مسؤولون أميركيون: تدمير داعش قد يستغرق سنوات.. ويشمل ضرب التنظيم في سوريا

المرحلة الأولى بدأت مع ما يقرب من 145 غارة جوية.. والرئيس أوباما يكشف تفاصيل الحملة الهجومية غدا

الرئيس باراك أوباما يكشف تفاصيل الخطة الهجومية ضد داعش غدا (نيويورك تايمز)
الرئيس باراك أوباما يكشف تفاصيل الخطة الهجومية ضد داعش غدا (نيويورك تايمز)
TT

مسؤولون أميركيون: تدمير داعش قد يستغرق سنوات.. ويشمل ضرب التنظيم في سوريا

الرئيس باراك أوباما يكشف تفاصيل الخطة الهجومية ضد داعش غدا (نيويورك تايمز)
الرئيس باراك أوباما يكشف تفاصيل الخطة الهجومية ضد داعش غدا (نيويورك تايمز)

تستعد إدارة الرئيس أوباما لتنفيذ حملة ضد تنظيم داعش والتي قد تستغرق ثلاث سنوات حتى تنتهي مراحلها، مما يتطلب دعما مستمرا وبذل جهود مستديمة قد تتصل إلى ما بعد مغادرة الرئيس أوباما لمنصبه، طبقا لمسؤولين كبار في الحكومة الأميركية.
المرحلة الأولى، وهي الحملة الجوية مع ما يقرب من 145 غارة جوية خلال الشهر الماضي، قد بدأت بالفعل من أجل حماية الأقليات العرقية والدينية والدبلوماسيين الأميركيين، وأفراد الاستخبارات والعسكريين، وعائلاتهم، فضلا عن البدء في حرمان داعش من مكاسبها في شمالي وغربي العراق.
والمرحلة الثانية، والتي من المرجح أن تبدأ في وقت ما بعد قيام العراق بتشكيل حكومة أكثر شمولا، مقرر لها ذلك هذا الأسبوع، يتوقع لتلك المرحلة أن تنطوي على جهود مكثفة لتدريب، وتقديم المشورة، أو تجهيز الجيش العراقي، والمقاتلين الأكراد، وربما أعضاء من العشائر السنية.
أما المرحلة الأخيرة، وهي أعنف المراحل وأكثرها إثارة للجدال السياسي من العملية برمتها - تدمير الجيش الإرهابي في معقله داخل سوريا - والتي قد لا تنتهي قبل حلول الإدارة الأميركية الجديدة. وفي واقع الأمر، يضع بعض من مخططي وزارة الدفاع الأميركية تصورهم لحملة عسكرية تستمر قرابة 36 شهرا على أدنى تقدير.
يوجه الرئيس أوباما كلمة إلى الأمة غدا الأربعاء يوضح فيها القضية حيال شن الولايات المتحدة الأميركية حملة هجومية على متشددي «داعش» الذي يكتسب المزيد من الأراضي في منطقة الشرق الأوسط، ساعيا إلى حشد التأييد إزاء الحملة العسكرية الواسعة في الوقت الذي يؤكد فيه للمواطنين الأميركيين أنه لن يغرق القوات العسكرية الأميركية في حرب أخرى بالعراق.
وصرح أوباما في مقابلة أجريت معه في برنامج «واجه الصحافة» على قناة «إن بي سي» الأميركية جرى بثه يوم الأحد «ما أريد أن يفهمه الناس هو أنه عبر شهور مقبلة، لن نكون قادرين فقط على القضاء على الزخم الذي حققه التنظيم الإرهابي، بل سوف نقوض قدراتهم العسكرية بشكل تدريجي، سوف نعمل على تقليص مساحة الأراضي التي يسيطرون عليها، وفي نهاية الأمر، سوف نهزمهم».
والحملة العسكرية التي يجهز لها أوباما ليست لها سوابق مماثلة. فعلى العكس من العمليات الأميركية لمكافحة الإرهاب في اليمن وباكستان، ليس من المتوقع أن تقتصر الحملة الجديدة على الطائرات من دون طيار «الدرون» ضد قادة المتشددين. وعلى العكس كذلك من الحرب في أفغانستان، لن تتضمن الحملة الجديدة نشر القوات البرية، وهو الخيار الذي استبعده الرئيس أوباما من حملته.
وخلافا لحرب كوسوفو والتي شنها الرئيس الأميركي بيل كلينتون وحلف شمال الأطلسي في عام 1999، لن تقتصر الحملة الجديدة على حملة جوية تكتيكية واستراتيجية مكثفة تمتد لثمانية وسبعين يوما. وعلى الخلاف من الحملة الجوية التي أدت إلى إسقاط الزعيم الليبي، العقيد معمر القذافي في عام 2011، فإن إدارة أوباما لم تعد «تقود من الخلف» كما كانت، بل تخطط لاتخاذ دور مركزي في بناء التحالف لمواجهة تنظيم داعش.
وقال جون كيري وزير الخارجية الأميركي خلال الأسبوع الماضي في قمة حلف شمال الأطلسي في مدينة ويلز «لدينا المقدرة على تدمير داعش»، مستخدما الاسم المختصر للتنظيم الإرهابي. وأضاف «قد يستغرق الأمر عامين، وقد يستغرق ثلاثة أعوام. ولكننا عاقدو العزم على تنفيذ ذلك».
وأشار أنتوني جيه بلينكن، نائب مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس أوباما، إلى أن الولايات المتحدة في طريقها للاضطلاع بمهمة طويلة. وقال خلال الأسبوع الماضي على شبكة «سي إن إن» الإخبارية «سوف يستغرق الأمر وقتا، وربما يستمر الأمر لما بعد الإدارة الحالية حتى نصل إلى نقطة الهزيمة».
ومن المقرر توجه السيد كيري إلى منطقة الشرق الأوسط قريبا لترسيخ التحالف ضد داعش. ويغادر وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل إلى العاصمة التركية أنقرة يوم الاثنين من أجل استمالة حليف آخر محتمل في الحرب ضد الجماعة السنية الإرهابية.
وعلى الرغم من عدم توافر التفاصيل حول الكيفية التي سوف يواجه بها التحالف الجديد داعش، فإن الكثير من المسؤولين الأميركيين صرحوا بأنهم يعتقدون أن قائمة الحلفاء الحالية تضم الأردن، الذي يوفر المساعدات الاستخبارية، والمملكة العربية السعودية، التي تملك نفوذا جيدا مع العشائر السنية العراقية والسورية والتي كانت تمول المتمردين السوريين المعتدلين.
وصرح المسؤولون عن إشارة دولة الإمارات العربية المتحدة إلى استعدادها للنظر في الغارات الجوية في العراق. وصرحت ألمانيا بأنها سوف ترسل أسلحة إلى قوات البيشمركة الكردية في إقليم كردستان. ويمكن للقلق المتزايد من المقاتلين الأجانب العائدين إلى بلادهم أن يحفز دولا مثل أستراليا، وبريطانيا، والدانمرك، وفرنسا على الانضمام إلى التحالف.
* خدمة «نيويورك تايمز»



ما تأثير التوترات بين مصر وإسرائيل على استدامة «اتفاقية الغاز»؟

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2017 (رويترز)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2017 (رويترز)
TT

ما تأثير التوترات بين مصر وإسرائيل على استدامة «اتفاقية الغاز»؟

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2017 (رويترز)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2017 (رويترز)

تُصر مصر على أن تضع «صفقة الغاز» مع إسرائيل في إطارها التجاري في ظل تعدد الملفات الخلافية بين البلدين. وعزز ذلك النفي الرسمي القاطع من جانب القاهرة بشأن وجود ترتيبات للقاء يجمع بين الرئيس عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ما يطرح تساؤلات حول تأثير استمرار التوتر على استدامة الصفقة التي تستمر حتى عام 2040.

