يتخوف محمد عمر، وهو يمني اضطر للنزوح مع عائلته من مدينة الحديدة على البحر الأحمر إلى صنعاء، من عدم قدرته على إطعام أطفاله الخمسة. ويقول عمر الذي يبلغ من العمر 38 عاماً: «لا أستطيع توفير الغذاء لأطفالي سوى الذي نتلقاه شهرياً من منظمة الغذاء، وهذا يساعدنا كثيراً في لقمة العيش، لكنه لا يكفينا».
ويخشى سكان العاصمة اليمنية صنعاء الجوع بعد إعلان برنامج الأغذية العالمي تعليق إرسال مساعدات غذائية إلى العاصمة التي يسيطر عليها الانقلابيون الحوثيون.
ويوم أمس، أكدت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، ليز غراندي، استخدام الأمم المتحدة الأساليب الممكنة كافة «لإقناع الحوثيين بالالتزام بالآليات التنفيذية التي تضمن وصول المساعدات للمحتاجين، إلا أنهم يتراجعون عن الاتفاق في كل مرة، ويصرون على توزيع المساعدات بطريقة لا نراها صحيحة، ولا تضمن وصولها إلى المحتاجين»، وعبرت عن أسفها واستيائها البالغين نتيجة توقف أعمال توزيع الغذاء للمحتاجين في أمانة العاصمة، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ).
ونقل تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، أمس، تأكيد البرنامج أنه قام بذلك بسبب خطر الاستيلاء عليها من قبل «أفراد يسعون للكسب على حساب المحتاجين». وسيؤثر القرار على نحو 850 ألف شخص، بينما سيواصل البرنامج تقديم مساعداته الغذائية للأطفال والحوامل والمرضعات الذين يعانون سوء التغذية.
وشددت غراندي على أن اتخاذ هذا القرار «كان صعباً للغاية لأنه سيؤثر بالتأكيد على عدد كبير من المواطنين المحتاجين للغذاء، إلا أنه كان من الضروري اتخاذه لضمان عدم حرف المساعدات عن مسارها الصحيح».
وجاء حديث غراندي في سياق لقائها، في واشنطن، أمس، وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، إذ بحثا سبل تعزيز إيصال المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين في مناطق اليمن كافة، وضمان عدم سيطرة الميليشيا الانقلابية على المساعدات، وتحويلها لخدمة مجهودها الحربي.
واعتبر الوزير تصريحات الناطق باسم الميليشيا الانقلابية، التي وصف فيها المنظمات الدولية بوكلاء أجهزة المخابرات الدولية، مؤشراً خطيراً يكشف نوايا الميليشيا تجاه المنظمات الدولية في المرحلة المقبلة، وقال: «لا يمكن الوثوق بهذه الميليشيا التي أصبحت مجموعة من شبكات المصالح التي تحاول تحقيق المكاسب على حساب معاناة الشعب اليمني»، لافتاً إلى «إدراك الحكومة حجم التحديات التي تواجه المنظمات الدولية في مناطق سيطرة الميليشيا، وحجم الضغوط التي تمارس عليها من قبل الميليشيا الانقلابية. وبناءً على ذلك، طالبت الحكومة المنظمات الدولية مراراً بنقل مكاتبها إلى العاصمة المؤقتة عدن».
وجدد الإرياني التأكيد على جهود القيادة السياسية لبلاده، ممثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي «الرامية إلى تخفيف وطأة الأوضاع الإنسانية، وتقديم كل أنواع الدعم والتسهيلات اللازمة للمنظمات الدولية العاملة في المجال الإغاثي، لتقديم خدماتها لأبناء الشعب اليمني جميعاً في مناطق البلاد كافة».
وأشادت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بجهود الحكومة الشرعية في تحسين الأوضاع الإنسانية، وتقديم التسهيلات اللازمة لعمل منظمات الإغاثة في اليمن كافة.
واستمزج تقرير وكالة الصحافة الفرنسية يمنيين اختلفت آراؤهم حول خطوة برنامج الغذاء العالمي، إذ يعتبر سمير السقاف أن تعليق المساعدات «حرب على اليمن بكل معنى الكلمة».
وأوضح برنامج الأغذية العالمي أنّ قرار تعليق تقديم المساعدات الإنسانية يشمل في الوقت الراهن «مدينة صنعاء فقط»، الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
وضاقت سوق المدينة القديمة في العاصمة اليمنية، أول من أمس (الجمعة)، بالمتسوقين الذين خرجوا لشراء مؤونتهم من الخضراوات والفاكهة، وغيرها من المواد، بينما انشغل بعضهم بمفاصلة البائعين.
وكان برنامج الأغذية العالمي قد قال إنه اتخذ هذا القرار بعد عدم توصله إلى اتفاق مع المتمردين «من أجل إدخال نظام التسجيل البيومتري للمستفيدين (نظام البصمة البيولوجية) الذي كان سيحول دون التلاعب بالأغذية، ويحمي الأسر اليمنية التي يخدمها البرنامج، ويضمن وصول الغذاء لمن هم في حاجة ماسّة إليه».
وهدد المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، ديفيد بيزلي، في وقت سابق بإيقاف توزيع المواد الغذائية بسبب مخاوف من وقوع «اختلاسات»، وعدم إيصال المساعدات لأصحابها.
ويؤكد اليمني ناصر المعاق (40 عاماً)، الأب لـ6 أطفال والعاطل عن العمل، أنه يواجه صعوبات في الحصول على مساعدات بشكل شهري، ويضيف: «هناك تلاعب بالمساعدات الغذائية، رغم أن اسمي مسجل في المنظمة، إلا أني أتسلم (المساعدات) في شهر، ويرفضون تسليمي إياها في شهر آخر»، متابعاً: «نجد المساعدات تباع في السوبر ماركت، ونحن في أمس الحاجة إليها».
كان برنامج الأغذية العالمي قد اعتبر أن «التحدي الأكبر لا يأتي من السلاح (...) بل من (...) عدم التعاون من جانب قادة حوثيين في مناطق سيطرتهم».
ويقول زيد عبد الرب (35 عاماً)، وهو موظف حكومي: «بعد انقطاع الراتب، أصبحنا نتسول منظمات الغذاء». أما زيدي عبد الرحمن، فيرى أن «إيقاف المساعدات سيضر بنا. سيتضرر الشعب برمته. لا محافظة أو مديرية فقط، بل الشعب بكامله».
لكن آخرين من سكان صنعاء يعتبرون أن قرار تعليق المساعدات لن يضرهم كثيراً.
ويتهم سليم العبيدي برنامج الأغذية العالمي بتوزيع مواد غذائية «فاسدة»، ويتساءل: «ما فائدتها وهي فاسدة؟»،
ويضيف: «أفضل أن يكون لدينا اكتفاء ذاتي، لا أن نحصل على حصص فاسدة».
ويرى يمني آخر من سكان صنعاء، يدعى إبراهيم الكبسي، أنه يتوجب على اليمنيين أن يحاولوا الاعتياش من الزراعة، ويقول: «المواد تالفة ومنتهية الصلاحية، وفترة تخزينها طويلة، وعندما تصل إلى المستهلك تكون فاسدة»، مضيفاً: «زراعة أرضنا أفضل لنا».
ويعاني كثير من سكان العاصمة صعوبة في شراء السلع الغذائية، نظراً لخسارة كثير من أرباب العائلات مورد رزقهم، وعدم دفع رواتب الغالبية العظمى من الموظفين الحكوميين «منذ نقل المصرف المركزي في أغسطس (آب) 2016 من صنعاء إلى عدن، مقر الحكومة الشرعية»، وفق تقرير وكالة الصحافة الفرنسية.
وأوقف الحوثيون رواتب موظفي الدولة في المناطق التي احتلوها بالقوة، في محاولة منهم للضغط على الحكومة التي تطالبهم بإيداع الإيرادات المالية في فروع البنك المركزي اليمني المتوزعة في المحافظات، حتى يتسنى لها دفع رواتب موظفي الدولة في المناطق كافة، ورفض الحوثيون ذلك.
وتتهم الحكومة اليمنية الحوثيين بسرقة البنك المركزي ونحو 5 مليارات دولار، وفق تصريحات يدلي بها مسؤولو «الشرعية» باستمرار، وهو ما حدا بالرئيس اليمني إلى نقل البنك وعملياته إلى عدن.
وكانت الشرعية قد أعلنت أنها صرفت رواتب المتقاعدين في أنحاء اليمن كافة، بما فيها تلك المناطق التي تخضع لسيطرة الانقلابيين.
مسؤولة أممية: الحوثيون يصرّون على توزيع المساعدات بطريقة لا نراها صحيحة
غضب في صنعاء بعد تعليق جزئي لـ«برنامج الغذاء» في مناطق سيطرة الميليشيات
مسؤولة أممية: الحوثيون يصرّون على توزيع المساعدات بطريقة لا نراها صحيحة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة