قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أمس (الاثنين)، إن إيران خصبت يورانيوم بنسبة نقاء تجاوزت الحد الذي نص عليه الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع القوى العالمية عام 2015؛ وهو 3.67 في المائة، مما يؤكد الإجراء الذي أعلنت عنه الحكومة الإيرانية من قبل.
ونقلت «رويترز» عن متحدث باسم الوكالة التي تتولى الإشراف على الاتفاق: «المدير العام (للوكالة الدولية للطاقة الذرية) يوكيا أمانو أبلغ مجلس المحافظين بأن مفتشي الوكالة تحققوا في 8 يوليو (تموز) الحالي من أن إيران تخصب يورانيوم بدرجة أعلى من 3.67 في المائة». وذكر تقرير أرسل للدول الأعضاء في الوكالة وحصلت عليه «رويترز» أن الوكالة تحققت من مستوى تخصيب اليورانيوم عبر أجهزة على الإنترنت لمراقبة التخصيب، مضيفاً أن عينات أخذت أيضاً أمس الاثنين لفحصها.
وجاء موقف وكالة الطاقة الذرية في وقت هددت فيه إيران، أمس، باستئناف تشغيل أجهزة الطرد المركزي التي توقفت عن العمل وتخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء 20 في المائة ضمن خطواتها الكبيرة المحتملة التالية بعيداً عن الاتفاق النووي لعام 2015.
ولاحظت «رويترز» أن التهديدات التي صدرت على لسان المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية تتجاوز الخطوات الصغيرة التي اتخذتها طهران الأسبوع الماضي لزيادة مخزوناتها من المادة الانشطارية إلى ما يتجاوز حدود الاتفاق النووي. وتابعت الوكالة أن هذا قد يثير تساؤلات جدية عمّا إذا كان الاتفاق الذي يهدف لمنع إيران من صنع سلاح نووي لا يزال قابلاً للاستمرار.
ونقلت «وكالة الطلبة للأنباء» الإيرانية عن المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي تأكيده إعلان طهران أنها خصبت اليورانيوم بدرجة نقاء 4.5 في المائة؛ أي بما يفوق نسبة 3.67 في المائة المسموح بها في الاتفاق. وذلك بعد إعلانها قبل أسبوع أنها خزنت كمية من اليورانيوم منخفض التخصيب تتجاوز المسموح به.
وقالت إيران إنها ستتخذ خطوة ثالثة لتقليص التزامها بالاتفاق في غضون 60 يوماً، لكنها لم تصل حتى الآن إلى تحديد ما ستتضمنه الخطوة التالية. وقال كمالوندي، بحسب «رويترز»، إن السلطات الإيرانية تبحث الخيارات التي تشمل احتمال تخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء 20 في المائة أو أكثر، واستئناف تشغيل أجهزة الطرد المركزي التي جرى تفكيكها لتحقيق أحد أهم أهداف الاتفاق النووي. وقال كمالوندي للتلفزيون الرسمي: «هناك خيار نسبة 20 في المائة، وهناك خيارات أكبر». وأضاف أن تشغيل أجهزة الطرد المركزي من طرازي «آي آر - 2» و«آي آر - 2 إم» من بين الخيارات.
وستضع مثل هذه التهديدات الدول الأوروبية تحت ضغوط أكبر؛ حيث تصر هذه الدول على ضرورة أن تواصل إيران الالتزام بالاتفاق حتى رغم انسحاب الولايات المتحدة منه.
وتخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء تصل إلى 20 في المائة سيكون خطوة مثيرة؛ لأن هذا هو المستوى الذي كانت إيران قد وصلت إليه قبل دخول الاتفاق حيز التنفيذ. ويعد هذا المستوى مرحلة مهمة في منتصف الطريق للحصول على اليورانيوم الانشطاري بدرجة نقاء 90 في المائة اللازم لصنع قنبلة.
