نتنياهو يحذر «حزب الله» من ارتكاب «حماقة»

توعد بتوجيه «ضربة ساحقة» إلى لبنان إذا نفذ نصر الله تهديداته

TT

نتنياهو يحذر «حزب الله» من ارتكاب «حماقة»

حذّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، «حزب الله» اللبناني، من ارتكاب «حماقة»، متوعداً بـ«ضربة عسكرية ساحقة للبنان وللحزب»، في حال نفذ الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله تهديداته بتوجيه «ضربات موجعة» إلى تل أبيب.
وقال نتنياهو خلال الجلسة الأسبوعية لحكومته، أمس، إن نصر الله وضع بنك أهداف سيهاجمها «حزب الله» دفاعاً عن إيران، ويهدد خلالها بإشعال المنطقة بأسرها، وإن إسرائيل تعرف أنها لن تكون بمنأى في حال اندلاع حرب.
لكنه اعتبر تهديدات «حزب الله» بقصف إسرائيل «بشراسة وقوة»، شيئاً من «التبجح والغطرسة». وقال نتنياهو أمام وزرائه وممثلي وسائل الإعلام أمس: «سمعنا خلال نهاية الأسبوع تبجح نصر الله حول مخططاته الهجومية. فليكن واضحاً أنه لو تجرأ حزب الله على ارتكاب حماقة وهاجم إسرائيل، فسنسدد له وللبنان ضربة عسكرية ساحقة». وأضاف: «لكن، خلافاً لنصر الله، أنا لا أنوي إعطاء تفاصيل عن مخططاتنا. يكفي التذكير بأن نصر الله حفر أنفاقاً إرهابية على مدار سنوات ونحن دمرناها خلال أيام معدودة».
وكان نصر الله قال في مقابلة مع قناة تلفزيونية تابعة لحزبه، إن قواته «ستعيد إسرائيل إلى القرون الوسطى»، وإن لديه من الصواريخ والقوة «ما يوجع إسرائيل من الجنوب إلى الشمال». وهدد بقصف المصانع الكيماوية ومخازن الأمونيا في خليج حيفا والمفاعل النووي في ديمونة ومطار بن غوريون ومدن المركز الإسرائيلية (تل أبيب وضواحيها). لكنه في الوقت نفسه استبعد الحرب، وقال إن إسرائيل «مرتعدة ولن تبادر إلى حرب كهذه».
إلا أن الإسرائيليين يعتبرون الحدود مع لبنان أكثر المناطق ترشحاً للحرب المقبلة. وهم يرون أن إيران تسيطر على سوريا من خلال قوات مباشرة أو ميليشيات شيعية في مقدمتها «حزب الله» الذي يقيم خلايا قتالية في الجولان الشرقي. وتقدر إسرائيل أن إيران وميليشياتها تعد لتنفيذ عمليات ضدها في الجولان أو من الحدود مع لبنان أو ضد مرافق يهودية وممثليات دبلوماسية إسرائيلية في العالم.
وكثفت إسرائيل وتيرة غاراتها على أهداف إيرانية في سوريا بشكل خاص، بإصرار منها على إبعاد إيران عن حدودها. وكان آخر هذه الغارات قبل أسبوعين، بعد أيام من اللقاء الثلاثي الذي استضافه نتنياهو في مكتبه في القدس لرؤساء مجالس الأمن القومي الأميركي والإسرائيلي والروسي، واعتبرت دليلاً على إخفاق هذا اللقاء في التوصل إلى تفاهمات حول الوضع في سوريا.
وقالت مصادر أمنية، أمس، إن «من الواضح أن لقاء المستشارين كان مرحلة أولى في تجدد التعاون بين واشنطن وموسكو، بعد تجاوز ملف التحقيق في الصلات الروسية لحملة الرئيس دونالد ترمب. فقد حاول الإسرائيليون والأميركيون ممارسة الضغط على موسكو لتقليص مساعدتها لإيران ودعمها لها، مقابل تخفيف العقوبات الدولية المفروضة عليها. ومن جانبها تعمل روسيا على ترسيخ نفسها وسيطاً بين الولايات المتحدة وإيران في مجمل القضايا؛ من الملف النووي وحتى موضوع النفوذ الإقليمي، وعلى حل مشاكل إسرائيل مع إيران في سوريا بوسائل غير عسكرية. ولكن جهود إسرائيل لإخراج إيران من سوريا بدأت تتعثر، فيما ثقة إيران بذاتها وبحليفها الروسي أصبحت مهتزة. وباتت تشعر أنها بدأت تباع في المزاد العلني، ليس فقط من طرف الغرب، بل أيضاً من جانب حليفتها روسيا».
وأضافت المصادر أن «إيران تنتظر الفرصة المواتية لكي تتحرك. لقد سبق واستخدمت الميليشيات الشيعية في سوريا لمهاجمة إسرائيل باستخدام الصواريخ. وقد تستغل أيضاً فشل الوساطة الأميركية في إقامة حدود بحرية اقتصادية بين إسرائيل ولبنان، لتشجع حزب الله على الرد بقوة على الهجمات الإسرائيلية اللاحقة. ومن هنا جاءت تهديدات نصر الله بوقاً لسادته في طهران. ولذلك إسرائيل تأخذها بجدية».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.