إسرائيل تعلن تبادلها رسائل تهدئة مع {حزب الله}

الاغتيال الأخير استهدف {وريث القنطار} في تنظيم عسكري بالجولان

ضابطان روسيان في موقع لقوات الأمم المتحدة في هضبة الجولان السوري صيف العام الماضي (غيتي)
ضابطان روسيان في موقع لقوات الأمم المتحدة في هضبة الجولان السوري صيف العام الماضي (غيتي)
TT

إسرائيل تعلن تبادلها رسائل تهدئة مع {حزب الله}

ضابطان روسيان في موقع لقوات الأمم المتحدة في هضبة الجولان السوري صيف العام الماضي (غيتي)
ضابطان روسيان في موقع لقوات الأمم المتحدة في هضبة الجولان السوري صيف العام الماضي (غيتي)

بعد جولة التصعيد في التهديدات الكلامية المتبادلة، التي بلغت حد إعلان الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أن مطاري بيروت ودمشق هما ضمن بنك أهداف القصف الإسرائيلي، وبعد أن نُفّذت موجة جديدة من الغارات وعمليات القصف التي قيل إن إسرائيل نفذتها على الأراضي السورية في الأيام الماضية، واغتيال مسؤول كبير في «حزب الله»، أفادت مصادر سياسية في تل أبيب، أمس الخميس، بأنّ كلاً من إسرائيل وحزب الله تبادلا رسائل تهدئة أكد فيها كل منهما أنه غير معني بالتصعيد الحربي.
وقالت هذه المصادر إن التصعيد يتم من الطرفين، لكنّ كلاً منهما يضع سقفاً له لأنهما غير معنيين بتوسيع نطاق الاحتكاك إلى حرب، في الوقت الحاضر. وحتى إيران، المنزعجة من الضربات الإسرائيلية لها، لم تقرر بعد موعداً للصدام الحربي بين إسرائيل وميليشياتها. وتدير المعركة، هذه المرة، على نار هادئة.
ونقلت صحيفة «معاريف» عن مسؤول عسكري كبير في إسرائيل أنه «ورغم أن الجيش الإسرائيلي يهاجم مواقع لـ(حزب الله)، فإنه يمتنع عن المسّ بضباط الحزب، ويركز عملياته ضد القواعد الإرهابية المسماة في إسرائيل (ملف الجولان)، وتتألف عملياً من موالين لـ(حزب الله)، وقسم منهم من قرية حضر الدرزية السورية، في الجزء الشرقي من الجولان. وإسرائيل تعمل ضد ميليشيات الحزب التي تضم مقاتلين من أنحاء العالم الشيعي، وليس نشطاء (حزب الله) اللبنانيين. ورغم ذلك، فإن مستوى التوتر في الفترة الأخيرة يُعتبر مرتفعاً للغاية».
وكان التصعيد قد بدأ بقصف موقع قرب درعا، فجر الأربعاء، تبين أنه قاعدة للاستخبارات العسكرية السورية سيطرت عليها الميليشيات الإيرانية، وقيل إن إسرائيل هي التي نفَّذته. وقالت إسرائيل إنها سمحت بسيطرة الجيش السوري على هذا الموقع بالتفاهم مع الروس، بشرط ألا يبقى فيه إيرانيون. ولذلك بدأ «حزب الله» يدخله بواسطة نشطائه السوريين في الجولان، بقيادة مشهور زيدان، الذي تم اغتياله أول من أمس (الأربعاء)، بقصف صاروخي من طائرة مسيّرة، وهو في سيارته. وقد تم تحميل إسرائيل مسؤولية هذه العملية أيضاً. وكعادتها لم تعترف إسرائيل بالعمليتين، لكن مصادر عسكرية سربت إلى وسائل الإعلام العبرية معلومات تفيد بأن الاغتيال مصلحة إسرائيلية مباشرة. فقالت إن مشهور زيدان، هو وريث سمير قنطار في المنصب. وهو المسؤول عن الاستعداد للحرب المقبلة في الجولان بين «حزب الله» وإسرائيل. وقالت مصادر إسرائيلية إن «تكرار الهجمات الجوية الإسرائيلية يعبر عن التغيير الحاصل عند الحدود في هضبة الجولان، حيث حلّ مقاتلو (حزب الله) مكان الإيرانيين، الذين استبعدوا من هذه المنطقة، من أجل بناء قاعدة إرهابية بالقرب من الحدود مع إسرائيل». وأضافت أن «(حزب الله) يعمل، بدعم وتمويل إيران وغض طرف النظام السوري، على طول الحدود بين إسرائيل وسوريا، وبين إسرائيل ولبنان. ومشهور زيدان تولى مهمة تنظيم وتجنيد مقاتلين سوريين ومتعاونين من مختلف المستويات يدربون من يرغب في القتال، ويخبئون الأسلحة والذخيرة في البيوت، ويرصدون المواقع الإسرائيلية وكل ذلك تمهيداً للتحدي المقبل: الاستعداد للمواجهة الحربية المقبلة».
وأفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت» بأن إسرائيل ترى أن «سوريا تسمح بتموضع (حزب الله) والميليشيات الشيعية، رغم التفاهمات السابقة التي بموجبها لن يسمح بدخول قوات إيران و(حزب الله) بعد عودة السوريين إلى الجولان (غير المحتل)، ولذلك فإن الهجمات التي شنَّها الجيش الإسرائيلي في الماضي جاءت كي توضح للسوريين أنهم سيدفعون ثمناً باهظاً، وهكذا يحصل فعلاً». وأضافت أنه «في هذه الأثناء، لا يرد (حزب الله) وإيران على الهجمات، لكن من الجائز أن تتغير هذه السياسة لاحقاً. وفي جميع الأحوال، إسرائيل تلمح للأسد بأنها لن تقبل واقعاً يشكل فيه جيشه مأوى لتموضع إرهابي ضدها».
وقالت صحيفة «يسرائيل هيوم»، المقربة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بأن الهجوم في درعا، الذي سبق اغتيال زيدان، هو «الهجوم الثالث في الجولان السوري الشرقي المنسوب لإسرائيل في الفترة الأخيرة». ولفت إلى أن «جميع الهجمات وُجهت ضد أهداف لـ(حزب الله)، وبالأساس ضد مواقع مراقبة يحاول الحزب إقامتها على طول الحدود». واعتبرت الصحيفة أن اغتيال إسرائيل لقياديين في «حزب الله»، بينهم جهاد مغنية وسمير قنطار، أدى في حينه، إلى تباطؤ في نشاط «حزب الله» بالمنطقة المتاخمة للجولان المحتل. وأضافت أن «انتهاء الحرب الأهلية، وبشكل خاص لجم جهود الميليشيات الشيعية التي نشطت تحت رعاية إيرانية للتموضع في الجولان، أعاد (حزب الله) إلى الصورة، ويتم ذلك بتشجيع وتمويل إيران، وغض النظر من جانب النظام وتعاون من جانب كبار ضباط الجيش في سوريا».
وقالت إن «الجيش الإسرائيلي عاد إلى العمل بصرامة ضد جهود (حزب الله) للتموضع في الجولان، كما تدل الهجمات الأخيرة. لكن هذا الصراع يدور في هذه الأثناء تحت سطح الأرض، وإسرائيل و(حزب الله) يمتنعان حالياً عن الانتقال إلى العمل العلني كي لا يحدث تصعيد أوسع. لكن تجربة الماضي تدل على أن الحديث هو عن لعب بالنار: اغتيال جهاد مغنية قاد إلى رد (حزب الله) الذي قُتل فيه ضابط وجندي من لواء غفعاتي، والآن أيضاً قد يرد الحزب بشكل مباشر أو عن طريق أذرعه في الجولان. ومع أن إسرائيل ليست معنية بذلك، فإنها لا تعتزم أيضاً التخلي عن مبدأ أقرته، ويقضي بعدم السماح للقوات الراديكالية بالتموضع في الحيز الواقع جنوب دمشق. وحتى الآن لا تزال يدها هي العليا، لكن على خلفية الإصرار الإيراني على مواصلة العمل في المنطقة، كقاعدة محتملة أيضاً للرد على مسّ بمصالح أوسع للنظام في طهران، فإنه يبدو أن الصراع في الجولان موجود في بدايته وحسب».
من جهة ثانية، لمح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية، أفيخاي أدرعي، إلى أن مطار دمشق ومطار وميناء بيروت تعد أهدافاً للضرب»، بدعوى أنها «معابر تستخدمها إيران لنقل أسلحتها إلى (حزب الله) اللبناني». ونشر أدرعي، على حسابه في «تويتر» خريطة أبرز فيها إيران والعراق وسوريا ولبنان، وأظهر بصورة خاصة مطاري دمشق وبيروت الدوليين وميناء بيروت البحري ومعبر المصنح الحدودي اللبناني مع سوريا تحت اسم «أهداف».
وحث أدرعي السلطات اللبنانية على التعامل مع الحالة، مخاطباً رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، ووزير الخارجية، جبران باسيل، ووزير الأشغال والنقل يوسف فنيانوس بالقول: «لوينتا راح تبقوا مغمضين عيونكن؟».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.