وقال رئيس «هيئة الاستعلامات» المصرية، ضياء رشوان، إن الحديث عن الترتيب للقاء بين الرئيس المصري ورئيس الوزراء الإسرائيلي في واشنطن «شائعة لا أساس لها من الصحة مطلقاً»، مشيراً في تصريحات إعلامية، مساء الجمعة، إلى أن «هذه الأخبار المتداولة يروّجها الإعلام الإسرائيلي في الأساس».

وكانت تقارير إسرائيلية قد أشارت إلى محاولة واشنطن ترتيب لقاء بين السيسي ونتنياهو، ضمن زيارة محتملة من كليهما إلى الولايات المتحدة قريباً للقاء الرئيس دونالد ترمب.

وتتعدد ملفات الخلاف بين مصر وإسرائيل وتتعلق بالأوضاع في قطاع غزة وتحميل إسرائيل مسؤولية عدم البدء في تنفيذ المرحلة الثانية من «اتفاق وقف إطلاق النار»، وكذلك فتح معبر رفح مع وجود رغبة إسرائيلية لأن يكون في اتجاه واحد، وملف تهجير الفلسطينيين، والتواجد الإسرائيلي في «محور فيلادلفيا» والتأكيد المصري على ضرورة إيجاد مسار سياسي لدولة فلسطينية، ما يتعارض مع توجهات اليمين الإسرائيلي المتطرف.

وظلت «صفقة الغاز» التي أعلن نتنياهو، الأربعاء الماضي، الموافقة عليها أسيرة موقف إسرائيلي رافض لإتمامها رغم الإعلان عنها في أغسطس (آب) الماضي، قبل أن تتدخل الولايات المتحدة التي تعد شركاتها جزءاً من الصفقة للضغط على إسرائيل لضمان عدم انهيار الصفقة.

وذكرت «الخارجية الأميركية» في بيان، الخميس، أن «موافقة إسرائيل على اتفاقية الغاز التي أبرمتها شركة (شيفرون) مع مصر، إنجاز كبير للأعمال التجارية الأميركية والتعاون الإقليمي». وأضافت أن «اتفاقية الغاز بين إسرائيل ومصر لا تعزز أمن الطاقة فحسب، بل تدعم أيضاً الجهود الأوسع نطاقاً لتحقيق الاستقرار وإعادة إعمار غزة».

واعتبر خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن المصالح الأميركية يمكن أن تضمن استدامة «اتفاق الغاز»، لكن ذلك لا يمنع من تأثر التعاون في مجال الطاقة بين مصر وإسرائيل بالتوترات الإقليمية، وكذلك بما تؤول إليه تطورات الصراع في غزة وانعكاساته على العلاقة بين الطرفين.

سياج أمني على الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

وتمتلك شركة «شيفرون» الأميركية 40 في المائة من حقل «ليفياثان» الإسرائيلي الذي يتم من خلاله تصدير الغاز إلى مصر إلى جانب شركة «نيو ميد إنرجي» الإسرائيلية، وتُقدر احتياطات الحقل بنحو 600 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي.

وسبق أن أوقفت إسرائيل تصدير الغاز إلى مصر دون إخطار مسبق في ظل حربها على قطاع غزة وكذلك مع بدء الضربات على إيران خلال يونيو (حزيران) الماضي، وفي ذلك الحين أكد رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أن «الحكومة وفّرت بدائل لتأمين احتياجات البلاد خلال فترات توقُّف الإمدادات الإسرائيلية، عبر تشغيل سفن لاستقبال الغاز المسال لضمان استمرار تشغيل المصانع ومحطات الكهرباء دون انقطاع».

الباحث في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، سعيد عكاشة، قال إن الولايات المتحدة لديها رغبة في استدامة «اتفاقية الغاز» بين مصر وإسرائيل بما يحفظ الحقوق التجارية لشركاتها، وفي حال جرى استخدامه كأداة ضغط سياسي على مصر فإن القاهرة لن ترضخ لذلك وهو ما يجعل الاتفاق لا يترك تأثيرات سياسية على علاقة البلدين.

وأضاف عكاشة أن التحولات الإيجابية في العلاقة بين البلدين تتوقف على بدء دخول المرحلة الثانية من اتفاق «وقف إطلاق النار» وإيجاد مسار واضح لدولة فلسطينية مستقبلية وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني ووقف أي محاولات من شأنها تهجير الفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء، موضحاً: «يمكن أن يفتح ذلك المجال أيضاً لعقد لقاء في المستقبل بين الرئيس السيسي ونتنياهو كما يضمن استدامة صفقة الغاز». وأشار إلى أن ملف الطاقة دائماً ما يشكل مشكلة، وسبق أن تسببت الهجمات على أنابيب الغاز المصرية في سيناء في أعقاب الاضطرابات الأمنية في عام 2011 في توقف الإمدادات المصرية إلى إسرائيل، وكان من الصعب تحمل تكلفة التأمين وتضررت القاهرة كما الوضع بالنسبة لإسرائيل.

مصر تعدد خياراتها لتحقيق الاكتفاء المحلي من الغاز الطبيعي (وزارة البترول المصرية)

وأوضح عكاشة أنه «في حال جرى عرقلة الاتفاق الذي أعلن نتنياهو التصديق عليه أخيراً، فإنه سيكون أمام التزامات قانونية يصعب تجاوزها، كما أن مصر أثبتت خلال الأشهر الماضية أنها لن تقبل بأن يتم الضغط عليها سياسياً بورقة الغاز».

وفي مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي، أعلن نتنياهو رفض التصديق على الاتفاق «بسبب تحركات الجيش المصري في شمال سيناء»، وهدّد بتجميده أو إلغائه إذا لم يُحصَل على موافقته الشخصية على أي خطوات لاحقة، قبل أن يُعاد التصديق عليه بعد استكمال المفاوضات.

ووقّع البلدان صفقة لتصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر في عام 2019، قبل تعديلها لتنص على توريد 130 مليار متر مكعب من الغاز الإسرائيلي لمصر بقيمة 35 مليار دولار حتى عام 2040، بمعدل يومي قدره 1.8 مليار قدم مكعب.

خبير أسواق الطاقة، رمضان أبو العلا، يرى أن المصلحة الأميركية في استدامة «صفقة الغاز» تشكّل عاملاً مهماً في التزام إسرائيل بالاتفاق، خاصة أنه يحقق مكاسب إيجابية لجميع الأطراف الموقعة على الصفقة، لكن في الوقت ذاته فإن الحكومة المصرية تتوقع جميع الاحتمالات، ما يجعلها تعتمد على 4 سفن لـ«التغييز» لاستقبال الغاز المسال.

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

وسبق أن تحدث خبراء لـ«الشرق الأوسط» عن توجه القاهرة نحو تنويع مصادر الغاز الطبيعي دون انتظار موقف إسرائيل من الصفقة أبرزها إنشاء 4 محطات لتمويل السفن بالغاز الطبيعي، والتوسع في استيراد سفن الغاز من دول مختلفة، إلى جانب تعزيز الاكتشافات المحلية، وتشجيع الشركات الأجنبية على توسيع عمليات التنقيب.

وتبلغ احتياجات مصر اليومية من الغاز الطبيعي نحو 6.2 مليار قدم مكعب يومياً، وتستهدف الحكومة زيادة إنتاج الغاز الطبيعي بنهاية العام الحالي إلى نحو 5 مليارات قدم مكعب يومياً، ويُقدر حالياً بنحو 4.2 مليار قدم مكعب يومياً، خاصة مع زيادة الاحتياجات اليومية لنحو 7 مليارات قدم مكعب يومياً في أشهر الصيف، وفق تقديرات حكومية.


«شروق الشمس» الأميركية لإعمار غزة... هل تؤخر الخطة العربية الشاملة؟

فلسطيني يمشي وسط أنقاض المباني المدمرة جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يمشي وسط أنقاض المباني المدمرة جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«شروق الشمس» الأميركية لإعمار غزة... هل تؤخر الخطة العربية الشاملة؟

فلسطيني يمشي وسط أنقاض المباني المدمرة جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يمشي وسط أنقاض المباني المدمرة جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

تسريبات أميركية تشير لوجود خطة بشأن إعمار جزء من قطاع غزة، تحمل اسم «شروق الشمس» أعدها فريق يقوده جاريد كوشنر، صهر الرئيس دونالد ترمب، والمبعوث الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، بينما تتعثر «الخطة العربية الشاملة» بشأن الإعمار الذي يعد أبرز ملامح المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بالقطاع المتعثرة حالياً.

تلك الخطة الأميركية المتداولة، تأتي بينما تبحث مصر إقامة مؤتمر لتمويل إعمار كامل غزة بالشراكة مع واشنطن بعد تأجيله نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ويعتقد خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه عودة لمخططات تهجير الفلسطينيين مجدداً رغم الرفض المصري والعربي، ما قد يطرح 3 سيناريوهات: المضي في تلك الخطة الأميركية الجزئية في رفح الفلسطينية، ومن ثمّ تأجيل نظيرتها العربية الشاملة؛ أو الدمج بين الخطتين دون تهجير؛ أو تعطيل كل الخطتين لتعثر إتمام الاتفاق».

وتحدث تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، الجمعة، عن خطة أعدها كوشنر وويتكوف تسمى «مشروع شروق الشمس» بين الحكومات الأجنبية والمستثمرين لتحويل ركام غزة إلى وجهة ساحلية مستقبلية، ونقل سكان غزة «من الخيام إلى الشقق الفاخرة»، و«من الفقر إلى الازدهار»، دون تحديد أين سيقيم نحو مليوني فلسطيني نازح خلال فترة إعادة البناء.

وبحسب المسودة «ستبلغ تكلفة المشروع الإجمالية 112.1 مليار دولار على مدى عشر سنوات»، على أن تلتزم الولايات المتحدة بتقديم منح وضمانات ديون لـ«جميع مسارات العمل المطروحة» خلال تلك الفترة، لكن التحديات هائلة، وفق الصحيفة، لافتة إلى أن إعادة إعمار غزة مشروطة بأن تقوم «حماس» بـ«نزع السلاح وتفكيك جميع الأسلحة والأنفاق».

وسيُنفّذ الإعمار عبر أربع مراحل، تبدأ من الجنوب في رفح وخان يونس، ثم تتجه شمالاً إلى «مخيّمات الوسط»، وأخيراً إلى العاصمة غزة، وتتضمن إحدى الشرائح، المعنونة بـ«رفح الجديدة»، تصوراً لجعلها «مقر الحوكمة» في غزة وموطناً لأكثر من 500 ألف نسمة، يعيشون في مدينة تضم أكثر من 100 ألف وحدة سكنية، و200 مدرسة أو أكثر، وأكثر من 75 منشأة طبية، و180 مسجداً ومركزاً ثقافياً.

وهذه التسريبات تأتي بعد نحو 8 أيام من نقل موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مسؤول إسرائيلي قوله إن «تل أبيب وافقت مبدئياً على دفع تكاليف إزالة الأنقاض من قطاع غزة وأن تتحمل مسؤولية العملية الهندسية الضخمة، وذلك بعد طلب من الولايات المتحدة الأميركية، وستبدأ بإخلاء منطقة في رفح جنوب القطاع من أجل إعادة إعمارها».

طفل فلسطيني نازح ينتظر مع حاويته لتلقي حصص غذائية متبرع بها في مطبخ خيري في خان يونس (أ.ف.ب)

وفي 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أكد كوشنر، في مؤتمر صحافي بإسرائيل، أن إعادة إعمار غزة في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي «مدروسة بعناية وهناك اعتبارات جارية حالياً في المنطقة الخاضعة لسيطرة جيش الدفاع الإسرائيلي، إذا أمكن تأمينها لبدء البناء، بوصفها غزة جديدة، وذلك بهدف منح الفلسطينيين المقيمين في غزة مكاناً يذهبون إليه، ومكاناً للعمل، ومكاناً للعيش»، مضيفاً: «لن تُخصَّص أي أموال لإعادة الإعمار للمناطق التي لا تزال تسيطر عليها (حماس)».

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، يرى أن «خطة ترمب للسلام تعطي منذ البداية مساحة أكبر للأميركيين والإسرائيليين، والخطة الجديدة المطروحة للإعمار من جانب واشنطن، محاولة لتحقيق هدف تهجير الفلسطينيين مرة أخرى».

فيما يعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن «خطة شروق الشمس» تؤكد أن الولايات المتحدة لم تتخل عن فكرتها في ترحيل جزئي لسكان غزة مع ضخ استثمارات عقارية تحقق أمن إسرائيل فقط.

ووفق «وول ستريت جورنال»، فإن «بعض المسؤولين الأميركيين الذين اطّلعوا على (خطة شروق الشمس) يبدون شكوكاً جدّيةً بشأن مدى واقعيتها. فهم يستبعدون أن توافق حركة (حماس) على نزع سلاحها لبدء تنفيذ الخطة». وذكرت الصحيفة أنه «حتى في حال حدوث ذلك، يشكّك المسؤولون في قدرة الولايات المتحدة على إقناع دول ثرية بتحمّل تكلفة تحويل بيئة ما بعد الحرب إلى مشهد حضري عالي التقنية».

وعلى مقربة من هذه الشكوك، قال وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، في تصريحات الجمعة: «لن تقنع أحداً بالاستثمار في غزة إذا كان يعتقد أن حرباً أخرى ستندلع بعد عامين أو ثلاثة»، وأضاف: «لدينا ثقة كبيرة بأننا سنحصل على المانحين لجهود إعادة الإعمار والدعم الإنساني على المدى الطويل».

ويرى حسن أن روبيو يتحدث بحديث إسرائيل نفسه بشأن نزع سلاح «حماس»، ومن الصعب بدء المرحلة الثانية في ضوء عدم تحقيق التزاماتها مثل نشر «قوات الاستقرار» ونزع سلاح الحركة.

تلك التسريبات الأميركية، جاءت بعد نحو 17 يوماً من إعلان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في مؤتمر صحافي ببرلين، مع نظيره الألماني، يوهان فاديفول: «أننا نتشاور مع الولايات المتحدة لتكوين رئاسة مشتركة لمؤتمر الإعمار، ونأمل التوافق على توقيت في أسرع وقت ممكن لعقد هذا المؤتمر، بالتعاون مع الشركاء».

تجمع فلسطينيون نازحون لتلقي حصص غذائية تبرع بها أحد المتبرعين في مطبخ خيري في خان يونس (أ.ف.ب)

وبعد ذلك قال رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية، الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، في جلسة بـ«منتدى الدوحة»، أخيراً: «إننا سنواصل دعم الشعب الفلسطيني، لكننا لن نمول إعادة إعمار ما دمره الآخرون»، ووصفت وقتها تلك التصريحات القطرية، من جانب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بأنها «ضغط على واشنطن لدفع إسرائيل لتنفيذ انسحاب وبدء إعمار».

وكان مؤتمر إعمار قطاع غزة الذي كانت ستنظمه القاهرة في نهاية نوفمبر الماضي، أجل دون ذكر السبب، فيما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، تميم خلاف لـ«الشرق الأوسط»، نهاية الشهر الماضي، إن القاهرة تعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين على تهيئة البيئة المناسبة لنجاح مؤتمر «التعافي المبكر وإعادة الإعمار في قطاع غزة». في معرض ردّه على سؤال عن سبب تأجيل المؤتمر.

ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق أن ما يطرح أميركياً قد يؤخر عملية الإعمار وفق «الخطة العربية الشاملة»، مشيراً إلى أن تعثر مؤتمر الإعمار بسبب عدم إنهاء المرحلة الأولى وعدم انسحاب إسرائيل. وحول المتوقع، إزاء الخطة الجديدة للإعمار، أوضح أنه يمكن التزاوج بين الخطتين العربية والأميركية شريطة ألا يحدث تهجير للفلسطينيين.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني أن مستقبل الإعمار قد يشهد المضي في الخطة الأميركية بشكل منفرد، وتأخير الخطة العربية الشاملة، أو استمرار التعثر لعدم إنهاء المرحلة الأولى وعدم دخول أي من الخطتين حيز التنفيذ.


الأمم المتحدة: احتجاز الحوثيين موظفينا يُهدد العمل الإنساني في اليمن

المنظمات والوكالات الأممية العاملة في صنعاء تعرضت لانتهاكات حوثية واسعة (إ.ب.أ)
المنظمات والوكالات الأممية العاملة في صنعاء تعرضت لانتهاكات حوثية واسعة (إ.ب.أ)
TT

الأمم المتحدة: احتجاز الحوثيين موظفينا يُهدد العمل الإنساني في اليمن

المنظمات والوكالات الأممية العاملة في صنعاء تعرضت لانتهاكات حوثية واسعة (إ.ب.أ)
المنظمات والوكالات الأممية العاملة في صنعاء تعرضت لانتهاكات حوثية واسعة (إ.ب.أ)

أدانت الأمم المتحدة بشدة قيام الجماعة الحوثية باحتجاز 10 موظفين أمميين إضافيين في 18 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، في خطوة وصفتها بـ«الاحتجاز التعسفي»، محذّرة من أن هذا التصعيد يُهدد بشكل مباشر استمرارية العمل الإنساني في اليمن.

وحسب المنظمة الدولية، ارتفع إجمالي عدد موظفيها المحتجزين لدى الجماعة إلى 69 موظفاً، ما يضع واحدة من كبرى عمليات الإغاثة في العالم أمام مخاطر غير مسبوقة.

وقال المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، في بيان، إن هذه الاحتجازات «تجعل إمكانية إيصال المساعدات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين غير قابلة للاستمرار»، مشيراً إلى أن القيود المفروضة على عمل المنظمة تؤثر بشكل مباشر على ملايين اليمنيين المحتاجين، وتحرمهم من الحصول على المساعدات المنقذة للحياة، في بلد أنهكته الحرب والفقر وانهيار الخدمات الأساسية.

المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك (الأمم المتحدة)

وأضاف دوجاريك أن الأمين العام دعا إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الأفراد المحتجزين تعسفياً، بمن فيهم موظفو الأمم المتحدة، والعاملون في المنظمات غير الحكومية، ومنظمات المجتمع المدني، إضافة إلى أفراد من البعثات الدبلوماسية، مطالباً الحوثيين بإلغاء إحالة موظفي المنظمة إلى الملاحقة القضائية.

وشدّد البيان الأممي على ضرورة احترام القانون الدولي، بما في ذلك الامتيازات والحصانات الممنوحة للأمم المتحدة وموظفيها، مؤكداً أن هذه الحصانات «أساسية لتمكين العمل الإنساني في بيئة آمنة ومحايدة»، ولا يمكن التفريط بها دون تعريض حياة العاملين والمستفيدين من المساعدات للخطر.

تحذير من شلل الإغاثة

يأتي هذا التحذير الأممي في ظل تصعيد متواصل من جانب الحوثيين ضد المنظمات الدولية؛ حيث تتهم الجماعة موظفين أمميين وعاملين في المجال الإنساني بالتجسس لصالح أطراف خارجية، وهي اتهامات تنفيها الأمم المتحدة بشكل قاطع، وتؤكد أنها لا تستند إلى أي أدلة.

وترى منظمات حقوقية أن هذه الاتهامات تُستخدم غطاءً لاعتقالات تعسفية واسعة، تستهدف تكميم الأصوات المستقلة وإحكام السيطرة الأمنية في مناطق نفوذ الجماعة.

طائرة تابعة لبرنامج الأغذية العالمي بعد إقلاعها من مطار صنعاء الخاضع للحوثيين (إ.ب.أ)

وخلال السنوات الماضية، لجأ الحوثيون إلى توظيف الجهاز القضائي الخاضع لهم ليكون أداةً للضغط والترهيب، عبر إحالة معارضين وصحافيين وموظفين أمميين إلى محاكم متخصصة بتهم تتعلق بالأمن القومي أو «التخابر»، في مسار يقول مراقبون إنه يقوّض العدالة، ويزيد من عزلة مناطق سيطرة الجماعة التي تحوّلت إلى أشبه بمعتقل كبير.

وتؤكد الأمم المتحدة أن استمرار هذه الممارسات يجعل من الصعب الحفاظ على وجود إنساني فعّال في صنعاء ومناطق أخرى خاضعة لسيطرة الحوثيين، خصوصاً في ظل المخاطر المتزايدة التي يتعرض لها الموظفون المحليون والدوليون.

وعلى الرغم من ذلك، تُشدد المنظمة على التزامها بمواصلة تقديم الدعم الإنساني لملايين اليمنيين، مع تحذيرها من أن أي تصعيد إضافي قد يفرض إعادة تقييم للأنشطة الإنسانية في بعض المناطق.

مخطط تفجيري

في سياق موازٍ، أعلنت الأجهزة الأمنية في محافظة مأرب (شرق صنعاء) عن تحقيق إنجاز أمني نوعي، تمثل في ضبط قيادي بارز تابع للجماعة الحوثية المدعومة من النظام الإيراني، في عملية استباقية استندت إلى معلومات استخباراتية دقيقة ومتابعة ميدانية مكثفة.

ونقل الإعلام الرسمي عن مصدر أمني في شرطة مأرب قوله إن الأجهزة الأمنية نفذت العملية «باحترافية عالية»، بعد رصد تحركات القيادي الحوثي (ع.ع.د)، الذي كلفته الجماعة بقيادة عدة خلايا إرهابية داخل المحافظة. وحسب المصدر، كانت هذه الخلايا تعمل على استهداف الأمن والاستقرار وقيادات مدنية وعسكرية، من خلال تصنيع وزراعة العبوات الناسفة في مناطق متفرقة.

حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء دعا إليه زعيم الجماعة (أ.ف.ب)

وأوضح المصدر أن العملية نُفذت بتنسيق محكم بين مختلف الأجهزة الأمنية في المحافظة، وأسفرت عن مداهمة مخبأ القيادي الحوثي والقبض عليه، وضبط عدد من العبوات الناسفة المموهة، إضافة إلى أجهزة ومعدات خاصة بعمليات التفجير. وأشار إلى أن المخبأ كان يُستخدم وكراً لتصنيع العبوات الناسفة، ومقراً لإدارة الخلايا الإرهابية وتوجيه عملياتها.

ولفت إلى أن الجماعة الحوثية كانت تُعدّ هذا القيادي ليكون بديلاً عن القيادي السابق أحمد قطران، الذي أُلقي القبض عليه في وقت سابق، وظهر لاحقاً في تسجيل مصوّر بثه الإعلام الأمني، تضمن اعترافات حول مخططات تخريبية استهدفت محافظة مأرب.

وأكّد المصدر الأمني أن التحقيقات مع القيادي الحوثي المضبوط لا تزال جارية، تمهيداً لإحالته إلى القضاء المختص بعد استكمال الإجراءات القانونية، مشيراً إلى أن هذا الإنجاز يضاف إلى سلسلة من النجاحات الأمنية التي حققتها أجهزة الأمن في مأرب خلال الفترة الماضية، ويعكس مستوى الجاهزية واليقظة في مواجهة التهديدات الحوثية.