الديمقراطيون أمام السؤال الصعب: كيف نتمكن من هزيمة ترمب؟

من المناظرة الأخيرة بين المرشحين عن الحزب الديمقراطي جو بايدن وبيرني ساندرز وكامالا هاريس (رويترز)
من المناظرة الأخيرة بين المرشحين عن الحزب الديمقراطي جو بايدن وبيرني ساندرز وكامالا هاريس (رويترز)
TT

الديمقراطيون أمام السؤال الصعب: كيف نتمكن من هزيمة ترمب؟

من المناظرة الأخيرة بين المرشحين عن الحزب الديمقراطي جو بايدن وبيرني ساندرز وكامالا هاريس (رويترز)
من المناظرة الأخيرة بين المرشحين عن الحزب الديمقراطي جو بايدن وبيرني ساندرز وكامالا هاريس (رويترز)

منذ الإعلان رسمياً عن فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية، ودخوله المكتب البيضاوي في 20 يناير (كانون الثاني) 2017، توقف الزمن عند الديمقراطيين، لبعض الوقت، عند الحدث، في محاولة منهم لاستيعاب ما جري. ومنذ ذلك الحين، تركزت جهود الحزب الديمقراطي بأكمله على الإجابة عن سؤال واحد، هو: كيف يمكن هزيمة ترمب؟ أو بالأحرى، كيف يمكن إجبار ترمب على الخروج من البيت الأبيض، سواء عبر فضيحة سياسية، أو من خلال الانتخابات المقبلة، المقررة في 2020؟
ويندرج تحت هذا السؤال الرئيسي، تساؤلات أخرى فرعية، كان أهمها: ماذا يجب على الديمقراطيين فعله طوال الأربع سنوات الأولى لترمب داخل البيت الأبيض؟ وما حجم التعاون الذي يجب أن يقدموه له، في بعض القضايا، حتى لا يلقي باللوم عليهم في عرقلة تقدم أميركا، كما يتهمهم حالياً؟
قبل أن نستطرد فيما يدور في ذهن الحزب الديمقراطي وقادته، حول آلية مهاجمة ترمب، يجب الإشارة إلى أنه، حتى الآن، لم يستطع القادة الديمقراطيون أن يتفقوا على استراتيجية مناسبة وموحدة لتحقيق هدفهم الأول والأساسي، وهو إبعاد ترمب عن البيت الأبيض. الشيء الوحيد الذي اتفق عليه جميع الديمقراطيين، بما في ذلك قاعدتهم الانتخابية، هو أن يعكروا صفو رئاسة ترمب، مهما تمكّن الأخير من تحقيق إنجازات. وبالفعل، منذ الساعات الأولى لإعلان نتائج انتخابات 2016، بدأ الديمقراطيون في النقر في جدران مؤسسة ترمب من جميع النواحي، وفي جميع الاتجاهات، ودون هوادة.
بدا الأمر، في كثير من الأحيان، وكأنه صراع آيديولوجي بين الطرفين، بدلاً من صراع سياسي. بمعنى أن الصراع لدى الديمقراطيين لم يكن فقط بهدف استعادة المكتب البيضاوي، ولكنه كان، على وجه الدقة، بهدف استعادة المكتب البيضاوي من ترمب.
والفارق هنا كبير؛ فإذا كان أي مرشح جمهوري آخر، غير ترمب، هو الذي فاز في انتخابات 2016 أمام الديمقراطية هيلاري كلينتون، لما كنا رأينا كل ما يجري في واشنطن حالياً، وربما لم تأخذ قضية التدخل الروسي هذا الزخم، حتى لو كان حجم التدخل الروسي مضاعفاً.
وعودة إلى الإجابة عن السؤال الأساسي، وهو: كيف يستعد الديمقراطيون لهزيمة ترمب، خلال الثمانية عشر شهراً المتبقية قبل انتخابات 2020؟ كما ذكرنا، تختلف الإجابة عن هذا السؤال بين القادة الديمقراطيين بشكل كبير. ولكن يمكننا اختزال ذلك في اتجاهين أو منهجين. المنهج الأول، الذي يقوده وينادي به كل من رئيس اللجنة القضائية في مجلس النواب، الديمقراطي جيري نادلر، من ولاية نيويورك، ورئيس لجنة الاستخبارات بالمجلس، الديمقراطي آدم شيف، وهو الاستمرار في الضغط على كل جوانب مؤسسة ترمب، من خلال الاستمرار في التحقيقات التي يجريها المجلس ضد الرئيس ومساعديه. ويسعى أصحاب هذا المنهج إلى زيادة الضغوط السياسية على ترمب، من خلال تكثيف الضوء على أخطائه وفضائحه السياسية بشكل أكبر. ويأمل أصحاب هذا المنهج أن يكون عزل الرئيس هو النتيجة النهائية لما يقومون به.
أما المنهج الثاني، فتقوده وتنادي به رئيسة مجلس النواب، الديمقراطية نانسي بيلوسي، وهو أن يتم التركيز بشكل أكبر على القضايا التي تهم المواطن الأميركي، وأن تتم بلورة استراتيجية ديمقراطية شاملة يستطيع الحزب من خلالها دعم مرشحه في الانتخابات الرئاسة المقبلة، والفوز أمام ترمب. وترى بيلوسي (ديمقراطية من ولاية كاليفورنيا)، أن البدء في محاولات عزل ترمب لن يكون في مصلحة الديمقراطيين، وقد يؤدي إلى زيادة فرصه في الفوز بولاية ثانية في الانتخابات المقبلة.
من وجهة نظر بيلوسي، فإن الديمقراطيين يمكنهم، بل يجب عليهم، تكرار نموذج الانتخابات التشريعية التي جرت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، والتي استعاد فيها الحزب السيطرة على مجلس النواب، من خلال تركيزه على القضايا التي تهم الموطن العادي. فضلا عن فتح باب الحزب أمام وجوه جديدة من الشباب والنساء، جلبوا معهم سياسات وأفكاراً جديدة، لقيت استجابة لدى الناخب الأميركي.
ويبدو أن منهج بيلوسي هو الذي يسود حتى الآن. وطبقاً لهذا المنهج، يمكننا الإجابة عن السؤال المهم، وتبدو الإجابة عن السؤال جلية وواضحة في خطابات المرشحين الديمقراطيين، الذين بلغ عددهم 24 مرشحاً. وباستثناء جو بايدن، نائب الرئيس الأميركي السابق، نجد أن السباق الديمقراطي هذا العام مليء بالأفكار الجريئة والجديدة، وجميعها يمس قطاعاً كبيراً من المواطنين، في جوانب مختلفة.
ورغم اختلاف خطط وسياسات المرشحين الديمقراطيين، فإن هناك ظاهرة تبلور الخطوط العريضة لاستراتيجية الحزب الديمقراطي الجديدة، التي سينافس الحزب عليها خلال الانتخابات المقبلة، وهي تعالي الأصوات المنادية بالمنهج الاشتراكي، أو على الأقل، بعض السياسات الاشتراكية التي توفّر حماية أكثر للفئات الفقيرة في المجتمع الأميركي. ويقود هذا المنهج المرشحان، إليزابيث وارن، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية ماساتشوستس، وبيرني ساندرز، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية فيرمونت.
ورغم ازدحام السباق الديمقراطي، فإنه يمكننا تحديد أهم القضايا التي يتنافس عليها المرشحون في الانتخابات المقبلة، وهي: أولاً، توفير نظام صحي شامل يكون تحت رعاية الدولة، طبقاً للمرشحين المنادين بالاشتراكية، أو تشرف عليه الدولة بشكل جزئي، مع ضمان تخفيض نفقات العلاج بشكل عام. ثانياً، إصلاح نظام الهجرة، بشكل عادل، بحيث يوفر مزيداً من الأمن على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه يبقي الباب مفتوحاً، طبقاً للوائح جديدة، أمام طالبي اللجوء خاصة من دول أميركا الوسطى. ثالثاً، تحديث البنية التحتية في الولايات المتحدة بشكل عام. رابعاً، إنهاء الحروب التجارية التي يشنها الرئيس ترمب مع العديد من دول العالم، وإعادة تنظيم علاقة أميركا مع حلفائها الرئيسيين، خصوصاً في أوروبا.
وبصرف النظر عن منهج أو سياسة أي من المرشحين الديمقراطيين، فإن اختيار الحزب لأي منهم لمواجهة ترمب، ستتحدد طبقاً لمعيار واحد فقط، وهو هل يمكن لهذا المرشح هزيمة ترمب أم لا؟ وهنا يجب الإشارة إلى أن هناك شيئاً آخر سينافس عليه الحزب بشكل كبير، ولكن في الوقت نفسه بصورة خفية، وهو استعادة إرث باراك أوباما. ولعل هذا أحد أهم أسباب بزوغ اسم جو بايدن بين باقي المرشحين، رغم عدم وضوح سياساته تجاه العديد من القضايا.



المرتزقة في ليبيا... عصف الحرب المأكول

TT

المرتزقة في ليبيا... عصف الحرب المأكول

بعد 9 أشهر من الحرب التي شنها قائد «الجيش الوطني الليبي»، المشير خليفة حفتر، على العاصمة الليبية طرابلس، في 4 أبريل (نيسان) 2019، مدعوماً بمقاتلين من مجموعة «فاغنر» الروسية، دفعت أنقرة بمرتزقة ينتمون لمجموعات سورية معارضة، أبرزها فصيل «السلطان مراد»، الذي غالبية عناصره من تركمان سوريا، إلى ليبيا. وبعد اقتتال دام 14 شهراً، نجحت القوات التابعة لحكومة فايز السراج، في إجبار قوات «الجيش الوطني» على التراجع خارج الحدود الإدارية لطرابلس.

وفي تحقيق لـ«الشرق الأوسط» تجري أحداثه بين ليبيا وسوريا والسودان وتشاد ومصر، تكشف شهادات موثقة، كيف انخرط مقاتلون من تلك البلدان في حرب ليست حربهم، لأسباب تتراوح بين «آيديولوجية قتالية»، أو «ترغيب مالي»، وكيف انتهى بعضهم محتجزين في قواعد عسكرية بليبيا، وأضحوا الحلقة الأضعف بعدما كان دورهم محورياً في بداية الصراع.

وفي يناير (كانون الثاني) 2024، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن عدد عناصر «المرتزقة السوريين» في طرابلس تجاوز 7 آلاف سابقاً، لكن فرّ منهم نحو 3 آلاف وتحولوا إلى لاجئين في شمال أفريقيا وأوروبا.

مرتزقة الحرب الليبية.. وقود المعارك وعبء الانتصارات والهزائم