سيناريوهات إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران

مجلس الأمن
مجلس الأمن
TT

سيناريوهات إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران

مجلس الأمن
مجلس الأمن

من المتوقّع أن تعيد الأمم المتحدة فرض العقوبات الاقتصادية على إيران في حال انتهكت التزاماتها بموجب الاتفاق النووي لعام 2015. لكنّ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق يفتح الباب أمام احتمالات مجهولة.
وكانت طهران حذّرت من أنّه إذا لم يتم تخفيف العقوبات التي تخنق اقتصادها، فستكون قريباً في حلّ من بعض التزاماتها مثل حجم مخزونات اليورانيوم المخصّب، ودرجة التخصيب والشروع إعادة بناء مفاعل نووي يعمل بالمياه الثقيلة في آراك (وسط).
وتستغرق عملية إعادة فرض العقوبات الدولية أسابيع عدّة أو حتى أشهرا بموجب القرار 2231.
وفي حال اتّهام إيران بانتهاك التزاماتها، سيعود في المقام الأول إلى لجنة مشتركة تضمّ كلاً من فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا والصين وروسيا وإيران حلّ الخلافات.
وبغية إثبات حدوث انتهاك، يجب إشراك الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي يعمل مفتّشوها في إيران.
وإذا لم يتم التوصّل إلى حل للاختلافات، يجوز للجنة المشتركة أو لـ«دولة مشاركة» أن تحيل المسألة إلى مجلس الأمن للحصول على «إخطار» تنص عليه المادة 11 من القرار رقم 2231 الذي أصدره مجلس الأمن الدولي في يوليو (تموز) 2015 وصادق بموجبه على الاتفاق النووي. ويقول دبلوماسي لا يستبعد عدم إصدار أي «إبلاغ» إن القرار «سياسي» بشكل خاص بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وهناك انقسام في الآراء حول ماذا كان للولايات المتحدة التي انسحبت من الاتفاق عام 2018 صلاحية التقدّم بمثل هذا الإخطار.
بالنسبة لإيران وبعض الأوروبيين، فإنّ الولايات المتحدة لم يعد يحق لها أن تتقدّم بهذا الإخطار. وقال دبلوماسي غربي إنّ روسيا والصين، الموقّعتين على الاتفاق يجب أن تكونا أيضاً من هذا الرأي. لكن كيف ترى واشنطن ذلك؟ بمجرد الإبلاغ عن حصول انتهاك، يعود الأمر إلى «دولة مشاركة» (وليس بالضرورة تلك التي قدّمت الإخطار)، أو لرئيس مجلس الأمن لتقديم مشروع قرار دولي. ويجب إحالة مشروع القرار على التصويت في مهلة 30 يوماً من تاريخ حصول الإخطار.
وفي الواقع فإنّ الغربيين الذين كانوا يخشون أن تستخدم الصين أو روسيا الفيتو لمنع صدور قرار يعيد فرض العقوبات على طهران، لجأوا إلى حيلة لمنع حليفتي طهران من استخدام حق النقض بأن ضمّنوا الاتفاق النووي والقرار رقم 2231 الذي كرّسه عبارة تنصّ على أن مجلس الأمن يجب أن يصوّت على «الإبقاء على رفع» العقوبات وليس على إعادة فرضها.
وتعني هذه الصيغة أنّه في حال طُرح على مجلس الأمن مشروع قرار ينصّ على «الإبقاء على رفع» العقوبات فيكفي للغربيين وحلفائهم أن يصوّتوا ضدّه لإعادة فرض العقوبات على طهران، بينما ستضطر الصين وروسيا لأن تصوّتا لمصلحته، لأن استخدام الفيتو يعني تلقائياً إعادة العمل بالعقوبات.
ويوضح أحد الدبلوماسيين أنّ هذه الصيغة اعتمدت لكي يكون للغربيين وحدهم القدرة على إعادة فرض العقوبات الدولية على طهران. لكنّهم لم يتوقّعوا الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي.
ومن المرجّح أن تعمد الولايات المتّحدة، الساعية لممارسة أقصى الضغوط على إيران، إلى استخدام حقّ النقض لدى التصويت على مشروع القرار لإعادة فرض الإجراءات القسرية ضد طهران.
وكان الرئيس الإيراني استند على الفقرتين 26 و36 من نص الاتفاق النووي. ورغم أن قرار 2231 غير ملزم لكن دخول إيران إلى الفقرة 36 سلاح ذو حدين نظرا لإمكانية إحالة ملفها إلى مجلس الأمن إذا لم تنته الفقرة بسيناريو حل الخلاف بين إيران وأي طرف آخر يكون خصما لها وفقا لبنود الفقرة.
وتطرق روحاني في الثامن من مايو (أيار) الماضي بشكل ضمني إلى السيناريو الأسوأ في الفقرة 36 عندما حذر من إحالة ملف إيران إلى مجلس الأمن.
وهناك العديد من السيناريوهات الممكنة بعد إخطار مجلس الأمن، وفقاً لدبلوماسيين.
- إذا لم يُحل أي مشروع قرار على التصويت خلال مهلة زمنية مدّتها 30 يوماً، يعاد عندها تلقائياً فرض العقوبات الاقتصادية الدولية طبقاً لنفس الشروط التي كانت مفروضة قبل يوليو 2015.
- إذا صادق مجلس الأمن على مشروع قرار «الإبقاء على رفع» العقوبات، تبقى الحال على ما هي عليه، لكنّ هذا السيناريو مستبعد جداً نظراً إلى الموقف الأميركي الحالي.
- إذا صوّت مجلس الأمن ضدّ مشروع القرار، سواء بسبب عدم حصول النصّ على الغالبية اللازمة لإقراره (أغلبية تسع دول من أصل 15 في المجلس)، أو عبر استخدام حق النقض من جانب إحدى الدول الدائمة العضوية الخمس، عندها يتمّ فرض العقوبات بدون مفعول رجعي بالنسبة للعقود المبرمة منذ عام 2015.



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.