«مطرقة فريدمان» على الجدار الأخير تثير الغضب ضد إدارة ترمب

انتقادات إسرائيلية وفلسطينية لمشاركة الأميركيين في افتتاح نفق بالقدس

السفير الأميركي في إسرائيل متحدثاً خلال افتتاح نفق الطريق القديم تحت مدينة القدس الشرقية الأحد الماضي (رويترز)
السفير الأميركي في إسرائيل متحدثاً خلال افتتاح نفق الطريق القديم تحت مدينة القدس الشرقية الأحد الماضي (رويترز)
TT

«مطرقة فريدمان» على الجدار الأخير تثير الغضب ضد إدارة ترمب

السفير الأميركي في إسرائيل متحدثاً خلال افتتاح نفق الطريق القديم تحت مدينة القدس الشرقية الأحد الماضي (رويترز)
السفير الأميركي في إسرائيل متحدثاً خلال افتتاح نفق الطريق القديم تحت مدينة القدس الشرقية الأحد الماضي (رويترز)

أثارت مطرقة السفير الأميركي في إسرائيل ديفيد فريدمان، وهو يهدم الجدار الأخير أمام نفق إسرائيلي في بلدة سلوان في القدس الشرقية، غضباً فلسطينياً كبيراً، وجدلاً واسعاً في إسرائيل، واتهامات مشتركة بانفصال الإدارة الأميركية الحالية عن الواقع.
وقال مسؤولون فلسطينيون إن فريدمان يمثل عتاة المستوطنين، ويثبت أن مشروع الولايات المتحدة للسلام برمته هو مشروع استيطاني، فيما هاجم خبراء إسرائيليون ووسائل إعلام ومنظمات فريدمان، وقالوا إنه يثبت صحة موقف الفلسطينيين، ويمثل نهجاً جديداً مقلقاً.
وشارك فريدمان، إلى جانب مبعوث الرئيس دونالد ترمب إلى الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، بافتتاح نفق تحت الأرض في بلدة سلوان في القدس الشرقية، قالت منظمة «العاد» الاستيطانية المشرفة عليه، إنه موقع أثري يهودي.
وزعمت مؤسسة «مدينة داود» اليهودية إن النفق كان طريقاً للحج إلى المعبد اليهودي الثاني في القدس قبل نحو 2000 عام. وبذلك تتبنى هذه الرواية ضرورة إعادة بناء «الهيكل» مكان الأقصى. وقال دورون سبيلمان، نائب رئيس مؤسسة «العاد»، إن الطريق تقع «في قلب الماضي اليهودي في القدس».
ونفذت أعمال المشروع لنحو 6 سنوات تحت حي فلسطيني في الشطر الشرقي من المدينة. وظهر فريدمان، وهو يبتسم ويهوي بمطرقة ثقيلة تزن نحو 5 كيلوغرامات على الجدار الأخير قبل النفق مفتتحاً الطريق.
وسخر الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، من فريدمان، وهو يشارك في حفر «أنفاق قائمة على الخرافة والأساطير»، محذراً من أن ذلك سيخلق فوضى سياسية في منطقة مضطربة أصلاً، ستساهم في زعزعة أسس المجتمعات العربية. ووصف أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات ما جرى بـ«الكذبة الكبيرة». وقال عريقات إن مشاركة الإدارة الأميركية في حفر النفق يثبت أن الخطة الأميركية المرتقبة للسلام ليست سوى «مشروع مجلس المستوطنات الإسرائيلي».
وأردف: «سيأتي اليوم الذي تقول فيه الولايات المتحدة الأميركية إن كوشنر وغرينبلات وفريدمان لم يكونوا دبلوماسيين أميركيين، بل كانوا من عتاة المتطرفين المستوطنين». وأضاف؛ ما فعلون كان «خزياً وعاراً لكل الدبلوماسية الأميركية».
أما وزارة الخارجية الفلسطينية، فقالت إن «مطرقة سفير أميركا لدى إسرائيل ديفيد فريدمان أجهزت بشكل كامل، على أي ادعاءات بشأن الدور الأميركي كوسيط متوازن وغير منحاز».
واتهمت الخارجية فريدمان وغرينبلات بالتحول إلى عناصر تسويق وعلاقات عامة في حملة الجذب السياحي التهويدية.
لكن لم تقف الانتقادات اللاذعة لفريدمان عند الفلسطينيين، إذ وصفت صحيفة «هآرتس»، مشاركة فريدمان، وغرينبلات، بدليل واضح على أن الإدارة الأميركية انفصلت عن الواقع.
وقال عاموس هرئيل، المحلل العسكري في «هآرتس»، إن «المشاركة الأميركية غير عادية، وهي تمثل النهج الأميركي الجديد هذه الأيام». واستغرب هرئيل قول فريدمان، وهو يحمل مطرقة ويحطم الجدار الرمزي للنفق، بأنه «موقع تراث أميركي - إسرائيلي»، متسائلاً: «لماذا أميركي؟». ورأى هرئيل أن ما فعله فريدمان، يعزز تحالف ترمب - نتنياهو في وجه خصوم نتنياهو السياسيين في إسرائيل، والحزب الديمقراطي في أميركا.
وكتب المعلق السياسي ومسؤول الشؤون الفلسطينية في الصحيفة، نير حسون، إن المشاركة الأميركية تؤكد أن الإدارة الأميركية باتت منقطعة بشكل مقلق عن الواقع. وقال حسون إن ما جرى يؤكد موقف ومخاوف الفلسطينيين من أن إدارة ترمب ليست وسيطاً عادلاً، بل مواقفها تتطابق مع مواقف اليمين المتطرف في إسرائيل. وبيّن أن الأسوأ من ذلك هو إظهار خريطة خلف المحتفلين تمّ فيها شطب سلوان، التي يعيش فيها 20 ألف فلسطيني، وأقل من 500 يهودي.
وختم قائلاً: «إن تجاهل الإدارة الأميركية لكل ذلك والتلويح بمطرقة في وجوه الفلسطينيين، دون تفكير بمستقبل من يعيش هناك، هو سبب كبير للقلق».
ولم يوافق خبراء تاريخ وأديان ومنظمات إسرائيليون على ما فعلته الإدارة الأميركية. وهاجم الخبير بالمكانة السياسية لمدينة القدس المحامي داني زايدمان، ما جرى، وقال إن «تضامن طاقم ترمب مع اليمين الآيديولوجي الإنجيلي في إسرائيل غير جديد وغير مفاجئ». وأدانت منظمة «عمق شبيه» الإسرائيلية غير الحكومية، التي تعنى بالحفاظ على المواقع الأثرية كممتلكات عامة لكل المجتمعات والشعوب، الحضور الأميركي في الحفل.
وقالت المنظمة: «إنه عمل سياسي أقرب إلى اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة الإسرائيلية على محيط البلدة القديمة في القدس».
كما ردّت المنظمة على غرينبلات، الذي وصف الأمر باعتراف بالواقع، بقولها في تغريدة: «عندما تقوم بالحفر أفقياً، فأنت تعزل فقرة واحدة من التاريخ. هذا ليس علم آثار، وليس الحقيقة. هذا سياسة. من المؤسف أن غرينبلات يعيش في نفق مظلم عمره 2000 عام، بدلاً من العمل من أجل مستقبل أفضل».
أما النشطاء من منظمة «سلام الآن» المناهضة للمستوطنات، فقد تظاهروا خارج موقع الحدث في القدس الشرقية. ووصفت المنظمة ما جرى بأنه يأتي «في إطار تهويد الحي الفلسطيني» و«الجهود لإفساد حلّ الدولتين».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».