حفتر يبحث مع سلامة سبل الوصول إلى حل سياسي

اشتباكات محدودة في طرابلس... واستئناف الملاحة في مطار معيتيقة

سلامة خلال لقائه المشير حفتر في الرجمة شرق ليبيا أمس (البعثة الأممية)
سلامة خلال لقائه المشير حفتر في الرجمة شرق ليبيا أمس (البعثة الأممية)
TT

حفتر يبحث مع سلامة سبل الوصول إلى حل سياسي

سلامة خلال لقائه المشير حفتر في الرجمة شرق ليبيا أمس (البعثة الأممية)
سلامة خلال لقائه المشير حفتر في الرجمة شرق ليبيا أمس (البعثة الأممية)

في تطور مفاجئ، التقى غسان سلامة، رئيس بعثة الأمم لمتحدة لدى ليبيا، أمس المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» بمقره في الرجمة (شرق)، وتزامن ذلك مع هدوء نسبي داخل ساحات القتال بين طرفي النزاع العسكري في العاصمة طرابلس، بعد أن أدى سقوط قذائف صاروخية، مساء أول من أمس، إلى تعطل حركة الملاحة الجوية بمطار معيتيقة.
وقال بيان للبعثة الأممية، أمس، جاء معززا بصورة فوتوغرافية للاجتماع الذي يأتي بعد حملات إعلامية متبادلة بين الطرفين، بأنه تم «التطرق إلى الأسباب التي أدت إلى اندلاع الاشتباكات القائمة حاليا، وإلى الوضع الإنساني في طرابلس، وسبل الإسراع في الانتقال إلى مرحلة الوصول إلى حل سياسي».
ولم يصدر في المقابل أي تعليق رسمي من مكتب حفتر، أو الجيش الوطني، حول ملابسات اللقاء، الذي يأتي بعد إعلان الأول رفضه لوقف عمليته العسكرية لتحرير العاصمة طرابلس، والتي أطلقها في الرابع من شهر أبريل (نيسان) الماضي، وأيضا رفضه للمبادرة التي طرحها أخيرا فائز السراج رئيس حكومة الوفاق، المعترف بها دوليا لحل الأزمة السياسية في البلاد.
ميدانيا، جرت اشتباكات محدودة، أمس، بعدما شنت قوات موالية لحكومة السراج هجوما جديدا على تمركزات قوات «الجيش الوطني» في منطقة الكازيرما. ومع ذلك قال اللواء فوزي المنصوري، قائد محور عين زارة، التابع لـ«الجيش الوطني» في جنوب العاصمة طرابلس، لـ«الشرق الأوسط» إن الموقف الميداني بين قوات الجيش والميلشيات لموالية لحكومة السراج «لم يشهد أي جديد» أمس.
لكن المركز الإعلامي لـ«اللواء 73 مشاة»، التابع لـ«الجيش الوطني»، أعلن أمس في بيان عن وصول كتيبة مقاتلة، ودعم بالآليات والزاد البشري وصل الوحدات المتمركزة بمحيط كوبري مطار طرابلس ومفرق كزيرما، واعتبر أن هذا «من شأنه أن يعزز موقف الدفاع على تمركزات الوحدات العسكرية، حتى تصدر الأوامر بالتحرك للمهام المباشرة».
وطبقا للبيان، فإن وحدات تابعة إلى «اللواء» تتمركز حاليا بمحيط كوبري المطار ومفرق كزيرما. بالإضافة للنقاط الثانية بالأحياء البرية وكوبري سوق الأحد (وادي الربيع) وقصر بن غشير.
كما تحدث المركز الإعلامي لغرفة عمليات «الكرامة» أمس، عن ظهور ما وصفه بـ«مشاكل حقيقية» بين فتحي باشا أغا وزير الداخلية بحكومة السراج، و«الميليشياوي» أسامة الجويلي أحد كبار قادته العسكريين، بسبب «الهجمات التي تكررت من عصابات مصراتة الجهوية وتوابعها على المطار».
ونقل المركز عن القيادي المعروف مختار الأخضر أن «مصراتة تسعى للسيطرة على المطار، وإخراج مجموعة مرتزقة الجويلي من أي تموضع هام في العاصمة في حال ما تحقق أي تقدم. وبالتالي سيتم حرمانهم من أي نوع من المكاسب، وسيتم الغدر بهم كما فعلوا في حرب انقلاب فجر ليبيا».
بدوره، أعلن مطار معيتيقة الدولي، عبر صفحته الرسمية على موقع «فيسبوك»، عن توقف للملاحة الجوية لنحو الساعتين مساء أول من أمس، دون أن يوضح السبب. لكن مصادر تحدثت عن سقوط قذائف صاروخية بمحيط المطار الذي تشتد حوله المعارك.
وقالت إدارة المطار لاحقا إنه تمت إعادة استئناف الحركة الملاحية كالمعتاد، قبل أن يبدأ أمس في نشر جدول رحلاته بشكل اعتيادي، بعدما تسبب التوقف المؤقت لحركة الملاحة في تحويل رحلة من تركيا إلى مطار مدينة مصراتة بغرب البلاد.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن هشام أبو شكيوات، وكيل وزارة المواصلات بحكومة السراج، أن الرحلات توقفت من وإلى مطار معيتيقة بشكل مؤقت، وأنه تم نقلها إلى مطار مصراتة جراء القصف. ورغم عدم إعلان أي جهة مسؤوليتها عن سقوط القذائف، لكن عملية «بركان الغضب»، التي تشنها قوات تابعة لحكومة السراج، سرعان ما اتهمت «الجيش الوطني» الليبي الذي يقوده خليفة حفتر بالمسؤولية.
وقالت العملية في بيان لها إنه تم «استهداف جديد لمطار معيتيقة الدولي، تسبب في هلع كبير بين الركاب، وذلك في جريمة حرب جديدة».
في غضون ذلك، أعلنت السلطات المحلية في العاصمة طرابلس، مساء أول من أمس، عن وفاة طفلين جراء انهيار جزئي في عمارة سكنية في شارع شوقي بوسط المدينة، فيما قررت حكومة السراج أمس تشكيل لجنة للتحقيق في أسباب سقوط المبنى، وتحديد الأضرار البشرية والمادية.
من جهة ثانية، أعلنت بعثة الأمم المتحدة أن الدبلوماسي السوداني يعقوب الحلو، تم تعيينه نائبا لغسان سلامة ومنسقا للشؤون الإنسانية في ليبيا خلفا للآيرلندية ماريا ريبيرو.
وأوضحت البعثة في بيان لها أمس أن الأمين العام للأمم أنطونيو غوتيريش عين الحلو أول من أمس، مشيرة إلى ترحيب سلامة، الذي قال «أتطلع بأمل لالتحاق الزميل يعقوب الحلو بالبعثة كنائب لرئيس البعثة، وكمنسق للشؤون الإنسانية. وأقدر كل التقدير خبرته الواسعة في هذا المجال، لا سيما في سوريا وليبيريا وغيرها من الدول».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.