مناورات أمنية فلسطينية واسعة في الضفة

رسائل مختلفة حول استعداد الأجهزة لأي سيناريوهات خارجية أو داخلية

الأجهزة الأمنية الفلسطينية وجهات الطوارئ في محافظة نابلس خلال تنفيذ تمرين محاكاة الزلازل (وفا)
الأجهزة الأمنية الفلسطينية وجهات الطوارئ في محافظة نابلس خلال تنفيذ تمرين محاكاة الزلازل (وفا)
TT

مناورات أمنية فلسطينية واسعة في الضفة

الأجهزة الأمنية الفلسطينية وجهات الطوارئ في محافظة نابلس خلال تنفيذ تمرين محاكاة الزلازل (وفا)
الأجهزة الأمنية الفلسطينية وجهات الطوارئ في محافظة نابلس خلال تنفيذ تمرين محاكاة الزلازل (وفا)

أجرت الأجهزة الأمنية الفلسطينية مناورات واسعة في عدد من مدن الضفة الغربية، شملت التعامل مع هجمات وأحداث عنف وطوارئ.
وجرت المناورات النادرة في رام الله ونابلس وبيت لحم وجنين، واشتركت فيها جميع الأجهزة الأمنية الفلسطينية. وأغلقت الشرطة عدة شوارع عامة، فيما انتشر رجال الأمن وأجروا مناورات اشتملت على إطلاق نار وانفجارات وإخلاء رهائن، والتعامل مع أعمال شغبن وعمليات اعتراض مواكب مهمة، إضافة إلى وقوع زلازل وحرائق كبيرة.
وجاءت المناورات في وقت تعاني فيه الأجهزة الأمنية الفلسطينية من تقليص في الميزانية بسبب وقف المساعدات الأميركية، واحتجاز إسرائيل أموال العوائد الضريبية الفلسطينية.
ورسمت مؤسسة الأمن الإسرائيلية عدة سيناريوهات حول احتمال انهيار السلطة وانتشار الفوضى. وقالت المؤسسة الإسرائيلية إن رجال الأمن الفلسطيني قد يشقون طريقاً مختلفاً، في حال انهيار محتمل.
لكن مناورات الأمن أعطت صورة مختلفة، وهي على الأغلب الرسالة التي أرادت السلطة إيصالها. وقال قائد منطقة بيت لحم، العميد ناضر أبو عمر، إن هدف المناورات كان رفع الكفاءة والجاهزية، واختبار مستوى التنسيق في المؤسسة الأمنية الواحدة. وأشرف أبو عمر على سيناريو يحاكي اعتراض «موكب الرئيس» في بيت لحم.
وشارك حرس الرئيس، والأمن الوطني، والمخابرات، والاستخبارات، والأمن الوقائي، والدفاع المدني، والخدمات الطبية العسكرية، في التدريبات التي استمرت لساعات. وفي الوقت نفسه، نفذت قوى الأمن الفلسطينية مناورات ميدانية مشتركة في جنين «تحاكي فض تجمهر لمواطنين بشكل غير قانوني، وقيامهم بأعمال عنف». وقال محافظ جنين، اللواء أكرم الرجوب، في تصريح نشرته الوكالة الرسمية: «إن هذه المناورات تتزامن مع قيامها بعدة مدن رئيسية من محافظات الوطن، وتشترك فيها عدة أجهزة أمنية، إضافة إلى الإسعاف والدفاع المدني». وأضاف: «إنها شملت أحداثاً تحاكي الواقع».
وفي البيرة، في رام الله، تدربت أجهزة الأمن على سيناريو «يحاكي اندلاع حريق كبير في مبنى بلدية البيرة، والسيطرة على مجموعة إرهابية متحصنة في أحد منازل بلدة بيتونيا، في آن واحد».
وأغلقت الشرطة عدداً من الشوارع المحيطة ببلدية البيرة، ووسط بلدة بيتونيا، ولوحظ حركة نشطة لمركبات الإطفاء والإنقاذ ودوريات الأمن وسيارات الإسعاف، بالإضافة إلى سماع إطلاق نار ودوي انفجارات. وقال مسؤولون في رام الله إن المناورة تهدف إلى التأكد من جاهزية الأجهزة الأمنية للتعامل مع الأحداث الطارئة، وفعالية التكامل في الميدان بين الأجهزة الأمنية، ومع المؤسسات المدنية الشريكة، لتعزيز مكامن القوة ومعالجة نقاط الضعف.
وفي نابلس، نفذت الأجهزة الأمنية تمريناً لمحاكاة الزلازل في المنطقة الشرقية لمدينة نابلس. وقال مدير العلاقات العامة في الدفاع المدني بمحافظة نابلس، النقيب محمود مصلح، إن هذا التمرين يأتي في إطار قياس الأداة المشتركة بين جهات الطوارئ في محافظة نابلس في موضوع محاكة الكوارث والزلازل، في حال حدوثها. وأضاف أن «التمرين من شأنه تنظيم العمل بين الجهات الشريكة، من الدفاع المدني والأجهزة الأمنية، والهلال الأحمر الفلسطيني، وطواقم إطفائية بلدية نابلس، ووزارة الأشغال، ولجنة المحافظة، وسيكون على مستوى ميداني وعملي مختلف عن باقي المحافظات التي ستعمل على مستوى عملياتي».
ولم تشر السلطة إلى أي علاقة بين الوضع السياسي والمالي وهذه التمرينات، لكن مصادر أمنية قالت لـ«الشرق الأوسط» إن التمرينات ترسل رسائل مختلفة حول جاهزية الأجهزة الأمنية لأي سيناريوهات خارجية أو داخلية من أجل بث الفوضى، وتأكيد مستوى التنسيق بين الأجهزة، وخضوعها لنظام قيادة واحدة، بخلاف ما يحاول أن يبثه الإسرائيليون، والقول إن الأجهزة لن تتراجع أو تركن بسبب الأزمة المالية الحالية، وعدم تلقى عناصرها الرواتب كاملة.
وأضافت: «نعتقد أن الرسالة قد وصلت... السلطة موحدة ومتأهبة، ولم تفقد السيطرة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».