وأشارت «رويترز» إلى أن أحد الإنجازات الرئيسية التي حققها الاتفاق النووي موافقة إيران على تفكيك أجهزة الطرد المركزي من طراز «آي آر - 2 إم» التي تستخدم لتنقية اليورانيوم. وكانت إيران تملك ألفاً من هذا الطراز في منشأة «نطنز» الإيرانية الكبيرة للتخصيب قبل الاتفاق. وبموجب الاتفاق يُسمح لإيران بتشغيل ما يصل إلى اثنين فقط منها لأغراض الاختبارات الميكانيكية.
لكن الإجراءات الواردة في التهديدات الإيرانية تهدف فيما يبدو إلى أن تكون غامضة بدرجة لا تصل إلى حد تنصل إيران من الاتفاق تماماً. ولم يحدد كمالوندي كمية اليورانيوم التي قد تخصبها إيران بدرجة نقاء أعلى أو عدد أجهزة الطرد المركزي التي ستفكر في إعادة تشغيلها. ولم يتطرق إلى أجهزة طرد مركزي أخرى أكثر تقدماً مثل طراز «آي آر - 8»، بحسب «رويترز».
وفي برلين، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية إنه يتعين إقناع إيران بالامتثال لالتزاماتها التي ينص عليها الاتفاق النووي المبرم في 2015. وأضاف المتحدث في مؤتمر صحافي حكومي دوري: «من الواضح أن الكرة في ملعب إيران. نريد الحفاظ على الاتفاق. لذلك يتعين على أطرافه الالتزام به».
إلى ذلك، توعّد وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي بريطانيا بالرد على احتجازها ناقلة نفط إيرانية قبالة سواحل جبل طارق، بحسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن وكالتي أنباء إيرانيتين. وقال حاتمي إن احتجاز ناقلة النفط «لن يمر من دون رد منا»، بحسب ما نقلت عنه وكالتا «إسنا» و«تسنيم». وأضاف وزير الدفاع الإيراني خلال مراسم دخول زوارق الخدمة في ميناء بندر عباس، أن خطوة بريطانيا «تعدّ قرصنة بحرية».
بدوره، أعلن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عبر موقع «تويتر» أنّ احتجاز الناقلة «يمثّل سابقة خطيرة، ويجب أن يتوقف على الفور». وحول قانونية الاحتجاز، قال ظريف إنّ بلاده «ليست عضواً في الاتحاد الأوروبي، ولا هي واقعة تحت حصار نفطي أوروبي». وقال إنّ «احتجاز بريطانيا غير القانوني لناقلة نفط إيرانية لصالح فريق آخر هو قرصنة صريحة».
بدوره، تساءل رئيس الوزراء السويدي السابق ووزير الخارجية السابق كارل بيلدت عن مدى «قانونية احتجاز بريطانيا ناقلة تتجه إلى سوريا وعلى متنها نفط إيراني»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال بيلدت عبر «تويتر»: «تجري الإشارة إلى العقوبات الأوروبية ضدّ سوريا، غير أنّ إيران ليست عضواً في الاتحاد الأوروبي. وبالمبدأ؛ الاتحاد الأوروبي لا يجبر الآخرين بعقوباته. هذا ما يفعله الأميركيون».
واحتجزت سلطات جبل طارق التابعة لبريطانيا قبالة جنوب إسبانيا الخميس الماضي ناقلة النفط «غريس1» البالغ طولها 330 متراً والقادرة على نقل حمولة تبلغ مليوني برميل. وبحسب سلطات جبل طارق، فإن اعتراض السفينة تم في المياه الإقليمية البريطانية.
على صعيد آخر، اتهم وزير النفط الإيراني الولايات المتحدة باستخدام عقوباتها ضد إيران من أجل إثارة «صدمة» في الإمدادات العالمية من النفط، والتسويق لإنتاجها المزدهر من النفط الصخري. وقال وزير النفط الإيراني بيجن نامدار زنغنه: «أعتقد أن واحداً من أسباب فرض عقوبات ضد إيران وفنزويلا (الخاضعة أيضاً لعقوبات أميركية) هو توسيع سوق مبيعات النفط الأميركي».