أثارت مطرقة السفير الأميركي في إسرائيل ديفيد فريدمان، وهو يهدم الجدار الأخير أمام نفق إسرائيلي في بلدة سلوان في القدس الشرقية، غضباً فلسطينياً كبيراً، وجدلاً واسعاً في إسرائيل، واتهامات مشتركة بانفصال الإدارة الأميركية الحالية عن الواقع.
وقال مسؤولون فلسطينيون إن فريدمان يمثل عتاة المستوطنين، ويثبت أن مشروع الولايات المتحدة للسلام برمته هو مشروع استيطاني، فيما هاجم خبراء إسرائيليون ووسائل إعلام ومنظمات فريدمان، وقالوا إنه يثبت صحة موقف الفلسطينيين، ويمثل نهجاً جديداً مقلقاً.
وشارك فريدمان، إلى جانب مبعوث الرئيس دونالد ترمب إلى الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، بافتتاح نفق تحت الأرض في بلدة سلوان في القدس الشرقية، قالت منظمة «العاد» الاستيطانية المشرفة عليه، إنه موقع أثري يهودي.
وزعمت مؤسسة «مدينة داود» اليهودية إن النفق كان طريقاً للحج إلى المعبد اليهودي الثاني في القدس قبل نحو 2000 عام. وبذلك تتبنى هذه الرواية ضرورة إعادة بناء «الهيكل» مكان الأقصى. وقال دورون سبيلمان، نائب رئيس مؤسسة «العاد»، إن الطريق تقع «في قلب الماضي اليهودي في القدس».
ونفذت أعمال المشروع لنحو 6 سنوات تحت حي فلسطيني في الشطر الشرقي من المدينة. وظهر فريدمان، وهو يبتسم ويهوي بمطرقة ثقيلة تزن نحو 5 كيلوغرامات على الجدار الأخير قبل النفق مفتتحاً الطريق.
وسخر الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، من فريدمان، وهو يشارك في حفر «أنفاق قائمة على الخرافة والأساطير»، محذراً من أن ذلك سيخلق فوضى سياسية في منطقة مضطربة أصلاً، ستساهم في زعزعة أسس المجتمعات العربية. ووصف أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات ما جرى بـ«الكذبة الكبيرة». وقال عريقات إن مشاركة الإدارة الأميركية في حفر النفق يثبت أن الخطة الأميركية المرتقبة للسلام ليست سوى «مشروع مجلس المستوطنات الإسرائيلي».
وأردف: «سيأتي اليوم الذي تقول فيه الولايات المتحدة الأميركية إن كوشنر وغرينبلات وفريدمان لم يكونوا دبلوماسيين أميركيين، بل كانوا من عتاة المتطرفين المستوطنين». وأضاف؛ ما فعلون كان «خزياً وعاراً لكل الدبلوماسية الأميركية».
أما وزارة الخارجية الفلسطينية، فقالت إن «مطرقة سفير أميركا لدى إسرائيل ديفيد فريدمان أجهزت بشكل كامل، على أي ادعاءات بشأن الدور الأميركي كوسيط متوازن وغير منحاز».
واتهمت الخارجية فريدمان وغرينبلات بالتحول إلى عناصر تسويق وعلاقات عامة في حملة الجذب السياحي التهويدية.
لكن لم تقف الانتقادات اللاذعة لفريدمان عند الفلسطينيين، إذ وصفت صحيفة «هآرتس»، مشاركة فريدمان، وغرينبلات، بدليل واضح على أن الإدارة الأميركية انفصلت عن الواقع.
وقال عاموس هرئيل، المحلل العسكري في «هآرتس»، إن «المشاركة الأميركية غير عادية، وهي تمثل النهج الأميركي الجديد هذه الأيام». واستغرب هرئيل قول فريدمان، وهو يحمل مطرقة ويحطم الجدار الرمزي للنفق، بأنه «موقع تراث أميركي - إسرائيلي»، متسائلاً: «لماذا أميركي؟». ورأى هرئيل أن ما فعله فريدمان، يعزز تحالف ترمب - نتنياهو في وجه خصوم نتنياهو السياسيين في إسرائيل، والحزب الديمقراطي في أميركا.
وكتب المعلق السياسي ومسؤول الشؤون الفلسطينية في الصحيفة، نير حسون، إن المشاركة الأميركية تؤكد أن الإدارة الأميركية باتت منقطعة بشكل مقلق عن الواقع. وقال حسون إن ما جرى يؤكد موقف ومخاوف الفلسطينيين من أن إدارة ترمب ليست وسيطاً عادلاً، بل مواقفها تتطابق مع مواقف اليمين المتطرف في إسرائيل. وبيّن أن الأسوأ من ذلك هو إظهار خريطة خلف المحتفلين تمّ فيها شطب سلوان، التي يعيش فيها 20 ألف فلسطيني، وأقل من 500 يهودي.
وختم قائلاً: «إن تجاهل الإدارة الأميركية لكل ذلك والتلويح بمطرقة في وجوه الفلسطينيين، دون تفكير بمستقبل من يعيش هناك، هو سبب كبير للقلق».
ولم يوافق خبراء تاريخ وأديان ومنظمات إسرائيليون على ما فعلته الإدارة الأميركية. وهاجم الخبير بالمكانة السياسية لمدينة القدس المحامي داني زايدمان، ما جرى، وقال إن «تضامن طاقم ترمب مع اليمين الآيديولوجي الإنجيلي في إسرائيل غير جديد وغير مفاجئ». وأدانت منظمة «عمق شبيه» الإسرائيلية غير الحكومية، التي تعنى بالحفاظ على المواقع الأثرية كممتلكات عامة لكل المجتمعات والشعوب، الحضور الأميركي في الحفل.
وقالت المنظمة: «إنه عمل سياسي أقرب إلى اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة الإسرائيلية على محيط البلدة القديمة في القدس».
كما ردّت المنظمة على غرينبلات، الذي وصف الأمر باعتراف بالواقع، بقولها في تغريدة: «عندما تقوم بالحفر أفقياً، فأنت تعزل فقرة واحدة من التاريخ. هذا ليس علم آثار، وليس الحقيقة. هذا سياسة. من المؤسف أن غرينبلات يعيش في نفق مظلم عمره 2000 عام، بدلاً من العمل من أجل مستقبل أفضل».
أما النشطاء من منظمة «سلام الآن» المناهضة للمستوطنات، فقد تظاهروا خارج موقع الحدث في القدس الشرقية. ووصفت المنظمة ما جرى بأنه يأتي «في إطار تهويد الحي الفلسطيني» و«الجهود لإفساد حلّ الدولتين».
«مطرقة فريدمان» على الجدار الأخير تثير الغضب ضد إدارة ترمب
انتقادات إسرائيلية وفلسطينية لمشاركة الأميركيين في افتتاح نفق بالقدس
«مطرقة فريدمان» على الجدار الأخير تثير الغضب ضد إدارة ترمب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة