تونس: قانون الانتخابات يواجه «أزمة دستورية» بسبب تأخر توقيع الرئيس

قبل يوم واحد فقط من بدء تقديم الترشيحات للانتخابات التشريعية

TT

تونس: قانون الانتخابات يواجه «أزمة دستورية» بسبب تأخر توقيع الرئيس

بات القانون الانتخابي في تونس على مشارف أزمة دستورية بسبب تأخر توقيع الرئيس على التعديلات الجديدة، وذلك قبل يوم واحد فقط من بدء تقديم الترشحات للانتخابات التشريعية.
وصادق برلمان تونس على تعديلات مثيرة للجدل للقانون الانتخابي في 18 من يونيو (حزيران) الماضي، تقضي بتقييد شروط الترشح إلى التشريعية والرئاسية، وستمهد عمليا لإبعاد مرشحين بعينهم.
وفي غياب محكمة دستورية تأخر وضعها منذ 2015، تولت هيئة وقتية لمراقبة دستورية القوانين النظر في طعن تقدم به نواب ضد القانون في البرلمان، وأفضى رد الهيئة إلى رفض الطعن.
وأحيل القانون على رئيس الجمهورية لتوقيعه قبل نشره بالرائد الرسمي (الجريدة الرسمية)، أو إحالته للاستفتاء الشعبي، أو إعادته إلى البرلمان من أجل قراءة ثانية. لكن لم يحصل شيء من هذا في الآجال التي حددها الدستور في الفصل 81 على الأقل.
ويفترض أن تبدأ الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تلقي ملفات الترشح إلى التشريعية يوم غد الاثنين. لكن لا يعرف ما إذا كان سيتم اعتماد القانون الانتخابي قبل التعديل، أو بنسخته المعدلة. وهذا الوضع يطرح حتى الآن تأويلات دستورية متضاربة، في وقت التزمت فيه مؤسسة الرئاسة الصمت. وبهذا الخصوص قال أستاذ القانون الدستوري ورئيس «شبكة دستورنا» جوهر بن مبارك لوكالة الأنباء الألمانية إن القانون الانتخابي يعد مختوما، ويمكن نشره في حال لم يوقعه الرئيس في الآجال المحددة في الفصل 81.
لكن في كل الأحوال، فإن امتناع الرئيس عن توقيع القانون قد يفضي إلى أزمة سياسية معقد من الناحية الدستورية. وفي هذا السياق كتب السياسي عصام الشابي، أمين عام الحزب الجمهوري، على صفحته بموقع «فيسبوك»: «إذا حصل ولم يقم رئيس الجمهورية، لا قدر الله، بما يمليه عليه الواجب الدستوري، فإنه سيضع بذلك البلاد في مواجهة أزمة غير مسبوقة، وذلك بتعطيله عمل دواليب ومؤسسات الدولة، عشية فتح الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الباب أمام تقديم الترشحات للانتخابات التشريعية القادمة».
وقبل أسابيع تفادت تونس أزمة دستورية في الحكم بسبب غياب محكمة دستورية، أثناء مرض الرئيس الباجي قايد السبسي في يونيو الماضي.
وتملك المحكمة وحدها صلاحية إقرار حالة الشغور الوقتي، أو النهائي في منصب الرئاسة قبل نقل السلطة. ولكن السبسي استعاد عافيته بعد أزمة صحية خطيرة، متعهدا بإتمام ولايته الرئاسية حتى أواخر ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وتشهد تونس هذا العام ثالث انتخابات لها منذ بدء الانتقال السياسي عام 2011، بعد الإطاحة بحكم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، إثر انتفاضة شعبية، وهي الثانية بعد إصدار دستور جديد للبلاد في 2014.
وكانت آخر استطلاعات للرأي ترجح فوز رجل الأعمال المثير للجدل نبيل القروي وحزبه الناشئ «قلب تونس» بالمرتبة الأولى في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي تنطلق بعد 3 أشهر. كما رجحت فوز المحامية عبير موسي، التي تتزعم الحزب الدستوري الحر، المدافع عن النظام السابق والمنتقد بشدة لحركة النهضة (إسلامي) وحزب الباجي قائد السبسي، بالمرتبة الثالثة في هذه الانتخابات.
وجاءت نتائج هذه الاستطلاعات الجديدة، رغم تعديل البرلمان الشهر الماضي لقانون الانتخابات بهدف إقصاء زعيمي هذين الحزبين من العملية الانتخابية، خاصة بعد اتهام القروي بالفساد وتبييض الأموال وتوظيف جمعيات خيرية سياسيا، واتهام عبير موسى بالدفاع عن الاستبداد والديكتاتورية ومعاداة الدستور.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».