسب ما أوردته قناة «المسيرة» الذراع الإعلامية للجماعة، استهدفت الغارتان اللتان وصفتهما بـ«الأميركية - البريطانية» مديرية التحيتا الواقعة في جنوب محافظة الحديدة التي تتخذ منها الجماعة منطلقاً رئيسياً لشن الهجمات البحرية ضد السفن.

قاذفة شبحية أميركية من طراز «بي 2» مضادة للتحصينات (أ.ب)

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تبنّت الجماعة الحوثية قصف أكثر من 200 سفينة، وأدت الهجمات في البحر الأحمر إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، وإصابة آخرين في هجوم رابع ضد سفينة ليبيرية.

يُشار إلى أن الجماعة أقرت بتلقي أكثر من 770 غارة غربية، بدءاً من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي؛ سعياً من واشنطن التي تقود تحالف «حارس الازدهار»، إلى تحجيم قدرات الجماعة الهجومية.

وكانت واشنطن لجأت إلى استخدام القاذفات الشبحية لأول مرة في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي في استهداف المواقع المحصنة للجماعة الحوثية في صنعاء وصعدة، في رسالة استعراضية فُهمت على أنها موجهة إلى إيران بالدرجة الأولى.

وتقول الحكومة اليمنية، إن الضربات الغربية ضد الجماعة الحوثية غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانيها، وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

صورة طوربيد بحري وزّعها الحوثيون زاعمين أنه بات ضمن أسلحتهم الجديدة (إكس)

ويتهم مراقبون يمنيون الجماعة الحوثية بأنها وجدت في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة للهروب من استحقاقات السلام مع الحكومة اليمنية؛ إذ كان الطرفان وافقا أواخر العام الماضي على خريطة سلام توسطت فيها السعودية وعمان، قبل أن تنخرط الجماعة في هجماتها ضد السفن وتعلن انحيازها إلى المحور الإيراني.

وتترقّب الجماعة، ومعها حلفاء المحور الإيراني، بحذر شديد ما ستؤول إليه الأمور مع عودة ترمب إلى سدة الرئاسة الأميركية؛ إذ يتوقع المراقبون اليمنيون أن تكون إدارته أكثر صرامة في التعامل مع ملف إيران والجماعات الموالية لها، وفي مقدمتها الجماعة الحوثية.

وحاول زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، في خطبته الأسبوعية، الخميس، التهوين من أهمية فوز ترمب بالرئاسة الأميركية، كما حاول أن يطمئن أتباعه بأن الجماعة قادرة على المواجهة، وأنها لن تتراجع عن هجماتها مهما كان حجم المخاطر المرتقبة في عهد ترمب.